الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يستطيع تخفيف الاحتقان الطائفي في البحرين ؟

عبدالرحمن النعيمي

2005 / 4 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


أحد أئمة المساجد المحسوبين على تيار الغلو والتطرف والتكفير الديني في البحرين، طالب يوم الجمعة بالزحف على منطقة شيعية للتأكيد على حضور الآخر في المنطقة!! فتصدى له أحد أعضاء جمعية العمل الوطني الديمقراطي، موضحاً للمواطنين ان دعوة هذا الخطيب تعنى الفتنة التي لا يعرف إلا الله نتائجها. وان من الضروري ان يقوم رجال الدين بالدعوة إلى الوحدة الوطنية والتماسك والتعاضد في وجه مخططات التمييز والتفتيت التي يقوم بها البعض والذين لهم المصلحة الحقيقية في عدم وحدة الشعب وتماسكه.

وكان الناس أوعى وأكثر وطنية من الخطيب الذي انفض الجمع عنه.

يوم السبت كان يوماً وطنياً بامتياز، انه الذكرى الأربعين لوفاة الحاج إبراهيم محمد حسن فخرو، آخر الثمانية من قادة هيئة الاتحاد الوطني التي وحدت شعب البحرين في الخمسينيات من القرن المنصرم، وخاضت نضالاً شعبياً كبيراً أجبر السلطة على الاعتراف بها كحزب سياسي فتح آفاق العمل للقوى الأخرى، إضافة إلى دور الهيئة في تشكيل اتحاد العمل البحريني الذي كان أول اتحاد عمالي في المنطقة لجميع العمال والمستخدمين تمكن من انتزاع أفضل قانون عمل عرفته البحرين «رغم تعطيله لاحقاً، ورغم تلاعب السلطة وإلغاء الكثير من المواد الجيدة التي تضمنها آنذاك»، وبرهنت هذه الحركة السياسية عن قدرتها على توحيد كل الشعب وتوجيهه ضمن المسارات الوطنية والقومية التي فرضتها تلك المرحلة.


كانت المناسبة فرصة وطنية حضرتها كثرة من القيادات الوطنية والديمقراطية، خاصة من التيار الرافض للطائفية الذي يرى الخطر الحقيقي على كافة قضايا الوطن في هذا المرض العضال الذي يختفي وراء الكثير من الشعارات، وغابت عنها بعض رموز الحركة الإسلامية الشيعية التي كان من المفترض ان تكون في مقدمة الصفوف، للتأكيد بأنها حريصة على ترجمة الموقف التاريخي لقادة الاتحاد الوطني الذين وحدوا صفوف الشعب ورفضوا أي تمييز بينهم، واعتبروا مطالبهم مطالب كل الشعب، وليست مطالب فئة دون أخرى.

وسيقام يوم الأحد «الرابع من ابريل» مهرجان خطابي كبير في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي، دعت إليه الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري والجمعيات السياسية الأربع «العمل الديمقراطي والوفاق الوطني والعمل الإسلامي والتجمع القومي» وبالتنسيق مع المنبر الديمقراطي والوسط العربي الإسلامي الديمقراطي، دفعاً عن الحريات العامة التي تقوم السلطة يوميا بالتهديد بالتخلى عنها، لردع القوى المعارضة عن القيام بأي عمل قد يعرقل مشاريعها أو يكشف حجم الانقلاب الذي قامت به صبيحة الرابع عشر من فبراير 2002، عندما قدمت دستوراً جديداً أسس لكل الخلافات السياسية الحالية التي نشاهدها في البحرين، وعمق النزعة الطائفية بما أشاع من أوهام بأن السلطة تريد تحجيم تيار ديني على حساب تيار ديني آخر.. وان مخاوف السلطة طائفية بالدرجة الأساسية، مما دفعها إلى التمييز السافر بين المواطنين والتلاعب المسبق في الدوائر والناخبين للوصول إلى نتائج تريحها في المجلس نصف المنتخب.

تؤكد القوى الديمقراطية انه لا يمكن الحصول على الحقوق الدستورية دون تحقيق الوحدة الوطنية.

وترى السلطة انها تستطيع السير في طريق الانتهاك الدستوري إذا تمكنت من الإمساك بالمسألة الطائفية وحركتها بحيث لا تخرج عن الدائرة المرسومة لها، وبالتالي تعمق الشرخ بين المواطنين على أساس مذهبي، موهمة البعض بأن المطالبة بالتعديلات الدستورية شأن شيعي رغم حضور القوى الديمقراطية بقوة في المعادلة، لكن الحشد الشعبي يوحي وكأنه لمصلحة طائفة دون أخرى، وبالتالي فإن من المفيد للطرف الآخر ان يقف مع السلطة وان يرفض الحديث عن أي تعديل دستوري بل وان يزايد على السلطة في رفضه لحقوق ناخبيه، ولحقوقه كقوى سياسية أو برلمانية من مصلحتها ان يكون التعديل الدستوري حسب ما نص عليه ميثاق العمل الوطني وضمن الآلية التي نص عليها الدستور الساري المفعول انذاك، وللتأكيد للسلطة بأن الوعي السياسي في البحرين من الدرجة التي لا يمكن لأي مكرمة ملكية ان تخدعه وتضعفه أو تجعله يتخلى عن مهماته في الدفاع عن المكتسبات الشعبية.

وبالرغم من الدعوات المتكررة من قبل رجال الدين من الطائفتين بضرورة الحوار والتقارب بين المذاهب، إلا أن الحياة تؤكد عجز الطرفين عن الوصول إلى تفاهم، بل إن البعض يتوهم بأن الحلول الأمريكية في العراق - حيث أقامت الولايات المتحدة ديمقراطية الطوائف - قد تكون مفيدة للبلدان العربية الأخرى، حيث ينقسم الشعب الى شعوب مذهبية ولاؤها للطائفة والمرجعية الدينية أكثر من ولائها للوطن والشعب والأمة. وبالتالي فإن قدرة التيارات الإسلامية على العمل المشترك ضعيفة للغاية إلا إذا تمكنت من تجاوز التاريخ وصراعاته التي تتغذى منها وتسعى إلى إسقاط الحاضر على الماضي في الصراعات السياسية التي تحولت إلى مذهبية غير مفيدة في الوقت الحاضر.

من هنا تبرز أهمية الدور الذي يمكن للتيارات الديمقراطية «القومية واليسارية واللبيرالية» أن تقوم به، ليس رداً على مشروع الأمريكان الطائفي الديمقراطي، وليس رداً على مشاريع الضحك على الذقون التي تروجها السلطة في منطقتنا العربية تحت شعار الإصلاح من الداخل، وإنما عبر استلهام الواقع الشعبي والمطالب السياسية والاقتصادية وتبني هذه المطالب بالتأكيد على ان الإصلاح السياسي الدستوري هو حجر الزاوية في الإصلاح السياسي المطلوب في الوقت الحاضر ليس فقط في دول مجلس التعاون وإنما في المنطقة العربية برمتها.

والتحدي الكبير الذي يراه البعض يكمن في قدرة القوى السياسية الديمقراطية على تجاوز صراعاتها الصغيرة وان تقدم المثل للآخرين بأنها قادرة على توحيد صفوفها والتفتيش عن القواسم المشتركة بينها من أجل الوطن والشعب والتأكيد على قدرتها على الحوار والتقارب أكثر بكثير من الحوار بين المعارضة والسلطة، وتفوقها على التيارات الإسلامية المتناحرة في التاريخ والتي لا يمكن تقريبها طالما بقيت أسيرة صراعات التاريخ وتمترست وراء عقلية التكفير السائدة في صفوف غلاة دعاتها.

فهل تستطيع القوى الديمقراطية ان تغادر عقلية التكفير لبعضها البعض؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية