الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يفقد المثقف البوصلة أو يغير الاتجاه؟

محمد السلايلي

2013 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


حدثان متزامنان عرفتهما مؤخرا الساحة الاعلامية بالمغرب، يفسران الى أي حد أصبح فيه الجسم الصحافي متعفنا و مثيرا للاستمئزاز و القرف من جراء ردود فعله حول ما يقع بالمجتمع و خاصة ما يقع لزملائهم بالمعنة من تعسفات و اضطهادات تلاحقهم بسبب أرائهم الحرة.
الحدث الاول، فجرته الكاتبة الاعلامية فاطمة الافريقي، حين كتب نهاية الاسبوع المنفرط، عمودا تعلن فيه اعتزالها الكتابة النقدية بعد التهديدات و المراقبة المستمرة لحركاتها و سكناتها. فاطمة قالت في مقالها الاخير أن تهديد بناتها خط احمر و انها لن تضحي بهم مفضلة الانتحار صمتا على الحاق الاذى بفلذات كبدها.
فاطمة صاحبة برنامج " عتاب " في القناة الاولى قبل أن يتم توقيفه رغم الشهرة الواسعة التي حققها، تعتبر أن المعركة من أجل الحرية لم تنتهي. ظلت منذ انطلاق حركة 20 فبراير سنة 2010، تسخر قلمها و أسلوبها الشيق لمساندة الشباب الثائر و الدفاع عنه. هي من الكتاب و الكاتبات القلائل الذين التزموا بتفكيك شعار الحركة المتمحور حول اسقاط الفساد و الاستبداد.
طبعا هذا في الوقت الذي دفن فيه المئات من حاملي البطائق الصحفية رؤوسهم في الرمل، في أحسن الاحوال، أما أسوؤها، فتحول البعض الى الضفة الاخرى مسخرا قلمه لمهاجمة الحراك الشعبي و من يسانده عبر الراي و الكتابة النقدية.
الى هنا فالامر عادي، لان الاصوات التي تشنف أسماعنا و الفنا لغطها، تعودت على فعل ذلك. وظيفتها هي بالضبط التشويش و خلق البلبلة و التشهير بالاقلام الحرة. هذه الاصوات النكرة عبرت عن ردود فعل مخزية اتجاه محنة الكاتبة فاطمة الافريقي. والبعض منها ذهب بعيدا و اعتبر أن الامر مفبرك متهما السيدة فاطمة، التي هي الضحية في هذا المقام، أنها تضغط بحروفها لكي يفك الحصار الذي غيبها عن جمهورها بدار البريهي للاذاعة و التلفزة.
في هذا الزمن الرديء، لا يحتاج المرء لاي تعليق، لاننا تعودنا على تبخيس الشرفاء و تمجيد الأنذال، لكن لم نكن نتصور أن يصل الامر الى الحد الذي تصدر فيه تلك الاراء المخزية من طرف زملاء لها، و هذا شيء يستدعي الوقوف عنده كثيرا؟ كنا نعتقد ان نار الغيرة و الحسد موجودة فقط في العلاقات الاجتماعية التي تتصدر سلوكات الناس على اختلاف أصولهم الاجتماعية، لم نتوقع أن تصل لحملة الاقلام و تصبح مادة ضمن مواد حرية الراي بالمفهوم المخزني العتيق ؟؟
فاطمة ليست في حاجة لتضامن هذه الاقلام التي أعطت بظهرها لشباب 20 فبراير، و يكفيها فخرا ان هذا الشباب عبر صفحاته على الفايسبوك و التويتر و من خلال تدويناته عبر الشبكة الالكترونية ، كان سباقا للتضامن و المساندة غير المشروطة، دفاعا عن حقها في الكتابة و التعبير، و كانت له الجرأة في تسمية الاشياء بمسمياتها، و هي الجرأة التي افتقدها الجسم الصحافي و أصبح يضرب لها ألف حساب؟
في الوقت الذي شكك هؤلاء في قرار احتجاجها عبر امتناعها عن الكتابة، متهمينها بالبحث عن الضجيج و البطولة، قام العديد من محبيها بتغيير صور بروفايلاتهم بالفيسبوك ووضعوا مكانها صورة فاطمة الافريقي. لا أظن أن قلم هذه الكاتبة سينكسر، رغم المرارة الاليمة التي عبر عنها مقالها الاخير، و من يعتقد عكس ذلك فما عليه الا أن يقوم باطلالة سريعة لتعليقاتها النارية بصفحتها الخاصة على الفايسبوك حول ما يجري بالبلاد.
الحدث الثاني، هذه المرة جاء ليكشف لنا عن اهتمامات أخرى لهذه النخبة الاعلامية و المثقفة، و يجيب لنا عن سبب غياب أو امتناع غالبيتها عن التضامن مع الكاتبة الافريقي و من قبلها مع معتقلي 20 فبراير الذين تم الزج بهم في السجون بتلفيق تهم واهية، حيث وقع العديد من الصحفيين و الكتاب و الباحثين و نشطاء حقوقيين و فاعلين " مدنيين" بيانا عبروا فيه عن تضامنهم مع قيادي بحزب "العدالة والتنمية" القائد للحكومة، السيد عبد العالي حامي الدين، و ذلك على خلفية ما يتعرض له هذا الأخير من "حملة ممنهجة ذات طابع إعلامي وسياسي منسق، هدفها الزج باسمه تحت أي ذريعة كانت في تهمة المشاركة في أعمال العنف الجامعي بمدينة فاس التي جرت منذ 20 سنة خلت" كما جاء في لغة البيان الذي توصلت به الجريدة الالكترونية " لكم.كم".
و كانت عائلة الطالب القاعدي آيت الجيد محمد بنعيسى قد طالبت بالكشف عن حقيقة اغتيال ابنها ومحاكمة جميع المتورطين في هذه الجريمة التي وقعت عام 1993 بالقرب من جامعة محمد بن عبد الله بفاس. واتهمت العائلة المخابرات المغربية بتسخير جماعة العدل والإحسان وحركة الإصلاح والتجديد لتنفيذ عملية الإغتيال. كما اتهمت عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بالمشاركة في عملية الاغتيال عندما كان طالبا بنفس الجامعة و مسؤول عن قطاع طلبة الاصلاح و التجديد.
كما قال شقيق بنعيسى في الدعوة التي رفعتها عائلته أمام القضاء، أن احد القتلة المباشرين، الذي صرح كاذبا، حسب محاضر الضابطة القضائية أنه ينتمي لفصيل الطلبة القاعديين التقدميين في حين أنه كان ينتمي إلى حركة الإصلاح والتجديد، هو الآن رئيس إحدى الجمعيات المغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وعضو الأمانة العامة لحزب رئيس الحكومة الحالية .
الموقعون على البيان، الذي يعد شديدا في لهجته، حيث تم فيه اعتبار عودة قضية الشهيد أيت الجيد هدفها النيل من الاكاديمي عبد العالي حامي الدين، و اخراس صوته. و الغريب أن هذا البيان جاء بعد رفض المحكمة لدعوة العائلة و اغلاقها للموضوع؟ ولماذا اذن يتم اصدار هذا البيان بعد ايام فقط من احياء الذكرى 20 لاستشهاد أيت الجيد؟؟
نحن امام موقفين مختلفين بشكل جدري : موقف تمتنع فيه هذه النخبة عن ابداء تضامنها مع مضطهدي و مضطهدات حرية التعبير، و أخر تتضامن فيه مع كاتب يعتبره الكثيرون أنه منظر التجربة البنكيرانية الراهنة، باسم البحث الاكاديمي و حرية التعبير ؟
نحن لا ندين السيد حامي الدين، فالمتهم بريء حتى تظهر ادانته، لكن ما الذي دعا بأعضاء هذه النخبة لاصدار بيانها في هذا الوقت بعد الندوة الصحفية التي نظمها عائلة و رفاق أيت الجيد؟ وما الذي جعلهم يتقاعسون في اصدار نفس البيان لمساندة فاطمة الافريقي مثلا؟
هل هو، التكافل " المهني الوظيفي " لأعضاء النخبة أم هو شيء أخر لانزال نجهله ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟