الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي -يتابع- مجازر الأقباط

جوزيف بشارة

2013 / 4 / 8
حقوق الانسان


أن تصدر مؤسسة الرئاسة المصرية بياناً تذكر فيه أنها "تتابع" أحداثاً تقع في موزمبيق أو كوستاريكا أو سيريلانكا فهذا أمر طبيعي، ولكن أن تصدر المؤسسة بياناً مماثلاً عن أحداث تقع فوق أرض مصر وعلى بعد بضع عشرات الكيلومترات من مقرها، فهذا أمر أقرب إلى الجنون منه إلى العقل. هذا ما فعلته بالضبط مؤسسة الرئاسة المصرية كرد فعل على الأحداث الإجرامية التي شهدتها مدينة الخصوص والتي استهدفت الأقباط وراح ضحيتها خمسة من أبريائهم. قال بيان الرئاسة أنها "تابعت الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الخصوص بمُحافظة القليوبية، الجمعة، وما أسفرت عنه من وقوع ضحايا ومصابين." البيان الرئاسي الذي اكتفت المؤسسة بنشره على صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي "Facebook" يعد فضيحة بكل المقاييس لمؤسسة الرئاسة التي تديرها جماعة الإخوان المسلمين. أهذا هو كل ما تستطيع الرئاسة فعله بصدد جريمة دموية بشعة بحق الأقباط؟

البيان يعبر عن حق عن مدى الأهمال الذي يعاني منه الأقباط من النظام الإخواني الحاكم. وإذا كان الأقباط اشتكوا في الستين عاماً الماضية من تهميش أنظمة عبد الناصر والسادات ومبارك لهم، فها هم اليوم يتمنون لو أن الاضطهادات التي يعانوها اليوم تقتصر على عمليات التهميش رغم متاعبها. كان التهميش قاسياً ومتعمداً ومسيئاً للأقباط، لكنه لم يكن يحمل قدر الاضطهادات والألام التي يعرفها الأقباط اليوم والتي يتسبب فيها النظام الإخواني المتطرف. الأقباط اليوم يُهَجَرون من ديارهم وقراهم، ويُختطَفون لدفع فديات باهظة، ويهاجَمون في كنائسهم وأملاكهم، ويجبَرون على قبول دستور إسلامي ينكر عليهم الحقوق البدائية للإنسان، ويعاملون كسكان لا كمواطنين، ويحرمون من بناء دور عباداتهم، ويُكرَهون من قبل جيرانهم وزملائهم، ويسمعون بأذانهم حلقات الإساءة إليهم وإلى عقيدتهم على شاشات الفضائيات ومن خلال ميكروفونات المساجد، وإلى أخره من الاضطهادات.

لم تكن رئاسة الجمهورية لتصدر بياناً رقيقاً ناعماً فيسبوكياً كالذي أصدرته بشأن جريمة الخصوص لو أن الضحايا كانوا مسلمين، بل أن الرئاسة لم تكن لتصدر مثل هذا البيان لو أن أحداثاً وقعت في أي من دول العالم وكان ضحاياها من المسلمين. فالرئاسة تهب، من موقف أيديولوجي إخواني، للدفاع عن كل مسلم أينما كان حول العالم، بل أن الرئاسة المصرية تدافع عن الإرهابيين الإسلاميين حين يسعى المجتمع الدولي لمواجهتهم. وقد رأينا كيف قام محمد مرسي بسحب السفير المصري من تل أبيب ردا على الهجوم الإسرائيلي على إرهابيي حماس في غزة، وكيف هب بانتقاد العمليات الفرنسية في مالي دفاعاً عن إرهابيي تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأخرى التي تقاتل الحكومة المالية وتسعى لزعزعة الاستقرار في دول جنوب الصحراء.

يتحمل النظام الإخواني الحالي بكل رموزه التي تشمل قائده محمد بديع، الرئيس الفعلي لمصر، ومحمد مرسي، ممثل الإخوان في رئاسة الجمهورية، وهشام قنديل، وأعضاء مجلسي الإرشاد والشورى وغيرهم كامل المسئولية عن الجرائم التي تقع بحق الأٌقباط اليوم. من يرتكب الجرائم ضد الأقباط اليوم هم من القاعدة الشعبية للإخوان في مدن وقرى ونجوع مصر. الإسلاميون الذين يدافعون عن النظام الإخواني ويهددون بحرق مصر لو تم إسقاطه هم من يهاجمون الأقباط ويقتلونهم ويروعنهم. الإسلاميون كلهم فصيل واحد، إذ لا يوجد فارق أيديولوجي بين إخواني وجهادي وجماعاتي وقاعدي. كلهم متطرفون وإرهابيون عملاً في ساحة القتال أو قولاً على شاشات الفضائيات. الاختلاف الوحيد بينهم يكون عادة الوسيلة التي يستخدمها كل طرف منهم في تحقيق الهدف الأسمى المشترك بينهم جميعاً وهو بناء كيان إسلامي واحد حول العالم بعد استئصال غير المسلمين من الوجود.

وإذا كان الاعتداء على جنازة الشهداء خساسة غير مسبوقة، فإن الهجوم على الكاتدرائة المرقسية والمقر البابوي، في واحدة من المرات النادرة في التاريخ، جبن ووضاعة من الإخوان والإسلاميين الذين دفعوا بصبيانهم في عملية انتقامية من الكنيسة بعد هجوم بعض القوى المدنية على مقر الإخوان المسلمين بالمقطم قبل نحو أسبوعين. الهجمات على الأقباط ليست "غريبة" كما زعم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذي يقوم رجاله وإعلامه بالتحريض على الأقباط بمناسبة ومن غير مناسبة. ما حدث مع الأقباط في الخصوص والكاتدرائية لايمكن أن تصلحه مكالمة هاتفية ساذجة قام بها مرسي مع البابا تواضروس، فما أفسده الإسلاميون لن ينصلح إلا بعودة مصر المدنية.

إن بيان المتابعة الرئاسي بشأن مذبحة الأقباط في مدينة الخصوص لهو أولاً: دليل على رضا نظام الإخوان المسلمين باضطهاد الأقباط، وثانياً: إهانة كبيرة للأقباط ومكانتهم في بلدهم؛ إهانة لا يعي حجمها محمد مرسي ولا غيره من الإسلاميين العنصريين الذين يؤمنون بسمو المسلمين فوق أتباع الديانات الأخرى، ولا يعترفون على الإطلاق بحقوق غير المسلمين. لقد أكدت مذبحة الخصوص والاعتداءات الوقحة التي تلتها التي قام به إسلاميون، بدعم من قوات شرطة النظام، على جنازة شهداء المجزرة وقت خروجها من الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) أن لا مستقبل للأقباط في دولة يحكمها الإخوان المسلمون، فدولة يحكمها الإخوان المسلمون لن تعرف أبداً المحبة والسلام والتسامح والتآخي. هذه كلها مباديء لا يعرفها ولا يعيها ولا يدركها زراع الكراهية والحقد والتطرف والإرهاب من الإسلاميين.

جوزيف بشارة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجوه القناصة
طاهر النجار ( 2013 / 4 / 8 - 18:20 )
الأستاذ/ جوزيف بشارة
تابعت هذه المأساة التى تقع على أيدى وألسنة الدعاة والشيوخ وخطابهم المستفز التكفيرى للأقباط ، وخطتهم فى تفريغ مصر من الأقباط او أسلمتهم، لكن الذى أنتظره من التحقيق فى هذه المأساة او المهزلة ما رأيته من صور حقيقية لرجال قناصة يقفون فوق سطح الكاتدرائية ووجوههم مكشوفة وفى أيديهم البنادق الخرطوش ويوجهونها نحو الأسفل حيث جنازة المتوفين، وواضح أنه من غير المنطقى أن يقوم مسيحى بضرب مسيحى آخر من فوق الكنيسة، لذلك أنا فى أنتظار معرفة مدى جدية هذا النظام فى القبض على هؤلاء المجهولون المكشوفى الوجوهوالذى من السهل أن يقبض عليهم وزير الداخلية لو أراد ذلك، لكن لو لم يحدث هذا وترك مرسى وقنديل ووزير داخليته هؤلاء البلطجية أحراراً، فإننى سأتيقن من أن المجهولون والبلطجية والفلول وأى مجرم آخر يقف وراءهم بالفعل جماعات الإخوان والجماعات الإسلامية، وهذا اليقينتثبته الصور والفيديوهات التى ألتقطت صور هؤلاء المجرمين الذين يدمرون مصر بأسم الإسلام.
مع الشكر


2 - مندهش
كوستي مارديني ( 2013 / 4 / 8 - 22:15 )
هذه هو مستوى أخلاق كل من هاجم الجنازة..... هذه هي أخلاق البدو المستوردة من شبه جزيرة العرب.... و أهمها على الاطلاق الغدر. أن يُغدر بناس يقومون بدفن أمواتهم لعمل خسيس يدل على المستوى الأخلاقي و الحضاري و الديني لفاعليه
إن من قام بهذ العمل قام به نهاراً جهاراً أمام سمع الحكومة المصرية و أمام سمع جوامع القاهرة و أمام سمع أهله و لم يردعه أحد.
والأنكى من هذا لم يدن هذا العمل الفظيع أحد من التيار الاسلامي كله في العالم حتى الآن


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 4 / 9 - 13:02 )
يقول الكاتب : (وقد رأينا كيف قام محمد مرسي بسحب السفير المصري من تل أبيب ردا على الهجوم الإسرائيلي على إرهابيي حماس في غزة) .

أقول : منذ متى أصبح الفلسطينيون -الذين يدافعون عن أرضهم- ارهابيين؟... ألا يلاحظ هنا العنصريّه؟ .


4 - إلى الأستاذ عبد الله خلف
جوزيف بشارة ( 2013 / 4 / 9 - 23:32 )
شكراً لكم على تعليقكم. ما قصدته هنا هو رجال حركة حماس الموالين تنظيمياً وأيديولوجياً لجماعة الإخوان المسلمين لأن محمد مرسي لا يتحرك إلا للدفاع عن رجاله الموالين له. أرجو أن أكون قد أوضحت.


5 - الى خلف والكاتب المحترمين
كاترينا ( 2013 / 4 / 10 - 07:15 )
عزيزي الكاتب اجبت السيد خلف لكن ما يستوقفني ان كل الموضوع لم يعلق عليه الا هذه الجزئية يعني فكرة المقال كلها مش ع باله المهم اتهام الاخرين بالعنصرية نعم انا اجد انا الكاتب ربما لم يحسن الايضاح او التعبيرعما اراده بهذ الجزئية وقد اوضح ذلك بالرد عليك لكن انا ايضا اجد الفكرة الجوهرية ان المواطن المسيحي في الدول الاسلامية كما يقولون -و لا ادري لماذا يجب انت تسمى بهذا الاسم فالدول من صنع الشعوب وليس الاديان او هذا مايجب ان يكون -هو مقيم وليس مواطن حتى لو اخذ بعض الحقوق فهذه هي النظرة العامة له

اخر الافلام

.. برنامج الغذاء العالمي يحذر من المجاعة في شمال قطاع غزة... فك


.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي




.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال


.. طلاب معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس يتظاهرون دعمًا




.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي