الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الحارات العربية

جاك جوزيف أوسي

2013 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كان يحكم المجتمع الدمشقي في فترة الاحتلال العثماني للبلاد العربية زعيم ويعاونه القبضاي وإذا اقتضى الأمر كان من الممكن أن نجد المختار (فهو تحصيل حاصل), وهذه التركيبة حكمت تحت المبدأ الدارويني: البقاء للأقوى أولاً وللأصلح ثانياً. وكان من الملامح المميزة لتلك الفترة المعارك الدموية التي كانت تنشب بين الحارات لسبب أو بدون أدنى سبب لا يهم, المهم أن لا يُهان الزعيم أو القبضاي أو تُهان الحارة حسب مفهوم الشرف إياه. قمة المأساة في ذاك العصر عندما ينحصر القبضاي في حارة سد وتنعدم أمامه الخيارات إلا ثلاث:
1-معجزة في عصر قد أغلقت فيه أبواب السماء منذ زمن طويل.
2-استسلام مهين للشرف والرجولة "وهوغير مقبول وغير مرغوب".
3-الموت بطريقة وحشية.
هذه العلاقة الحاكمة بين الحارة ومحيطها, كانت نفسها الحاكمة بين الأفراد المقيمين في نفس الحارة وإن بدرجة أخف.
وإذا أردنا أن نقدم وصف تاريخي وسياسي لتلك الفترة الزمنية, فالوصف المنطقي والموضوعي هو إننا كنا نعيش في عصر من الفوضى يديره الوالي العثماني بتوجيه من الباب العالي الذي حكمنا بمبدأ الذئاب والخراف, وكيفية الاحتراز من الذئب العثماني حتى لا يُهدد الباب العالي من قِبل الولاة الطموحين, وأصول التعامل مع قطعان الخراف العربية. وبالنتيجة تكّون في اللاوعي العربي مبدأ الفوضى وعدم التنظيم والبقاء للأقوى, فالفوضى لا تقبل بالتعددية التي هي سمة الشعوب المتحضّرة التي حددت ساحة معركتها بصندوق الانتخاب وسلاحها ورقة الاقتراع، والأقوى هو من يفوز ويحصد العدد الأكبر من الأصوات. أما نحن فقد حددنا خياراتنا في الجلوس في الساحات مستعرضين عضلاتنا وشعارتنا: من الحرية أولاً إلى اسقاط النظام ثانياً, وصولاً إلى إرسال أفراد إلى التابوت وفي أحسن الظروف إلى بيروت*.
هذه الخيارات التي بدأت تتحدث عن إقصاء فئات طائفية وإلغائها لن تؤدي في نهاية المطاف إلى العودة إلى الزمن الجميل الذي كان ينتهي بإغلاق باب الحارة في نهاية يوم عمل شاق والخلود إلى الفراش. بل إنها ستؤذن بنشوب حرب المائة عام بين السنة من جهة والشيعة والأقليات الأخرى من الجهة المقابلة، ستكون نتيجتها ستكون تدمير المدينة على رؤوس ساكنيها.
ومن لم يصدق فليقرأ أعمال هنري كيسنجر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علامات استفهام وأسئلة -مشروعة- حول تحطم مروحية الرئيس الإيرا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن نبأ مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي




.. دعم وقلق.. ردود فعل على حادث طائرة الرئيس الإيراني


.. ردود فعل دولية وعربية بشأن وفاة الرئيس الإيرانى إثر حادث تحط




.. الشعب الإيراني مستاءٌ.. كيف تبدو الانطباعات الشعبية بعد موت