الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما معنى ان يدير المرء الخد الاخر ؟

مجدى زكريا

2013 / 4 / 9
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


قال يسوع فى موعظته الشهيرة على الجبل : " لا تقاوموا الشرير , بل من لطمك على خدك الايمن , فأدر له الاخر ايضا ". - متى 5 : 39.
فماذا قصد بقوله هذا ؟ هل كان يحض المسيحيين الا يحركوا ساكنا حين يتعرضون للأذية ؟ وهل يتوقع منهم ان يتألموا بصمت ويرفضوا طلب الحماية القانونية ؟
لكى نفهم ما قصده يسوع , ينبغى ان نتأمل فى سياق كلماته ومن كان سامعوه. ففد استهل مشورته المقتبسه اعلاه بما كان اليهود يعرفونه من الاسفار المقدسة , قائلا : " سمعتم انه قيل : عين بعين وسن بسن ".
ترد هذه الكلمات التى اقتبسها يسوع فى سفر الخروج واللاويين. ومن الجدير بالملاحظة ان عقوبة العين بالعين المشار اليها لم تطبق انسجاما مع شريعة الله الا بعد مثول المتهم امام الكهنة والقضاة الذين يزنون الظروف المحيطة بالاساءة ودرجة تعمدها.
ولكن مع مرور الوقت , اساء اليهود تطبيق هذه الشريعة. ففى القرن التاسع عشر , ذكر المعلق على الكتاب المقدس ادم كلارك : " يبدو ان اليهود اتخذوا من هذه الشريعة ( العين بالعين والسن بالسن ) ذريعة لتبرير مشاعر الاستياء الشخصية وكل التجاوزات المرتكبة بدافع الاخذ بالثأر. وغالبا ما انتقم من الجانى شر انتقام ورد له الصاع الف صاع ". غير ان الاسفار المقدسة لم تسمح للمرء بأن يثأر لنفسه.
فتعليم يسوع ان يدير المرء الخد الاخر فى الموعظة على الجبل عكس المغزى الحقبقى للشريعة المعطاة من الله لاسرائيل. فهو لم يقصد انه فى حال ضرب احد اتباعه على جانب من وجهه , عليه ان يحول الجانب الاخر. وفى ازمنة الكتاب المقدس , كما هى اليوم فى الغالب , لم يكن الهدف من الصفعة الحاق الاذى الجسدى بالطرف الاخر , انما اهانته بنية استفزازه وحمله على المواجهة.
اذا عنى يسوع كما يتضح انه عندما يحاول احد جر الاخر الى المواجهة بلطمة حرفية او عن طريق السخرية اللاذعة , على الشخص المهان ان يتجنب الرد بالمثل. عوضا عن ذلك , ينبغى ان يحاول تفادى الدخول فى حلقة مفرغة من مبادلة السوء بالسوء.
وكلمات يسوع تشبه الى حد كبير كلمات الملك سليمان : " لا تقل : كما فعل بى هكذا افعل به. أرد على كل واحد مثل عمله ". ( امثال 24 : 29 ) فأتباع يسوع يديرون الخد الاخر بمعنى انهم لا يدعون الاخرين يدفعونهم الى خوض تحد او عراك.
لا يعنى تحويل الخد الاخر ان المسيحى لن يدافع عن نفسه فى حال تعرض لهجوم عنيف. فيسوع لم يقل الا ندافع اطلاقا عن انفسنا, بل قصد الا نهاجم بعدوانية او نسمح بأن نجر الى الانتقام. وفيما تقتضى الحكمة الانسحاب كلما امكن تفاديا للشجار , من المناسب ان نتخذ الاجراءات اللازمة لحماية انفسنا ونطلب المساعدة من الشرطة عندما نقع ضحية جريمة ما.
فلا يتوقع من المسيحيين ان يديروا الخد الاخر متلقين الاساءة بخنوع , بل يتخذون اجراءات قانونية دفاعا عن انفسهم.
وقد طبق اتباع يسوع الاولون هذا المبدأ تطبيقا ملائما بالدفاع عن حقوقهم المشروعة. على سبيل المثال , استفاد الرسول بولس من النظام القضائى فى زمنه لحماية حقه القانونى. فخلال جولة كرازية فى مدينة فيلبى , اعتقلت السلطات المدنية بولس ورفيقه فى العمل الارسالى سيلا واتهمتهما بمخالفة القانون. ثم تعرض الرسولان للضرب بالعصى علانية وألقيا فى السجن دون اية محاكمة. ولكن حين سنحت الفرصة , طالب بولس بحقوقه كمواطن رومانى. ولما علم المسؤولون انه يحمل الجنسية الرومانية , تخوفوا من العواقب وتوسلوا الى بولس وسيلا ان يغادرا المدينة دون اثارة المتاعب. وعلينا ان نبقى فى الذهن ان الانتقام لله. - روما 12 : 17 - 19.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة