الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفشل طريق العنف

فريدة النقاش

2013 / 4 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تتشابه التجربتان التونسية والمصرية في السرعة التي وصلت بها تيارات الإسلام السياسي إلي السلطة، ولكن وبنفس السرعة تبين للشعبين الفشل الذريع لهذه القوي في حل ي من المشكلات التي تواجه المجتمعين سواء علي الصعيد الاقتصادي -الاجتماعي أو علي الصعيد الأمني.

وكان الشهيد «شكري بلعيد» قد أطلق الدعوة – علي حد قول زوجته المحامية بسمة الخلفاوي للزميلة «نعمة عزالدين» في جريدة «الوفد – الدعوة لتوحيد أكبر عدد من الديمقراطيين والثوريين بعد أن لاحظ الجميع أن هذا التيار الديني فقد كثيرا من شعبيته في المجتمع التونسي لأنه وعد ولم يف، ولأنه كذب علي الشعب، ولأنه قدم العديد من المشاريع الوهمية ولأنه تلاعب بأفراد الشعب ي أن التيار الديني فشل.

وكان «شكري بلعيد» في جميع لقاءاته التليفزيونية يقول إذا لم تتوجه هذه التيارات السياسية الدينية لتنفيذ مشاريعها فستتجه إلي العنف.. وقال إننا نتجه إلي العنف بعد أن وصلته معلومات مؤكدة تدعم مخاوفه، ودعا لعقد مؤتمر لنبذ العنف لأنه تأكد أن حدة الفشل والصراع أصبحت كبيرة وموجودة لدرجة أنهم سينقلبون بشدة نحو العنف، ووجه شكري استغاثة لشعب تونس لكي يقف ضد العنف.. وانشغل انشغالا كبيرا بهذه المسألة وتوصل إلي أن وحدة الليبراليين واليساريين والقوي الشعبية هي التي ستقطع الطريق علي العنف المنظم.

كانت مظاهر الفشل تتفاقم، فالوضع الاقتصادي متدهور جدا مع زيادة رهيبة في الأسعار تفوق القدرة الشرائية للمواطن التونسي، بينما ينمو جهاز أمن مواز نظمه الإسلاميون داخل وزارة الداخلية، وهذه واقعة تتشابه من زويا كثيرة مع سعي الإخوان في مصر لتفكيك وزارة الداخلية وأخونتها وفرض ميليشياتها المسلحة سواء عبر الممارسة الواقعية كما حدث أمام الاتحادية حين قامت هذه الميليشيات باعتقال مواطنين وتعذيبهم قبل تسليمهم إلي الشرطة، أو في إضافة مادة للدستور تتيح للمجتمع مراقبة الأخلاق، وهي المادة التي تفتح الباب واسعا لجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أخذت تمارس العنف واقعيا كشرطة دينية ضد المجتمع، وكان حصار كل من المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامي إعلانا عن قدرة الإسلاميين علي ممارسة العنف واعتباره آلية ناجعة لحل الصراع السياسي بعد انسداد الأفق نتيجة للإخفاق في كل المجالات.

وفي ظل تفاقم التدهور الاقتصادي وزيادة البطالة تنشغل الطبقات الشعبية في البلدين بالبحث عن العمل والرزق وتدور في الساقية وتنشغل الطلائع المثقفة بالدفع عن نفسها ضد القمع المتزيد الذي يصل إلي حد القتل بعد أن يكون التحريض قد تم باسم الدين فقد تم التحريض ضد «شكري بلعيد» من قبل أئمة المساجد التابعة لحركة النهضة، كذلك من قبل وزير الداخلية وأجهزة الدولة وتقول بسمة «كنت متأكدة أن قيادات في حزب النهضة كانت علي استعداد لدفع أموال كثيرة في حالة لو أمدها الأمنيون بملفات ضد شكري بلعيد».

ولأن الإسلاميين في البلدين وفي كل مكان مهووسون جنسيا ومسكونون بالخوف من النساء مع اشتهائهن «قالوا إنني دبرت اغتيال زوجي مع عشيق، ولأنني امرأة أعرف نظرتهم جيدا للمرأة، ويضا لأنني كنت متأكدة أنهم يريدون تغيير الاهتمام الشعبي بقضية «شكري» وبالبحث عن قاتله وإغراق الناس في سفاسف الأمور».

وتماما مثلما يصل اليائسون وبعض مرضي الاكتئاب العميق إلي الانتحار يقود الفشل والإخفاق الشامل في السياسة والاقتصاد والأمن جماعات الإسلام السياسي إلي العنف كآلية لتغطية فشلهم.

وأذكر أنني حين كنت مسجونة سياسية مع الذين اعتقلهم السادات سنة 1981 من سجن القناطر للنساء كنت شاهدة علي تكرار السجينات في جرائم السرقة أو الدعارة لعملية «تشريط» وجوههن بموس حادة أمام المأمور بعد أن تكون مخالفاتهم التافهة من سرقات أو مشاجرات أو تجارة في المخدرات قد انكشفت، وتنقلت حالة من العنف في السجن تنتهي بهن للتأديب ولكن الإسلاميين لا يقومون بيذاء أنفسهم بعد أن انكشف إخفاقهم الشامل بل يؤذون الآخرين وهم لا يدركون أنهم حين يقطعون الطريق برؤاهم القديمة وممارساتهم المتخلفة علي حركة التاريخ بهدف العودة إلي الخلف إذ يسكنهم وهم استعادة الخلافة لا يدركون أن العملية التي يقومون بها وتنطوي بذاتها علي العنف لا تقف في وجه التاريخ فقط وإنما يضا تصب المياه في طاحونة الثورة المضادة.

وتفتح هذه الثورة المضادة بالعنف الذي تطلقه في المجتمع الباب واسعا أمام المشروع الاستعماري الذي أطلق عليه أصحابه وصف الفوضي الخلاقة، هذه الفوضي التي تمكنهم من تفكيك المنطقة وإعادة تشكيلها طبقا لمصالحهم وبذا تصبح الثورات وبالا علي الشعوب لا انفتاحا علي مستقبل أفضل كما حلم الثوار والشهداء.

ولكن وعي صانعي الثورات بهذه الحقائق سوف يؤدي حتما إلي إفشال مشروعي الإسلاميين والإمبرياليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضرورة معرفة المعوقات قبل الحكم عليها .
همة علو ( 2013 / 4 / 3 - 13:00 )
كثير من الكتاب يستهويهم الحديث على فشل التجربةالسياسية الاسلامية في كل من مصر وتونس . وهم يحكمون عليها بالفشل دون النظر إلى العراقيل التي تعترضها . ولم يشيروا إلى السبب المباشر وغير المباشر . مع علمنا المسبق أن التيار العالماني في كل من تونس ومصر لا يسمح بممارسة الديمقراطية التي منحت صوتها للاتجاه الإسلامي . وهذه ازمة يعيشها العالمانيون . هم لا يقبلون أن يحكمهم الاسلاميون ويسعون إلى فساد مشروعهم . والتشويه لعملهم . ويقولون أن التجربة السياسية الإسلامية فاشلة . فلو أن الجميع رضي بحكم الصندوق وانتظر قليلا دون ان يفسد السير ويُتهم بالعرقلة والتحريض . لكان لحكمه قبول في نظر الكثير .
ونصيحتي اها التحرريون العالمانيون المدعون للحرية والليبيرالية دعو الشعوب ورأيها فهي التي اختارت والزمن قريبا يحكم عليها بالفشل او النجاح . فمن السابق لأوانه أن نحكم . فالاسلاميون لم يكونوا أعداء للوطنيين الأحرار فقط هم أعداء ـ ومن واجبهم كذلك ـ للخونة والمفسدين لأوطانهم . أليس لهذا نزكيهم . ونشكرهم . شكرا


2 - يا لها من فرص
سلمان ( 2013 / 4 / 4 - 09:38 )
أخذ الإسلاميون 24 عاما في السودان و انظر للنتائج الباهرة : حروب قضت على قرابة ثلاث ملايين نفس ، انفصال ثلث البلد ، مقدمات لانفصال دارفور و جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق حيث تدور الحروب هناك و هذا أكثر من ثلث البلد ، الدولار قفز من 12 جنيها ليصبح سبعة آلاف جنيه و الفقراء يأكلون التراب ... أكثر من ثلاثة ملايين نازح يطعمهم المجتمع العلماني الدولي ، خمسة ملايين خرجوا من البلاد هربا من جنة الإسلاميين .... انظر لتجربة الصومال ، أفغانستان ، باكستان ... يريد الإسلاميون من الجميع السمع و الطاعة حتى يموتوا من الجوع و الذل ... في الحقيقة لم أجد تجربة إسلامية ناجحة ، حتى دولة المدينة قام إقتصادها على السلب و النهب ، على الغنائم و السبايا و الرقيق ... قل لي ما هي المشاريع الانتاجية التي أنشأتها ؟ دعك من الدولة الأموية و العباسية و العثمانية ... أسوأ الأنظمة في التاريخ هي الأنظمة الإسلامية .. تذكر ثورات العبيد و عدد السبايا و الغلمان و النهب المنظم تعرف روعة الحكم الإسلامي ... قال إيه ؟ ينتظروا ليروا ... حقا الشعوب تتعلم من تجاربها لا من الكتب و المواعظ

اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل