الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام مدني

ثائر زكي الزعزوع

2013 / 4 / 11
حقوق الانسان


عقب خروجي من المعتقل في نيسان ابريل عام 2012 جلسنا في مقهى الحجاز المحامي الرائع والمعتقل في سجون النظام خليل معتوق وأنا وصديق ثالث، سألني خليل معتوق عن وضعي في العمل، كان وزير الإعلام "عدنان محمود" قد أصدر قراراً بفصلي من العمل واضعاً بذلك حداً لأكثر من خمسة عشر عاماً أمضيتها في وزارة الإعلام، وكانت الإخبارية السورية قد طردتني كذلك، وبت عاطلاً عن العمل، طبعاً وبانتظاري محاكمة... وكل ذلك إثر نشري قصيدة وبعض التعليقات، التي انتقد فيها قيام قوات النظام بقتل المواطنين، وإعلاني مناصرة الثورة والعمل سراً في صفوفها.
قال خليل معتوق وقتها: يا إلهي هذا إعدام مدني.
واقترح علي أن أزوده بقرار فصلي من العمل، وكافة الأوراق التي تثبت أن القرار الذي اتخذه عدنان محمود باطل كونه يخالف "قانون العاملين الموحد"، طبعاً لا أنا أعطيته الأوراق، ولا هو رفع الدعوى.
بصراحة لم أكن قد سمعت بهذه العبارة من قبل، وظل رنينها يتردد في مسامعي طيلة الوقت، لأن مدلولاتها تحيل بالضرورة إلى فكرة "التجريد" التي كانت متبعة لدى النظام عقوبة للمعتقلين السياسيين بعد خروجهم، فقد كان المعتقل يجد نفسه مجرداً من كافة حقوقه المدنية، فلا يسافر ولا يعمل ويتحول إلى عالة على المجتمع.
بعد خروجي من سوريا، واستقراري في مصر بحكم العمل مع إحدى القنوات المعارضة، بدا الوضع مختلفاً، هنا يحق لك أن تنتقد النظام، وأن لا تسكت على جرائمه، وبدا العمل بالنسبة لي يحقق مأربين اثنين أولهما مناصرتي وعملي لأجل الثورة، وثانيهما الأمان المادي لي ولأسرتي، لكن شهر العسل بيني وبين القناة المعارضة لم يدم طويلاً، فعلى الرغم من تسلمي بعد شهر تقريباً إدارة الأخبار فيها، وعملي على تطوير قسم الأخبار باعتراف مالكها ومديرها العام وجميع العاملين، إلا أن عدم قدرتي على وضع لساني في فمي والسكوت على بعض الأمور اللامهنية التي تحدث صنع فجوة بيني وبين مديرها العام وبطانته، فاتخذ قراراً دون إنذار بإعدامي مدنياً، تماماً كما فعل من قبله نظام بشار الأسد، فوجدت نفسي للمرة الثانية أعدم مدنياً لكن هذه المرة على يد مناصر للثورة "قولاً" على الأقل، يسمي القناة التلفزيونية التي يديرها شركة، على الرغم من أن المتعارف عليه لدى القاصي والجاني أن التسمية اللائقة بالمكان هو "مؤسسة إعلامية".
في غضون سنة واحدة تم إعدامي مدنياً مرتين بسبب رأيي، بيدين مختلفتين، لكن بالطريقة نفسها، أحاول جاهداً أن أفكر أن ادعاء "حرية الرأي" شيء، والعمل "بحرية" شيء آخر، لكن هل يستطيع إعلامي أو مثقف بعد كل ما حصل خلال سنتين من عمر الثورة أن يعيد إنتاج إعلام "استقبل سيادته" فقط لضمان مصدر رزقه، وكيلا يعدم مدنياً؟؟
فما الذي تغير يا سوريا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا


.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to




.. مداخلة القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في غزة حول تطو