الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار المحتضر

حمزة مفيد عرار

2013 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قامت الثورة الفرنسية "1788- 1799" ، وانهارت كل النظم السائدة ولو انهيارا على المستوى الشرعي والشعبي ، وبدى للكل ان هذا النظام هو الامثل ليمثل الشعوب ، ومن الشعوب ننطلق الى تاسيس دولة تراعي هذه الطاقات ، وليس ذلك غريبا فالافكار التي برزت ابان الثورة الفرنسية مغرية جدا لطبقات الفلاحية والشعبية ككل ، والى ما دعت هذه الافكار وترويج تصوراتها عن الدولة والشعب، وكانت هذه هي مرحلة انطلاق الفكر اليساري بالمفهوم التجريبي وعلى النحو السياسي.
ولست بصدد الغوص في خبايا تلك الفترة ، وانما اردت ان اقدم قاعدة اولى انطلق منها الى قاعدة ثانية وهي اليسار العربي ، الذي استقى افكاره من هذه الحركات فاسس الحركات التي كانت بطبيعة الحال يسارية قومية ، و للفلسطينيون والسوريون الدور الابرز بتقديمها الشخصيات الاكثر ثراء على مستوى هذا الفكر وقدرتهم على التعاطي الامثل مع هذه الافكار والايدولوجية ككل ، وكان اول حزب شيوعي في الوطن العربي يؤسس هو الحزب الشيوعي الفلسطيني سنة 1919 ولحقة الحزب الشيوعي السوري سنة 1924 ، فمن القليل الذي سبق ، للفلسطيني الدور الاكبر والابرز لهذا الفكر واول من اسسوا الاحزاب بالمعنى السياسي الكامل ، وهذه هي القاعدة الثانية .
قامت حرب 1948 ، واوضحت نتائجها واقع الامة العربية المرير ، وكان لا بد من افكار تنخرط بهئيات عصرية سياسية بذاك الوقت لتعاطي مع الواقع الجديد ، وفي ظل تخاذل الحكومات والانظمة العربية ، تاسست حركة القوميين العرب المنبثقة عن العروة الوثقى على يد طلاب الجامعة الامريكية ببيروت وكان ابرزهم جورج حبش ووديع حداد واخرين من العراق وسوريا والكويت ، ومثلت حركة القوميين العرب طموح كل الشاب لتعبر عن طموحهم وامالهم ، ومحورا اصيلا وغنيا في التعاطي مع القضية الفلسطينية والعربية ككل ، واصبحت مدرسة تعلم فيها الكثير من السياسين الذين انخرطوا فيما بعد باحزاب سياسية اخرى او اسسوا احزاب جديدة ، الى ان غدت الحركة رحما لاحزاب انبثقت منها ، كالجبهة الشعبية والديمقراطية ...الخ ، ومع كل هذه الاحزاب واختلافا لرؤياتها الا انها نبعت من فكر واحد ، وكان لها الدور الابرز في النضال الوطني وهذه هي القاعدة الثالثة .
ساكتفي بهذه القواعد للانطلاق الى واقع اليسار الفلسطيني والذي يمثل بحاله حال اليسار العربي ، كما ذكرت انفا، لليسار الدور الابرز في كل شيء بالثقافة بالنضال بالهوية ....الخ ، ولكن واقع اليسار اليوم يكاد يكون معدوما ، فقد مثلوا الشارع على مدى قرابة قرن ، وللاسف ابناؤوه الان ليسوا بالشارع ، وكانهم تنكروا لاغناني رددناها ورددها قبلنا جيل الانتفاضة "انزلنا على الشوارع ويا ولاد حارتنا " ، وبطبيعة الحال الكوادر مختفية جدا ومكتفية ببعض الاعمال لاجل الارشيف الصوري ، اين هم ؟! ما هي رؤيتهم ؟! ما هي تصوراتهم؟! ، غريب هو حاضرهم ، ففي وقت كان الكل يستعير منهم تصوراتهم ورؤيتهم ، غدوا الان فاقدين لها .
جامعة بير زيت ، جامعة الشهداء ، جامعة الانتفاضتين ، جامعة القضية، ان جامعة بيرزيت تمثل الجامعة الاكثر بروزا بالساحة وليس بالمستوى الاكاديمي فقط ، الا انني قصدت انها تمثل ساحة صراع عنيفة لسياسيين والاحزاب السياسية ككل ، فنتائج الانتخابات فيها ، هي مؤشر للانتخابات الاخرى ، البلدية والتشريعية والرئاسية ، وهذا واضح من مراحل سبقت خلال 10 سنوات خلت ، اليوم هو 10/4/2013 تاريخ انتخابات مجلس الطلبة في جامعة بير زيت ، فمن النسب الاستطلاعية ، والنتائج النهائية ، كان اليسار غائبا وغائبا جدا ، خاض الانتخابات وليته لم يخضها ، فلو استثمر ما بذل على اعادة النظر في مسارهم وفي طرقهم في التعاطي مع الحاضر ، وتصوراتهم الحالية للمرحلة القادمة لكان اولى ، النتائج كالاتي ، فتح بكتلتها 23 مقعد ، حماس بكتلتها 20 مقعد ،7 مقاعد للقطب اليساري"كل اليسار" والمبادرة الوطنية مقعد اذا اعتمد ، اي ان حماس وفتح لهما الحصة الاكبر ولهما كل اللجان الاساسية بالمجلس ولهم الرئاسة بطبيعة الحال ، قل : لهم كل شي .
ان حال الواقع الفلسطيني يمثل احتقانا كبيرا وصارخا تجاه حركتي حماس وفتح الا انه مع كل هذا الاحتقان باستحواذهما على كل السياسة الفلسطينة والراي العام ، كان يجب ان تحرف البوصلة نحوهم اي نحو اليسار الا ان هذا لم يحدث ، وترى اليسارين او سياسي هذه الاحزاب اكثر من يجلسون على الشرف ينظرون وينظرون والساذج من المستمعين يظن ان القضية بين ايديهم تتدحرج ، ولكن العكس هو صحيح ، ولمن يقول لي : بان الجامعة لا تمثل الشريحة الاكبر ، الجواب واضح وصريح الانتخابات القادمة اتية لا محالة ، وسنرى فوزهم بمقعد في البلديات ، ونسبة واحد ونصف بالمئة بالرئاسة ، ومقعدين او ثلاثة بالمجلس التشريعي ، وان اردت ان تشقيني بجدالك وتقول لي :حماس وفتح بعطلون الانتخابات ويضعوا العراقيل امامها ، اقول لك وببساطة : انت جاهل بالسياسة ، فكل العراقيل الموضوعة من قبلهم ، كلها موضوعة لاجل كسب الوقت ، ليعيدوا ترتيب امورهم ، ليجهزا اوراق اللعبة للمرحلة القادمة وقد تستغرب ان حماس وفتح لا تقبل ان تخوض الانتخابات الكبرى قبل انتخابات الجامعات ، فكما اسلفت هي مؤشر لهم لما سياتي ، وكتغذية راجعة لتجهيزاتهم .
بالنهاية ولاننا مجتمع تقليدي بامتياز ، سيظن البعض انني يساريا ، انا لست يساريا ولكن يؤلمني حاله، كفلسطيني كاقل تحديد ، فهم يمثلوا تاريخا طويلا ، يؤلمني ان ارى بعض من تولوا امرهم يقبرون هذا التاريخ ، ليحولوه الى مؤسسات " ان جي اوز " ،فالسؤال الذي اريد كفلسطيني وكعربي جوابه : اين اليسار ؟!! واكرر انا لست يساريا.
ملاحظة : وانا اعد هذا المقال ورد خبر استشهاد الاسير علي نزال قبل قليل في سجون الاحتلال ، وهو مسجون في سجن نفحة الاسرائيلي ،ولكن سؤالي الان اين انت ايتها الامة ؟!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ