الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشر سنوت من الديقراطية الدموية

اكرام نجم

2013 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كانت فرحة عارمة اصابت قلبي ومشاعري عندما رأيت العراقيين وهم يهتفون فرحا بسقوط الطاغية , كنت اتابع تحرك الدبابات الامريكية وهي تقترب الى بغداد مخترقة الصحراء العراقية الممتدة عبر الاف الكيلومترات في العراق, وبعد غياب طويل بعيدا عن الوطن الام كنت اترقب زحف الدبابات والقطعات الامريكية باتجاه بغداد , وقلبي مليء بالمشاعر الغربية والمتناقضة معا. وفي نفس الوقت كان رأسي اكثر انشغالا" بالمستقبل ,و وعشرات الاسئلة تقفز اليه , وتجد اجابات لها .
اكثر الاسئلة التي تواردت الى رأسي وانا اشاهد بتوتر زحف جيش التحرير الامريكي الصديق الذي سيخلصنا من حكم مستبد دام لعقود ,, هي متى العودة الى الوطن من جديد , كنت احسب ان الامر لن يتجاوز الاشهر , لاعود ومعي الاف بل ملايين العراقيين الحالمين بالعودة الى اماكن صبانا وذكرياتنا الجميلة , فلا اعتقد ان هناك شعبا مغرما بوطنه كالشعب العراقي على الرغم من الاستياء والتذمر الشديدين وعدم الرضى الدائم لما كان وما اصبح عليه اليوم , قلت في نفسي : ساعود ربما بعد ثلاثة اشهر الى الوطن .. اه ما اسعد تلك اللحظات , ساعود اخيرا" وانعم بالسعادة والخير في وطني المحرر من الدكتاتورية والحروب والظلم والقهر , وقتها رأيت حلمي هذا ليس بعيدا" ومنطقيا" , فلم لا اذا ما تحققت وعود الصديقة امريكا وحررت العراق من الطاغية , فان كل شيء سيكون على مايرام, واعتقدت ان الامر يشبه ما حصل في الكويت , فبعد ان احالها صدام الى مدينة اشباح ونهبها , اعادتها الصديقة امريكا منقذة الشعوب المظلومة وقائدة السلام والامان في العالم الى سابق عهدها بل افضل وها هم الكويتيون يعيشون افضل مما كانوا عليه قبل تدمير بلدهم على يد صدام , صحيح انهم دفعوا ثمنا" ماليا" باهضا" الا انهم حصلوا مقابل ذلك على ما ارادوه واكثر بدون مساعدة الجامعة العربية او اي اخ عربي, عرفوا من البداية كيف يستطيعوا شراء حريتهم واعادة حقهم المسلوب.
الا انني يبدو كنت واهمة ولم احسب الامر وفقا" للحسابات السياسية والمصالح العالمية , والادوار الخفية التي يلعبها تجار السياسية والسماسرة في الازمات السياسية , وقد تحولت الاشهر الثلاثة التي حسبتها الى عشر سنوات ولا ادري كم سيطول الانتظار للعودة وتحقيق الحلم.
كنت ارى الامر حسب ما هو قائم على الارض وحسبت الامر وفقا" لحساباتي المتواضعة والعامة وليس كما يدور وراء الكواليس السياسية العالمية و(الامريكية) تحديدا", ولم لا , فالعراق كان ينعم بالعمران والنظام والتخطيط , وكان كل شيء على ما يرام , اسس متينة للدولة , وحركة العمران والابداع العراقي في اوجها , بالرغم من سنوات الحصار الطويلة التي استهلكت الانسان العراقي ماديا" , وقمع الحريات الفكرية والسياسية, التي كان متضررا" منها نسبة محدودة من الشعب العراقي, فمن المنطقي ان تستلم امريكا اجرها وشكر وتقدير على الديمقراطية التي اتت بها للعراق وعلى الحرية الثمينة التي تلقاها الشعب العراقي باكاليل النصر وتمتعه ومازال يتمتع بها, وتغادر العراق ليستمر العراقيين بقيادة البلد وترميم البنى التحتية للعراق , والاستفادة من موارده الكبيرة في استمرار الاعمار وادخال التكنولوجا الحديثة له , مع الفيض الغامر من الديمقراطية والحرية التي كانتا الرغبتان الوحيدتان للشعب العراقي و(السببان الوحيدان) للاطاحة بصدام الدكتاتور.
هل من المعقول ان تمر عشر سنوات على نيل الحرية والديمقراطية , ولا نرى من نتائجها على العراقيين سوى الاجهزة النقالة الحديثة , وتحول العراق الى سوق حرة لترويج بضائع الدول التي لاتجد لها اسواق لترويج بضائعها, والعراق الديمقراطي الحر يرتع فيه عصابات القتل والترهيب والتخويف ولمن للشعب العراقي , هل من المعقول ان عشر سنوات من الحرية ليست كافية لاعمار البنية التحتية وانشاء محطات حديثة لتوليد الطاقة الكهربائية واخرى لانتاج مياه صالحة للاستهلاك البشري؟؟ عشر سنوات اليست كافية لتعبيد الطرق وانشاء نظام مروري متطور في العراق؟ عشر سنوات اليست كافية لانشاء مشاريع لبناء العراق وتطويره وتشغيل ملايين الايدي العاملة التي لاتجد عملا"؟؟ عشر سنوات اليست كافية لانشاء شبكة مواصلات حديثة تربط مدن العراق؟ عشر سنوات اليست كافية لاستصلاح ملايين الهكتارات الزراعية من الصحراء في العراق وحماية البيئة فيه ؟؟ مالذي علي المزيد ان اذكره؟؟
نحن شعب مبدع ومنتج وخلاق, نستطيع العمل والبناء والابداع اين ما كنا فكيف اذا كان الامر في بلدنا؟؟
ثمار الديقراطية والحرية في العراق كانت عظيمة اذ تمثلت في ظهور مئات الصحف والنشريات التي تروج وتمجد لقادة ودكتاتوريين جدد, نتاج الحرية والديمقراطية , افتتاح عشرات الفضائيات التي تبث اليأس والرعب والخيبة والجهل في نفوس العراقيين وتجعل حلمهم في العودة الى العراق والاسهام في بنائه ضربا" من المستحيل, ثمار الديمقراطية عشرات من الحواجز الكونكريتية ومئات من افراد الجيش والشرطة لمراقبة العراقيين الذين اصبحوا وكما قالت احدى السيدات العراقيات البسيطات وكانهم محتلون في بلدهم , ثمار الديقراطية والحرية , مرض الهجرة الي اصاب العراقيين , بحثا" عن حياة مستقرة وامنة ومضمونة,ثمار الديمقراطية شعبا" مستهلكا وغير منتج, ثمار الديمقراطية لدى العراق وزراة لكل شيء ولكن ليس هناك عمل لاية وزراة الا الشكليات لكي تستمر ولا تلغى.
هذا هو العراق الحر الديقراطي ولكن ليس على الطريقة العراقية بل على الطريقة الامريكية , التي عليكم ان تعلموا جيدا انها لن ولم تقدم اية خدمات بدون اثمان باهضة.وللاسف كان الثمن باهضا جدا" حياة وحرية وسلام وامان ومستقبل العراق.
لاهاي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس