الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري

مها الجويني

2013 / 4 / 3
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ظاهرة الإغتصاب في تونس و كأن المجتمع التونسي يقدس النساء و يحترم جدا بنات حواء . الأستهجان الإعلامي و البرامج التلفزيونية المذاعة كانت في مستوى الأحداث الشنيعة المتواترة :"إغتصاب إمرأة متزوجة كانت تتنزه مع زوجها على شاطىء البحر ، إغتصاب طفلة في سن الثلاثة سنوات ، التعدي على طالبات في الثانوية ، إغتصاب إمرأة كاهلة و آخرها اليوم إغتصاب سيدة عجوز تسكن دارا للمسننين . يرى المتحدثون في المنابر الإعلامية أن الأمر يعود للإنفلات الأمني الذي تعيشه تونس بعد الثورة و يرى الآخرون أن سياسة وزيرة المرأة الحالية سهام بادي تزيد الطين بلة . فضلا على مجهودات الحزب الحاكم في دعم الحركات الأصولية في تونس من خلال إستضافة شيوخ الختان و بول البعير و جهاد المناكحة .
و لا ننسى سماحهم لفتح مدارس و رياض أطفال "إسلامية" ، تفرض على المتعلمين فيها من أطفال اللباس الأفغاني الذي تسميه الجالية السلفية في تونس بلباس السُنة ...
و أمام حوادث الإغتصاب يٌحمل حزب التحرير اليساريين و اليبيرالين مسؤولية ما يحدث لأنه حسب منظومة الفكر الأصولي اليساريين دعاة فتنة و فساد في الأرض إنهم قريش القرن الحادي و العشرين الكافرين بدولة الخلافة و الرافضين لتعدد الزوجات و لزواج القاصرات و عليه يؤكد حزب التحرير على أن الإغتصاب هو نتاج لإبتعاد الشباب على الإسلام و عن السنة النبوية القصد هنا النكاح ... و عليه فمن الطبيعي أن يغتصب الشباب البنات .. لأن البنت تخرج متبرجة و سافرة و بتبرجها و فسوقها فتلعنها الملائكة و يباركها الشيطان الذي يغري بسحرها إبن آدم البريء ضحية شهواته .. آليست المرأة أم الخطيئة ؟
و يستشهد أحد الأصوليين ذلك بالآية الكريمة " الزانية و الزاني فأجلدوهم مئتي جلدة.." يرى هؤلاء أن الآية تبدؤ بكلمة زانية .. ليس بكلمة زاني لأن المرأة هي من تدعو الرجل و تغويه. على غرار بقية الآيات التي تحمل الأحكام الشرعية مثل "السارق و السارقة" المؤمنون و المؤنات" "الكاظيمن الغيض و الكاظمات" التي تبدؤ دائما بإسم المذكر ليس بإسم المؤنث .
و في إطار نظرية الكمال عند الرجل و النقص عند المرأة يغيب إستهجان الجالية السلفية لجرائم الإغتصاب من منطلق أنه عنف مسلط عن النساء ، بل يتخذها السلفيون كتعلة يبررون بها حكمة زواج القصر و منع المرأة من الخروج و إبقائها في البيت و يذهب الأمر لبعضهم بإعتباره أمر طبيعي و واجب حتى يعلم المتبرجة إحترام شعور الرجال ألم يقل أحد الشعراء العرب : لحد الركبة تشمرين بربك أي نهر تعبرين ... تظنين الرجال بلا شعور أظنك أنت لا تشعرين .
" إذا تلقى نقبة سدها" مثل تونسي شهير يتبادله الشباب فيما بينه منذ القدم .. ويعني إذا وجدت ثقبا فقم بسده . و الثقب هنا هو فرج البنت و إنسداده لا يتم إلا عن طريق قضيب الشاب الفحل . يرمز المثل لواجب الرجل التونسي و لسبب وجوده و هو "سد ثقوب النساء" مثل هذه الأمثال يبرر بها الشارع التونسي حوادث الإغتصاب بإعتبار أن الرجل لا يستطيع التحكم في قضيبه أمام الثقوب المفتوحة وكأن الأمر وجودي و مفروض عليه و خارج عن نطاق السيطرة ...
فالرجل في وطني هو كان حي لا يلمسه العيب حتى عند إقترافه لأبشع الجرائم م كالإغتصاب لا يلام بل بالعكس تُصبح الضحية هي المسؤولة و تدور حولها العديد من الأسئلة :" مالذي دعاك للخروج في مثل الساعة ؟ لماذا تلبسين هكذا ؟ لماذا إخترت الذهاب من هذا الطريق ؟ لماذا شكوت للأمن و فضحت نفسك ؟ من سيرضى بالزواج بك بعد مثل هذه الحادثة ؟ "
و بقدرة قادر تتحول الضحية إلى جان و في حالة دخول الشاب المغتصب للسجن و حدوث مشكل بين العائلتين سيقول الشباب فيما بينهم "الي ايتبع القحاب يبات البرة" أي من يلاحق العاهرات يقضي الليل خارح بيته . تعني العبارة أن كل مصائب الرجال تأتي بسبب إتباعهم للنساء . و لكن الشباب لا يقولون نساء يقولون "قحاب" وتجدر الإشارة هنا أن مصطلح قحاب في تونس يرمز به لجميع النساء .. حتى عندما يصف الشاب فتاة ذكية يقول عنها" بنت قحبة و عندما يرى فتاة تبكي من ظلم تعرضت له من رجل سيقول "تتقوحب" بمعنى تكذب وعليه تغدو ضحايا الإغتصاب قحاب و ينبذهم المجتمع لذلك.
و هكذا يقبل المجتمع بصاحب الجريمة و يتعاطف البعض معه لأنه فحل و أتم واجبه الذكوري على أحسن وجه بسد الثقوب المفتوحة أما هي( يا نار قلبي عليها ) تُنبذ و تٌغتصب كل يوم من علامات الإستفهام التي يطرحها المجتمع حولها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد


.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد




.. فتحية السعيدي ناشطة نسوية وأخصائية في علم الاجتماع


.. المحامية بركة بودربالة




.. عضو البرلمان السابقة وأمينة المكتب السياسي لتيار الحكمة الوط