الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان المسلمين والشارع - المدني - السوري

عماد يوسف

2005 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قد يستطيع المرء القارىء للمشهد السياسي السوري المعاصر أن يتفهم بأن حزب، كحزب الإخوان المسلمين يطالب السلطة السورية والمعارضة، بما ورد في بيانهم الصادر في لندن بتاريخ 3/4/2005 ، انطلاقاً من أن هذا الحزب قد تعرض بشكل أو بآخر إلى اضطهاد سياسي وقمع عسكري ، وهذا من موقع هذا الحزب البريء المسالم ، كما يتخيل بعض الذين لم يعاصروا مرارة الأيام الحمراء في عيون الأطفال والشباب السوري في دمشق وباقي المحافظات السورية لفترة امتدت من 1977 حتى 1982 حيث كانت النهاية العملية لهذا الحزب بطريقة مأساوية جاءت أفظع بممارساتها من ممارسات هذا الحزب نفسه خلال السنوات الخمس التي سبقت قرار السلطة باتخاذ القمع العسكري العاري ، دون تمييز في البؤرة المركزية لهذا التنظيم" مدينة حماه السورية" .. وقد يستطيع المرء أيضاً أن يتفهم بأن ما ’يسرد من أحداث في هذه السطور قد طال معه الزمان قرابة الربع قرن، حيث غادر غالبية مرتكبي هذه الجرائم مواقعهم في هذا الحزب أو في السلطة السورية، مما يدفعنا إلى أن ننشد الصفح والغفران لبعضنا ونتنادى لفتح صفحة جديدة بادرت بها جماعة الإخوان المسلمين في الخارج طارحين مطالب تتقاطع في الشكل والمضمون مع مطالب باقي أطياف المعارضة السورية، مما ’يحرج هذا الطيف المعارض الذي وجد نفسه في حالة حرجة، فإما قبول هذا الطيف السياسي الديني وضمه لهذه المعارضة، وإما رفضه لهذه اليد الممدودة له بحيث سيقع في إشكالية الإتهام بأنه غير ديمقراطي، وهو يعمل على إقصاء تيار سياسي كبير من الحراك السياسي السوري، وخاصة أن هذا الحزب قد طرح الخطاب السلمي الديمقراطي في بياناته وحدد تخوماً لحراكه السياسي في سوريا لن يتعداها إلى أشكال أخرى من العمل، وذلك في منظومة قوانين قائمة على منطق الحريات في التعبير والرأي والتحزّب .. ويمكن أيضاً أن أتفهم بأن هذا التيار السياسي الذي ما تزال ذاكرة تاريخ الشعب السوري حاضرة بكافة أطيافه، وأعراقه، وطوائفه، ترتعش خوفاً من عودة مثل هذه الأحداث إلى الشارع > السوري ، ويمكن أيضاً أن نتفهم بأن سياسة السلطات الشمولية القمعية المطلقة ، هي التي قادت إلى التطرف السياسي في أعمال بعض الأحزاب وخاصة الأصولية، وبعض الأحزاب القومية الموالية لبعض دول الجوار، كل هذا ’يمكن تفهمهه وإعاءة قراءته بما يتناسب مع التطورات الملّحة لللعبة السياسية في الداخل السوري، كل هذا يمكن تفهمه ووضعه على طاولة الحوار، بعد أن نبعد كل أنواع ال"فيتو" الكثير ة الاستعمال لدى شريحة كبرى من أطياف المعارضة السورية..
ولكن؛ ما لا ’يمكن تفهمه هو محاولات حزب الإخوان المسلمين تصوير نفسه على أنه الطرف البريء الذي مورست عليه كل أنواع العنف، والقتل، والمجازر التي يطالبون بفتح ملفاتها والتحقيق فيها ، ما لا ’يمكن فهمه هو أنه إذا كان هذا الحزب السياسي السلمي، الأصولي الديني، يريد فعلاً قلب صفحات الماضي والإنتقال من ايديولوجتيه السابقة إلى رؤية سياسية جديدة تؤمن بصندوق الإقتراع فيصلاً في المنافسة والعمل السياسيين ، وإلى نظام الدولة الحديثة القائمة على مفهوم العقد الاجتماعي المتكافىءبين كل أبناء الوطن، إذا كان ذلك هو فعلاً ما يريدون، فلماذا لا يقول التاريخ قوله، ويتقدم هؤلاء الناس بكشوفات حساب للمواطن السوري، بكافة فئاته وطوائفه، لماذا لا يعترف هذا الحزب أولاً بالخطأ التاريخي الذي ارتكبه على مدى خمس سنوات من عمر التاريخ السوري المعاصر الذي كان يعيش فرحة جرأته على إعلان حرب على إسرائيل للمرة الأولى في التاريخ العربي المعاصر، هذه الحرب التي كانت بداية انصهار آليات، وأدوات، ومقدّرات مشروع الصراع العربي الإسرائيلي، والذي انهزم في مراحل لاحقة لأسباب كثيرة أهمها توقيع اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر وتحييدها ككبرى الدول العربية عام 1979، كما كانت تعيش سورياحينذاك بحبوحة العيش الإقتصادية التي كانت سائدة في ذلك الزمن، بعد تدفق أموال دول النفط الخليجي إلى سوريا بعيد حرب 6 أكتوبر1973، ودخول القوات السورية إلى لبنان عام 1976 ودعم ميزانية سوريا وجيشها من الدول العربية الأخرى.
هناك استحقا قات مطلوب منّا أن نقدمها للشارع السوري، على مستوى السلطة كما على مستوى المعارضة، وإن كانت جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الزمن تعتبر نفسها معارضاة استخدمت العنف والقتل والتفجير بحق المدنيين في الشوارع ، كأداة من أدوات وصولها إلى السلطة، إذا كان كذلك فلتتقدم من الشارع السوري ومني كمواطن سوري ، ومن غيري من مواطنين سوريا بالإيضاحات التالية:
أولاً: لماذا استخدم هذا الحزب العنف ضد المدنيين أكثر من استخدامه ضد السلطة في هذه البلد ؟ ثانياً: من الذي مّول وقدم الأسلحة والإمكانيات والدورات التدريبية لهذا الحزب حتى يقوم بممارساته ؟ ثالثاً: لماذا استهدف هذا الحزب طائفة دون أخرى مما أوشك "لولا وعي الشعب السوري " إلى إندلاع حرب أهلية لم يكن أحد يعرف لا بدايتها ولا نهايتها أو نتائجها ؟ مع التأكيد على أن نظام الحكم في ذلك الزمن لم يكن مشكلاً من طائفة واحدة، وإن قمعهم والقتل الذي لحق بهم كان بقراراً حزبياً سياسيأً من الحزب الحاكم الذي ضمّ بين رموزه آنذاك شخصيات من كافة الطوائف السورية؟ خامساً: هل يعترف الإخوان المسلمين الآن ويوثقوا ذلك كأمانة للتاريخ بأنهم شاركوا في مسئوولية الحالة الأمنية المخابراتية القصوى التي أسسها النظام بحق الشعب السوري وأن هذه السلطة كرّست قسماً هائلاً من ميزانيتها لتشييد فروع المخابرات الجديدة وزيادة أعداد هذا الجهاز إلى عشرات الآلاف، بحجة مكافحة الإرهاب، علماً أن الشعب السوري كان في ذلك الحين لهذا القمع الأمني المبالغ فيه جداً !! لأنه حمى أطفالهم ونسائهم والكوادر البشرية المبدعة من أن يكونوا هدفاً للقتل والتفجير ومن تفادي حرب أهلية بين طوائف المجتمع السوري المتنوعة ! سادساً: من هي القوى السياسية الداخلية التي تحالفت مع هذا الحراك العسكري وليس السياسي، لأن من أهم صفات العمل السياسي أن يكون سلمياً، إذا كانت هذه فعلاً نوايا الإخوان المسلمين، فلماذا لم يحاولوا أن يقدموا شيئاً من كل هذه الإيضاحات من خلال وثائقهم وأدبياتهم، ونشراتهم الألكترونية التي يرسلونها إلى الكثير من الشباب والمهتمين والمعارضين السوريين، ولماذا كانوا من خلال نشراتهم دوماً يضعون السلطة في موقع الإتهام ويبرئون ساحتهم كقوى مظلومة ، و هم مازالوا يمارسون التجييش في خطابهم، ومنطق العنف الثقافي في أدبياتهم، ولغة التوجه إلى طائفة دون أخرى محاولين تطمين هذه الطائفة ودعوتها إلى العمل السياسي المشترك، علماً أن هذه الطائفة قد قدمت تضحيات كثيرة كقوى معارضة تقدمية، قومية وماركسية، كما أنها تضررت من هذا النظام ضرراً كبيراً ! هل تعطي جماعة الإخوان هنا صك البراءة والرحمة والغفران، لأبناء هذه الطائفة، وهم" أي الإخوان الذين اغتالوا من هذه الطائفة كبار الشخصيات العلمية، والفكرية، والسياسية.
عندما يكون هناك طرفان متخاصمان، يتقاتلان فيلجآن للقضاء، عندها يقوم القاضي بسماع الطرفين، وإذا كان الشعب السوري هو القاضي فيما يريد أخوتنا في حزب الإخوان المسلمين، فعليهم أن يقدموا كشوفات حساب طويلة، ومفصّلة، ودقيقة، تمتد من حي الأزبكية في دمشق إلى تفجير باصات النقل في نفس المدينة عام 1985.
ليست المسألة مسألة حوار فقط، أو طلب حوار من أطراف أخرى معنية بهذا كلّه، ولكن المسألة هي في الحجج التي نتقدم بها إلى هذا الحوار، وهل نستطيع أن نقنع الشارع السوري أولاً وأخيراً بهذه الحجج، وهل ويمكن للشارع السوري أن يصفح بعد كل تلك السنين عن ما ارتكبه هؤلاء والسلطة في آن ، من آثام بحق الشعب السوري .
وكيف يثبت إخوتنا في الإخوان بأنهم لا يطلقون خطاباً براغماتياً يؤسس لمرحلة لاحقة في التغيير السياسي السوري،
كل ذلك مرهون بحكم القضاء الذي يمثله الشارع السوري أولاً، قبل أن يمثله طيف المعارضة السورية الذي نشك بتمثيله لهذا الشارع، وهو القليل العدد، الفقير الإمكانيات، والمتخبط في الرؤية بين إصلاح مأمول في الداخل وخارج موعود يأتي بحل سهل لا يتطلب تضحيات كبيرة..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا