الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصر حياته مع الأغلبية

نصيف الناصري

2013 / 4 / 10
الادب والفن


اهداء / الى ناصر مؤنس
دراهم صيف مطواعة ...

تستبد بنا في عبورنا الممرّات المهيبة لزمن من دفنّاهم بأرديتهم
وهم يتفصَّدون حبّاً ، أرْيحيَّة من يتملّكهم ربيع الخمر ، وتنصلنا
للشموع النذرية لهم ، يجدّد مأساتنا ولا يلجىء القناديل الى العابر
والمنقاد لتوازنه في الهاوية . نقدّم أسفنا باحراج كبير للنحلة في
ليلة عرسها ، ونرسل لها مع المخلصين مرايا ودراهم صيف
مطواعة . حنقنا الذي ندارية بتعفّف ، على أولئك الذين يستهويهم
الغرق في آبارنا ، ولا يلزمهم حمقهم بالاذعان الى الأمل الانساني ،
يخرج بنا عن شيَمنا وتجرحنا إبر المرض بعوز شديد لملامسة
الأشرعة . كلّ تكريس للمعرفة التي تهدّم سياجات أحلامنا ، يفضي
الى شغفنا بمحاباة السوفسطائي والطاغية ومالك الرذائل في المعبد .

دوران الساعة ...

تزفر أفعى الزمن سمّها في هواء حياتنا ، ولا تتحمّل الافراط في
الحنو علينا ونحن ننفخ أيّامنا مصعوقين في نوافذ العاصفة .
الماضي والحاضر وما يجيء بعد الطوفان ، تهدّمات مستمرة ولا
تنضج فيها الثمرة . تمثّلاتنا للعالم في دوران الساعة ، حجة ناقصة
وغير كافية ، وكلّ دلالة فيض للنهر الجديد ، لا تفي بتغيّر الجريان
المُتعجَّل . ما نعتقده الديمومة ، كذبة تفوح في حلمنا المُقصى عن
الأكواخ التي نسهر فيها بانتظار تعفّن البذرة ، وسيرنا على الأشواك
من الصباح الى المساء ، حلم يقظة تستولي علينا فيه القضبان
المرتجّة للسجن . شعورنا العادي يميل دائماً الى السكون في قفزنا
الحواجز المتساوية ، ولا ذرّة تعوضنا انقطاع تنفّسنا تحت السماء
المشدودة والخفيضة .

عبورنا الجسر ...

لياقة افلاطونية نحذرها في تبعيتنا اليها ، ولا تجمعنا معها قرابة
الطبيعة ، والانسان في وحدته المُفعمة بالوقار ، مجبول من الرزايا .
يقدّم نشيده لموته بابتهاج ويرجئهُ في تخلّيه عن قوس سقمه . الشرّ في
إيضاحه لنفسه في فراغ رزانة العالم ، قداسة عظيمة ونباهة غير مُحَسَّة ،
والربوة والهاوية هما عين ذات الزمن ، وكلّ فرد ينحلّ عن عناصره
، يحتفظ بآدميته ويصبح شجرة . غذاء . رغبة . حجارة ، واللحظة
يعروها الانفجار قبلنا ، ونحنُ ندين بادراكنا للما قبل والما بعد ، الى
اللحظات العرضية لتكلّفنا إطراء الصيرورة ، وكلّ ما حفظناه عن
المُنجّمين الكلدان ، لا يُطيّب مخاوفنا من ما لا نتمّه في عبورنا الجسر .

تكْملة الشوط ...

نُجشَّم أنفسنا ارهاق طويل في مجالدة اللحظة ، ونضيّع مفتاح الشجرة
في إنشادنا لمراثي من أحجموا عن تكْملة الشوط ، والزمن مشدود الى
عوداته التي تذيعها النحلة بين الخلوة ، وبين النسيان . حبوبنا في
المخازن ، نمنع العازبين من الدنو منها ، والذين يتشبّثون بالعناء العادل
لأمراضهم ، تضحيات كبيرة لم نشكو من ثقلها في تراصنّا ، على ما
نقدّم لهم الخيّر ويمحون أنفسهم في إطاعتهم لقنوطهم . الشعراء الذين
سبقونا في الوصول الى الهاوية ، البعض منهم الآن أرمد ويتبرّم في
دموعه ، والبعض الآخر تناط به مصاهرة يأسه والسير في الهجير طوال
النهار . أزهار لوتس موتنا التي شبّت عن الطوق ، وتدّعي الاتزان في
حنوها علينا ، نضع بيننا وبينها حجاب جدير بالمستأنس ، ونزدري ما
يشكو قصر حياته مع الأغلبية .

2013 / 4 / 10








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر