الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المملكة السوريّة !

مرح البقاعي

2013 / 4 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي




ليس من قبيل المصادفة أن تخرج علينا إذاعة الاحتلال الاسرائلي مؤخراً بتحليلات استخبارية تؤكد فيها تشكيل كانتونات كرديّة ودرزيّة وعلويّة في سوريا في ظل تراجع مساحة الأرض التي يسيطر عليها النظام السوري، معلنةً أن "لا تهديد مرتقب على اسرائيل خلال الـ 20 سنة القادمة، لأن تقسيم سورية لثلاث دويلات أصبح أمراً واقعاً".
وكانت الإذاعة عينها قد تحدّثت في وقت سابق عن اتصالات إقليمية تجريها الأجهزة الأمنية الاسرائيلية لضمان عدم انفلات الوضع الأمني في منطقة الجولان. وفي مقدمة الدول التي تصيغ معها اسرائيل هذه التفاهمات الأمنية هي تركيا التي تساهم بشكل سافر اليوم في تعزيز هذه الكنتونات لاسيما بعد أن قام أردوغان بنفسه بافتتاح المجلس الوطني التركماني، في ظل العلم التركي، وبمباركة من شيخ الشيوعيين جورج صبرة، الذي اعتبر في كلمة رنانة ألقاها خلال مؤتمر تأسيس المجلس التركماني أن "ولادة هذا المجلس هو تسريع في انتصار الثورة"!
ولم تُخفِ الإذاعة أيضاً، ودائماً نقلاً عن مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى، أن تل أبيب تلقّت تطمينات من أطراف عدة من المعارضة السورية العتيدة عن مستقبل العلاقلات مع دولة اسرائيل، إلا أن هذه التطمينات لم تأخذ على محمل الجدّ لأنها (حسب الرواية الاسرائيلية) جاءت من طرف قوى معارضة لاتتمتّع بنفوذ وقوة المقاتلين الإسلاميين الأشداء الذي يملكن الأرض والقرار في المناطق السورية المحرّرة. وإذا أضفنا إلى المعلومات الاستخبارية الاسرائيلية دراسة عن الجيش الحرّ وأمراء الحرب من الألوية الإسلامية في سوريا صادرة عن معهد دراسات الحروب في واشنطن والتي تفصّل للدرجة العالية من الانتظام والتراتتبية والالتزام العسكري ضمن صفوفها، نعرف تماماً أنه لن يقلق اسرائيل في المرحلة القادمة إلا جبهة عسكرية موحَّدة تقودها الألوية الإسلامية الموحِّدة باتجاه القصر الجمهوري في دمشق.
سوريا الثائرة، وفي عامها الثالث على مجريات هذه الثورة التي اتخذت كل ألوان الكفاح الشعبي سلمياً كان ثم مسلّحاً، تواجه اليوم إحدى أعظم تحدياتها السياسية وهي قضية الانجراف الإثني والطائفي والتقوقع المذهبي البغيض. كل هذا جاء نتيجة للعنف المفرط الذي مارسه النظام االأسدي والذي أوغل فيه وأمعن غرزاً للسكّين في الجسد الجريح بهدف الوقوف، كالغربان الضالة، على أطلال الجغرافيا التي سيجد فيها السوري المذبوح مأوى عقائدياً بعد أن أغلق في وجهه أي ملاذ سياسي ممكن، ومن الأطراف الفاعلة كافة، محلية إأقليمية ودولية.
فإذا كانت ظروف الثورة العربية الكبرى المرافقة للعصر النهضوي العربي في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 قد هيأت الجو الجيوسياسي الاقليمي والدولي لقيام المملكة السورية العربية الخارجة من يدي الرجل العثماني المريض والتي كانت عصيّة على التقسيم الطائفي والإثني الذي اقترحه الجنرال الفرنسي غورو عام 1920، فإن الظروف المتوفّرة اليوم للثورة السورية الماجدة هي في حالة ضمورها السياسي الأقصى! فمن جسد معارض واهن يتقلّب بين أشكال وتشكيلات سياسية لا يربط بينها إلا خط عنكبوتي يقوم على المحاصصات غير الناضجة والزعامات الخلّبية، إلى الدور الإقليمي للدول المفتاحيّة واللاعبة الأساس في المستقبل السياسي السوري وفي مقدّمتها تركيا التي تمسك عصا الثورة من منتصفها باليد اليمنى وتلوّح باليسرى بعلاقاتها ومصالحها الدولية والاقليمية وفي مقدمتها علاقتها مع اسرائيل من جهة وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى. ولاننسى الدولتين الشقيقتين الراعيتين للعمليتين السياسية والعسكرية، واللتين تتجاذبان المصالح الاقليمية والمذهبية من طرف وتحدي الإرادات الدولية وقدرتهما على إدارتها في المنطقة من طرف آخر ، وطبعاً أقصد في هذا المقام قطر والسعودية.
لقد ساهم العنف المؤدلج والسيستماتيك الذي مارسه النظام السوري على أبناء الشعب الثائر في توغّل الطرف المقابل في الحلّ العسكري أيضاً، فحين يرتفع صوت الرصاص والقتل والدمار تختفي كل أصوات العقل والتعقّل الأخرى وينجرف القاتل والقتيل إلى معادلة الدم التي لارابح فيها إلا ملكة الموت الجليل.
وفي سيطرة كاملة للاحداثيات الدموية والعنفية لبرنامج الثورة السياسي وتنامي العنف المناطقي المبرمج الذي أراده النظام السوري على هذه الشاكلة من أجل تعميق الشرخ بين أبناء البلد الواحد وزجّهم في أوهام كانتونات فد تشكّل محميات سياسية لهم ولأولادهم في المستقبل، نستطيع أن ندرك لماذاجاء إلينا النظام السوري بفرمان محافظات ثلاث جديدة يضيفها إلى الخارطة السياسية السورية وفي مقدمتها محافظة قامشلو(الكردية)!
في لقائي الأخير في القاهرة مع إخواننا من الطائفة العلوية الذين اجتمعوا تحت شعار "كلنا سوريون" أكّدوا أن العلويّة ليسيت طائفة للنظام ولم تكن يوماً إلا أسيرة لمصالح أسرة بعينها اختطفت مقدرات الطائفة وأبنائها في آن. وفي اليوم التالي لمؤتمر القاهرة انضمت إلى المؤتمرين العلويين ما يزيد على 100 شخصية وطنية من ألوان الطيف السوري كافة لتؤكّد على الوحدة الوطنية في ظل سوريا الواحدة الحرّة السمتقلّة.
فمن هو صاحب المصلحة العليا اليوم في إطلاق أفكار التقسيم هنا وهناك من أجل تحييد الثورة السورية عن هدفها الرئيس وهو إسقاط النظام؟! قد يبدو الجواب بسيطاً ولا يحتاج إلى الكثير من التمحيص السياسي إذا ما تابعنا الموقف الدولي الواثق لإيران في محاولتها انتزاع اعتراف دولي ببرنامجها النووي السلمي مقابل تنازلات تقدمها هنا وهناك في المسألة السورية وتوابعها اللوجستية التي تصب في تجفيف منابع حزب الله الايديولوجية والعسكرية. وإذا عرفنا أن مثلث: إيران - النظام السوري - اسرائيل - قد يشكّل دائرة للموت أو للحياة لأطرافه المتنافرة توازياً مع علاقات هذه الأطراف البينيّة المتشابكة، عندها فقط قد نعرف ما مدى جديّة طرح التقسيم السياسي الطائفي لسوريا ما بعد الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل