الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتائل الهاوية

نصيف الناصري

2013 / 4 / 7
الادب والفن


مع العندليب في الصباح ...





جموع عظيمة افترعتنا في حصادنا الأخير للأمراض ، ونيّاتها المشؤومة
تفضح خبثها الذي تضمره في طردنا من أكواخنا . آدمنا حفر قبره متحاملاً
بيديه وتركنا نتعثَّر بالمجاهل من دون " صك ملكية " لحياتنا . كثيرة هي
الأسلاب المرمية على ضفاف أنهارنا ، ولا شهود نَهمونَ مع العندليب في
الصباح . ارستقراطيونا يزوّرون أشياء كثيرة في الحوليات ، ويعتّمون على
أيّامنا المذهبة بعطشنا الى نطق القرابين . يأخذون حصَّة كبيرة من فراء
الحيوانات الذي نبيعه في سنوات القحط ، ويحرصون على عدم تلويث عرقهم
بالغراميات والقبلة المرنانة الجميلة .





أشياء تبادلية ...



دماثة وتعفَّف انحدرا الينا من المنجّمين . تنبأوا بتصدّع أعطياتنا
الى إلهنا التجريبي ، ولا مُخلَّد نشيّعه في الظهيرة المُحيّرة .
زيتونة الله الكبيرة تتلاشى وتلوذ بالشرّ ، ولا تصل الى الشيخوخة ،
وفي نومنا تحت أفيائها ، تضيّق نفسها وتنكت الثمار . ما نُضمَّنه
العناء في تحايلنا الدائم على أوامر رجال الدين ، يرتد علينا ببطلان
كبير ، والإقرار بالالوهة يتطلَّلب منّا تجريد الطبيعة من الرياء .
يُقلَّص الفاني أيّامه تحت أغطية العناكب ، ويرمي ذاته في النظام
الحافظ للعظام . داخلية الإيمان ، دوّامة حمق نتبع فيها أولئك الذين
يسمّون أنفسهم حرّاس الفضيلة ، وينتزعون منّا خمرنا وشعيرنا
وصوفنا وإنكار مرضعاتنا لذاتهن . المخاتلة والتزلّف والسرقة
والكذب والجشع ، أشياء تبادلية يحرص عليها هؤلاء الحرّاس .
لا ندين لهم بشيء وهم يسطون على نحل عقولنا في الليل والنهار .




فتائل الهاوية ...



عصافير خصبة ننتظر منها الإشارة عند تخوم النهار ، والمتاح لنا في
مفارقتنا للبدائيين ، قليل مثل زبيب الحاج . الشعوب التي تجاورنا
تعدنا بأعراف جديدة للاحتفاظ بندى النوم في أسرّتنا المتعادية ، لكن
طرق التعبّد التي أدمنّا عليها ، تخلط الروضة بالرصيف ، وعصارة
ما نترقبه في وقوفنا بالمرصد ، أحجية تفتح أذرعها للنفاد . مؤرخ
حروبنا المحلية ينعش أرشيفه بجماليات في آخر عمره ، ويدوّن فتائل
الهاوية ضد براثن صقور مجهولة . الممانعة والتفاعلات مع شائعات
الموتى في غطسنا بروابي الحاضر ، لا تحط من قيمة العصبيات في
تدافعنا صوب الأحقاد التي تنفخنا بها . انجذاب ، تنافرات ، نلوذ
بمرجعيتها ونسترخي في قطعنا للأرحام . ما نًسلّم به ، لا نردّه الى
الخبرة . سفر مخصوص الى لحظة حرثنا لزيف العلامة المطمئنة في
تقرّبنا اليها وسط حمم الإقامة .




أشياء سوقية ...




دفنّا رزم مال متثائبة تحت أوتاد العرّافة وطلبنا منها أن توافينا
الخطّافات بالطاعة . حياة الانسان لا تكتمل في ما يحلّي نفسه
للبرهة الفاغرة لموته . طيور كثيرة تتأهب للهجرة وتهب منازلها
لعمال الحدائق ، والأبواب التي نحفظها من المناقير النحيلة للنهار ،
تضطرم وتطيح بالمشترك مع الأشجار . يغدق حزن نومنا الموقَّر ،
عدل جمّ على ما نزجيه صداقتنا ، وشدونا في الأعياد مع الملائكة ،
لا يكترث له القانع بتذمَّره . الذين كدحوا مع الأمم الأخرى في
شبابهم ، يعودون بأشياء سوقية تعجزنا عن الاعتناء بفضائلهم
الغريبة . يجوّفون تماثيلنا في ترنّحهم على ترسانتهم ، ويظهرون
فجأة في أحلام الأطفال الموتى . أحداث فظيعة تَسُرُّ من يمشي
بخيلاء ولا يجتاز ذاته ، وكلّ ما نطنب في مديحه أمام الطغاة ،
يتراكم في غيضه من تبجّحنا ولا ينتشلنا من عبوديتنا لهم .




مواربة الصدفة ...



نوظّف في تفكيكنا المادّي عن تصوّرنا للفردوس ، فراشات تتوازن
في ذوبان اللحظة ، ونطعمها الأجر من ذرّات الأوراد المتجزأة في
في تشابهات الموتى . نحن أسرى عنف حدوسنا ، وفي مواربة
الصدفة ، وكلّ جائز في اظهاره لحقيقته ، يتغلَّب علينا في اخفاء
نفسه . المهرطقون ينصتون للأسرار في وسواسهم من رؤية أنفسهم
في المرايا ، ونحن لا نصدّقهم حين يقولون : { حيازة المرء لحياته بعد
الموت ، تسويغ لفشله في صعوده مراكب الزمن } . تهنئة الميت في
ذهوله من الانفجار الذي يمزّقه ، مسؤولية اخلاقية نحرص عليها في
احتراق كلّ شيء ، والراشد لا تهمه إمكانية سلبه الدود لنضارة شبابه
في الظلمة الخام لهوّته .





تعاقب الماضي والحاضر ...




تتماهى الخليقة مع الدويبة الباصرة للشرّ المُلطَّف ، وهول الخسارة
المنوطة بعمل الانسان تحت الشمس ، يتجافى وما يصبو اليه في
فقدانه لفانوسه بين حقول القمح . رهبة هائلة يعوزنا فيها فهم الإشارة
المتردَّدة في الحفر التي أعدت لنا منذ البدء . لا الدين ولا الطبيعة
يقاسماننا الرفرفة لأشرعة موتنا الترابية ، وتراصنا حول بعضنا
البعض في معازل الجذام ، لا يحل المعضلة أو يشفينا من أسقامنا
المعصومة عن الخيّر . الماوراء . الغريب . الاستحواذ ، وفرة
من الامتعاض الهائل لكلّ ما يخترق يأسنا ، والحجر في استغناءه عن
الالتزام بتعاقب الماضي والحاضر ، لا يؤرقه نحيب البشرية تحت
الشيخوخة المأسورة للنجوم . وجود مُنْتن وبلايا طبيعة نغادرها بنفاق
يضايق موتنا بكرامة .





يصطادون الملائكة بين الأشجار ...





{ الكلّ واحد } في عاهته وأياّمه الموطوءة بنذير الفناء ، والضراعة في
ذروة صعودها الى الثمرة ، حظْوة تمنح البشر الفانين الاستنارة المُنْهكة .
حوادث نفيق منها تحت صدمة معزولة عن ما لا يضاهينا ، والعالم مثلنا
في توازيه مع الهمجي والخرافة الذهنية . نمحو ما نعاين به الغبطة
المحمومة للالوهية ، في تذكّرنا لخروجنا من الغابة ، وفي عرينا بدكنة
الصلصال . عجز دائم في التحقّق من النايات الناعمة للرجاء والحلم .
كهنة الشعوب المشهورة يصطادون الملائكة بين الأشجار ، وكلّ كاهن
يرفع في الظهيرة عقيرته ويستنشق وباء ما يعتقده . بوهيمية نظلم فيها
الله ونقتلعه من مهابة تبجيله . يكتمل الحبّ في غياب المحبوب ، وتغرد
السنبلة في الريح المثقلة بغدق الغفران ، وكلّ ما يأتينا من المجهول ،
يحرث وجودنا برحمته المُخصْبة .






2013 / 4 / 6








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05