الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ( ارهاصات التاسيس )

وصفي أحمد

2013 / 4 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( ارهاصات التأسيس )
الحزب الشيوعي العراقي الذي يعد أقدم الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية العراقية و أكثرها تعرضا للقمع و الاضطهاد و محاولات التسقيط , لا بسبب طول عمره فقط , بقدر ما يتعلق الأمر بما كانت تطرحه كل الأحزاب الشيوعية , ومنها الحزب الشيوعي العراقي , من أفكار تدعوا إلى اسقاط النظام الرأسمالي لتحقيق المساواة بين البشر . وعلى الرغم من هذه الإجراءات القمعية التي وصلت إلى حد التصفيات الجسدية لكنه ظل عصيا على الموت . إذ يمكن تشبيهه بشتلة ورد مهما قطع منها غصن تظل قادرة على تعويض الجزء المفقود , و ذلك لأن الدعوات التي يبشرها لابد لها و أن تلامس قلوب المضطهدين و المهمشين من الناس . كما ساهمت الأعمال التي قامت بها القوى السياسية التي عادته في تقريب الجماهير من أفكاره و ما يطرحه من حلول لمشاكلها .
في البداية لابد من تسليط بعض الضوء على ما يرويه حنا بطاطو عن دور بيوتر فاسيلي في نشر الأفكار الشيوعية في العراق . كان فاسيلي هذا أشورياً نشأ و تعلم في تفليس بجورجيا التي كان أبوه قد هاجر اليها أيام العثمانيين من العمادية في شمال العراق .
جاء فاسيلي إلى العراق عن طريق إيران سنة 1922 , وبعد تجوله في عدد من مدن العراق , استقر في الناصرية البلدة المشهورة بروح الحرية . أظهر اهتماما واسعا بأحوال الفقراء , وعرف عنه زياراته المتكررة لريف الناصرية . و اختار رفاقه من بين أعضاء (( الحزب الوطني )) وهو حزب كان دوما في طليعة المناضلين ضد النفوذ البريطاني .
لم تكتشف الشرطة نشاط فاسيلي إلا في حدود سنة 1932 , و ليس من المؤكد أنه كان وراء تشكيل أول لجنة شيوعية بالبصرة , التي ظهرت سنة 1927 , حيث أشار عبد الحميد الخطيب , أستاذ الفيزياء و العضو في الجماعة و الذي أصبح فيما بعد وكيلا للأمن , أن أكثر أعضاء الجماعة نشاطا هم : يوسف سلمان يوسف و أخوه داود و غالي زويّد .
و بحكم سكن هؤلاء في الناصرية فقد تمكنوا من تشكيل جماعة صغيرة لهم في هذه المدينة سنة 1928 .
و أظهر شيوعيو البصرة و الناصرية مؤشرات وجودهم سنة 1929 , و بالحذر الواجب من حساسيات الشرطة , التي مازالت تحت سيطرة البريطانيين , من خلال جمعية لهم أسموها (( جمعية الأحرار )) . وقد تبنت الجمعية المباديء البرجوازية التقليدية : (( حرية , إخاء , مساواة ))
أدى الهبوط المفاجيء و الحاد لأسعار السلع الأساسية دوليا سنة 1929 إلى تراجع أسعار التمور و الحبوب العراقية بنسبة لا تقل عن ال 40 % . مما ادى إلى تراجع واردات الدولة و ادى إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين و خفض أجور العمال غير المهرة في السكك الحديد و الميناء . فكان من الطبيعي أن ترتفع حدة التذمر الجماهيري .
وفي تلك الأيام – مطلع الثلاثينيات – كانت جماعة البصرة تعمل تحت قيادة غالي زويد , عبد ووكيل لآل السعدون , و كان قلب جماعة الناصرية ولولبها النابض يوسف سلمان يوسف . الذي عمل على التوالي موظفا و ميكانيكيا , ثم طحانا و بائع ثلج في الفترة بين 1934 و 1935.
وفي بغداد مال الماركسيون , إلى الارتباط بإحدى ثلاث مجموعات . الأولى بقيادة عاصم فليح و قاسم حسن , وهو طالب حقوق كان موظف حكومي سابق , ومهدي هاشم , الذي كان يعمل كموظف لاسلكي في نقرة السلمان و الذي أقام علاقات مستمرة مع جماعة البصرة . و كانت المجموعة الأخرى تضم كل من طالب الحقوق يوسف اسماعيل و معلم المدرسة الثانوي نوري روفائيل و مهندس السكك الحديدية جميل توما الذي كان , بحكم عمله , على علاقة مع شيوعيي الجنوب . ونمت المجموعة الثالثة حول زكي خيري الشيوعي المخضرم . وقد جذب نشاط الشيوعيين هذا انتباه جهاز الشرطة- الذي كان مازال تحت سيطرة البريطانيين - ما دفع رئيسه بتوجيه رسالة , في سنة 1932 , إلى المندوب السامي البريطاني يحذره فيها من (( جنون البلشفية ))
في الأول من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1933 انسحب جعفر أبو التمن زعيم الحزب الوطني , والذي يعد رائد الوطنية العراقية , من الحياة السياسية , مما أدى إلى فقدان الشيوعيون الأوائل لمظلتهم الشرعية , وبهذا الانسحاب لم يبق في الساحة السياسية حزب معارض حقيقي , إذ تمكنت دار الاعتماد البريطاني من كسب كل السياسيين المعارضين التقليدين إلى جانبها عن طريق اغرائهم بالمناصب الحكومية .
شكلت المقاطعة الشهيرة لشركة كهرباء بغداد و المملوكة للبريطانيين عامل تحريض مضاف , وإن كانت قد أدت هذه المقاطعة إلى تصفية النقابات القائمة , و لكنها جمعت الشيوعيين , الذين كان لهم دوراً لا بأس به في عملية التحريض , ما بينهم للمرة الأولى .
و رغم هذه الإجراءات القمعية , فقد قام الشيوعيون الأوائل بالعمل على تأسيس حزبهم , حيث قام كل من عاصم فليح و مهدي هاشم و قاسم حسن و حسن عباس الكرباس و يوسف اسماعيل و نوري روفائيل بعقد اجتماع في رأس القرية في بغداد في 8 آذار 1935 ليعلنوا تأسيس جمعيتهم : (( الجمعية ضد الاستعمار و الاستثمار )) . و التي أصبحت بعد فترة وجيزة تسمى الحزب الشيوعي العراقي .
مصدر البحث الجزء الثاني من كتاب العراق لمؤلفه حنا بطاطو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة