الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطروحات الرفيق فؤاد النمري .. المثيرة للجدل..(1)

علي الأسدي

2013 / 4 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



كتب الرفيق فؤاد النمري في الخامس من الشهر الحالي مقالا بعنوان " مابين اتحاد الشيوعيين ووحدة اليسار " وهو الثالث في سلسلة مقالاته التي وضح فيها اعتراضاته على الاجتماع الذي عقده أخيرا في الأردن لفيف من الشيوعيين واليساريين. الاجتماع المذكور تدارس أمر تشكيل حركة منظمة توحد الجهود الوطنية المشتركة ليساري وشيوعي الشعبين الاردني والفلسطيني نحو حياة كريمة لشعبيهما خالية من العسف والفقر والقمع السياسي. الرفيق النمري أعلن عن معارضته الشديدة للاجتماع وشن هجوما حادا على المشاركين فيه والداعين له.

ربما هو أكثر ألماما مني بالظروف السياسية والاقتصادية وباالمستوى المعيشي لغالبية مواطني الشعبين الاردني والفلسطيني ونضال القوى الوطنية اليسارية والماركسية في المنطقة وتحديدا في الاردن وفلسطين. وتساؤلي الذي أرجو أن لا يعتبر تطفلا مني هو ، أليس ايجابيا توحيد الجهد الكفاحي لقوى الشعب الفلسطيني والاردني من أجل حياة أفضل لشعبيهما ، وعلينا كقوى سياسية وطنية أن لا نتوانى عن تقديم الدعم المادي والمعنوي لمثل تلك الجهود..؟.

وفي تقديري الخاص أن اي جهد يبذل في هذا الاتجاه سيحظى بدعم كافة أشقائهم الشيوعيين واليساريين والوطنيين من مختلف الاتجاهات السياسية في البلدان المجاورة. أنا لم أطلع في واقع الحال على تفاصيل ما تمت دراسته في الاجتماع المذكور من موضوعات ، وما تم اتخاذه من قرارات ، وأزعم أن اجتماعا بهذا المستوى لابد أخذ بعين الاهتمام قضايا تمس حياة الكادحين في كلا البلدين. وسيكون تقصيرا كبيرا اذا ما تم تجاهل ذلك ، وعندها فان توجيه النقد واللوم للمبادرين بعقد الاجتماع يكون ضروريا. ويكون من واجب رفاق واصدقاء الشيوعيين الأردنيين من الاحزاب الشقيقة في المنطقة التذكير بذلك خدمة للهدف المشترك وهو مصلحة الجماهير العريضة في الأردن وفلسطين.

لكن معارضة الاجتماع من قبل الرفيق النمري لم تتوجه الى التقصير عن عدم تناول معاناة الجماهير ، بل ناقشت موضوعا آخر يصعب فهم دواعيه وأهميته ، بعبارة أخرى عصي على الفهم ، وبخاصة في هذا الوقت بالذات الذي تعاني فيه الحركة الشيوعية الانقسام والضعف على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي كذلك. وكنت ساتضامن مع الرفيق النمري في توجيه النقد للاجتماع اذا كان الداعون له من التحريفيين والمعادين للشيوعية وان هدف عقدهم الاجتماع يصب في خدمة الرجعية والاعداء الطبقيين لحركة الطبقة العاملة في البلدين.

لكن بالعكس فقد كان الاجتماع مكرسا كليا لملمة الجهود وتوحيدها لصالح الجماهير الشعبية عبر التشكيل الوطني المقترح " اتحاد الشيوعيين واليساريين " الجامع للشيوعيين واليساريين الديمقراطيين والقوميين التقدميين وكل الخيرين. وكما عرفت فيما بعد ، فان التشكيل الجديد سيكون بمثابة جبهة وطنية عريضة تضم كل من له مصلحة في الجهد الوطني والديمقراطي ضد الرجعية والاستغلال الرأسمالي للشغيلة.

ان أي حركة سياسية وطنية تفقد معانيها وجاذبيتها وقيمها اذا لم يعبر عنها بنضال يومي ملموس من أجل انصاف أوسع الجماهير التي تعيش الفاقة وانعدام الدخل وعدم وضوح المستقبل وجرح الكرامة. وبخاصة ان المعاناة تتكرر يوميا أمام أنظار من يعيش قريبا من تلك الجماهير ويتفاعل مع همومها اليومية دون أن يلوح في الافق أي جهد جدي لتخفيف معاناتها. بنفس الوقت والى جانب ما يجري في بيوت الصفيح من عسف وحرمان تسير الحياة في أوساط المترفين على أحسن ما يرام.

فالبذخ البرجوازي الاستهلاكي الذي تعيشه القيادات الحكومية والسياسية الموالية لها يزداد ولا يتوقف أمام تصاعد أسعار تكاليف المعيشة من غذاء وملبس وسكن الى مستويات لم يعد ممكنا لفئات الجماهير الكادحة العيش في ظلها. ومقال الرفيق سعيد مضية الأخير بتاريخ 3-4 -2013 في الحوار المتمدن يضع القارئ أمام واقع الاحداث في فلسطين ولا يترك المجال لأي كاتب للقفز الى ماوراء الاحداث المحيطة بالشعب الفلسطيني.

الفارق بين الماركسي الحقيقي والماركسي غير الحقيقي الذي تحدث عنه الرفيق النمري في مقالاته المذكورة يتضاءل الى الصفر اذا لم يقترب الماركسي من هموم الجماهير الكادحة ويتحسس مشاعر الحرمان الذي تعيشه. ويتحول الماركسي الحقيقي الى ممثل يقوم بالدور الذي يسند اليه لا الدور الذي جسدته له الماركسية في في بيانها الأول.

الماركسي هو ذاك الذي يسعى جاهدا في نضاله اليومي نحو توجيه أنظار المسئولين الى تقصيرهم بحق جماهير شعبهم ، ويقود جماهير الفقراء والكادحين الى تحد أرباب العمل ، واجبار السلطات الحكومية على محاربة الاستغلال لا حمايته ، وبكبح الجشع الرأسمالي بكل اشكاله لا السكوت عنه.

المقالات الأخيرة للرفيق النمري مثيرة للحيرة ، فهي لم تعر الاهتمام لبرنامج أعمال الاجتماع المذكور فيما اذا أدرج فيه حالة تفاقم الحياة المعيشية للجماهير الكادحة ، الجماهير المهمشة من قبل القادة السياسيين وأرباب العمل. بل بالعكس ، حيث جرى التحليق بالقراء الى عوالم أخرى بعيدة عن حياة الشغيلة وهمومها ، وحطت بهم أمام موضوعات أخرى لا علاقة لها أبدا بواقع الحال الذي تقاسي منه جماهير الكادحين.

فاذا لم تكن الجماهير الكادحة هي موضوع قلق الماركسي وشغله الشاغل فما المنفعة من الصخب كله حول شيوعية أو ماركسية حقيقية أو زائفة ، وسواء جاء هذا على لسان الرفيق النمري ، أم على لسان المشاركين في الاجتماع بصرف النظر عن أصولهم الطبقية ، سواء انتموا للبرجوازية الوضيعة أو للطبقة العاملة الرفيعة..؟

يدعو الرفيق النمري الشيوعيين في الاردن وفلسطين الى تشكيل التنظيم الذي يعتبره الأفضل من ذاك الذي تدارسوه وتعهدوا على اقامته بقوله : " أفضل ما يستطيع الشيوعيون تحقيقه هو اتحاد مستوٍ ليس هايراركياً يتساوى جميع أعضائه في الحقوق والواجبات، لا يمتلك أي برنامج سياسي، يأخذ على عاتقه النهوض بثورة ثقافية تعيد للماركسية كل ألقها وتنفض عنها غبار التحريفية والسطحية حيث هي وحدها المنارة القوية التي تنير أمام مسيرة الإنسانية محيطات الظلمات."

الرفيق النمري يريد للحركات الوطنية ماركسية كانت أو غير ماركسية أن تتخلى عن كل برامجها السياسية والاقتصادية ، وتدير ظهرها للجياع والمهمشين والعاطلين عن العمل ، بل تركز اهتمامها لتجعل من الماركسية زاد الجماهير اليومي ، تجترها صباح مساء وتجعل منها منارة تنير أمام الانسانية محيطات الظلمات.

الرفيق النمري يعلم حق العلم أن ماركس لم يدعو الكادحين للصيام ليفطروا على ماركسيته بدلا عن الخبز واللبن والعسل. ان دعوة الرفيق النمري تذكر بثورة الرفيق ماو تسي تونغ الثقافية منتصف الستينيات الذي أراد بها طرد الصراع الطبقي من عقول شعبه بكتابه الأحمر، بالطريقة نفسها التي يحاول السحرة فيها طرد الشياطين من عقول الناس بالشعوذة والخرافات.

ويعلم الرفيق أيضا أن اتحادا مستويا للشيوعيين بدون قيادة حازمة مهما بلغ ألق ماركسية وصدق أعضائه لا يمكن أن يقود حركة اضراب واحد من اجل حقوق نقابية ، فكيف يمكن أن يقود شعبا لاطاحة مستغليه وخونة وطنه في مرحلتنا الحالية مرحلة الثورة الوطنية ( دون ذكر الثورة الاشتراكية). ان حركة شيوعيين بدون قيادة هيراركية ، بدون انضباط وطاعة فولاذية هي تماما كباخرة بدون ربان في عرض البحر ، تلك الباخرة لا تصل بركابها الى أي مكان.

الرفيق النمري في عباراته أدناه يناقض قوله السابق الذي وضعته انا بين هلالين ، فيقول :

" ليس ثمة أدنى شك في أن السبب الرئيس الذي مكّن البورجوازية الوضيعة السوفياتية من تقويض مشروع لينين هو ( فقر قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي المريع للوعي الماركسي العميق - التشديد من قبلي -) وهو ما كان محط شكوى دائمة من قبل لينين وستالين ".

في رأي الخاص ومن خلال تجربتي الخاصة ان فقر القيادة للوعي السياسي الماركسي هو مساوي لحزب بدون قيادة. اتحاد بدون قيادة الذي يفضله الرفيق النمري يعني اللاحركة أو السكون. والسؤال هنا ، من يقود من في ذلك الاتحاد الذي يفتقر للقيادة والقاعدة في أن واحد..؟
ومن يسمع من.؟ و من ينتقد من عند اقتراف الخطأ..؟ ، ومن يفصل من عند رفض طاعة الأمر بالتحرك عندما يترتب على التحرك النصر وعلى عدمه الموت أو الهزيمة..؟

انها أسئلة لا يجيب عليها أي فرد ، لأن من نتوجه له بالسؤال هو جسم بلا رأس ، وهو بالضبط ما انطبق على الحركة الشيوعية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. كان الاتحاد السوفييتي حينها قائد الحركة الشيوعية العالمية ، وبزواله ماتت الحركة الشيوعية سريريا. حركة أو اتحاد بدون قيادة يحكم عليها بالموت ، وهذه حقيقة لا جدال عليها ، تسري في الحياة المدنية وفي الحياة العسكرية وفي كل نشاط يراد به تغيير الواقع السيئ.
علي الأسدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة سياسية لمنظمة البديل الشيوعي في العراق في البصرة 31 أيا


.. مسيرات اليمين المتطرف في فرنسا لطرد المسلمين




.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع


.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف




.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا