الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحيتي إلى الثيران!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2013 / 4 / 1
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة



رغم أنني أكتب لسنوات طويلة ضد الطغاة، وأحرّض على الاطاحة بالمستبدين، لكنني في الواقع لا أستطيع أن أقف لمشاهدة خروف يُذبَح، ولا عصفور ضعيف يسقط على الأرض في معركة غير متكافئة بين جسده الصغير وبندقية الصياد.
إذا مررت بحادث أو إنسان متوفىَ، أو جريح ينزف فلا أتحمل رؤية المشهد اطلاقاً، ولايدفعني الفضول لأنظر إلى وجه ميت أو جريح.
حتى خصومي أو أعدائي الذين قُتلوا فلا أتأمل فيهم إلا لثوان معدودة وسريعة، لكن الحالة الوحيدة التي أفرح خلالها برؤية الدماء وعذاب الضحية هي مصارعة الثيران!
في صيف 1993 كنت في برشلونة الإسبانية وذهبت لمشاهدة مصارعة الثيران، لكنني عدلت عن ذلك بعدما نصحني شخص تعرفت به أن لا أفعل وإلا سيقتلني المهووسون الجالسون بالقرب مني!
صارحته أنني أريد الذهاب لتشجيع الثور الهائج، وأصفق له كلما غرز قرنيه في جسد المصارع، المتعاجب، المتغطرس والقاسي.
أكاد أسمع صرخات الثور ولعناته على الإنسان الذي يتلذذ بعذاباته، ويصفق كلما انفجرت الدماء من جسد الثور، ويجري المسكين، الحيوان الأبكم والضعيف والذي خلقه الله لخدمة الإنسان ولعله يتعجب من سبب سعادة وبهجة الجمهور المنتشي كلما سقط الثور، ووصلت آلامه لخالقه قبل أن يتوجع منها ذوو القلوب الطيبة.
لم أتمكن من الدخول وتشجيع الثور، لكنني للحقيقة كلما شاهدت على الشاشة الصغيرة مصارعة ثيران، ونجاح الثور في القاء المصارع أرضا، ثم تمزيق جسده بقرنيه، أفرح، وأبتسم، وتتملكني الرغبة أن أربت على ظهر الثور، وأخفف عنه آلامه، وأخرس عندما أرى دهشته مما يفعل الإنسان.
دماء المصارع المتكبر والغليظ القلب والعواطف تسعدني، خاصة عندما يزداد كبرياءً، ويستعرض عضلاته، وخفته، ومهارته، والسيوف التي يمزق بها جسد الحيوان، ثم يعود الثور مرة أخرى مهتاجاً بالرداء الأحمر، فيغرز المصارع في جسده عدة سيوف ويبدأ الدم في التدفق من كل جسد الحيوان.
وفي اللحظة التي تصل آلام الثور إلى أقصاها، وتنقلب المعادلة فيتمكن الحيوان من المصارع ويرديه أرضا، فإن فرحتي بأوجاع المصارع تعادل تعاطفي مع الحيوان المسكين.
تحية ومحبة وتعاطفاً مع كل ثور صارعه إنسان جلف القلب، ويهلل لمقتله آلاف المهووسين، فالثيران أرقى وألطف وأنسن وأرحم من مصارعيها المتحجري العواطف.
أيها الثيران في كل حلبات المصارعة،
اغرزوا قرونكم في أجساد قاتليكم ومعذبيكم، فقلبي معكم.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في الأول من ابريل 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك


.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين: