الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مواقف الحكومة العراقية المعادية لسوريا

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2013 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لم أستغرب البتة الموقف العدائي لجمهورية العراق من الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد وقرارات المؤتمر في هذا الصدد الذي تجلى في الدورة الـ 24 لأعمال القمة العربية, وذلك لانكشاف عورات الحكومة العراقية مرات عديدة فيما يتعلق بالأزمة السورية, حيث وضعت حكومة المالكي ومنذ أشهر طوال كامل بيضها في سلال بشار الأسد رفيقه الطائفي والرازح مثله تحت وطأة عمامات آيات الله في طهران.

إذا كانت مواقف الجوار السوري ومواقف المجتمع الدولي من النظام السوري ومن الأزمة السورية والثورة السورية باتت واضحة أكثر من أي وقت مضى, فإن موقف الحكومة العراقية لا يزال مغرقاً في العدائية السافرة والموقف السلبي من الثورة السورية وتضحياتها الجمة.

خلال أشهر من عمر الأزمة القائمة في سوريا تكررت المواقف والممارسات المغرقة في السلبية من لدن حكومة نوري المالكي, إلى درجة اتضاح مدى دعمها ومؤازرتها للنظام المجرم في سوريا, وكأن المالكي آل على نفسه بتوجيهٍ من مديريه في طهران أن يحول حكومته إلى خشبة خلاص للنظام السوري الغارق رويداً.. رويداً في أوحال الأزمة.

فالعراق هو الجار الوحيد الذي توعز حكومته بإغلاق بوابات الحدود مع الجار المنكوب, وقد وصل الأمر بحكومة بغداد درجة إرسال جنود إلى المثلث الحدودي السوري – التركي – العراقي لمنع تدفق اللاجئين الكرد على إقليم كردستان العراق قبل أشهر, وكادت الخطوة أن تسفر عن مواجهة عسكرية بين قوات البيشمركه وقوات الحكومة المركزية, رغم أن المثلث تحت تحكم ومراقبة قوات البشمركه, وقد اعتقلت القوات العراقية إياها آنها عشرات الكرد الذين عبروا إلى الطرف العراقي من الحدود بخلاف قوات البشمركه الذين يفسحون المجال لمرور اللاجئين.

مشهد وضع الحكومة العراقية جدران هائلة من الخرسانة على أحد المعابر الحدودية مع محافظة دير الزور السورية قبل أشهر كان مشهداً مثيراً للاستغراب, فهو فعلُ حكومةِ بلدٍ استقبل السوريون ما يربو على مليون من لاجئيه عقب الاجتياح الدولي في 2003 لكن يبدو أن الموقف الرسمي العراقي السلبي من اللاجئين السوريين موجه أكثر من الاعتبارات السياسية لحكومة نوري المالكي الذي ينظر إلى الأزمة السورية بمنظار آيات الله في إيران وعدم محاولته الانسلاخ عن الرؤية الطائفية للأزمة وبقاءه رهيناً لها إلى درجة التورط, ونتذكر هنا الأخبار والتقارير العديدة عن تسهيلات عراقية لإيران الداعمة لنظام بشار ودعم حكومة مالكي لبشار بمليارات الدولارات, أو دخول مقاتلين شيعة عراقيين إلى سوريا لمشاركة النظام في حربه الدموية المفتوحة على السوريين من أقصى البلاد إلى أقصاها.

اشتباك جيش حكومة المالكي مع الجيش السوري الحر في منطقة ربيعة, هو مثال من أمثلة عديدة على مدى انحياز المالكي وحاشيته للنظام الدموي الأسدي, فلم يحدث أن اشتبك البلدان في مواجهة عسكرية منذ تدهور العلاقات بين البلدين لأسباب إيديولوجية وشخصية في 1968.

إذا كانت الأشهر الأولى من الثورة السورية قد شهدت مواقف عراقية رسمية داعية إلى الإصلاحات في سوريا وإنهاء حقبة الحزب الواحد ورفض اعتماد الممارسات القمعية من لدن السلطة في سوريا, إلا أن الموقف العراقي الرسمي سرعان ما شهد تحولاً معاكساً, وبات العراق طرفاً في الأزمة, مسنداً النظام السوري, وحائلاً دون سقوطه ما أمكن, من خلال الضخ المادي وفتح مجاله الجوي والبري للمساعدات الإيرانية, وهي مساعدات عسكرية بالدرجة الأولى.

يجمع المعيار الطائفي الموجه إيرانياً الحكومة العراقية بالنظام السوري, رغم القلاقل في العلاقات بين الدولتين بعد الاجتياح الأمريكي في 2003 وتحول سوريا إلى ملاذ آمن لقيادات البعث المنحل, وقد وصل هذا الاضطراب في العلاقات ذروته بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدها العراق في أغسطس / آب 2009 وأشارت أصابع الاتهام العراقية حينها إلى تورط النظام السوري ما أدى إلى اهتزاز وتوتر في علاقات البلدين بشكل لم يسبق له مثيل منذ سقوط نظام صدام حسين.

إذا كانت إحدى الإدعاءات المبررة لجنوح بوصلة الحكومة العراقية باتجاه النظام السوري ضد الشعب السوري تكمن في الحفاظ على العلاقات بين البلدين, سيما منها المتعلق بالجانب الاقتصادي التجاري, فإن المتعارف عليه أن العلاقات بين السلطات هي علاقات مؤقتة وعابرة, وكان يمكن للحكومة العراقية الاستفادة من دروس العلاقات التركية - السورية التي كانت في أوجها الأمني والسياسي والاقتصادي منذ عام 2000, لكن سرعان ما تدهورت إلى أحط درجاتها في خضم الثورة السورية, لتقف الحكومة التركية مع المعارضة السورية المنادية بسقوط النظام, أقلّه كان يمكن للحكومة العراقية أن تحذو حذو إقليم كوردستان العراق في رفضه للطلبات الإيرانية للعبور من أراضي الإقليم, ولوقوفه الواضح مع الشعب السوري في المواقف العديدة الصادرة عن مسؤولي الإقليم.

خروج العراق من تحت عباءة وعمامات آيات الله في إيران هو المطلوب, سيما وأن العراق من أكثر بلدان المنطقة مكابدة ومعاناة من القمع الدموي طيلة عقود على يد الحزب الواحد والدولة الأمنية التوتاليتارية الصدامية, والحكومة الشيعية الحالية مع المالكي قاسوا الويلات على يد نظام عراقي مشابه كلية للنظام الدموي السوري, وما لم تفصم الحكومة العراقية العرى الوثيقة مع النظام السوري فلن يكون هنالك أدنى صدقية للتصريحات الرسمية المتكررة عن إخضاع الرحلات الجوية الإيرانية المتوجه إلى دمشق للتفتيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة
معمر ( 2013 / 4 / 8 - 11:09 )
والله البركة في اسرائيل وغطر وتركيا فقد كفونا

اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا