الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السؤال الشعري عند ناهضة ستار ومرجعياته المعرفية...قراءة في مجموعة ( حوار بنصف بوح)

اسامة غالي

2013 / 4 / 2
الادب والفن


السؤال الشعري عند ( ناهضة ستار) ومرجعياته المعرفية ...
قراءة في مجموعة ( حوار بنصف بوح)


ما يميز بنية النص في مجموعة (حوار بنصف بوح) للشاعرة والناقدة العراقية الدكتورة ناهضة ستار انها بنية لا تخضع لضرورات المرجعية السائدة في كتابة الشعر،بقدر ما تخضع لوعي الشاعرة ونضمها الابداعي في توجيه السلوك نحو غايات متعالية ،ولفت انتباه القارئ الى تجارب وانساق معرفية قد غيبت في ضل الثقافة العالمة،وهذا كله يتم بوساطة النص نفسه ،وبذا يتحول النص عند الشاعرة من وثيقة شعرية الى اداة فاعلة ومهمة في اعادة نصاب الاشياء وصياغة الوقائع بشكل ينساب مع الوعي ،بدلاً من المخيال التوروي الذي يعمل على تغيب المعرفة، واقصاء العقل ،وإنهاء سفر الذات في عوالمها الكائنة،لذا تحاول الشاعرة ان تعيد بناء القصيدة بنحو يجعلها صالحة لاعادة صياغة الوعي وتبئير آلياته الفكرية بواقعية معدلة بفعل المحاكاة من ثم تربط بين انساق الوعي وما ينتج خارج الذات ارتباطا فعلياً يؤثر ان ثمة فجوة او منعطف ،بخلاف القصيدة التي تتكون جراء انفعالات قد تبدو واضحة في النص ،مما يقلل من فاعلية القارئ ،وتحجيم وعيه النقدي والرؤيوي،وتكرس العاطفة بحيث تربو على المسارات العقلانية ومعايير الذوق،وهذا ما عدلت عنه الشاعرة بقصديه واضحة ،اذ احفت نصها الشعري بمجموعة من التساؤلات ،شكلت بدورها خطاباً تبادلياً بين (انا) الذات و(انا) الشعر..

وماذا بعد..؟
ام ماذا يظل؟
أ كل الكون ..أسئلة وحل؟
،او تقول ..
صوب الغياب ..فاورقتني الانسنة
حتى اذا سكن الغياب بوحشتي
حاورت اسئلتي لتفصح... من انا؟؟

تفترض القراءة ان هناك سؤالان: سؤال الذات وسؤال النص، والمائز بينهما ان سؤال الذات ينتمي لمرجعية (النقد) التي تسعى نحو الإشكالية،بينما سؤال النص مرجعيته التلقي والقراءة،وبعبارة ثانية ان سؤال الذات يستدعي التعليق من القارئ شفاهيا،بينما سؤال النص يستدعي الكتابة،وعلى هذا فان المجموعة تتوجه لفئتين من القراء وبمسارين متوازيين:
1ـ مسار نقدي تقومه الذات على هاجس العلاقات المعرفية ( الإدراك / المشاهدة / الايحاء/الحدس /المزامنة) فتشكل المعنى وتحدد دلالته،وهذه العلاقات أحيانا تتزاحم في النص فتبدوا كأنها متناقضة

تقول: يسافر ضوءنا قدرا جميلا
فيشتل في بقايا الروح نخل ..

فالشطر الاول يعتمد الادراك والشطر الثاني يعتمد المشاهدة ،فيتقوم المعنى على علاقتين متباعدتين، اذ الادراك مقولة تنتمي الى الماورائيات بينما المشاهدة تنتمي الى الواقع الحسي ،وبين هذا وذاك بون شاسع ،الا ان الشاعرة تضع المعنى بتراتب على هاتين العلاقتين معتمدة الظاهر والباطن منهجا، كما وانها تأرجح المعنى بين علاقتي الايحاء والحدس مع كون كل منهما ينتمي الى مقولة مغايرة،فالاولى (الايحاء) مقولة دفعية،والثانية (الحدس) مقولة تدريجية..

لكنما الحدس المسافر بيننا
فرق الطريق وخط رؤيا الانسنة
فانداحت الافكار في شطط الهوى
بينا النهار يزف رؤيا السوسنه
يا وحينا الانسان ..تلك نبوءة
ارهاصها قلق يشاكس مسكنه
كذلك اعتمدت المزامنة في انتاج المعنى وهي تحاول ان تمد جسور بين (الحال/ والاستقبال) كي تكشف عن كينونة الزمن التي تقهر الحدث وتحتبسه داخل اطرها ،فتجمع (س) الاستقبالية مع (الان) الحالية في نص واحد ..
تقول: سابدأ الان..
يا تاريخ انساني
هل جئت أذكرني ـ سهوا ـ لانساني!!

2ـ ومسار يعتمد على اعتمال المفاهيم المغتربة ثقافيا واجتماعياً في النص وهي مفاهيم يرجع بعضها الى التصوف وبعضها الاخر الى التفلسف ،وهذين النمطين (الصوفي،والفلسفي) يشكلان مرجعية واضحة لدى الشاعرة في إنتاج نصها الشعري،وهذا متأت جراء فعل القراءة،أي كون الشاعرة قد تتبعت النصوص الصوفية والفلسفية عزماً منها لابداء دراسة تكشف عن قيمة هذا التراث الخالد الذي سبقت عبقريته عصره، والذي لم يجد من ينهض بمهمة نفض الغبار عن جوهره الأثير، والامتداد إلى حيث أفقه الباذخ (ينظر: بنية السرد في القصص الصوفي،للشاعرة)،فتحول ذلك العزم الى عدة منجزات معرفية و نقدية ،منها:
آ ـ (أسلوبية السرد وشعرية النثر الصوفي)
ب ـ (بنية السرد في القصص الصوفي / المكونات ـ والوظائف ـ والتقنيات) الصادر عن اتحاد الكتاب العرب/دمشق 2000م/ و متأت ايضا من تلاقي التجربة وتوحد الرؤيا ،باعتبار ان التجربة دائماً تنعكس بعفوية في مرايا الشعر ـ وهذا ما ترشح عن المجموعة (حوار بنصف بوح) ،حيث طفت التجربة الروحية والانسانية على سطح النص،ولم تستطع الشاعرة ان تخفيها او تشفرها ،فكان لـ(اتهام الذات) حضوراً بقدر الحضور والاستيطان في النص الصوفي، الا ان التشكلات قد اختلفت لتباعد الزمن وتنوع الاساليب والوسائل، مما حدا بالشاعرة الى ان تبديه بصورة (القلق) الذي يراودها دوماً ،و يجعلها لا تبوح بجميع ما تمتلكه من تساؤلات،تاركة العبء في استظهار ما يختبأ وراء النص على القارئ..
هذا القلق الذي طالما رافق الشاعرة في رحلتها الشعرية وهي تبدأ به وتنهي اليه ، جعلها بدلاً من ان تملأ النص مفردات شعرية ملأته بالفراغ مما يؤكد اصرارها على عدم البوح ..
اني على قلق
يفضي الى قلق
لا يستكين ولا... اني ساحترق
كما وان للاتهام تمثلاً شعرياً اخر انطوى عليه النص،وهو احتياج الاخر بكل تشكلاته وهذا منزع انساني لا يتم الاستغناء عنه في الفكر الصوفي،اذ الانسان بطبيعته يحبو الى اشراك الاخرين في صناعة الحياة ، وهذا المعنى تمثلته الشاعرة في مخيالها حتى جادت به قريحتها الشعرية..
احتاجك الان ...
اوطانا مسالمة
دستورها:الحب والانسان والالق
احتاج خارطة ..نبضي يصممها
اوطانها الماء يمشي خلفها الورق..
بعد ذلك يأتي (حضور الاخر مع غياب الهوية) كي تتجاوز الشاعرة بنصها اطر الانفعالات الشخصية ،فتجعل من الاخر افق تستجمع فيه كل تصوراتها على اساس انساني من دون ان تلحظ هوية معينة .
اسمي ..
غياب التيه عن افق النخيل
اني بلا خمر ساعتق غيمتي
احبو على قمر الذهول..
واصرخ النجم الحزين
بـ..يا..ويا..
في اينا سكن البديل؟؟؟
ولن تهدف من وراء تلك التصورات توثيق العلاقة مع الأخر فحسب ،بل انها تسعى لمنهجة آليات الحوار وقبول الاخر ثقافيا ومعرفياً..
وفق هذا كله تبلورت مرجعية السؤال الشعري في مجموعة ( حوار بنصف بوح)،وتميز للقارئ الإجراء المعرفي الذي اعتمدته الشاعرة،وهو يحمل في سياقاته تجربة روحية ومعياراً ذوقياً يُستكمل من خلاله البوح المفقود،بعد ذلك تاتي اللغة الإيحائية لتتم عملية الفهم بتراتب وهي تلقي بدوالها كـ ( التيه/ الوجد/ الاحتراق/الخمر/الغياب/السر/ الصحو/التجلي، الوصل...) معلنة عن توافق الوعي مع الذوق و العقلانية ،الوعي من جانب التجانس الروحي مع الموروث الانساني في كل توحداته ،والذوق في انتقائية الصور المؤثرة والفاعلة في السلوك ،والعقلانية في اعتمال الشعر آلة نقدية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة