الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع شارع ألمتنبي

كامل عبد ألرحيم ألسعداوي

2013 / 4 / 9
الادب والفن


في وداع شارع ألمتنبي
يعيش شارع ألمتنبي أليوم عصره ألذهبي ،فأيام جمعته أصبحت كرنفالات تمور بأجيال مختلفة من ألمثقفين وألفضوليين وألمبتهجين ،مكتبات تنبثق من زوايا ميته في صراع مرير مع ألمكان ألضيق ,أحزاب لا تجد جمهورها ألافي تلك ألأيام وأرادات سياسية متعارضة ، قوى ناهضة وأخرى تقاوم ألأندثار بالمساحيق منتهية ألصلاحية ،شباب لاينزعون أصفادهم ألا في أيام ألجمع وحصرا في ذلك ألشارع ،فتيات ،مراهقات وعوانس يشربن أستكانات ألشاي
أللذيذة وهن يحشرن أردافهن ألمتحررة في كراسي متهالكة،حتى قوات ألحرس ألمكلفة بالحماية ،تراهم وسيمين ومنضبطين وكأن جنية ألثقافة قد أنزلت عليهم سكينة مؤقتة .
ألمسؤولون ألذين لانحبهم وقد صدعوا رؤوسنا بأسلحتهم سريعة ألطلقات وألتي يطلقونها يوميا عبر ألفضائيات ،تجدهم في هذا ألشارع أكثر أناقة وأزيد طولا وهم متواضعون ولايزاحمونك على ألمكان وألأضواء وكأنهم جائوا ليصلوا لله وحسب ،ولكن مالذي حل بك وأنت من رواده ألمخضرمين،فتجد نفسك غريبا على ألشارع فما أن تدخله حتى تسارع بمغادرته ،هل هي غريزة ألخذلان ألتي تدفع ألمهزومين بعيدا عن ساحات ألمعارك ألتي خسروها أم هو أستسلام حضاري لصراع ألأجيال ألأزلي ،حيث يخلي ألجيل ألقديم وقد أصابه ضيق ألتنافس مكانه لجيل جديد يتقافز مثل سبرنكات ألساعة ألخالدة ،أم أن صلاح عبد ألرزاق وفخري كريم يزعجانك وهما يتنافسان لحشو قاعاتهم وكأنها صناديق أنتخابية تتلهف للأصوات ألزائفة ،في بعض ألأحيان تفكر بأن شارع ألمتنبي هو صورة شعاعية لأحشاء ألثقافة ألعراقية ،هذا أفتراض ممكن ،وهويعكس أمراضها وعللها ومؤشراتها ألحيوية وقواها ألفتية وألأخرى ألتي شاخت،وهنا نتراجع لنؤشر أن من أهم نتائج ألتغيير في 9/4 هي حرية ألنشر وألقراءة وألبحث بعد غياب ألرقيب ألأيديلوجي ( ألبعثي ) ،فكانت ظاهرة أتساع قاعدة ألبحث ألأكاديمي (ألجامعي ) حيث تزايدت أعداد ألباحثين من ألطلاب حديثي ألتخرج وكذلك ألذين تخرجوا قبل سنوات عديدة ،سيما بعد أن أصبحت ألشهادة ألجامعية أحدى أهم تذاكر ألدخول ألحاسمة ألى ألنادي ألذهبي (ألطبقة ألسياسية ألمستحدثة )،وهؤلاء ألشباب بحاجة ألى مصادر وكتب وعلاقات لأنجاز أطاريحهم فأصبحوا هم ألعنصر ألسائد وألمسوق ألأهم للشارع ،ولكن هؤلاء جادون ويرتبطون بالشارع بعلاقة مصلحية مؤقتة تنتهي بحصولهم على مراكزهم ألوظيفية ،وهنا سيختفي ألطابع ألعفوي وألعبثي وألمتمرد للشارع ،وأذا ماعدنا ألى ألوراء قليلا فسنرى أن ألثقافة ألعراقيةوبملامحها ألمتميزة وفترات عطائها وربيعها ،خلقت من قبل أدباء وشعراء وحتى باحثين هامشيين ومتمردين وعبثيين وأن ألدور ألأكاديمي تمثل في مجال ألنقد وحتى هذا ألأخير تسللت أليه حمى ألعبث ،وحتى أيام ألتكالب ألأيديولوجي ،حين تمت عسكرة ألثقافة ألعراقية ألى معسكرين ،كان هذا ألصراع يدور على أيادي أيدولوجيين(مفلسين ) لايمتلكون ثمن أستكان شاي أوربع عرق ،أما أليوم فمن يهيمن على ثقافة ألعراق أصحاب ألبدلات(حتى وأن أصبح سعر هذه ألبدلة خمسين دولارا فحسب )وبالمناسبة فأن ألكثير من هؤلاء هم (حوزويون )تركوا عمائهم وجببهم ونزلوا ألى شارع ألمتنبي لمزاحمة وأزاحة ألمثقفين (غير ألعضويين ) وهم أيضا متدينون وأن كانوا يدعون ألى علمانية كئيبة ،وعلى ألجانب ألاخر فأن حزبا (ديناصوريا ) يجثم على ألطرف ألآخر من ألثقافة ألعراقية ،وهوحزب مصاب بتصلب ألشرايين وألشيخوخة وألربو وهو يمسك بأجهزة ألتنفس ألصناعية لتلك ألثقافة ويحول دون تماثلها للشفاء ويقود ذلك شيوخ أصابهم ألصمم فلم يستمعوا لروائح ألعصر ولم يشموا نواقيس ألتغيير وألربيع أذ يحل في كل ألمواسم كسرا للأيقاع .
أن ثقافة بلا صعاليك ،ثقافة تقودها بدلات وربطات عنق وشهادات لن تحصل أبدا على (صحة صدور ) وعمائم مخبئة في حقائب أنيقة ،تلك ألثقافة لن تنتج أبداعا أنسانيا حقيقيا ،وشارعا كهذا سيتحول ألى فناء خلفي للصراع ألمسف لنخبنا ألمتهاوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07