الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجذور التاريخية لازمات العراق ... أسباب وعبر

محمد البستاني

2013 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الجذور التاريخية لازمات العراق ... أسباب وعبر

لبناء أي دولة يعتمد عدة أسس أهمها نوع نظام الحكم , والدستور المنظم للعلاقة بين الدولة والمواطنين
نظام الحكم :
لدراسة أي ظاهره أو أزمة سياسية لابد من دراستها وفق سياقها الدستوري فبعد غزو القوات الدولية للعراق لتغير نظام الحكم بالقوة برزت الصراعات الاثنية والطائفية والمناطقيه نتيجة وضع العراق الخاص والتحول من الحكم الاستبدادي والديكتاتوري على مدى مئات السنين وخاصة مروره في الفترة الأخيرة بنظام حكم شمولي , تولدت ألحاجه إلى نظام سياسي يمنع عودة الديكتاتورية والحكم الشمولي فكنا أمام خياران من أنظمة الحكم هما :
( النظام الديمقراطي – والديمقراطية التوافقية ) لتنظيم العلاقة ما بين المواطن وسلطة ألدوله باعتبارها مالكه والراعية لشؤون المواطنين .
فالنظام الديمقراطي هو فكره سواء في سياقها التاريخي أو الخلاصات الفكرية لها والتي تعني الفائز بأكبر عدد من الأصوات وتقسيم السلطات حيث نشأة هذه النظرية الكلاسيكية من تلخيص تجربة الديمقراطية المبكرة في (انكلترا - فرنسا ) وهذه البلدان غلب عليها التجانس القومي وهو تجانس لا يقسمها إلى أقليات واكثريات دينيه واثنيه آو ثقافيه لكن التجانس القومي لم يكن القاعدة ألشامله في كل دول العالم زد على ذلك الحراك الاجتماعي الناشئ عن العولمة بدأ يلغي أو يجزا هذا التجانس (القومي – الثقافي ) في البلدان النموذجية ويكاد يوجد اليوم (15) دوله تستطيع الزعم بأنها متجانسة , فعمليا يشتغل حكم الأكثرية حسنا عندما تكون الآراء موزعه على نمط واحد عندما يوجد إجماع لا يستهان به ولا تكون الأكثرية والاقليه متباعدتين جدا لكن في النظام السياسي ذي القطاعات السكانية المنفصلة بوضوح والمتعادية تقريبا فان الحكم الصارم بالأكثرية يعرض وحدة النظام وسلامته إلى الضغط الشديد (وهذا ما امتازت به سمة العلاقات ألمجتمعيه في العراق بعد 2003 ) من هنا برز مبدأ الأغلبية و الاقلية السياسي الذي سيتحول إلى أغلبية واقليه قوميه وبالتالي ينشأ عن ذلك استبداد الاكثريه وفق النظام الديمقراطي الكلاسيكي . انطلاقا من ذلك حاول السياسيون والمفكرون إيجاد حلول لهذه المعضلات في اتجاهين :
الاتجاه الأول : النظام الفيدرالي أو الحكم الذاتي لضمان الحقوق ألقوميه للقوميات ذات الاقليه العددية وهو استلهام للتجربة ألفيدراليه ( الامريكيه والالمانيه ) التي برزت بدافع الحد من استبداد المركز .
الاتجاه الثاني :ألديمقراطيه التوافقية التي نشأة من ألحاجه إلى توسيع ديمقراطيه الاغلبيه المعهودة وهي تأكيد على فشل النظام الديمقراطي للاكثريه المألوف وأول المساعي لبناء التوافق المعهود كان في اوربا ألغربيه في العصر الحديث منها ( بلجيكا / هولندا / سويسرا ) والتي كانت وليدة حاجات عمليه في مجتمعات منقسمة وغير متجانسة من الناحية الاثنيه والدينية وهذه ألنظريه انطلق النقاش حولها في العالم العربي أواخر الثمانينات بعد الحرب الاهليه اللبنانية ولعل في ماضينا وجود ما يشير إلى هذه التجربة زمن الحكم العثماني والمتمثل في نظام الولايات العثماني للحفاظ على استقلال الجماعات الدينية وكان لرواج ألفكره ألقوميه الكردية إلا تعبيرا عن الانتقال من عالم الولايات إلى عالم المواطن المجرد لتجاوز الانقسام الديني .
واهم ما يميز التجربة الديمقراطية ألتوافقيه هو أربعة عناصر :
1. حكومة أتلاف او تحالف واسع
2. مبدأ التمثيل النسبي في الوزارات وإدارة المؤسسات
3. حق الفيتو المتبادل للأكثرية و الأقليات لمنع احتكار القرار
4. الاداره ألذاتيه للشؤون الخاصة بكل تجمع مدني
من هنا يمكن القول ان في الحياة السياسية الحقيقية يحد شرط الرابح والخاسر من قابلية (الحجم ) للاتلافات على التشكيل وهناك نوعين من المجتمعات منها المتجانسة ذات درجه عاليه من الإجماع حيث تعتبر المكاسب ألمشتركه امرأ مفروغا منه , ومجتمعات متناقضة تكون مجتمعات موسومة بالخلافات والعداوات الشديدة باعتبارها لعبه وحربا
لذلك تم اختيار النظام الديمقراطي التوافقي والعمل على صونه منذ التغير ابتداء من ألمرحله ألانتقاليه مرورا بمجلس الحكم وحتى الانتخابات التي جرت بعدها , ولقد شاعت كلمة توافقية شيوعا كبيرا في العراق فيما بعد الحرب والسمة التي ميزتها هي :
- أن الزعماء السياسيين تحكموا في ألعمليه ألسياسيه .
- تشكيل الائتلافات الواسعة منتهكين القاعدة ألقاضيه بان تحصل الحكومة في الانظمه ألبرلمانيه على تأييد الاكثريه وبعد تشكيل كل حكومة تظهر أصوات تأكد على الأغلبية ألساحقه والنسبة الذهبية ( %99,99) التي لا زالت تعشش في عقول بعض سياسينا
- ظهور الائتلافات الصغيرة والتي لم تسمح بوجود معارضة ديمقراطية فعاله بالإضافة إلى أن تشكيلها خضع لمفهوم ينطبق على اتفاقات خاصة حول تقاسم الأرباح .

ألغام الدستور
يجب لا ننسى ان قرابة ثمانين عاما عاش العراقيون في ظل دساتير حكومية مؤقتة ولم يحظ تاريخه بأي دستور دائم سوى دستور العهد الملكي عام (1924 ) والذي جاء ثمرة تلاقح قوى وأفكار عدة بالرغم من الاختلافات ألسياسيه والتمثيل شبه البرلماني ,
وعند كتابة الدستور نعود مرة أخرى لنقع بأخطاء تكاد ان تكون مزمنة فظهرت ألمشكله في الدستور الجديد مركبه تقوم في معالجة اختلالات الماضي ومنع تكرارها لكن ألمشكله أيضا تقوم في توزيع منابع السلطة والثروة فاختار العراقيون صيغة لحل ألمشكله الثنائية ( الكردية - التعددية الطائفية ) كما اختاروا النظام اللامركزية صيغة لحل مشكلة الاحتكار المركزي للسلطة
غير أن الرغبة ألقديمه المتبطنه باحتكار السلطة تستمر في صيغ جديدة لدى بعض القوى وتثبت ميول الاحتكار هذه على خلفية تحويل الاختلافات ألمذهبيه الى إيديولوجيات تعبئه سياسيه وانتخابيه (لجهة المشاركين في الحكم ) , لتقوى الهويات ألمذهبيه والاثنيه وترسخ كل لحظه مستفيدة من الفراغ الحاصل في غياب القانون وسلطة المجتمع فكتب الدستور بعد صراع طويل بين الكتل والفرقاء المتخاصمين وولد مشوها يحمل بين طياته ألغاما قد تنفجر بأية لحظه ذاهبة بالبلاد إلى التقسيم ومصير مجهول تلغيه ككيان وبلد مستقل ومن هذه المواد :
- هناك أكثر من (54) ماده دستوريه لن تطبق إلا بموجب قانون فرعي خاص يسن وهذا يتطلب سنوات من الجهد التشريعي و التوافقيات ألسياسيه مما يعني ان الدستور لن يأخذ شكله النهائي إلا بعد فتره طويلة .
- ان تطبيق الدستور في صياغته ألنهائيه يتوقف على تشكيل الهيئات المستقلة منها
(ألمحكمه ألاتحاديه / المفوضية العليا المستقلة للانتخابات / مجلس القضاء الأعلى) و لا نزال نعيش خضم صراعات تشكيلها وبعضها صودر من القوى المتنفذة .
- أن الدستور الجديد انقلب على النظام التوافقي وتحوله الى نظام الأغلبية مقد حدد قانون إدارة الدولة بمجلس رئاسي ثلاثي يحق لكل عضو فيه حق النقض (الفيتو ) لكن الدستور الجديد أزاح المجلس الرئاسي التوافقي واحل محله الرئاسة بروتوكوليه كما جاء في المادة (64 -74 )
- الحد من الحريات ( حرية التعبير والصحافة / الاجتماعات العامة / حق التظاهر السلمي ) كما جاء في المادة (36 )
- توزيع الموارد وعائديتها وقانون النفط والغاز كما في المادة (108 )
- المناطق المتنازع عليها والتي لم يحدد طبيعتها الدستور كما جاء في المادة (140)

أخيرا .. الديمقراطية التوافقية كنموذج معياري تفترض على النخب السياسية أن تتمتع بدرجه عاليه من حرية الاختيار ويجب ان تلجأ إلى الطرق التوافقية في صنع القرارات جراء الاعتراف بالميول اللامركزية في المجتمعات التعددية والسعي الإداري لدرئ هذه المخاطر و أود أن أشير إلى رأي جان جاك روسو القائل ( كلما كانت المسائل التي تتناقض أهم واخطر شانا كان على الرأي الذي يجب ان يسود يكون اقرب إلى الإجماع )
لكن يبقى هناك فارق هائل بين إرساء دوله توافقية مستقرة وبين سعي كتله من هنا أو هناك إلى ضمان مصالح استمرارها في الحكم دون قيد أو تفويض يقوم على الأداء والمصداقية . محذرين من خطورة طرح تشكيل حكومة الأغلبية السياسية مستغلين جهل وعدم معرفة اغلب المواطنين بالدستور وبمواده ولتراكم الرؤية ألجمعيه الموروثة لنظام السيد والقوي والولي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار