الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريكى ريكاردو تحياتى

حسام شادى

2013 / 4 / 11
الادب والفن


كل الأيام إنتظروا الأيام
كل الليالى إنتظروا الليالى
كل صباح أطرح السؤال
كيف يسير العالم
كيف يصير العالم
كل الأيام هى يوم أسود فى حياتى
يا حياتى
رشيط طه لم أكن إهتممت بالبحث عن أى إنتاج جديد له لكن حينما وصلنى كهدية من صديق وجدته يقول الكثير مما أريد قوله
فى هذا اليوم الصعب
لم أرى مثله فى حياتى يا حياتى
وقد يكون الحديث للورق أو للمدونه أو لموقع ينشر بكل بساطة نوع من التعزية أو الصراخ فى وجه العالم والذى قد يريحك لعدة دقائق ، وبعدها العودة للتوحد - حتى وسط الزحام المحيط - الذى بات هو الأصل ترافقه رسائل لشخصية مجهولة أحياناً تكون موجودة وأحياناً مختلقة أو متوهمة .

أتعلمين أن ما حدث يشبه بشكل غريب خيال سينما داود عبد السيد كما كنت أقولها لصديق قريباً ، بأن أفلام داود عبد السيد لها معى مشكلة متكرر ، وهى حدوث مواقف متشابة بشكل كبير مع مواقف مرت بكثير من شخوص داود .
فقبل ان تذهب فاطمة ليوسف لتعرض عليه حبها ، فى المشهد قبله ، يتنبا الشيخ حسنى بالمشهد القادم بخياله المنطلق كشخوص كثيرة بالحياة مثله أناس الخيال ، والذى هو ومنتجاته البضاعة التى يبيعها كمثلهم لزميل العمى ، بل لكل زملاء العما و الذين عبروا به خلال رحلته مع الخيال ، مشهد كان من المفترض حسب الرواية أن يتكرر ، او أن يقال ما يثبت أنه تكرر أكثر من مرة ، بل هو بالفعل صناعته الأساسية ، إشتغالته الحياتية و التى تجعله يستمر فى الحياة ، و هو الوصف الذى قاله للرجل العجوز صديق والده والذى كان يلومه على بيعه البيت مقابل الونس ، والذى هو أمر مفتقده بشدة ، ليس ونس الجسد ما كان يقصده ، ونس الجنس سيجده حتى يوسف الأعمى ، مع أم روايح ، أما ونس الشخوص المكشوفة امام بعضها البعض ، ولو حتى ونس عيش أوقات خيالية بين شخصين عماهم يجبرهم على عدم النظر إلا داخلهم ، فالخوف المتبادل المتخفى والصامت أو الغير معلن فى حديث الشخوص والذين قد يقولوا كل شئ عن أحداث حياتهم أو رصد تاريخهم العلنى كله خلال دقائق من التعارف ، الخوف الأخرس من الكشف ، المتخفى ، خلف الكشف السريع الغير مخطط له ، والذى لن يصل إلا نادراً لحديث مكشوف كل الكشف .
فالكشف الكامل تسليم ، تسليم ، بت شخصياً أخشاه ، بل أخشاه حد الرعب ، مثلى كمثل كثيرون أعرفهم ، ربما هم من أصبت منهم بعدوى الخوف هذه منه ، انه العدو المتربص بك خلف كل عين ، خلف كل أذن ، خلف كل جلد ، خلف كل كاميرا موبايل ، وبرنامج تسجيل المكالمات ، وأدوات التجسس التى كان يروج لها بائع متجول أو بتعبير اليوم مندوب مبيعات ، أعلم أنه أمر ممل تكرار ذكر الميكروباصات فى الكلام ، ولكن فى ميكروباص سندوب الجامعة ، كان جالساً على دكة خلف الكرسى الأمامى ، مكان سيأخذه أخر الراكبين والذى يقول بأنه لا يملك أو لا يستطيع ركوب تاكسى وخصوصاً أنه غريب عن المنصورة ، يبدوا ذلك فى لهجته ، وحديثه عن الفرع الرئيسى بالقاهره والذى هو مسافر له بعد أن كان يمر على عدة ذبائن بالمدينة الصغيرة ، ليس كل ذلك بغريب ، الغريب أن تجارة كهذه تتخطى تجارة كاميرات المراقبة العادية ، مندوب مبيعات يحمل شنطة ظهر ، ويشرح لأحدهم فى المحمول شرح مطول ،
أن ببيع أدوات تجسس
أنا ببيع قلم 16 جيجا تحطه – لامؤاخذه – فى جيبك وهوا يصور ويسجل ، و أجهزة تجسس ، مثلاً جهاز تحطه – برضه - فى مكان او فى جيب حد وبيتحط فيه شريحة موبايل وتتصل بيه من تليفونك وتسمع كل حاجه ، وفيه حاجات على شكل ساعه ، وفيه أشكال كتير لأدوات التجسس اللى أنا ببعها ، كاميرا فى مج شاى ، فى قلم ، فى طقطوقة مكتب ، أباجورة ، وهتتفرج وتشوف ، وأظن مستر محسن إللى قال لحضرتك على تليفونا حكالك لأنه جرب .
لماذا كلهم اسمهم محسن ! ؟ .

ده كان مجرد حوار دعائى صادر من شاب لشخص على الطرف الأخر من المحمول وهو يركب معنا ميكروباص الجامعه سندوب – أربعه ورا يا أستاذ – أو أربعه ورا يا ولاد الوسخه يا شحاتين .
وأيضاً يوم ليس بالبعيد ربما مرت عليه 8 شهور أو أكثر بعد تصعلك فى شوارع القاهرة القديمة ومحاولة قتل الملل بمحاولة إغلاق باب الفتوح القديم الذى لا يتزحزح ، وزيارة مقام الحسين كنوع من الحنين والتعامل مع معظم الطقوس المتبعة وصلنا مشياً لجوار دار القضاء العالى وجلسنا نشرب جوب حشيش أمامه أو على الرصيف إحتفالاً لمجرد الإحتفال بعدها قمنا لعبور الطريق لشرب قهوة بالمقهى الكبير أمامه ، كنت أجلس كأنى إبراهيم الأبيض نائم على الكرسى الخشب حينما وقف أمامى مباشرة سامح عاشور وأبو جريشة وأظن الباقين كانوا بقية اعضاء مجلس النقابة وكانوا فى فترة وجود نقابة اخرى ويشبهون عصابة الفأس فى فيلم " كونج بو " و هى تخطط للعودة للصدارة . إعتقدت أن هذا تأثير مخدرات الثلاث عشر ساعة الفائتة لكن صوتهم وبعض من قام ليعرص لهم من على المقهى أكد أنهم ليسوا بخيال . ونسيتهم حينما عبر من أمام عينى شاب ثلاثينى طويل جداً يرتدى بذلة كاملة وفى يده سيف يكاد يكون فى نصف طوله ملفوف بورقة جرنان ، تحركنا بعد القهوة لنجد على الجزيرة الكبيرة المقسمة للطريق شاب " يفرش " بأسلحة ولما كنت أنظر له بكل بلاهة فقد إعتقد أنى أريد أن أشترى شئ لكنى زبون مكسوف أو خائف أو أهبل لم يفهم ما الموضوع على الأرض حول شنطة هاند كبيرة ، فإقترب ينادى على البضاعة موجهاً الكلام لى بشكل مباشر ، تعالى يا يبه فيه كل حاجه وبكل الأسعار سيوف وخناجر وإلكتريك ، ولما إسمتريت على نفس وضع البلاهة أضاف أنى لو أردت ضبنجه أو خرطوش او ألى فهو تحت أمرى فكله موجود .
تخيلك لكل ذلك يقول بأنها تجارة لها زبون لدرجة أنها رخيصة لهذا الحد ، ومنتشره وشعبية . لكن هذا حوار جانبى أخر لا داعى له ، لنلقيه جانباً ونعود لواقع أتى برواية وفيلم .

تبدوا الرواية كشارح للفيلم وكأن داود يقول للمؤلف رغم أنك بنيت عالم إلا ان عالمى أنا سيكون أسبق ، بحيث تكون أنت الشارح وأنا الأصل .
يحيلك هذا الوضع الذى صنعه داود عبد السيد إلى كلمة كنا نقولها أنا وصديق من فترة عن بعض الكتاب والشعراء والفنانين وأن منهم من سيعلق بذاكرتك كلماته أو لحظات سجلها وستستدعى فى أوقات معينه ، وكأنه قال بالضبط ما كنت ستقوله ، لكن عبقريته لو صحت هذه الكلمة فخياله أعظم وقدرته على خلق عوالم مختلفة من عوالم قائمة بالفعل ، حلم هو من الصعوبة تحقيقه ، لكنه قام به بالفعل .
لكن اللحظة الأغرب والأهم لحظة من لحظات الجدة المهملة ، التى لا تخرج من البيت ، ولكنها تراقب العالم عالمها وتعلم عنه كل تفاصيله ، فبعد تمهيد الشيخ حسنى وحديثه مع روايح عن الميكا نيكا ، تعطى الجدة ليوسف ملخص سريع وتلقائى عن حياة فاطمة ، وتتسائل هى قالت انك احسن واحد بيكتب جوابات ، وهى تقصد الكلام ، ثم تقول له اه يمكن علشان الكتب اللى انتا بتضيع فلوسك عليها ، ثم تقول له كلمتها المتكرره ، يا ابنى انتا مش هتستهدى بقا بالله ودور على شغل ، ثم حوار مع ابنها وحفيدها يظهر نية يوسف للهجرة ، تفهم منه انه غير متفق مع الحياة هنا ، وتريد بعدها ايصال الرسالة ليوسف بأن رغبتك فى الحياة موجودة هنا لكنك غير مدرك لها وعنيك على مكان اخر ، قد لا يصلح لك ، أو قد لا تصلح له ، أو بتعبير على طالبان ويوسف رخا ، نحن لا نصلح لها يا صاحبى .
ما تديها الجواب يا ابنى
تصر جدة يوسف أن يعطى يوسف لفاطمة جوابه على عرضها بالدخول للعالم السحرى و الذى لا يعلمه والذى لم يقربه من قبل ، تستمع بالطبع لحوار فاطمة كاملاً وبوضوح لصغر مساحة الشقة .
طب والشاى يا بنتى مع ضحكة خفية تنير كلمتها وكأنها تعلن لها فرحها بالإتفاق ، أعلم عن كبار السن أنهم يتعاملون مع كل المواقف مهما كانت أهميتها بشئ من الثبات وعدم إعلان مشاعرهم تجاهه ، وكأنهم يجسدون الحكمة الشعبية التى تقول كل ما هو مهم وملخص للحياة بكل بساطة ، وبلا وجود لما قد يسمى بعنف القول ، وبلا إنفعالات مبالغ فيها ، إنها حكمة تقال وفقط ، وكأن مشاعرهم من طول التعامل باتت بسيطة بساطة قيامك بعمل يومى لا صدمة فيه كالصحيان أو النوم ، رغم أنه بات إتحفالاً بصدمة حين ياتى النوم .
تصر جدة يوسف على أن لا تعطى ليوسف فرصة للتفكير ، ما تديها الجواب يا ابنى ، خمس حركات صوتيه تحمل صيغة الأمر ، وأن الموضوع بسيط وأنت فى حاجة له ، متعاكسهاش يا ابنى دى غلبانه ، خمس حركات صوتية اخرى ، تقول له بها كفايه تفكر كتير دى جتلك لغاية عندك ، وأيضاً جواب يحمل سؤال وتوجيه ما وحوار إجتماعى مدارى ، إتفقتوا هتتقابلوا فين ، ثم ما يعدى عليكى أحسن فى البيت زى ما إنتى جيتى هنا ويبقى الموضوع عادى ، ثم رد فاطمة لا يا نينه مش عايزه أتعبه ، لأنها تعلم أنه سيكون أمر كبير عليه ، وقد يفسد كل الموضوع ، وأنها ستدخله عالمها من خلال البوابة السحرية للنيل والسينما ، فهى تريد علاقة كاملة من الكشف ، لا علاقة جنسية وفقط ، تريد أن تعيش معه مراهقتة ومراهقاتها ، مراهقة ضاعت عليها بزواجها من ثرى خليجى ، أو بيعها له بمقابل ، ثم تركها معلقة تلعب بعيون تأكلها وأفواه تسيل بريالة ، وضاعت عليه أيضاً بحلمه بالهرب وغرقه داخل عوالمه المتخيلة ، وشط النيل والمخدرات ، إنه تعويض للكل ، والجدة تريده أن يبقى تريده بجوارها بمشاعر حقيقية ، والأب كان أكثر فرحاً لدرجة عدم تحكمه فى مشاعره وإعلانها بكثير من الهزار مع إبنه ، الشاى ده بتاع يوسف خليه يتدفى ، ويكاد يرقص طرباً وهو يقف بملابسه الداخلية ، حرج عليا بابا وربط رجليا بابا ، لتصدر من الجدة إبتسامة قد تبدوا لو أعطينا الحساب لمشاعرا لكبار المذكورة سابقاً ، فإنها قهقهة عالية ، بل رقصة فرح ، وسط كل هذا يخجل يوسف ويسقط رأسه كسوفاً من إنكشافه أمام الأسرة وسعادتهم بدخوله عالم جديد قد يبقيه وسطهم وقد يعطيه طاقة للحياة والأمل ، لكنه لن يكفيه فلا يكفيه إلا الهرب . قد يكفيه .
لكن ما لم يأتى به داود مشهد حسنى وهو يبحث عن عصاه التى ضاعت وسط ضرب الرصاص والقنابل المسيلة للدموع ، وحيرة يوسف أمام أوراقه وعدم إكماله لعمل ادبى كامل وتوقف العالم عن عودتهم للحارة وكأنه تنبأ أو إعلان عن تكرار الهوجة والعودة للحياة مرات ومرات ، إنها الدائرة التى لن تتحول لخط مستقيم ، وربما تحولها لخط مستقيم قد يفسد حياة يرغب بها المجموع السعيد رغم كل المأسى والصراعات والهزائم بطبيعة حياتهم ، لكن تحول جديد هو دخول الدين كمعادلة حاكمة بكل ما يحمله الناطقين بإسمه من عنف وغباء ورغبة فى قهر الأخرين وعدم رضاء عن نمط حياتهم بعامة وإصرار على تحويل الحركة بداخل الدائرة إلى نوعية أخرى لن تصلح ولا تصلح للمجموع هذا هو ما قد يطيل أمد الهوجة ويحدث تحول تاريخى يشبه قطع جزء من الدائرة لتكون أكثر ديقاً لكن بلا منغصات تزيد ما هو موجود بالفعل .
يكاد يبدوا هذا صارخاً من داخل الحركة اليومية ، عنف متبادل . إجتماعى . عنف من طرف واحد . سياسى .
إن محاولة رصد حوادث العنف التى تحكى لى يومياً غير التى أراها أنا شخصياً أصبح شئ يكاد يكون مستحيل لأنه بكل مكان وبكل شكل والأهم بكل أشكال الإبتكار إلى جانب تقليد مشاهد من السينمات العالمية والمحلية .
ولكن حادثة الهجوم على جامعة المنصورة من قبل جزء من تنظيمات السلفية الجهادية بعد إنضمامها إلى السلفية البوزية خلال الفترة السابقة وما واجهوه من رد فعل من شباب الجامعة المصاب بالملل الشديد وببغض عالمهم لهم وبغضهم الشديد له ، وتقبلهم له يكون بالمخدرات وحمل السلاح وإفتعال المشاكل كى يحدثوا شئ من الحركة فى جو عالمهم . كان مشهد ممتع رغم ما هو معلوم من أن هذه مجرد بداية وربما قياس رد فعل وخصوصاً بعد " علقة " إسكندريه . لكن لابد وأن تصلهم الرساله وهى أن ما يحاربهم هو الفراغ والسخط وريكى ريكاردو الساكن داخل عقل معظمنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي