الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيار ديمقراطي فاعل من اجل تطوير العملية السياسية و ترسيخ الديمقراطية في العراق

سامي بهنام المالح

2005 / 4 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اكد اندفاع ابناء الشعب العراقي للمشاركة في الانتخابات و الادلاء باصواتهم في الثلاثين من كانون الثاني المنصرم ، متحدين الارهاب و تعقيدات و مصاعب الوضع الامني و السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي، اكد قبل كل شيْ على توقهم الكبير لممارسة حقهم الديمقراطي، و للمشاركة في رسم صورة العراق الجديد و مستقبله، واكد ايضا رفضهم القاطع للدكتاتورية و التسلط و الحرمان. و بغض النظر عن كل النواقص و التجاوزات و الممارسات الغير ديمقراطية التي لطخت الانتخابات، و بغض النظر عن نتائجها، و عن ما ترتب عليها من استحقاقات في تقاسم السلطة و النفوذ في الفترة الانتقالية، فالانتخابات شكلت الخطوة الاولى و الهامة و الضرورية لتدشين مرحلة تاريخية جديدة من تاريخ وطننا.

ان تقاسم السلطة بين الاطراف و القوى التي حققت الانتصار في الانتخابات، و من خلال الحوار و التوافق، يشكل علامة ايجابية بارزة على طريق تطور العملية السياسية في البلد. فمن الهام جدا لبلد مثل العراق، ان تمارس فيه القوى السياسية نشاطاتها وان تدافع عن مصالحها و ان تتفق و تختلف بشكل حضاري و سلمي. فالشرط الاول و الاساسي للاستقرار و لحياة طبيعية و للتطور في اي مجتمع، هو نبذ العنف و الارهاب و اللجوء الى لغة الحوار و التفاهم و احترام ارادة الجماهير.

تواجه القوى و الاحزاب التي تتحمل مسولية ادارة شؤون البلد في الفترة الانتقالية، مهمات جسيمة و اساسية، عليها التصدي لها و معالجتها باخلاص و جدية، لتبرر ثقة الجماهير التي صوتت لها. فالسلطة المنبثقة من صناديق الاقتراع، على عكس السلطات الدكتاتورية المفروضة و الحاكمة بالحديد و النار، سلطة شرعية، و لكنها خاضعة لرقابة الشعب و الرأي العام و الصحافة و المؤسسات المدنية، وكذلك لرقابة المعارضة السياسية الشرعية، التي تتنافس، و كحق طبيعي، للحصول على ثقة الجماهير و التأثير على مواقفها، و صولا الى الفوز بالسلطة عن طريق الانتخابات القادمة.

ان طريق بناء عراقنا الحبيب، و ترسيخ نظام علماني ديمقراطي معاصر، طريق طويل و شاق. طبعا ثمة مستلزمات و عناصر هامة و اساسية تدعوا للتفائل، و في مقدمتها الثروات الهائلة، البشرية و الطبيعية، و كذلك التنوع في الانتماءات القومية و الدينية و الطائفية، في اطار الوحدة الوطنية، تصبح مانعا طبيعيا للسيطرة المطلقة من قبل جهة واحدة، و نشوء الارضية لعودة الدكتاتورية، او بروزها بصيغ و اشكال جديدة. و هناك التجربة النضالية الوطنية و الديمقراطية التاريخية المتراكمة، و التضحيات الجسام التي قدمها الكل دون استثناء. وهناك الحاجة الانسانية العميقة لممارسة حياة طبيعية، بعيدا عن الحروب و الاذلال و الارهاب و الفوضى و التخلف.
و من جهة ثانية، ثمة تعقيدات و صعوبات جدية لا يستهان بها، يتطلب التعامل معها و تذليلها و التغلب عليها، العمل الكثير و الجدي، و الاعتماد على الجماهير الشعبية، و الصدق و التضحيات. و في مقدمة هذه المصاعب يقف الدمار الشامل في البنى التحتية و غياب او ضعف مؤسسات الدولة و المجتمع، و خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة مع امن و حياة المواطن اليومية. و يشكل غياب الوعي الديمقراطي و ضعف الحركة الجماهيرية و المهنية الواعية و المنظمة ( نقابات، اتحادات، نوادي و جمعيات و مراكز اخرى لتنظيم النشاطات الرياضية و الثقافية و العلمية ..الخ ) احد عوامل الضعف، الامر الذي يساعد على زيادة تاثير النزعات القومية و الطائفية و العشائرية و غيرها من الانتماءات على حساب الانتماء الوطني و العمل الجماهيري المشترك، من اجل تحقيق المصالح الاساسية للشعب و من اجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية. ان الجريمة التاريخية الكبرى التي اقترفها نظام البعث البائد، تكمن في تحطيم القيم الوطنية و الاخلاقية، و فرض القيم المتخلفة و العنصرية و الشوفينية، من خلال خنق الحريات و الارهاب الفكري، ومن خلال تبعيث التعليم و تحويل النظام التربوي و المؤسسات التعليمية الى جزء من الالة العسكرية المخابراتية والمؤسسات الفكرية و الاعلامية. فارتفعت نسبة الامية في البلد بشكل مخيف و خاصة بين الاطفال (7 الى 14 سنة) و بين النساء. و تخلف المستوى التعليمي و العلمي و الثقافي، بالاضافة الى فرض عزلة محكمة و انقطاع شبه مطلق عن العالم و التطورات الهائلة في كل مكان.

ان الاحزاب و المنظمات و القوى و العناصر التي تتطلع الى تطوير العملية السياسية في العراق، والى تطوير الوعي الديمقراطي و المفاهيم و القيم و التقاليد الديمقراطية، و بناء عراق متطور مزدهر ذات سيادة كاملة و دستور مدني معاصر يضمن الحقوق الاساسية لكل ابناء العراق، من دون اي تميز عرقي او ديني او طائفي او اقلية و اكثرية، مطالبة قبل كل شيْ بتفهم الواقع و تحليل عناصره بشكل علمي و منهجي. و هي بعد ذلك مطالبة باقرار حقيقة هامة، و هي ضعف الحركة الديمقراطية و تشتتها و افتقارها الى الرؤية الواضحة و البرنامج الديمقراطي الواقعي المجسد لامال و طموحات اوسع الجماهير المحرومة. هذه الحقيقة اكدتها نتائج الانتخابات للجمعية الوطنية في نهاية كانون الثاني المنصرم، حيث لم تحصل عشرات من الاحزاب و القوى التي اعتبرت نفسها من القوى الديمقراطية، و التي تنافست فيما بينها، على اية نتائج تذكر مقارنة بما حققته الائتلافات و التحالفات القومية و الطائفية الاخرى .

من الهام ان نقر بان هناك بلبلة و اختلاف حول تحديد طبيعة و ماهية القوى الديمقراطية العاملة و الناشطة في الساحة السياسية العراقية. فالكل يدعي بالديمقراطية و يتسمى بها. ومن الصعب جدا تحديد ما يميز خطابات و بيانات و برامج هذه القوى. و من الاصعب ان تجد فيها من يمتلك تقاليد ديمقراطية واضحة و من يعتمد العمل الديمقراطي في تنظيم وضعه الداخلي و تحديد برنامجه. و هناك قوى تعتبر نفسها ديمقراطية تقليدية ارتباطا بتاريخها النضالي الطويل ضد الدكتاتورية، و اخرى تعتبر نفسها يسارية و بذلك تعتبر نفسها من القوى الديمقراطية دون جدل. بالاضافة الى مجموعات كثيرة تعتبر نفسها من القوى الساعية الى بناء المجتمع المدني و ذلك بشكل ديمقراطي.

ما الذي يمكن ان يفرز و من ثم يجمع كل هذه القوى لتتحول الى حركة سياسية فاعلة و نشطة تستطيع تحريك الجماهير و كسب ثقتها و استخدام طاقاتها الخلاقة لتطوير الديمقراطية و ترسيخها؟
ان الذي يمكن ان يجمع القوى الديمقراطية الحقيقية المتفهمة لواقع المجتمع العراقي و حركية و تفاعل العوامل الداخلية و الخارجية، هو سعيها و نضالها الحقيقي من اجل الحقوق الانية اليومية الاساسية للجماهير، و النضال في الوقت ذاته من اجل مصالح البلد و الشعب الستراتيجية. ان الذي يمكن ان يفرز القوى الديمقراطية الحقيقية، هو و قوفها بصلابة و وضوح ضد كل من يستخدم نفوذه و سلطته للتجاوز على مصالح الجماهير ولنهب ثروات البلد، و هو ايضا فضح و تعرية المفاهيم و القيم و التقاليد البالية و الانتهازية و الشوفينية و المتخلفة، و تحصين الجماهير ضدها، و دعوتها و استنهاضها وتنظيمها و قيادتها في النشاطات و الفعاليات و النضالات الديمقراطية السلمية. ان ما يمكن ان يفرز و يجمع القوى الديمقراطية الحقيقية و المناضلة هو النضال المشترك و فق برنامج نضالي واضح المعالم، يتبنى مطالب السواد الاعظم من ابناء العراق في توفير الامن و الكهرباء و المياه و الادوية و الخدمات الصحية و الاجتماعية الاساسية و توفير العمل والتربية و التعليم المعاصر وغيرها من مستلزمات الحياة الكريمة.
ان القوى الديمقراطية الحقيقية، هي القوى التي ستلتقي في ساحات العمل و في سياق قيادة الجماهير لبناء منظماتها المهنية بشكل ديمقراطي، و التي ستتحاور و تتعاون و تتحالف من اجل مصلحة الناس و تطوير حياتها، و لتعرية كل من يدعي بالديمقراطية لكي يثري على حساب الناس و يعزز سلطته و يعبث بامن البلد و مصالحه العليا.

على القوى الديمقراطية الحقيقية ان تبدأ قبل فوات الاوان، عليها ان تبادرالى الحوار الجدي و الهادف و الشفاف و المعلن للجماهير ومن دون وضع شروط مسبقة. عليها ان تتوجه نحو الهدف الرئيسي الذي هو خدمة الجماهير، لتتفق على برنامج للعمل على تحقيقه. عليها التفاهم و ابداء المرونة و تجاوز القوالب و الثوابت الايديولوجية و الالتقاء الديمقراطي من اجل كسب الجماهير و التعبير عن حاجاتها الملحة.
ان نتائج الانتخابات و ما ترتب على ذلك و تقاسم السلطة بين المنتصرين بالشكل المعلن، يضع كل من يريد تطوير العراق و تحريره و ترسيخ الديمقراطية الحقيقية فيه، من المثقفين و الاكاديمين و الفنانين و الناشطين في كل المجالات و مع السياسين و الالاف من المناضلين ضد الدكتاتورية الواقفين اليوم موقفا لااباليا، بل و سلبيا، امام مهمة العمل على تجميع القوى و المجموعات و الاشخاص في حركة ديمقراطية فعالة و نشطة، من اجل التاثير على الاحداث و تعبئة الجماهير و تكوين رأي عام ديمقراطي، و من اجل مستقبل افضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة