الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيانان الأخوان المسلمون ورفعت الأسد يدعوان للمصالحة الوطنية والديمقراطية!!

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 4 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من الصور التي أذكرها من طفولتي، والتي أثرت عليّ لفترة زمنية ليست بالقليلة، صورة التقطتها ذاكرتي في مابين عامي 1981-1982 من القرن الماضي في محافظة دير الزور، وهي لصورة الحرائق والدمار التي تسببت بها كما كنا نسمع وقتها "جماعة الأخوان المسلمين" والتي تحول اسمها فيما بعد إلى جزء من شعار مدرسي كنا نردده كل صباح: "ونسحق أداتهم المجرمة عصابة الأخوان المسلمين العميلة".
ومن الصور الأخرى التي احتفظ بها من طفولتي أيضا وأظنها تعود إلى العام 1983 وهذه المرة في دمشق حيث شاهدت ابنة جيران عمي تنتحب باكية لأن جماعة رفعت نزعوا حجابها عن رأسها أثناء ذهابها إلى الجامعة.
والآن وبعد هذه السنوات التي تجاوزت العشرين، وبعد هذه الأزمة الخانقة التي تمر بها سورية، يطل علينا عدوّا الأمس متحالفين من خلال إصدارهما بيانين منفصلين يدعوان "النظام السوري" إلى طي صفحة الماضي، والبدء بصفحة جديدة... ولننسى الخلافات في سبيل سورية، دون أن تُستفتى سورية "كالعادة" دائماً، فيما يفكر به الآخرون أو ما يخططون له.
المهم، أن الذي استرعى انتباهي في كلا البيانين هو عدم تضمنهما على اعتذار ولو شكلي عن سنوات من القهر عاناها السوريون على مختلف شرائحهم بسبب كلا المرسلين، فالأحداث التي تسببت بها جماعة الأخوان المسلمون، سواء عبر طليعتها المقاتلة أو غير المقاتلة هي أحداث سببت خللا إنسانيا لا يمكن غفرانه، ولست هنا في موقع اتهام أحد أو تبرئة ساحة أحد ولكني أود أن أشير إلى أن المصالحة تأتي أولا وقبل كل شيء بالاعتراف، فاعترافك بما ارتكبت من خطأ يضمن لك أن تكون صادقا في المرحلة التي تلي هذا الاعتذار، هذا طبعا إن كان اعتذارك صادقا ولا لف أو دوران فيه، والأمر ذاته ينطبق بكل تأكيد على صاحب البيان الآخر أقصد الدكتور رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع، وأعتقد جازما بأن أي مواطن سوري لديه الكثير من القصص حول ما فعلته السرايا إبان قوتها وتحكمها، حتى حيكت حكايات أقرب إلى الأسطورية منها إلى الحقيقة حول انتهاكاتهم واعتداءاتهم التي لم تتوقف إلا برحيل قائدهم الدكتور الأسد إلى الخارج منفيا من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد، لتنتشر بعدها قصص سجن تدمر والمجزرة وليقدم بعدها الصحافي نزار نيوف الخارج من السجن أدلة ووثائق تدين الدكتور الأسد وتؤكد مسؤوليته المباشرة عن مجزرة سجن تدمر.
وسواء أكانوا متهمين أم بريئين مما نسب لهما فإن كلا المرسلين مطالبان بتوضيح الحقيقة، بتقديم أدلة البراءة، أو تقديم الاعتذار الشديد للسوريين جميعا دون أي استثناء، وتقديم إثبات على أن عودتهما لن تشكل خللا في البنية السورية الهشة، وإثبات آخر على أن تجربتهما الغربية الطويلة قد رسخت فعلا وليس قولا ديمقراطية بعيدة عن التطرف الذي آمنا به في سنوات عملهما داخل الأرض السورية.
سورية على مفترق طرق صعب، هذه الجملة هي الأكثر تداولا في أوساط السياسيين والمثقفين، لكن الحل لا يمكن أن يأتي من الخارج، وهذه الجملة أيضا هي من الجمل المتداولة بكثرة في الآونة الأخيرة، الأخوان ورفعت الأسد ليسا طرفا في المعارضة الداخلية، لكنهما أيضا ليسا من الخارج بكل شيء، هما يحملان فكر الخارج ليدخلا به إلى الداخل غير أنهما كانا العنصرين الأشد فعالية في الداخل... حتى التبس التفسير واختلطت المصطلحات وما عاد بالإمكان التفريق بين خارج وطني، وخارج يستظل بدبابة ديمقراطية، ولم يعد الداخل داخلا ولا الخارج خارجا.
أقول لهما شكراً لأنهما بادرا بمد أيديهما للمصالحة، لكن هل تأكدا قبل ذلك من تطهير القلوب؟!
*روائي وصحفي سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت