الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الثقافي العراقي الان !

فليحة حسن

2013 / 4 / 11
الادب والفن


يبدو المتحدث عن المشهد الثقافي العراقي بعد عشر سنوات من التغيير كالخائض في كثيب من رمل متحرك ،يفتقد الى بقعة من أرضية صلبة صالحة فعلاً للوقوف عليها والإعلان عما حوله ،
فليستْ الثقافة العراقية تعيش بمعزل عما يدور حولها من خراب مهول عمد الى سحق الحياة بكافة أصعدتها بل نراها مجبرة على أن تكون في تلك الدائرة شاءت أم أبت،
وأنى لها أن تكون بمنأى عن ذلك الخراب وقد تسرب ووصل الى أعماق الحياة التي لم يسبر غورها من قبل؟!
الأمر الذي جعلها وللأسف تتماها معه فتظهر ثآليله على جبينها وتتشوه صورتها ،
ففي زمن الانترنيت ،هذه الآلة الخطرة التي أغوت الكثير من العاطلين عن الموهبة والمعطلة قدراتهم الإبداعية بالكتابة ونشر كل ما لا يشي بالجمال، الأمر الذي أدى الى ظهور عدد كبير ممن ينتسبون الى الشعر جزافاً والذين تناسوا نصيحة الشاعر والروائي ( تشارلز بوكوفسكي ) حين تحدث عن كتابة القصيدة قائلاً :
*(إذا لم تخرج منفجرةً منك،
برغم كل شيء
فلا تفعلها.
إذا لم تخرج منك دون سؤال،
من قلبك ومن عقلك ومن فمك ومن أحشائك
فلا تفعلها.
إذا كان عليك أن تجلس لساعات
محدقًا في شاشة الكمبيوتر
أو منحنيًا فوق الآلة الكاتبة
باحثًا عن الكلمات،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها للمال
أو الشهرة،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها
لأنك تريد نساءً في سريرك
فلا .. تفعلها.
إذا كان عليك الجلوس هناك
وإعادة كتابتها مرة بعد أخرى،
فلا تفعلها.
إذا كان ثقيلًا عليك مجرد التفكير في فعلها،
فلا تفعلها.
إذا كنت تحاول الكتابة مثل شخص آخر،
فانس الأمر.
إذا كان عليك انتظارها
لتخرج مدويّةً منك،
فانتظرها .. بصبر.
إذا لم تخرج منك أبدًا،
فافعل شيئًا آخر.
إذا كان عليك أن تقرأها أولًا لزوجتك
أو صديقتك، أو صديقك
أو والديك أو لأي أحد على الإطلاق
فأنت لست جاهزًا.
لا تكن مثل كثير من الكتّاب،
لا تكن مثل آلاف من البشر
الذين سمّوا أنفسهم كتّابًا،
لا تكن بليدًا ومملًا ومتبجّحًا،
لا تدع حب ذاتك يدمّرك.
مكتبات العالم قد تثاءبت حتى النوم
بسبب أمثالك.
لا تضف إلى ذلك.
لا .. تفعلها.
إلا إن كانت تخرج من روحك كالصاروخ،
إلا إن كان سكونك سيقودك للجنون
أو للانتحار أو القتل،
لا تفعلها.
إلا إذا كانت الشمس داخلك
تحرق أحشاءك،
لا تفعلها.
عندما يكون الوقت مناسبًا،
إذا كنت مختارًا
ستحدث الكتابة من تلقاء نفسها
وستستمر بالحدوث مرة بعد أخرى
حتى تموت
أو تموت هي داخلك.
لا توجد طريقة أخرى.
ولم توجد قط.)
نعم تناسى كل هذه النصيحة الكبيرة من كاتب سبر غور القصيدة وعمدوا بكتاباتهم غير المسؤولة الى إفساد ذائقة المتلقي بأنواعه، فصار الأخير يحتار إذا رغب في قراءة نصوص مبثوثة في مواقع تسمي نفسها بالأدبية أو الثقافية متسائلاً هل ما ينشر اليوم هنا من كتابات هو شعر فعلاً ؟
وإذا كان الأمر كذلك فإلى أي نوع من أنواع الشعر ينتمي؟
ولماذا غابتْ عنه أدوات التأثير حتى صار ما فيه لا يهزني ؟
أم إن اختلاف الأزمنة وتوالي الأحداث الكبيرة الموجعة على أرواحنا نتج عنه شعراً مغايراً لما سبق؟
وإذا كان الأمر كذلك فعلاً، فلماذا حافظت المعلقات وروائع المتنبي ودرر السياب مثلاً على مكانتها في التأثير وهي المنتمية الى أزمنة وأمكنة متغايرة ومتباينة فيما بينها وعن الآن أيضاً ؟
فإذا ما تحولنا الى طباعة الكتب وتوزيعها فإننا نرى وبغياب الدور الحكومية الرصينة المتخصصة في نشر الكتاب العراقي و توزيعه إن عدداً هائلاً من الكتب التي لا تنتمي لشيء قد ُطبعتْ وتم توزيعها في دور خاصة وبطباعة فاخرة أُنفقتْ عليها آلاف الدنانير كون أصحابها يمتلكون زمام المال فعوملتْ كتبهم هذه معاملة البضاعة المتاجر بها،
ولم يعد اسم المبدع –كما سابق العهد - هو المسوّق الرئيس لكتاب صاحبه ، بل صار الإعلام الدعائي يعمل على تكريس ما هو مجانب للإبداع معلياً كفة الربح المادي على سواها ،بينما بقيت مئات الكتب المهمة والجديرة بالنشر تتثاءب كمخطوطات في أدراج أصحابها لأنهم غير قادرين على دفع مبالغ الطبع والتوزيع الباهظة !
وفي مجال الصحافة الثقافية المتخصصة وبعيداً عن الزمن الماضي الذي كان فيه كل هاو للثقافة أو حالم بان يكون واحد من أفرادها يقتني منها مكتبة تمثل له كنزاً يتباهى في داخل ذاته بقراءتها ،بل انه ليصاب بحزن وخيبة حال نفادها من المكتبات دون أن يقتني نسخته منها ،
صرنا اليوم نبحث عن الصحيفة أو المجلة الثقافية المتخصصة فلا نجدها إلا بعسر شديد لقلة حضورها مقارنة بالصحف الحكومية العامة أو المجلات المختصة بالشأن السياسي أو صحف الأحزاب الدعائية ،
فإذا ما عثرنا على واحدة تسمُ نفسها بالثقافية لم نرها خالصة لما تدعي، بل نرى صفحات الإعلانات الممولة وصفحات أخبار الفنانين و الأزياء وأبراج الحظ والصفحات الرياضية تسيطر على المساحة الأكبر منها ، وما تبقى تنفرد به أسماء غير راكزة في أيما حقل من حقول الإبداع ،
بينما غابتْ مصادر الثقافة الأخرى الأكثر شعبية والمتمثلة بالمسرح باختلاف أنواعه عن الساحة الثقافة العراقية وصرنا لا نسمع بالنص المسرحي الجاد إلا كنص معد للمشاركة في مسابقات داخل العراق وخارجه،
بينما احتفظ الفلم العراقي ومن زمن طويل بغيابه عن الأنظار، فلا توجد في ذهن المتابع العراقي لهذا النوع من الثقافة الآن سواء أسماء أفلام ربما لم يكن هو من المعاصرين لحياة ممثليها ، مثل فلم ( علية وعصام ) ،(الجابي ،لأسعد عبد الرزاق ) ،(وسعيد أفندي) ، (بيوت في ذلك الزقاق) وغيرها من الأفلام التي تنتمي الى زمن مضى ،
فقد توقف الفلم السينمائي العراقي الآن أيضاً عند حدّ التمثيل والتوزيع والإنتاج خارج العراق وبإمكانيات بسيطة جداً ولغرض مخطط له سلفاً هو المشاركة في المهرجانات السينمائية (كمهرجان الدوحة )، (الخليج السينمائي) و(مهرجان دبي السينمائي)، بغية الفوز ليس أكثر،
وتناسى من يعمل في هذا القطاع الثقافي المهم لهفة الشارع العراقي في البحث عن متنفس له يستطيع من خلاله أن يقوم بمشاهدة ومتابعة ما تعجز اللغة على القيام به من إفصاح ،أليستْ السينما كما يقول بارت : ( تبدأ من حيث تنتهي اللغة)
لذا ويبدو من كل ما سبق إن الثقافة العراقية تحتاج -كما المجتمع العراقي- الى جيل من المفكرين الذين سيسعون الى وضع خطط إصلاح كبيرة بمقدورها أن تنهض بحالها من جديد وتعيدها الى سالف عهدها حين كانت الثقافة هي وجه العراق الساطع والنقي،
وبدون ذلك يكون الحديث عن مشهد ثقافي عراقي محض حديث عن حكايات وقصص تعود الى زمن انقضى ليس أكثر !


*القصيدة بترجمة محمد الضبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??