الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاح حظكم وحظ الباشا

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2013 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


محمد علي محيي الدين
لا أدري من أين جاءنا هذا المرض هل هو ارث اجتماعي نجتره عبر تاريخنا الطويل، أو أن سيكولوجية الشعب العربي هي الحنين للماضي هربا من الحاضر، وتمجيد الماضي ومحاولة إسباغ الجمال عليه رغم أنه أكثر بشاعة من الحاضر واشد مرارة من المستقبل؟
خلال العقود الثلاثة الأخيرة دأب بعض الكتاب على ترويج طرائف ونوادر وحوادث تنسب الى هذا الزعيم أو ذاك لا ندري مدى صحتها، والغرض منها، فقد صور لنا البعض ممن يحنون الى الماضي أو يعيشون في أجوائه شخصية نوري السعيد تصويرا عجيبا غريبا غير مألوف في زعيم عرف بخيانته وعمالته للانكليز وأضفوا عليه صفات وطنية وأخلاقية واجتماعية سلبوها من آخرين أجدر بها وأهلا لأن يكونوا أبطالها، فنوري السعيد لمن لا يعرفه حاكم جائر ارتبط برباط وثيق بالاستعمار البريطاني وأصبح رجله الأول في المنطقة وعميله الذي يتباهى بعمالته والارتباط به دون خشية من احد، ووثائق الاستخبارات البريطانية تثبت هذه العمالة وتؤكدها، والسعيد كان الرجل الأول في العهد الملكي والحاكم الفعلي سواء كان في السلطة أو خارجها، وهو صاحب المعاهدات المذلة مع الاستعمار، ووراء كل المآسي التي حدثت إبان العهد الملكي، والدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت والاعتقالات التي حدثت والمعارك التي نشبت،ولا يمكن تبرئته من الجرائم التي سودت صحائف التاريخ.
وبين فترة وأخرى نقرأ لهذا أو ذاك حادثة طريفة لهذا الرجل تظهر سماحته وعدالته وأخلاقه الرضية ومبادئه السامية مروية عن لسان جرو من جراء ذلك العهد، يحاولون من خلالها تجميل وجهه القبيح وإظهاره بمظهر وطني لا يليق بأمثاله من خونة العراق ولا نستبعد يوما أن يخرج علينا بعض الهلافيت ليظهروا لنا صدام حسين بوجه غير الذي عرفناه وربما سيصبح الزعيم الوطني العادل ويكون ضحايا عهده هم المجرمين، فمنطق التاريخ اعوج ولسان الحق أفلج وطوبى للخونة الذين يجملون وجوههم القبيحة ويسبغون عليهم صفات لا تلاؤم تاريخهم وطبيعتهم.
ومن آخر هذه النوادر الوضيعة ما ذكره احدهم أن الباشا نوري السعيد يذهب لمكتبه منذ الصباح الباكر ليكون أول من يدخل مبنى الوزراء وفي الطريق كان هناك عامل كباب كلما مرّ موكب الباشا البسيط يعترضه ويصرخ بأعلى صوته شاتما ولاعنا (سلفه سلفاه الباشا) ولم يعره الباشا اهتمام..تكررت الحالة وأصبحت كل يوم..طلب الباشا من أحد مساعديه أن يتحرى عن هذا الشخص الذي يسبه يوميا وهل لديه معتقل ومظلومية..عاد الرجل ليخبر الباشا ان هذا العامل رجل بسيط ليست له خلفية سياسية وليست لديه مشكلة...أمر بإحضاره..ولما دخل عليه ..سأله الباشا: لماذا تعترض طريقي وتسبني أجابه العامل البسيط :باشا..أني يوميتي 250 فلس وأنا صاحب عائلة وبهذا المبلغ لا أستطيع أن أدخر وأتزوج وعرفت أن السجين السياسي تصرف له الحكومة يوميا 400 فلس مع مأكله ومشربه..فقلت بلكن يسجني الباشا لمن أسبه وأصير سجين سياسي وأجمع لي كم فلس..ضحك الباشا وأعطاه خمسة دنانير من جيبه الخاص وأخبره انه لن يستطيع سجنه وما أعطاه من ماله الخاص وأطلق سبيله !!وكلما مرّ الباشا من أمام الكببچي يخرج رأسه من زجاج النافذة للسيارة ويصيح له ضاحكاً (لو تطڱ روحك ما أسجنك)!!!
والمغالطة ليس قي تاريخ الرجل المعروف بتجبره وظلمه وطغيانه فمياه العالم جميعها لا يمكن أن تزيل ما علق بتاريخه من أدران ولكن أن يستغفلنا كاتب أبله لا يعرف كيف يصوغ كذبته ويضفي عليها ما يجعلها قريبة من الواقع، فيذكر أن ما يصرف للسجناء يوميا أربع مائة فلس ويومية العامل 250 فلس ولمن لا يدري فان هذا المبلغ يعادل راتب جندي في العهد الملكي فقد كان راتب الجندي العراقي 400 فلسا في الشهر الواحد فهل يعقل أن تصرف الحكومة العراقية على السجين الواحد ما يساوي راتب جندي شهريا، والجميع يعلم أن ما يمنح من طعام للسجناء تلك الأيام لا يتعدى 3 صمونه سوداء يومينا مع مرق خال من اللحم ورأس بصل واحد والقليل من الرز، ويكلف السجناء بأعمال شاقة توفر للحكومة أضعاف ما يصرف عليهم، فكيف لكاتب يحترم نفسه التداني إلى هذا الكذب المفضوح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لو تمعنى قليلا
ماجد عساف ( 2013 / 4 / 10 - 21:52 )
الاستاد محمد محي الدين لوتمعنا قليلا وتريثنا قبل ان نصدر حكمناعلى الرجل لوجدنا ان الباشا يعتبر احد دعامات الليبراليين في العراق وأجهد نفسه في بناء نظام حكم مدني متحضر لو تريثنا قليلا ايضا لوجدنا في سياسته دورا متميزا عن بقية اطراف رأس الدولة ,في مسيرته جملة من المواقف الوطنية المتميزة , لاننسى انه كان يسبح في بحر تتحكم تياراته القوى الاستعماريةالمهيمنة على البلد وفي بيئة من الصراع الامريكي البريطاني للهيمنة على المنطقة وعلى العراق . يجب ان لايقودنا الموقف من اعدام المناضل فهد الى فقدان بوصلة الرؤيا لمجمل سياسته .لو وضعنا الرجل في كفة ووضعنا اطراف الحكومة الحالية في كفة اخرى لتلمسنا عمق مصداقيته وصلابة مواقفه ووطنيته الصادقة .نأمل ياسيدي ان لانفقد طريق الحق لقلة سالكيه.


2 - طاب فوك وقلمك ايها الوطني الشرريف نوري سعيد عميل
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2013 / 4 / 11 - 03:42 )
تحياتي استاذ محمد على واجدت بالعنوان والنص يجب الفات النظر لعفونات تاريخنا الحديث والقديم
انا غير قادر على الكتابة الكثيرة-بل وعلى القراءة-ولكنني شاهد عيان-وانا ائن الان من وجع مبرح في رجلي اليسرى لان شرظ
طة المجرم نوري سعيد وهي تستجوبني-على الحار-اثر خروجي وشبيبة بغداد عام 55
ضد جر العراق الى الحرب عن طريق ماسمي بحلف بغداد اقول استجوبوني بالتواثي بضربي ربما الف مرةحتى كسروا عظم الفخذ اليسرى وحطموا ركبتي اليسرى تماما قي يوم 1 شباط 55 ثم في 2تموز 55 خكموني بالاعدام ولولا حمله عالمية والعالم لتوه خارج من الحرب الثانية ضد الفاشية الهتلرية لكنت الان في القبر الى جنب والدي الشهيد شيخ حسين الذي استشهد في السجن السياسي عام 53 عند اعتداء نوري السعيد على حياة اسرى شعبنا في سجون الخائن العميل نوري الكلب المكلوب ووالدي الشيخ سجن ليس بقضية حزبية وانما -كما المئات لاشتراكه بمظاهرات انتفاضة تشرين 52 المجيدة
ليكف محدودي العقل والشهامة عن مديحي جزاري العراق قديما وحديثا سواء كانوا بالسلطة او كما تقوم به نازيتهم الاسلامية بمقاومتها الشريفة للكشر بذبحها لابرياء وكادحي العراق بدم بارد مع اجمل الامنيات


3 - تعليق بسيط
ماجد ( 2013 / 4 / 11 - 07:46 )
حقيقة استغربت من مقال يحوي هذا الكم من الشتائم بدأ من العنوان
التاريخ لايقرأ بعين واحده
نوري السعيد زعيم عراقي كان يرى مصلحة العراق مع بريطانيا وهي رؤيته السياسيه
كما هي رؤية فهد بان مصلحة العراق مع الاتحاد السوفيتي وهذا لايعني انهما كانا عميلان
فلو كان فهد رئيس وزراء لأعدم نوري لأنهما بالنهايه عراقيان


4 - رد
محمد علي محيي الدين ( 2013 / 4 / 12 - 18:35 )
الاخوة ماجد عساف وصادق الكحلاوي وماجد
ربما الغيظ وراء هذا الكم من الشتائم وذكر مطاعن الرجل فقد راينا بعض الكتاب ممن يحاولون تبييض الوجوه الكالحة يضفون عليه هالة من الوطنية ويصورونه زعيما وطنيا مخلصا لوطنه ولكنهم تناسوا ما قام به من اعمال وما ارتكب من جرائم بحق الشعبـ وتناسوا ارتباطه المعلن ببريطانيا وانه وراء المعاهدات الاسترقاقية وازهق الكثير من الدماء الطاهرة لتحقيق الاماني البريطانية في استرقاق العراق اما لبرالية الرجل فهي لبرالية كاذبة والدليل انه امعن قتلا بالوطنيين العراقيين ولم يكن ايا من هؤلاء مارس العمل المسلح لاسقاط سلطته وانهائها بل سلكوا الطريق السلمي الذي على من يدعي اللبرالية المسير فيه، ام ديمقراطية العهد الملكي فهي ديمقراطية خادعة كاذبة فمجلس النواب والاعيان يختاره البلاط ولا يفوز الا مرشحي البلاط المدعومون من السلطة انذاك وانتم تعلمون انهم طالموا رشحوا شخصيات في محافظات لم تطأها اقدامهم والاسماء كثيرة لا يسعنا ايرادها واتحدى من يقول او يستطيع تقديم دليل واحد على نزاهة انتخابات العهد الملكي.
اما جرائمه الكبرى فهي ما ماررسه في قتل السجناء في بغداد والكوت وبعقوبة يتبع


5 - تابع لما قبله
محمد علي محيي الدين ( 2013 / 4 / 12 - 18:39 )
ونقرة السلمان والمعاملة القاسية للسجناء والاحكام العرفية والقضاء غير النزيه الموجه من قبل السلطة، والاعتقال الكيفي واسقاط الجنسية وغيرها من الجرائم التي لا تنسجم والرؤية اللبرالية التي اضفيت عليه. ناهيك عن الاحلاف التي زج العراق فيها والمشاتركة في اقامة دويلة اسرائيل من خلال تهجير اتليهود او اجبارهم على ترك البلد فاي ليبرالية تتحدثون عنها، ولعل شهادة الدكتور الكحلاوي ناطقة عن واقع يحاول البعض تجاوزه
اما مقارنة العهد الملكي بما تلاه من عهود فهذا لا يتفي عنه الظلم والتبعية والابتعاد عن المصلحة الوطنية وعلينا ان لا ننظر بعين واحدة للامور وعلينا محاكمة التاريخ برؤية واحدة تستند لدراسة الواقع والحكم عليها بعيدا عن توجهات السياسيين الواقفين خلفها

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم