الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتكيفون

محمد سيد رصاص

2005 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إستطاعت الولايات المتحدة، مع حرب 1991، الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، فيما بدأت بوضع اليد عليها مع سقوط بغداد وما أدى إليه الأمر الأخير من تحول واشنطن إلى "حاضر اقليمي".
تلاقت معظم الأنظمة العربية مع الحقائق السياسية التي تشكلت، عبر حرب 1991، من خلال التكيف مع السياسات الأميركية ومن خلال الدخول في (التسوية)، ما أدى إلى تفادي تلك الأنظمة استحقاقات داخلية أو التغلب عليها (الديموقراطية + مواجهة الاسلاميين بعد انفكاك تحالف الأخيرين مع واشنطن اثر انهيار السوفيات كما حصل في تونس والجزائر ومصر)، وإلى عبور بعضها إلى الضفة الأخرى من دون دفع فواتير انتهاء (الحرب الباردة).
يلاحظ ترافق عملية التسوية مع سياسة (الاحتواء المزدوج) الأميركية تجاه طهران وبغداد، ومع فرض الحصار والعقوبات على ليبيا في ربيع 1992، بالتزامن مع دخول النظام الاسلامي السوداني، بعد انفكاك تحالف الاسلاميين مع الغرب عقب انتهاء الحرب الباردة، في صدام مع واشنطن، ومع الجوار الاقليمي الموالي لواشنطن، بالإضافة إلى جون غارانغ الذي نقل سلاحه من الكتف الأيسر إلى الأيمن بعد انهيار السوفييت وراعيه الاثيوبي (هيلا ميريام).
كان الطريق مسدوداً أمام تكيفات صدام حسين مع المتطلبات الأميركية بسبت سابقة تجاوزه للخطوط الحمر الدولية في 2 آب 1990، ما جعل وضعه في براد انتظار والاحتواء ليس من أجل "إعادة تأهيله"، وإنما من أجل اللحظة الملائمة أميركياً لإسقاطه واحتلال العراق، فيما لم يكن الأمر كذلك مع إيران، حيث ظهر، وبالذات منذ عام 1999، ان هناك ملاقاة أميركية لتكيفات إيرانية معينة، ظهرت ملامحها في كابول 2001 وفي بغداد 2003، ما جعل "الاحتواء المزدوج" غير قائم المفعول في بداية الألفية الجديدة، إلى أن وصلت سياسات طهران إلى ملاقاة واضحة للمتطلبات الأميركية مع الاعتراف بـ(مجلس الحكم) العراقي وعبر توقيع طهران على بروتوكول وقف تخصيب اليورانيوم و"التفتيش المفاجئ" لمنشآتها النووية، من دون ان يعني ذلك وصول الأمور إلى سكة واضحة ستجري عليها العلاقات الأميركية ـ الايرانية، أو أن يعني عودة للتفكير الأميركي القديم إلى استخدام إيران كمرتكز اقليمي رئيسي، كما كان الأمر في زمن نيكسون وكيسنجر، حيث لا يُعرف للآن ان كانت "متطلبات" واشنطن من طهران ذات بعد "اقليمي" محض ام انها ستمتد إلى "الداخلي"، وهو زمر ما زال مسربلاً بالغموض من قبل واشنطن، في الوقت الذي من المحتمل كثيراً أن تكون تنازلات طهران "الاقليمية" فيه بعد أن طوقتها واشنطن من الشرق والشمال والغرب، هادفة إلى تفادي تكرار سيناريو "موسكو غورباتشوف"، الذي كان "الاستحقاق الداخلي" فيها لاحقاً ومستتبعاً لانهيار قوتها (الدولية)، و(الاقليمية).
لم يستطع الرئيس السوداني بدء عملية التكيف مع (الدولي) و(الاقليمي) الا عبر بوابة الداخل من خلال إقالة الدكتور الترابي في الشهر الأخير من عام 1999، كان الأمر الأخير مدخلاً إلى تحسن علاقات السودان بالقاهرة وكمبالا ونيروبي، فيما كانت الحرب الأثيوبية ـ الأريترية مدخلاً إلى علاقات وثيقة للسودان مع الأثيوبيين ضد اريتريا، بينما لم تدخل مفاوضات السلام مع الجنوبيين في اختراقات حقيقية الا في عامي 2002 ـ 2003، عبر محطتي مشاكوس ونيفاشا، اثر اقتناع واشنطن بحقيقة "التحولات السودانية"، في ظل ظهور لملامح استراتيجية اميركية جديدة تجاه السودان "العائم فوق بحر من النفط"، وذي الموقع الاستراتيجي البالغ الأهمية تجاه القرن الافريقي وشمال وادي النيل والجزيرة العربية، وخاصة حيال الأخيرة بعد أن تغيّرت النظرة الأميركية تجاهها عقب احتلال العراق بعكس الأهمية الاستراتيجية البالغة التي كانت تعطيها واشنطن لها في السابق.
كما فكر عبد الناصر في عام 1969 تجاه انقلابي النميري والقذافي من حيث كونهما تقوية لمصر في ظل هزيمة 1967، فإن واشنطن تفكر بالسودان وليبيا كطرفي كماشة، يمكن استخدامها لزيادة عزلة مصر وإضعافها بعد ان وضعت (كامب ـ دافيد) حداً لانشغالات مصر في آسيا العربية، حيث يلاحظ ان "التكيفات المصرية"، مع حقائق ما بعد حزيران 1967، لم تضع حداً لاتجاه أميركي ـ اسرائيلي إلى تهميش الدور المصري واستبعاده ، الشيء الذي لم يقتصر على موضوع الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وإنما امتد إلى المفاوضات والمعالجات الخاصة بأزمتي (جنوب السودان) و(لوكربي).
هنا، كان طريق العقيد القذافي إلى "التكيف"، من أجل "إعادة تأهيل" نظام متهم بـ"الارهاب" وذي سجل معاد للأميركيين، ماراً عبر (نبذ العروبة)، وسيطرة الشركات الأميركية على النفط والاقتصاد الليبيين، وصولاً إلى "التخلي عن القدرات والأسلحة غير التقليدية المحظور"، فيما لم تكن قضية التعويضات عن ركاب طائرة (لوكربي) أكثر من تفصيل في سياق هذا المسار.
في الأيام والأسابيع التي أعقبت (11 أيلول) كان تكيف الجنرال مشرّف، بعد تضاؤل مكانة باكستان الاقليمية اثر انسحاب السوفييت وهزيمتهم في أفغانستان وفي ظل تورط الطالبان مع ابن لادن، ماراً عبر ملاقاة المتطلبات الأميركية في التخلي عن الحليف الأفغاني وفي الاتجاه نحو التشدد مع الاتجاهات الاسلامية المحلية، كطريق للحفاظ على نظامه: في طرابلس والخرطوم كانت التكيفات داخلية أساساً، ولو أنها انعكست وستنعكس على الجو الاقليمي المحيط، فيما كان الطريق معاكساً في طهران.
ما هي المفاعلات الاقليمية (والداخلية) المقبلة في منطقة الشرق الأوسط، الناتجة من اتيان (القطب الواحد) للعالم إلى المنطقة وتحوله إلى "حاضر اقليمي"؟....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس