الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخلوع شامتًا!

إكرام يوسف

2013 / 4 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


جلس في القفص ـ بين ولديه وبعض رموز عهده ـ مبتسما، ملوحا بيديه .. شعره مصبوغ كالعادة، ويبدو في أفضل صحة بالنسب لمن هم في سنه! تذكرت سنوات كان رجاله يوهموننا بأنه يعاني أمراضا خطيرة وأن أجله يقترب، حتى يضعفون دعوتنا للثورة عليه ومحاسبته. كان لسان حاله في جلسة السبت يقول:"ألم أقل لكم، إما أنا أو الفوضى؟"
بطبيعة الحال، يشعر الرجل بالشماتة، لأن ثورة قامت ضده وأثارت احترام العالم، وبشرت ببزوغ فجر جديد لشعوب الدنيا؛ لم تسفر بعد عامين إلا عن تزايد أعداد الشهداء والمصابين، واستفحال جرائم التعذيب، بوتيرة تفوق ما كان يحدث في عهده! وفي ظل أول رئيس مدني منتخب بعد الثورة، توطدت أكثر علاقة التبعية مع الولايات المتحدة، وصار رئيس الجمهورية يصف نفسه بأنه الصديق "الوفي" لرئيس الكيان الصهيوني، ومازال غاز البلاد يصدر إلى ذلك الكيان على حساب احتياجات المواطنين وبنفس الشروط المهينة! وعلى الصعيد الداخلي، حل لصوص جدد محل لصوص العهد البائد، بنفس قواعد اللعبة، في الاستيلاء على مقدرات البلاد وثرواتها، وتدهور الاقتصاد، وتردى حال أغلبية السكان وازاد الفقراء فقرا. وفي مجال الحريات، تعددت حالات ملاحقة الإعلاميين والتضييق عليهم وإرهابهم. ويواصل الحكم الجديد نفس السياسة، التي أطلقت عليها قبل أكثر من عشر سنوات، سياسة "بص شوف العصفورة" ـ فرصة كي أحتفظ لنفسي بحق الملكية الفكرية للتعبير ـ لإلهاء الشعب عما يرتكبه الحكم من جرائم في حقه. وكالعادة، تكون العصفورة، أو وسيلة الإلهاء، المفضلة عند الحاكم، إثارة التناحر الطائفي بين أبناء الشعب الواحد. فلم نكد ننتهي من جريمة الخصوص، التي أثارها إمام مسجد من أتباع النظام، محرضا المسلمين على الهجوم على مسيحيي المنطقة بحجة أن شخصا ما رسم صليبا معقوفا على جدار معهد أزهري (تبين فيما بعد، أن من قام بالرسم طفلان مسلمان، لم يدر في ذهنيهما أن ما فعلاه سيدفع ثمنه ست عائلات مصرية فقدت أبناء، كل ذنبهم أنهم يدينون بالمسيحية!) حتى هاجم بلطجية جنازة شهداء التعصب، وانهالوا بالطوب والمولوتوف والخرطوش على الكاتدرائية للمرة الأولى في تاريخها! وكالعادة المتبعة منذ عصر المخلوع، تلجأ السلطة إلى نفس سياسة تبويس اللحى، وعقد جلسات صلح صورية، بدلا من معاقبة الفاعلين بحزم رادع لكل من تسول له نفسه استرخاص أرواح مصريين!
وأدمت الجريمة المروعة، قلوب كل المحبين لهذا الوطن، حتى أن بعض المسلمين سارعوا كالعادة إلى إبداء اعتذارهم، لتخفيف احساسهم بالذنب تجاه اخوة الوطن! على الرغم من أنني شخصيا، أعتبر نفسي من أصحاب الدم، ولست مضطرة للاعتذار عن جريمة اقترفها من لا يمثلونني بأي حال، بل أنني أطالب من يحكمون هذه البلاد للاعتذار لي ولغيري من المصريين لأنهم أدموا قلوبنا بقتل أبناء من عائلتنا. وارى أن من يقدمون الاعتذار؛ بدافع من نبل مشاعرهم وإحساسهم بالألم، يكرسون ـ دون قصد ـ فكرة الانقسام الطائفي، ويجعل كل من ينتسب للإسلام مسئولا عما يقترفه من ينتهكون تعاليمه. الجريمة يا سادة ارتكبها مجرمون؛ اعتلوا منابر المساجد ليحرضوا على الاقتتال بين المصريين وبعضهم، وبثوا من شاشات التليفزيون فحيحا ناقلا فيروس الكراهية بين الأهل، وتسللوا إلى المدارس ليغرسوا في قلوب النشء البريئة بذور الحقد والغل!
وقبل أن تهدأ قلوبنا المكلومة، على أرواح صعدت إلى بارئها تشكو إليه من يتحدثون باسمه، وأرواح أخرى ضاعت في ضلال العنصرية والبغض؛ نفاجأ بقرار وزارة الأوقاف يمنع التعامل مع الكنائس الإنجيلية إلا بعد الرجوع إلى الوزارة!! وإذا كنا قد عارضنا في عصر المخلوع حظر بعض المؤسسات على موظفيها الإدلاء بتصريحات للصحافة، واعتبرنا ذلك اعتداء على حق المواطن في المعرفة، فبماذا نسمي قرار الأوقاف؟ ولماذا الكنائس الإنجيلية بالذات؟ نعلم جميعًا أن كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية هي كنيسة الثورة، ولا يجحد منصف فضلها على الثوار، فكان من أبنائها أربعة معتقلين في بداية الثورة، وعندما احتاج الشباب إلى ميكروفون لنقل أصواتهم إلى مئات الآلاف في الميدان، عرضت عليهم الكنيسة مايكروفوناتها، وفتحت أبوابها للمسلمين ـ قبل المسيحيين ـ عندما زادت أعدادهم عن قدرة المساجد المجاورة على استيعابهم من أجل الوضوء، والصلاة أيضا. كما أقامت أكبر مستشفى ميداني عرفته الثورة، يضم أحدث الأجهزة للإسعافات وإجراء جراحات الميدان، تم شراؤها من تبرعات أبناء الكنيسة، ويتطوع للعمل فيها أطباء، بدون النظر لانتماءهم الديني. ودرجت الكنيسة على دعوة المنشغلين بهم الوطن إلى حفلات الإفطار كل رمضان، وأيضا إلى مختلف احتفالاتها بالأعياد المسيحية. وشهد كل من حضر احتفالات الكنيسة، صلوات وترانيم تبتهل إلى الله لحماية الوطن وحفظه وتوفيق حكامه إلى خير البلاد. ولكن الوزارة لم توضح لنا السبب في تركيز القرار على الكنيسة الإنجيلي بالذات؟؟؟ كان من الممكن أن تحظر الوزارة التعامل ـ باسمها ـ مع أي مؤسسة خارج المساجد إلا بإذن، ولكن قصر الحظر على الكنيسة الإنجيلية بالذات، غريب ومريب! وجاء هذا القرار بعد قرار وقف الشيخ مظهر شاهين ـ شيخ جامع عمر مكرم ـ عن العمل، وتحويله إلى التحقيق. وتحججت الوزارة بأن الشيخ شاهين ـ الذي لا أتفق بالمناسبة مع عدد من مواقفه ـ يتحدث عن السياسة في المسجد!! فلماذا إذا لم نشهد هذه "الفزعة" إلى إبعاد السياسة عن المساجد، عندما وقف الشيخ المحلاوي على المنبر يدعو على الليبراليين؟ وعندما أفتى ـ وغيره ـ أن من لا ينتخب محمد مرسي يكون عاصيا لله! ولماذا لم تظهر هذه الغيرة على المنابر عندما استغلها الاخوان للدعوة إلى انتخاب مرشحيهم في البرلمان، وعندما امتطاها الشيوخ المنتمين للإخوان لسب معارضيهم. وإذا كانت الوزارة تتحجج بأن المحلاوي وغيره ليسوا تابعين للوزراة، فلماذا سمحت لهم باستغلال المساجد ـ التابعة للوزراة ـ في تضليل المواطنين ونفاق الحكام!
كانت رسالة الموضوع واضحة، ولغة جسده تظهر الشماتة في حالنا، فلم تتغير الأحوال بعده إلا إلى الأسوأ، والجريمة التي يحاكم بسببها، اقترف مثلها تماما من تولوا الحكم بعده! وكيف سيحاكم على قتل المتظاهرين، بينما يستمر إلى الآن قتل المتظاهرين وخطفهم وسحلهم وتعذيبهم وانتهاك أعراضهم؟
ولكننا نقول للمخلوع، لا تضحك كثيرا، فإننا من يضحك أخيرا، وسوف تلقى الحساب الحقيقي الذي تستحقه، وسيلقاه مثلك من ساروا على دربك. وعليهم أن يوفروا الأموال الهائلة التي تنفق على نقلك بالهليوكوبتر إلى قاعة المحاكمة، وعلى حراستك.. فموعد المحاكمة الحقيقي ـ لك ولهم ـ لم يحن بعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشامتون بمبارك 1
محمد بن عبدالله ( 2013 / 4 / 14 - 14:07 )
أريد أولا مناقشة نقطتين تجاهلهما كل المعلقين السياسيين:

على رأي المثل: الكعكة في إيد اليتيم عجبة
لما ظهر المخلوع مريضا عاجزا هب الثورجية لاستنكار ذلك والآن يهاجمون ظهوره مهندما! إيه هو انتو بتهاجموا وخلاص؟

في المرة الأولى دخل المخلوع على قاعة تضج بالهتاف باعدامه وكأننا إبان الثورة الفرنسية والغوغاء أمام المقصلة..أما أمس فوجد أنصاره_نعم مازال له أنصار وبالتأكيد لست منهم_ يحيونه ويهتفون باسمه فما العجب أن يبدي ارتياحا وابتساما وتحية؟

في المحاكمة الأولى قد تكون الحالة النفسية المتردية بسبب صدمة الثورة القاصمة مع الاحساس بالذل واشتداد المرض كشفت عن ضعف وخوار قوى العجوز الثمانيني وأمس بعد علاج طويل ورضا بالقدر ارتفعت روحه المعنوية شيئا ما


2 - الشرق الأوسط
elias melbourne ( 2013 / 4 / 14 - 14:22 )
سيدتى العزيزة
تقسيم الشرق الأوسط أقرب مايتخيل الجميع


3 - الشامتون بمبارك المخلوع 2
محمد بن عبدالله ( 2013 / 4 / 14 - 14:30 )

لماذا كل هذا الحقد على عجوز مجرم _دون أدنى شك_ من ثورجية أثبتت التجربة على الأرض أنهم أكثر منه بمراحل قدرة على تخريب مصر ؟
هل لتركه أكبر احتياطي استراتيجي من العملات الصعبة من تاريخ الخزانة المصرية فشل الثورجية في تنميتها أو حتى الاحتفاظ بها حتى وشكنا على الافلاس؟
ان كان عصر مبارك عصر اللصوصية وانه نهب 70 مليار كما ادعوا كذبا لتأليب الجهلاء كونوا لصوصا مثله واتروا مصر ونمـّوا الاحتياطي القومي !

لا يمكن لعاقل أن يثور ويثير جماهير الغوغاء حوله إلا بعد دراسة هادئة متعقلة لما سينجز من نظام جديد وعلم دقيق بقدر قوته ونفوذه في الشارع السياسي المحلي والدولي..ألم يخب الثورجية في الحكم على قوة الظلاميين؟ رسبوا بعشرين صفر ومرتبة القرف!
أثبت الثورجية أنهم أغبى من المخلوع..ظنوا التهور شجاعة فمات العديد واستغلوا الضحايا للدخول في دائرة الانتقام ليداروا عن خيبتهم الثقيلة وسوء تقدير أمرين أساسين:
الاطمئنان والتعاون مع الاخوان والسلفيين
عدم وجود تصور موحد واضح للمستقبل

هل أشمت بالمخلوع المجرم الذي مهد الأرض للظلاميين أم أشمت بعيال الثورجية الخيبانين الذين ركبهم هؤلاء؟؟؟

كل هوجة وانتم بشر


4 - ويحق له ان يشمت!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 4 / 14 - 15:55 )
لماذا؟؟.لسان حاله يقول:يا من تجمهرتم في كل الميادين هاتفين بسقوطي لاني ديكتاتور طلبا للحرية والعيش الكريم علما بان ديكتاتوريتي كانت باسم الحرية والعلمانية وعندما تازمت الامور اتفقنا مع الجيش ان نبتعد عن الحكم متمنين لكم عهدا زاهرا بقيادة احرار مصر ولكن ما حدث هو انكم اخترتم ديكتاتورية مكان ديكتاتورية ولكن باسم السماء وهنا مربط الفرس. ان احتجادكم ضدي جائزته الجنة لاني بالاضافة الى كوني ديكتاتور فانا علماني اما بعد ان انتخبتم الاخوان فاحتجاجكم سيكون مصيره النار لانه لا يجوز الخروج على الحاكم المسلم لذى وجبت الشماتة على اغبياء لا يعرفون كيف يتصرفون وينعقون مع كل ناعق. وسؤالي لكم متى كان الاخوان موضع ثقة وهم كـ الحرباء تغير جلدها عند الضرورة استنادا على فقه الضرورات والضرورات تبيح المحضورات.
هل جنت على نفسها براقش؟؟.ربما.
برياء ونفاق يخدعون الله جهرا
اين مكر الله عن من ملؤوا العالم مكرا
ان صفى الامر لهم لم يتركوا للشعب امرا
وسيبقى الشعب مثلي مستغيثا
انقدوني.

اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي