الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا... إلى أين؟

طيب تيزيني

2013 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


جاءت انتفاضة الشباب قبل سنتين لتشكّل علامة في التاريخ السوري، وبعد مرور أول انكسار سياسي استراتيجي في سوريا مع انهيار المجتمع السياسي وسحْب السياسة من هذا الأخير. وكان ذلك قد ترافق مع تأسيس الوحدة «الاندماجية» بين مصر وسوريا، ذلك أن هذه الوحدة ذات الطابع «الاندماجي الشمولي»، كانت قد تأُسست، بعد إسقاط السياسة، ومن ثم الديموقراطية بمكوّناتها الحاسمة بدءاً بالتعددية السياسية، وانتهاءً بمبادئ التداول السلمي للسلطة، واستقلال القضاء، والمسائلة القانونية، وحق المواطنة في مجتمع وطني مدني. لقد سقطت دولة الوحدة الاندماجية، لأن ما كان عليه أن يعزز الوحدة بين القطرين، وهو الديموقراطية، جرى إسقاطه بعملية انفصال ذينك القطرين الواحد منهما عن الآخر. في سياق ذلك تأسست «الدولة الأمنية» بشعارها الحاسم والقائل بضرورة «إفساد من لم يُفسد بعد، بحيث يصبح الجميع مُفسدين وفاسدين، تحت الطلب».

كانت السنون الثلاث وأربعون المنصرمة كافية عمقاً وسطحاً لتدمير المجتمع السوري، بكل طبقاته وفئاته ورموزه، ما يعني أن الانتفاضة التي اندلعت قبل سنتين، حملت خصوصية واضحة، وهي إنها لم تقم على حالة عمومية ممثلة بالمضطهِدين والمضطهَدين، كما لاحظناها في ثورات عديدة سابقة، مثل الفرنسية والإنجليزية والروسية البلشفية. من هذه اللوحة المجتمعية شبه الشاملة، تحدّر شباب الانتفاضة، فكانوا منتمين إلى الطبقات الاجتماعية السورية كلها.

علينا الآن وبعد تلك المداخل التاريخية والسياسية والأيديولوجية، أن نأخذ بعين الاعتبار كون النظام الأمني الناجم عن ذلك الكم الهائل من عناصر الفساد والإفساد والاستبداد، أغلق المجتمع السوري بقبضته الأمنية، واصلاً بذلك إلى نتيجتين اثنتين، راح يعممهما في أوساط الناس، خصوصاً الشباب. أما النتيجة الأولى فتتمثل في القول بما أخذه، ضمناً، من فوكوياما ومن سبقه، وهو «انتهاء المجتمع السوري» إلى ما انتهى إليه في ظل الأحكام العرفية الأبدية والدولة الأمنية وغيرهما؛ أي بقاء المجتمع المذكور أبدياً على ما هو عليه: مطلقاً أبدياً، بحيثياته كلها، وعلى رأسها «حكم أبدي للمرجعية الأسدية» ومن ثم، من يحاول الخروج على ذلك أي على التاريخ الأسدي، فإنه يلقى، لا محالة، عقاباً واحداً وحيداً الإفناء والتدمير والإقصاء والسجن الأبدي. أما النتيجة الثانية فتقوم على التأسيس لمجتمع سوري أسدي بإطلاق، بما في ذلك التأسيس للمدرسة بعد الروضة، والجامعة، والوظيفة، وأخيراً للأسرة وما يبقى متناثراً هنا وهناك.

وسنلاحظ أن منظومة القيم الأخلاقية والمنظومات الأخرى، التي تضبط السوريين تأتي بعد أن تُصاغ وتُنتج، كي تصبح ناظماً قسرياً لهؤلاء جميعاً وفي كل مجالاتهم وآفاقهم. وحين تشتعل انتفاضة الشباب السوريين، نضع يدنا على مبدأ نظري سياسي يتمثل في التأسيس لخطاب سياسي ينطلق من انتفاضة الشباب، ليعود إليها أكثر عمقاً ودقةً وصوابية. فالثورة ليست حالاً بيضاء دون أخطاء ومزالق وتسير من ثمَّ على طريقها دون توقف نقدي، بل نكاد نقول كذلك إن هذه المسيرة يمكن أن تقع في كثير من الإشكاليات والمعضلات والقصور النظري والسياسي مما يجعل من يقوم على هذا العمل أن ينطلق بالضرورة من كون الثورة مشروعاً مفتوحاً ومنطلقاً من جدلية الفعل النظري السياسي وفي ضوء العلوم السياسية والاجتماعية. أما ذلك فيأتي على نحو يتوافق مع المنهج النظري التجريبي، مشروع الخطأ والصواب، بحيث يقود إلى تشكل خطاب سياسي كلُّ مسوّغاته موجودة في راهننا السوري والعربي والدولي.

وننهي ذلك بالتأكيد على ضرورة الاهتمام بالعمل الثقافي في وسط ما تأسس ضمن مشروع الثورة راهناً بحيث قد يقود ذلك إلى تأسيس منتدى ثقافي يقف على رأسه مثقفون من كل أطراف الشعب دون أن يبقى محصوراً في ثلّة من المثقفين والباحثين المحترفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين هي العلمانية التي يتحدث عنها بشار الوحش
سوري مهجر ( 2013 / 4 / 2 - 14:49 )
الجيش اغلبيته من لون ديني معروف بالرغم من انه اقلية و هكذا كل اجهزة الدولة المهمة مصنوعة على التمييز الديني وكلها لحساب الاقلية الشيعية العلوية و الوظائف و البعثات الخ كلها للعلوي الشيعي الاقلوي بينما يرمى الفتات للاغلبية و بحيث يكونون واجهة ديكور للمسخرة هذا طبعا غير السلب و النهب الذي يمارسه كل علوي شيعي في كل المجالات حيث ان الدولة ملك له و لاخوانه في الدين
بالنسبة للتحالفات فهي على اساس ديني خالص مع اخوانه في الدين في العراق و ايران و حزب نصر الشيعي
اخيرا مؤتمر المعارضة العلوية في القاهرة عبارة عن اضحوكة حتى يبرؤو انفسهم و اقليتهم من الجرائم و النهب و المذابح و تهجير و قذارة و وحشيتهم عندما اقترب يوم العدالة و القصاص
معلومة مهمة العلويين دخلاء ليسو من سوريا و لكن استوطنو بعض مناطق سوريا بعد طردهم من العراق بسبب تكفيرهم من الشيعة هناك و مؤسس الطائفة هو أبو شعيب محمد بن نصير البصري

اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟