الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدى مشروعية مبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين وماهية شروط تطبيقها لتبرير التدخل العسكري ليبيا وسوريا أنموذجا ( 1 - 2 )

صادق رشيد التميمي

2013 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


كان اول توظيف صريح لمبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين Responsiblity to protect تحت احكام الفصل السابع في قضية ليبيا وذلك عندما اصدر مجلس الامن القرار المرقم 1973 والذي اعتبر فيه ان السلطات الليبية فشلت في حماية سكانها المدنيين عندما تورطت في اعمال يمكن ان ترقى الى جرائم ضد الانسانية. غير انه بات معلوما بان مجلس الامن الدولي لم يستقبل معلومات كافية وموثوقة المصدر فيما إذا كانت ليبيا شهدت تظاهرات سلمية واسعة النطاق تعرضت لقمع وحشي من قبل السلطة او ان السلطة واجهت تمرداً مسلحاً بادرت به جماعات اسلامية جهادية كامنة استثمرت تظاهرات سلمية للانقضاض بالسلاح على مقرات الشرطة والجيش الامر الذي قد يخول السلطة استخدام حق الدفاع عن النفس وحماية افرادها مدنيين كانوا ام عسكريين اذ كانت المعلومات الواردة هناك شحيحة جدا بحسب التقارير الدولية التي صدرت لاحقا بعد الاطاحة بالنظام اذ أشارت هذه التقارير الى ان عدد من قتل في بنغازي كان 18 فقط. لعبت الفضائيات وتحديدا الجزيرة والسي ان ان دورا مهما في ضخ اعلام هائل احادي الرؤية لثورة شاملة تتبلور بريئة من اي نشاط مسلح اذ ان هذه الفضائيات استثمرت مناخ الاحداث في تونس ومصر لدعم صدقية اي خبر وصورة تبثها فضلا عن ان احتكار نظام القذافي السلطة لعقود طويلة وان مركزه الدولي ضعيف حيث خصومه الدوليين يتحينون الفرصة للانقضاض عليه أوجد قناعة لدى بعض اعضاء مجلس الامن المترددين بان جرائم ضد الانسانية في بنغازي بدات وانها على وشك الاتساع الامر الذي يقتضي ضرورة تمرير قرار التدخل العسكري لحماية المدنيين سيما وان الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي قد طلبتا من مجلس الامن التدخل عسكريا الامر الذي احرج روسيا والصين فلم تبادرا باستخدام حق النقض واكتفيتا بالامتناع عن التصويت على الرغم من ان قرار الجامعة العربية لم يكن بالاجماع وانما مرر بواسطة سبع دول فقط. كما بدا واضحا ان مجلس الامن لم يستنفد الوسائل السلمية لحل الازمة على الرغم من ان مبدأ اللجوء للقوة محكوم بضرورة استنفاد الطرق السلمية ليس فقط وفقا لمبادئ المسؤولية الدولية للحماية وانما تحت احكام الميثاق ايضا اذ أشار القرار رقم 1970 والذي فرض عقوبات اقتصادية وحظر تصدير السلاح الى ليبيا الى ان يعين الامين العام مبعوثا دوليا من شانه تقصي الحقائق في ليبيا على ان يقدم تقريره الى مجلس الامن الا ان قرار التدخل العسكري اتخذ قبل ان يزور المبعوث الدولي عبدالاله الخطيب ليبيا وقبل ان يقدم تقريره عن الوضع هناك اذ كان الناتو قد بدأ عملياته الحربية قبل اسبوعين من وصول المبعوث الاممي لليبيا. عرض القذافي وقفا لاطلاق النار الا ان القادة الغربيين رفضوا العرض واصروا على ضرورة ان يتنحى القذافي وان لايكون لاي من افراد اسرته دور سياسي في مستقبل ليبيا. كان واضحا ان التدخل العسكري ذاهبا باتجاه تغيير النظام وفرض نظام جديد بالقوة العسكرية على الرغم من ان مبادئ المسؤولية الدولية للحماية لم تشترط اسقاط النظام كوسيلة لحماية المدنيين غير ان قادة الغرب جادلوا لاحقا انه من غير الممكن حماية المدنيين دون اسقاط النظام وبهذا تكون حماية المدنيين اخضعت لغرض وفهم سياسي يناقض مفهوم المسؤولية للحماية كهدف محدد غير مستبطن بغايات سياسية او اقتصادية . تضمن قرار مجلس الامن 1973 مفهوما جديدا هو حماية المدن المأهولة بالسكان من عنف وشيك وبالتالي افتراض ان السلطة تستهدف عموم الشعب الليبي مما يقتضي تحويل كامل الاقليم الليبي الى ساحة قتال دون قصر العمليات الحربية على بنغازي الامر الذي برر استخدام قوة واسعة النطاق الى حد الافراط تخطت قيود التناسب والضرورة التي تحكم مبدأ استخدام القوة اذ لم يكن ضروريا تهديم كامل المقرات العسكرية ومخزون السلاح وشبكات الاتصالات واغلب المرافق الحيوية للدولة الليبية طالما لم يكن بعضها في وضع يهدد المدنيين تهديدا حقيقيا لكن العمليات العسكرية افترضت ان الاسلحة حتى وان لم تكن تستخدم او انها كان مخزونة في اماكن نائية في الصحراء اعتبرت على انها تهديداً كامناً للمدنيين وبالتالي توسيع مفهوم حق الدفاع عن النفس بشكل يخدم اغراضاً سياسية دون التركيز على حماية المدنيين من خطر مباشر وشيك الوقوع. فضلا عن ان قوات التحالف زودت المعارضين بالاسلحة ووفرت لهم دعماً وحماية عسكرية لشن هجمات على الرغم من ان ذلك يعتبر ايضا تهديداً للمدنيين الذين يؤيدون القذافي او انهم على الحياد او انهم يعارضون كلا من القذافي والتدخل العسكري معا وبالتالي تكون القوات التي عملت تحت غطاء التفويض الدولي انضمت الى احد اطراف النزاع مما يعني انها فقد حياديتها ذلك ان من يحمل السلاح تنزع عنه صفة المدني وبالتالي تسقط عنه الحماية سيما انه ورد بالتقارير الدولية لاحقا ان المعارضة المسلحة تورطت بحرائم حرب. وفي مايتعلق بنتائج استخدام القوة فقد قاد اسقاط النظام الى سيادة الفوضى وسيطرة المليشيات التي سرعان مابدأت باستهداف ومعاقبة سكان مدنيين تحت ذريعة موالاة النظام السابق فعلى سبيل المثال عمليات التهجير والقتل والاغتصاب واسعة النطاق حصلت في مدينة تاغورا ذات الثلاثين الف نسمة بسب لونهم الاسود وتحت ذريعة انهم من انصار القذافي وكذلك الاعدامات الجماعية التي نفذتها كتيبة النمر التابعة لمليشيات مصراته في كل من بني الوليد وسرت حسب تقارير منظمة
Human Right Watch مما يؤشر ان حماية المدنيين قد انتهت بقتل المزيد من المدنيين على يد المليشيات فضلا عن ان الناتو رفض الكشف عن نتائج عملياته الحربية من حيث عدد المدنيين الذين سقطوا. وفي سوريا سرعان ماتحولت تيارات اسلامية داخل الحركة الاحتجاجية الشعبية السلمية المطالبة باسقاط النظام الى حراك مسلح معلنة استخدام القوة المسلحة من اجل اسقاط النظام عبر شن هجمات على مقرات الجيش والشرطة وكل المواقع العسكرية والمدنية والاقتصادية التي يعتقد انها عصب استمرار النظام السياسي اذ اصبحت اغلب مناطق سوريا وخصوصا بعض المحافظات والارياف جبهة كر وفر الامر الذي خلق شكوكا ازاء فيما اذ كانت السلطة تستخدم عنفاً مباشراً ومقصوداً اتجاه مدنيين يتظاهرون سلميا او انهم يسقطون عرضيا بفعل المواجهات داخل المدن . انقسم مجلس الامن منذ البداية انقساما حادا حول فيما اذا كانت جرائم ضد الانسانية ترتكب ام ان السلطة تواجه صراعاً مسلحاً استثمر تظاهرات سلمية لخلق مناخ مشابه لما حدث في ليبيا بغية استجلاب التدخل الخارجي. كان واضحا لدى روسيا والصين ان منح اي تفويض باستخدام القوة سيتنهي باسقاط النظام واسقاط الدولة بالكامل وبالتالي بالضد من مبادئ المسؤولية الدولية التي يفترض ان تركز على حماية المدنيين من عنف مستمر او وشيك الوقوع ذاك ان قادة الناتو منحوا رؤية سياسية لمفهوم الحماية بعد ازمة ليبيا وهو الربط المباشر بين اسقاط النظام وحماية المدنيين الامر الذي عزز مخاوف مجموعة من الدول من مخاطر توظيف هذا المفهوم لتحقيق اهداف اقتصادية وسياسية فضلا عن ان اي تدخل عسكري قد يفتح الابواب واسعة لسفك المزيد من دماء المدنيين فيما لو انهارت الدولة ذلك ان المجتمع السوري يضم اكثر من 18 طائفة تتعايش وتتجاور بفعل سلطة تراتبية اكراهية دون توافق سياسي وبالتالي فان النتائج التي ترجا من التدخل العسكري لتقليل كلفة خسائر المدنيين غير مضمونة فضلا عن ان الوسائل السلمية لم تستنفد اذ تم اعاقتها لتحقيق مقاصد سياسية عبر منح شرعية استخدام العنف حتى لو وجه هذا العنف ضد المدنيين بشكل مباشر او غير مباشر اذ طالما فشل مجلس الامن مراراً في ادانة عمليات استهداف مباشر للمدنيين. اقرت التقارير الدولية ان كلا من المعارضة والسلطة قد تورطا بجرائم ضد الانسانية وبهذا يكون واضحا ان دعم اطراف النزاع بالسلاح يتنافى ومقاصد حماية المدنيين اذ بات واضحا ان اغلبية الدول تغض الطرف عن جرائم المعارضة ضد المدنيين وفي ذات الوقت تحمل السلطة مسؤولية قتل المدنيين الامر الذي يشرعن عمليات القتل واستهداف المدنيين عبر الربط المباشر بين ضرورة اسقاط النظام بالقوة المسلحة وبين حماية المدنيين وفق هذا المنطق فان معايير المسؤولية الدولية أريد لها ان تنطبق فقط على السلطة دون المعارضة المسلحة لهدف غير حماية المدنيين مما يؤشر ان مفهوم المسؤولية الدولية ملتبس وغامض ومن السهل توظيفه لفرض اهدف سياسية وهذا مايفسر رفض الصين وروسيا للتدخل العسكري في سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟