الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتباس سياسي أم إحتباس ثقافي؟

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2013 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


إحتباس سياسي أم إحتباس ثقافي؟
(دعوة للحوار)
سامي البدري/ روائي وصحفي عراقي
أشرت مرحلة ما بعد ربيع الثورات العربية حالة النكوص الفكري التي تعيشها المجتمعات العربية، والتي تعود أسبابها إلى غياب المشروع الثقافي من حياة هذه المجتمعات.
ورغم أننا نعرف أن المشاريع الثقافية، في حياة الشعوب والبلدان، تأتي كنتاج لعملية تطور ونهضة حضاريين غابت عن حياة المجتمعات العربية منذ أفول الحضارة العربية الإسلامية وسقوط بغداد، كعاصمة لدولة الحضارة العربية على يد هولاكو، إلا أن ما نريد أن نلاحقه هنا هو غياب الوعي والجهد العملي المنظم في العمل على تأسيس المشاريع الثقافية في حياة المجتمعات العربية، على مستوى الأفراد والمؤسسات على حد سواء، وهذا ما إتضحت أنصع صوره في حالة التخبط التي عاشتها دول الربيع العربي، سياسيا وإجتماعيا وتنظيميا، عقب إطاحتها بعروش طغاتها وجلاديها.. فهذه الدول ـ وسأضيف إليها العراق هنا تجاوزا ـ أثبتت أنها تعيش مرحلة طفولة سياسية سببها غياب الوعي الحضاري ومرتكزاته الفكرية والثقافية عن بنى أذهان وقواعد سلوك جميع من تصدوا لقيادة العمل السياسي في مراحلها الإنتقالية، بتحوليهم ـ وهذه هي الظاهرة الأعم ـ جهد بناء الدولة الجديدة المنوط بهم إلى مجرد نزاع على المناصب ولهاث خلف المصالح الشخصية والفئوية.
يحضرني هنا مثال بسيط، ولكنه كبير الدلالة، من حياة المجتمع الألماني بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وتسيير وزارة النل فيها لأول سبع حافلات للنل العام في شوارع برلين، فقد هجم الركاب على تلك الحافلات متغالبين على الحصول على مقاعدها بفوضى غريبة عن ثافة المجتمع الألماني فما كان من أحد المواطنين إلا أن صعد إلى سف أحد تلك الحافلات ليقول للمتدافعين (لقد خسرنا حربا وهذا لا يعني أن نخسر ثقافتنا وقواعد سلوكنا الحضارية) فما كان من المتدافعين إلا الإنتظام في طابور إنتظار أدوارهم في الركوب بكل حضارية وأناقة وشعور بالمسؤولية... وهذا ما أعنيه بالوعي الثقافي الذي تؤسس عليه وتبنى حضارات الأمم... ولكن لولا وجود المشروع الثقافي، الركيزة الأساسية في البناء الحضاري، في حياة المجتمع الألماني لما أمتثل لنداء ذلك المواطن ربما أكثر من إثنين ومداراة لا عن قناعة، كما يحصل في حياة مجتمعاتنا العربية.
إذا، ووفق هذه الرؤية، هل نستطيع الآن إيعاز حالة الإحتباس السياسي التي تعيشها دول الربيع العربي إلى حالة غياب المشروع الثقافي في حياة هذه المجتمعات ونخبها السياسية أم سنواصل النظر إليها من جانب طفولة هذه النخب السياسية وقلة خبرتها فقط؟
الجواب هو: إن التداول السلمي للسلطة وعدم التجاوز على المال العام وعدم محاباة الأقرباء في الحزب والعائلة في المجتمعات المتحضرة يقول أن ما تعيشه مجتمعاتنا العربية هو أكبر من مجرد إحتباس سياسي... بل وأكبر من مجرد تغييب مرتكزات المشروع الثقافي من الأساس!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اغتيال نصر الله، ما مستقبل ميليشيا حزب الله؟ | الأخبار


.. اختيار صعب بين نور ستارز وبنين ستارز




.. نعيم قاسم سيتولى قيادة حزب الله حسب وسائل إعلام لبنانية


.. الجيش الإسرائيلي: حسن نصر الله وباقي قادة حزب الله أهداف مشر




.. ما مستقبل المواجهة مع إسرائيل بعد مقتل حسن نصر الله؟