الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة تأسيسية عن الوضع في بلادنا

أحمد الناصري

2013 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


هذه ورقة وفكرة تأسيسية عن الوضع العام في بلادنا، يمكن تطويرها ونقدها، لرؤية درجة ونوع المحنة الوطنية المتفاقمة والخطيرة، التي نمر بها والتي نواجهها. وهي خلاصة حوارات جادة ومستمرة مع عدد من الأصدقاء في الداخل والخارج!
ينبغي علينا دراسة وتشخيص الحالة الحقيقية التي يمر بها مجتمعنا، ورفض الصورة (السياسية) الكاذبة والملفقة، (غير الوطنية) التي يريد تصديرها وفرضها الإعلام الرسمي وعناصر (العملية السياسية) ومؤسساتهم الطائفية والقومية والجماعات القابضة، من كل الأصناف والدرجات، رغم تهافتها وفشلها وتوقفها النهائي.
أننا نقف وجهاً لوجه أمام الردة التاريخية الراهنة، والأزمة السياسية العامة، وحالة الفشل والتشوه، التي يمر بها مجتمعنا، (وهي حالة مشتركة في أغلب أسبابها وأشكالها في المجتمع العربي رغم الخصوصية العراقية)، عبر نشوءها وتكونها ومراحلها المعروفة، التي تجمعت وتكاثفت بوادرها بعد انقلاب عام 68، وصعود صدام إلى الحكم لاحقاً حسب مخططه ونواياه المسبقة والمعروفة، ونشوب الحرب العراقية الإيرانية، الطويلة الشرسة، (التي قتلت مليون إنسان، وكانت تديرها شركات السلاح والنفط والمخابرات، تحت شعار النفط مقابل السلاح والدمار) ثم كارثة احتلال الكويت، وحرب تدمير العراق، والحصار الجائر والطويل (الذي قتل أكثر من نصف مليون طفل حسب أولبرايت كثمن ضروري وطبيعي)، وصولاً الى زلزال الاحتلال، (والذي لم يكن مزحة أو نزهة عابرة) بواسطة قوة عسكرية مدمرة وساحقة، زلزلت أركان المجتمع وهزته وصدعته وقلبته رأساً على عقب، بما يعد ويساوي تحولاً نوعياً في كل شيء، ترافق ذلك مع انهيار الدولة المتهالكة، وفرض نموذج سياسي طائفي متخلف، وتزايد نزعات قومية ضيقة، ودخول البلاد في حرب طائفية قذرة، وتشكيل الميليشيات وانفلات الإرهاب الفاشي الأسود، وتصاعد التدخلات الإيرانية والإقليمية في الشؤون الداخلية. كل هذه الكوارث حصلت، بسبب تخلف المجتمع وغياب مشروع وطني داخلي، وبسبب العامل الخارجي المؤثر (والذي أصبح حاسماً) وحدة وشراسة التدخلات الخارجية، بكل ثقلها وعنفها ووطئتها!
هذه الحالة والصورة الخطيرة والمتشائمة في وصف الواقع، تحتاج إلى مستوين من العمل والنشاط الفكري والثقافي والسياسي. الأول يهتم ويعتمد على عمل المؤسسات والجامعات ومراكز الدراسات والبحوث، ويقوم على الدراسة والنقد والمراجعات الكبرى، وتشخيص الظاهرة وكشف أسبابها، والمساهمة في وضع الحلول المناسبة لها، بما يوازي ويؤدي إلى قيام حركة نهضة جديدة وكبيرة ومتوازنة، تستجيب وتتناسب مع حجم الوضع والأزمة، وتسد الفراغ والنص الفادح في فكر التنوير والتقدم الاجتماعي والفكر السياسي والاجتماعي الوطني، إلى جانب وبمساندة الحركة الوطنية (الجديدة) وعملها السياسي والجماهيري والوطني في المجتمع.
والمستوى والمجال الآخر، هو العمل السياسي الوطني المباشر، والعمل الإعلامي والفني والثقافي اليومي، لمواجهة الأزمة الطاحنة وتفاصيلها اليومية التي تقع على كاهل الناس مباشرة. وهنا نحتاج إلى رؤية وطنية جديدة وواضحة، بعيدة كل البعد عن الالتباس والمساومات والتردد، والقبول بمفاهيم خاطئة، وتبريرها وتدوريها حسب الوضع والظروف، أو التعامل معها والقبول بها (كواقع)، كما في حالة الاحتلال أو (العملية السياسية)، أو الطائفية والإرهاب والفساد، حيث يجري في حالات كثيرة ومعروفة التنازل عن دور المثقف الطبيعي ودور السياسي الوطني، الذي ينشط ويعمل في مجال العمل السياسي الوطني فقط، لكي لا يغرق المجتمع وينحدر إلى مستويات أخرى من الخراب والتردي.
في حالتنا المحددة هذه، يستطيع اليسار الماركسي (كما جميع الحركات الوطنية والشخصيات الفكرية والثقافية) أن يساهم ويلعب دوراً كبيراً في عملية النقد والمراجعات وفق رؤية وطنية جديدة وبلغة جديدة، ويطرح المهام التي تختلط وتتجاور فيها قضايا التحرر الوطني، السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومعالجة مشاكل الفقر والجوع، ومعالجة مشكلة نقص الخدمات الأساسية، وفتح آفاق البناء والتنمية الحقيقية، وقضايا الديمقراطية والحداثة والمرأة والتعليم والثقافة ومشكلة تلوث وخراب البيئة والتصحر وأزمة المياه المتفاقمة!
على اليسار الماركسي، أن يتجاوز حالته الراهنة، ويعيد تنظيم صفوفه المبعثرة والمشتتة، (لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا)، من خلال نقد ومراجعات فكرية، موضوعية وجريئة، ومن خلال جهده الفكري والسياسي النوعي والجديد، وطرح الشعارات والبرامج والمهام المطلوبة، والتوجه للشباب والأجيال الجديدة وللكادحين والفقراء، أصحاب المصلحة الحقيقية في دعم التوجهات الوطنية الديمقراطية في مجتمع مأزوم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بماذا نبدا ومتى وكيف ؟
صباح كنجي ( 2013 / 4 / 13 - 23:54 )
عزيزي الناصري وبقية المتحاورين معه الحاملين للهم العراقي . المطلوب الاجابة على تساؤلات بماذا نبدأ؟ وأين وكيف. الوضع في العراق بحاجة الى مراجعة شاملة ورؤية مفتوحة تجمع الطاقات من اجل تدارك الاستبداد الراهن المتمثل بخطرين الاول نهج الاحزاب الدينية التي تسعى لتكوين سلطة استبداد جديدة الثاني خطر التيارات اليمينية من بقايا النظام السابق والاحزاب والمنظمات القومجية المتحالفة مع رؤساء العشائر الذين يسعون لأحياء سلطة القومجيين بلباس جديد المطلوب من كل الذين يهمهم مستقبل الوطن ومصلحة الكادحين العمل على تلافي الصعوبات التي تكترث العمل الحقيقي الذي يجمع شمل مكونات التيار الديمقراطي العلماني بكل اتجاهاته وعدم الانجرار الى حالة الصراع التي تشتتهم بقية الامور تاني لاحقاً .الآن المطلوب من الجميع التفكير بالوسيلة التي تساهم في خلق حالة من التغيير على ارض الواقع وليس في الاحلام الجميع المستهدف المهمش عليه ان يعيد النظر بسياساته ومواقفه ويحرص على مستقبله دون ذلك سيكون من العبث ان نتحدث عن افق يخرجنا من هذا المأزق المحتدم . الجميع ينسقون ما عدا اليساريون والعلمانيون . الجميع يخطط ونحن ننتظر
صباح كنجي


2 - العزيز صباح كنجي
أحمد الناصري ( 2013 / 4 / 14 - 15:29 )
عزيزي صباح كنجي... شكراً لمتابعتك وآسف لتأخر التعليق والرد بسبب خلل تقني حجب تعليقك مؤقتاً. صديقي أنني أتحدث عن ردة مجتمعية شاملة، وعن كيفية تشخيصنا لها للمساهمة في معالجتها، ودور اليسار الماركسي في ذلك، وهذا جزء من حوار متواصل بين الأصدقاء... إلى جانب ما ذكرته من قوى تساهم وتصنع الخراب الحالي، فأن مصدر ذلك هو الشكل السياسي الطائفي (غير الوطني) الذي فرضه الاحتلال، وكل من شارك به أو صمت عنه، عكس الموقف الوطني الصحيح والمطلوب الذي يرفض هذا النمط ولا يتعامل معه، لأنه سيصل إلى هذه النتيجة الرهيبة. كما انك لا تذكر موقف بعض الأحزاب في الحركة الكردية الانعزالي والضيق، على مستوى العراق وكردستان والنموذج المشوه القائم حالياً، رغم مرور كل الإمكانيات والوقت! كنت ولا أزل إلى جانب كل الجهود الرصينة للنهوض بحالة اليسار الماركسي والوطني، من خلال النقد والمراجعات والتوجهات الجدية والعودة للناس والدفاع عن مصالحهم (وهي غائبة)، لكنني ضد التجميع من دون مواقف واضحة لأنها لا تستمر ولا تثمر وقد مر وقت طويل وثمين... أنني مع الاحلام الواقعية لكنني ضد الاستغراق والغرق فيها. مودتي


3 - تواصلا للحوار
صباح كنجي ( 2013 / 4 / 15 - 05:19 )
لكنني ضد التجميع من دون مواقف واضحة لأنها لا تستمر ولا تثمر .. هذا ما ورد في توضيحك حسناً ألا ترى انك تضع شروطا واستنتاجات وتحدد المهام المطلوبة للتجمع المطلوب الذي تنادي به وتكافح من اجله مسبقا بصيغة فردية تجعل من رأيك مقياساً اذن ما اهمية وجدوى الحوار؟ وعلى ماذا تتحاور ؟ .. ساعود للتأكيد على اهمية التصدي للتيارات اليمينية القومجية المتحالفة مع قادة العشائر ونهج القوى الدينية التي تسعى لفرض الاسلام السياسي في الدولة والمجتمع .. عن موقف الاحزاب الكردية ان كنت تقصد حدك واوك بالتاكيد ان تدرك انهم ما زالوا رغم كل مآخذنا على سياساتهم يصنفون في دائرة القوى العلمانية الاقرب الى اليسار ويواجهون تحدي سياسي خطير من انتشار وتفشي المد الاسلامي في كردستان ولا تنسى تخلف القاعدة الاجتماعية وعدم وجود البنية التحتية المساعدة على تعميق التوجه التقدي والديمقراطي والضغوطات التي يواجهونها .. لكن لا تنسى اهمية نشوء وتكوين تيارات معارضة ايضا وتبقى مواقف الشيوعيين والماركسيين في كردستان اليوم جزء من المشكلة التي تتطلب المراجعة والابتعاد عن خط وسلوك الحزبين ومحاولات استحواذهم وهيمنتهم
صباح كنجي


4 - العزيز صباح كنجي
أحمد الناصري ( 2013 / 4 / 15 - 11:28 )
عزيزي صباح شكراً لمتابعتك... أنني أعرض وأدعو إلى مواقف وطنية واضحة من الأزمة، وهذه مواقف ورؤية فكرية وسياسية وليست شروطاً مسبقةً. فأنا لا أتفق مع من تعامل مع الاحتلال، أو شارك في مجلس الحكم، وقبل بالنظام الطائفي الذي فرضه الاحتلال وأسس لاستمرار وتعمق الكارثة، ولم ينقد ويراجع ذلك. هذه آراء ومواقف فكرية وسياسية بصدد الوضع. البعض لا يزال يضع آمالاً على (تطوير وتعميق) العملية السياسية وأمل ب(التغيير) و(العراق الجديد) وأنا لا أرى ذلك... كذلك لا أتفق مع سياسة الأحزاب الكردية بصدد مصالح الناس في كردستان، وشكل الحكم والفساد والإقطاع السياسي والعائلي المستشري والحريات والعلاقة ببغداد. والوضع القائم في كردستان بشكله الحالي لا يمنع ولا يصد الموجات الدينية والسلفية والرجعية. وأنا لا أميل وأؤيد مثلاً الوضع السياسي في كردستان تلقائياً لأنني أرفض الشكل الطائفي في بغداد، وهذا تبسيط شديد للعمل السياسي في بلدنا!


5 - عن الورقة!
أحمد الناصري ( 2013 / 4 / 15 - 11:32 )
1- ما أقصده بهذه الورقة والفكرة تحديداً، هو التركيز على حجم وطبيعة الردة والأزمة الاجتماعية والبنيوية التي تمر بها بلادنا منذ عقود، وقد اتخذت طابعاً نوعياً بعد الاحتلال، مع بروز ظواهر كثيرة جديدة وتعمق واتساع لظواهر قديمة. وهذا ما قصدت دراسته ورصده، والتوقف والابتعاد عن الطرح السياسي السريع والمتنقل، والدوران حول جوهر الأزمة دون ملامسته! كما أشرت إلى إمكانية اليسار لماركسي في توسيع نشاطه في الأزمة الوطنية العامة.
وضوح الموقف الوطني من الكارثة الحالية يمهد الطريق لطرح الحلول المناسبة. أما البقاء ضمن دائرة الموقف المشوش وبناء آمال على إمكانية تطوير (العملية السياسية) وعدم نقد ما جرى من وضع خطير بعد الاحتلال سوف ينتج ويؤدي إلى استمرار الموقف الخاطئ!


6 - عن الورقة!
أحمد الناصري ( 2013 / 4 / 15 - 11:33 )
2- فالبعض يسمي الاحتلال (تغيير)، ورغم إن الكلمة تحمل أكثر من معنى، فأنهم يقصدون المعني الايجابي تحديداً، ويريدون الهروب من التسمية والمعنى الحقيقي لوضع وحالة بلد محتل وآثار الاحتلال وبقاياه، وما يترتب عليه من موقف سياسي وطني وموقف قانوني وحقوقي ضد المحتل. فكيف لمن خضع له وتعاون معه؟ كذلك كان البعض يسمي قوات الاحتلال بالقوات الأجنبية أو القوات متعددة الجنسيات وهو أمر مختلف تماماً أيضاً! (التغيير) بالمعنى الايجابي المقصود، هو قيام وضع سياسي وطني، يطرح حلاً للمشاكل القديمة. فهل جرى ذلك؟ وماذا جرى؟ لقد فرض الاحتلال شكلاً طائفيا متخلفاً، ترافق مع انهيار الدولة، ونشوب حرب أهلية خطيرة، امتزجت مع إرهاب منفلت وواسع، مع خراب اقتصادي وفساد شامل وتراجع كبير في الخدمات، وانهيار للتعليم والثقافة، وتمركز السلطة وإمكانياتها وأجهزتها بيد حزب وشخص واحد. هل نؤيد هذا الوضع ونسانده؟ هل هي سلبيات صغيرة وطبيعية يمكن تجاوزها؟ هل هناك آفاق وآمال ننتظرها من (العملية السياسية)؟.

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية