الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربط التصويت بالمؤهل العلمي

إسماعيل حسني

2013 / 4 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لا شك أن النظام الديموقراطي رغم عيوبه الكثيرة يعتبر أفضل نظام عرفته البشرية للقضاء على الإستبداد، وتحقيق أوسع مشاركة شعبية في إدارة شئون البلاد، وتوفير أعلى درجة من الإستقرار والسلم المجتمعيين.
إلا أن الديموقراطية شأنها شان غيرها من النظريات السياسية والإجتماعية ليست قالبا جامدا أو مقدسا يرتبط بآليات أو طقوس محددة لابد من اتباعها حرفيا وإلا بطل مفعولها وانعدمت آثارها، بل هي نظام يقوم على أسس واضحة هي حكم الأغلبية، وفصل السلطات، والتمثيل النيابي، وتدوال السلطة، ثم يترك آليات تحقيق هذه الأسس لتختلف باختلاف ظروف كل مجتمع على حدة.
وإذا كان التطبيق الديموقراطي كما حدده صمويل هنتجتون يعني اختيار أقوي صناع القرار الجماعي من خلال تنافس المرشحون علي أصوات الناخبين في انتخابات عادلة ونزيهة ودورية يحق لكل بالغ من أبناء الشعب أن يشارك فيها بصوته، فإن العملية الإنتخابية إذا تمت في غياب الشروط التي حددها التعريف وهي العدالة والنزاهة والدورية تتحول إلى ديموقراطية شكلية، أو غزوة صناديق كما يراها أرباب تيار الإسلام السياسي.
إن عدالة العملية الإنتخابية تقتضي أولا سلامة القاعدة الإنتخابية، أي أن تتكون هذه القاعدة من ناخبين تتوفر لديهم مؤهلات ممارسة الحق الإنتخابي، وعلى رأس هذه المؤهلات القدرة على القراءة والكتابة، التي تؤكد سلامة القدرات العقلية للناخب، وقدرته على التمييز والإختيار.
إن المشاركة في العملية الإنتخابية كما هي حق لكل مواطن، فإنها أيضا واجب ومسئولية لا يجب أن يضطلع بهما من هو ليس مؤهلا لتحمل أعبائهما. فالمواطن الأمي لن يكون بمقدوره المفاضلة بين المرشحين على أسس عقلانية، ناهيك عن عدم استطاعته قراءة أسماءهم في استمارة الإنتخابات والتصويت بشكل مستقل، فيكون هدفا لعمليات الغش والتدليس وشراء الأصوات، كما رأينا في جميع الإنتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدناها طيلة العقود السابقة.
وما نطالب به ليس بدعة في الديموقراطية، وليس فاشية كما يصفه بعض المشوشين، فلقد طالب به العديد من قادة الليبرالية وفلاسفتها منذ بداية التطبيق الديموقراطي في منتصف القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل، الذي طالب بضرورة ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي، أو ألا يتساوى غير المتعلمين مع المتعلمين في عدد الأصوات، فيكون للأمي صوت مقابل صوتين أو ثلاثة للمتعلم. ولقد كاد الأمر أن يستقيم على هذا النحو لولا أن أنه تقاطع مع دعاوي عنصرية تطالب بحرمان النساء والسود وبعض الأقليات من التصويت، وإذ كانت الأمية أكثر انتشارا بين هذه الفئات، تعذر إقرار ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي حتى لا يتخذ ذريعة لحرمان بعض الفئات من التصويت على أسس عنصرية.
ولما كانت الأمية في مصر تنتشر بين جميع الفئات الإجتماعية والطوائف الدينية فلن يكون لتطبيق هذا المبدأ أية أبعاد عنصرية، وسيتم تطبيقه على المسلم والمسيحي والرجل والمرأة والقاهري والسيناوي والنوبي على حد سواء، ومن ثم فلا يوجد مانع من إقراره بشكل فوري.
وإذا كان القانون المصري يقضي بحرمان المدانين في بعض الجرائم من مباشرة حقوقهم السياسية، فلماذا لا يتم إدراج جريمة التسرب من التعليم المنصوص عليها في القانون ضمن هذه الجرائم ؟ وإذا كنا لا نجادل في حرمان المواطن المريض أو ذو العاهة من أداء واجبه في الدفاع عن الوطن (التجنيد) أفلا تعتبر الأمية عاهة تستوجب حرمان المواطن من التصويت؟
إن الأنظمة المستبدة والفاشية تحرص على إبقاء الكثير من الفئات الإجتماعية خارج مظلة التعليم لأنها تعرف كيف تؤثر في هذه الفئات بالخطاب الديني المشعوذ لتسخيرها في تحقيق أهدافها السياسية.
إن ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي بأية صورة يتفق عليها سوف يكون حافزا قويا للقضاء على الأمية في بلادنا، حيث يمكن للدولة إعلان مشروعا قوميا لمحو الأمية في عشر سنوات تساهم فيه جميع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي سيكون من مصلحتها محو أمية أنصارها من أجل تقوية كتلتها التصويتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات