الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدوغما في الفكر الإقتصادي ( 2 ) ، حول إقتصاد الخدمات ومشاكله .

ماجد جمال الدين

2013 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


سألني ألسيد فؤاد النمري ت ـ 12:: (((فمثلاً كيف يفسر السيد جمال الدين أن الولايات المتحدة وهي تنتج ما يعادل 30% من إنتاج العالم وتبيع إلى العالم 100 أو 200 ترليون دولار ومع ذلك يتهددها بين شهر وآخر خطر الإفلاس فيضطر الكونجرس إلى الموافقة على رفع سقف الدين ترليون أو ترليونين من الدولارات كيلا تعلن أميركا دولة مفلسة
كيف تفس ذلك أيها السيد ماجد جمال الدين ؟
هل يعلم السيد ماجد كم هي الفوائد السنوية التي على أميركا أن تدفعها للدائنين؟ )))
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=352671


بصراحة ، لم أفهم الغاية من هذا السؤال ألملخبط .. إذا كانت الولايات المتحدة تنتج 30% من مجمل إنتاج العالم بينما نفوسها قرابة 5% من سكان العالم فعن اي إفلاس يمكن الحديث وأنه يتهددها شهريا ؟! .. النكتة الأخرى أن الكونغرس الأميريكي هو الذي (يضطر) إلى رفع سقف الدين !؟ ، أتلاحظون المفارقة أو ألمغالطة ؟.. يعني وكأنه الكونغرس هو الدائن وليس المدين بإسم دولة الولايات المتحدة وحكومتها ..
هنالك سبب واحد يكمن وراء هذه المغالطات وٍساذكر الكثير من الأمثلة ، وعدم الفهم لطبيعة النظام الراسمالي في عصرنا ألحالي بما يؤدي لهذه الأسئلة المخربطة .. السبب هو الفكر الدوغمائي والتشبث بمقولات عفى عليها الزمن وهي لم تكن دقيقة اصلا ..
كثيرا ما يقرن السيد فؤاد النمري وأضرابه ( تحليلاتهم) الإقتصادية بشعارات (تعبوية) من مثل الدولارات المزيفة ، وكنت أنا فضحت هذه الأكذوبة في ردي على السيد عقيل صالح في المقال السابق ، وهنا فقط أجدد التوكيد على أن مؤسسات التأمين المالي تعتبر الدولار يحمل درجة الثقة AAA أي أن بنوك ودول العالم تعتبره من أكثر العملات الصعبة إستقرارا ، عدا عن أن نسبة الفائدة عن الإقراض بالدولار هي ألأكثر إنخفاضا بالمقارنة مع العملات التي لها درجة أقل من الثقة .. لذا يا سيد فؤاد أرجو أن لا تزعجك قيمة الفوائد السنوية التي يتقاضاها دائنوا أميريكا كالصين مثلا ، فهي قد تبدو كبيرة رقميا ولكن لو أن الصين أقرضت إيطاليا مثلا ( بالليرة البائدة وليس باليورو ) أو الهند وباكستان وإندونيسيا أو روسيا الإتحادية لكانت ستحصل على اَضعاف مضاعفة من الفوائد الربوية .. ولكنها لا تفعل ، وذك رغم أن هذا سيعود عليها أيضا بمكاسب سياسية واضحة.. ولا تفعل لأنه تثق بثبات الدولار وبقدرة الإقتصاد الأميريكي وأنه ليس مهزوزا يمكن إنهياره بين عشية وضحاها كما تحاول أن تروج دوما ويصدقك البعض من المتغافلين ..
أللطيف أيضا ذكره في مواضع أخرى أن الولايات المتحدة أضحت مستعمرة صينية ، لأنها أصبحت سوقا للبضائع الرخيصة المستوردة ، وإتجاهها كما كل البلدان الأوربية المتطورة لتوسيع القطاع الخدمي . هذه النقطة سأعود لها لاحقا بعد أن تتكون لدى القارئ فكرة واضحة عن معنى الإقتصاد الخدمي وكيفية إنتاجه للقيمة المضافة والثروة المجتمعية ، ومنها فائض القيمة والربح للرأسمالي .

ولكن قبل ذلك أود إثارة نقطتين تبدوان بعيدتين عن الموضوع :
1. الولايات المتحدة هي دركي ( شرطي ) العالم ! هذا ما تعودنا سماعه وفيه الكثير من الصحة .. هذا الدور لعبته أميريكا منذ إنتهاء الحرب العالمية وحتى أبان الحرب الباردة .. وحين إنتهت الأخيرة طلبت الولايات المتحدة من ألمانيا ألإتحادية الموحدة أن تسحب قواتها من هنا ... فرفضت ألمانيا !!! ( أعتقد آنذاك كان المستشار هيلموت كول .. ) ... نفس الشيء تقريبا حدث لاحقا مع اليابان والقاعدة الأميريكية في أوكيناوا ، رغم تذمر السكان المحليين من تصرفات الجنود الأميريكيين . ( أعتقد أن اليابان أحسنت التصرف إذا أخذنا بنظر الإعتبار ما يجري حاليا من توتر مع كوريا الشمالية ، رغم أن الآخطار المباشرة آنذاك كانت تأتي من الصين بالدرجة ألأولى ) .. المهم على كرتنا الأرضية مئات القواعد العسكرية الأميريكية والتي تشكل عبئا على دافع الضرائب ألأميريكي كما كل قواتها المسلحة التي تلتهم جزءا هاما من الميزانية . ولكن ..
ولكن كما تقول أن الشرطة والجيش هم من قطاع الخدمات .. فهل هذه القواعد المنتشرة والقوات المسلحة التي تستعمل أرقى التقنيات لا تحمل أي فوائد إقتصادية بحتة ، عدا بالطبع عن حمايتها لمصالح النظام الرأسمالي العالمي ؟

2. طيلة سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات كانت اليابان تنفق مليارات الدولارات سنويا كي تستورد من الولايات المتحدة ليس سلع بضائعية بل مجرد أوراق مختومة .. حقوق براءات الإختراع وأنواع من التراخيص LICENSE لإستعمال الإبتكارات العلمية والتقنية ( الناو هاو ) في مختلف المجالات . هذه الأوراق ألمختومة ( نتاج البرجوازية الوضيعة !) كما المتاجرة بها لا أعتقد أنك يمكن أن تصنفها بغير كلمة الإقتصاد الخدماتي ... ، ولكن هذه الدولة التي كنا نعتبرها مجرد مستعمرة أميريكية مكسور أنفها بقنبلتين ذريتين ، إستطاعت بواسطة إستيراد هذه الخدمات أن أن تصبح ألقوة الرائدة ألأعظم ليس في محيطها فحسب .. وقي منتصف الثمانينات إستفزت بعنف ألولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي معا عدا عن فرنسا وألمانيا بطرحها أول مشروع برنامج عملي للعقل الصناعي .. رغم أن العالم كان يطور تلك ألأبحاث تحت الطاولة وله من القدرات التقنية والشركات المختصة العريقة ما يفوق ما لدى اليابان بأضعاف ، عدا أن إستخفاف الإتحاد السوفييتي وأوربا وأميريكا بقدرات علماء الرياضيات اليابانيين لطرح هكذا برنامج .. ( حتى الهند أو الصين كانت إمكانياتهم الكامنة تقدر كـ أفضل بكثير ، والمشكلة ليست فقط أنهما كما الإتحاد السوفيييتي وروسيا الإتحاديةلاحقا لم تسعيا لشراء خدمات براءات الإختراع والإكتشافات العلمية والحصول على تراخيص الإستعمال ، بل في أن ألولايات المتحدة وشركاتها وهي كانت ولازالت أكبر منتج عالمي للإكتشافات العلمية والتقنيات الحديثة تمنع تصديرها لأسباب سياسية وإقتصادية ).
عندما نقول ألإقتصاد الخدماتي ، لا نقصد فقط أفلام هوليود، وألتي أيضا تجلب الكثير من الفوائد المادية والمعنوية ، ولا نقصد فقط تطور الطب والرعاية الصحية والنظام التعليمي أو الفنون والسياحة والعمل الفندقي والمطاعم وكرة القدم وألأولمبيادات الرياضية ألخ ألخ .. ولكن جانبا منه يعكسه ما سبق ذكره ، فهل هذا الإقتصاد الخدماتي لا ينتج فائض قيمة ؟ فلماذا إذن يشتروه في السوق التبادلي ؟ ..
ما معنى كلمة السلع البضائعية أو الإنتاج البضائعي ؟ ما معنى كلمة السلعة هل هي فقط كما يقول السيد النمري ((الشيء المادي الذي "تتجسد" فيه ساعات عمل العامل ))! وأحيانا يقول في جوف السلعة وباطنها ، ألخ . فكرة التجسيد هنا لا أدري لماذا ذكرتني بالمذاهب الدينية التجسيدية للإله .. ولكن لن نؤاخذه على هذا مادام يستطيع التملص بالقول أنه تعبير مجازي .. ولكن لنأخذ مثالا عن سلعة مسطحة بدون جوف : أقراص ال سي دي أو ألـ دي في دي .. هذه ألأقراص برغم ما تفترضه صناعتها من جهد عظيم للعلماء والمهندسين وشروط دقيقة على أداء العمال والفنيين ومن أرقى التقنيات كرأسمال ثابت فإن سعرها في السوق التبادلي يقل بالعادة عن خمسين سنتا .. ولكن حين آخذها وأسجل عليها ( بدون أي جهد تقريبا ) أغاني لسلمان المنكوب ومنيرة الهوزوز ورشيد القندرجي وصالح عبد الحي وسيد درويش أو موسيقى هايدن أومعزوفات نيكولا باغانيني ، فأني أستطيع بيعها بالسوق التبادلي بـ 2 ـ 20 دولار .. فأرجو أن يعينني النمري بإجابة : من أين جائت هذه القيمة المضافة في سعر هذه السلعة ؟ .. وأنا تعمدت أن أسمي المغنيين والمؤلفين ممن ماتوا قبل عشرات ومئات السنين حتى لا ينافسني ورثتهم في الأرباح التي أتحصل عليها حكرا من تقديمي للخدمات ، لأن أعمال أولئك أصبحت جزءا من الثروة المجتمعية اي بمثابة ملكية عامة .

وخصوصا أنه يقول في مكان آخر :: ((( الطبقة الوسطى هي مجموعة العاملين في إنتاج الخدمات
وكلفة إنتاج الخدمات تتكفل بها الطبقات التي تعمل في الإنتاج الحقيقي وهي العمال والفلاحون )))
وأنا لا أعرف كيف تكفل العمال والفلاحون بكلفة إنتاجي للخدمة أعلاه ولم يكن معي لا أي عامل أو فلاح ولا حتى البستاني .
ألنكتة في أنه يستطرد هنالك بهذه الكلمات الكافرة ::: (((وعليه كلما تقلص حجم الطبقة الوسطى كلما زاد غنى المجتمع ))) ، لا أدري أي تحجر فكري وتمسك بالدوغما يجعل الشخص ينافي العقل والمنطق والواقع الحي معاً ...
ولكن فلنترك السيد النمري مع آرائه وأوهامه وخيالاته ...

لنراجع المقال الرائع للأستاذ حسين علوان حسين :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=347845

ألذي جمع فيه بعض المعلومات التاريخية عن النظرة لفائض القيمة وخصوصا النظرة الماركسية لقطاع الخدمات ومعنى ما يسمى العمل المنتج وغير المنتج عند كارل ماركس ، لكي نتفهم أين يكمن الخلل المسبب لتحول مقولة ما ، غير دقيقة بصياغتها اللغوية ، إلى دوغما فكرية خطيرة بآثارها . وكما يقول الأستاذ حسين علوان ، والذي أختلف معه بجزئية معينة هنا تتوضح لاحقا :: ((( سنرى كيف أن التبريريين الجدد بعد مضي قرنين و نصف على هذه الفرية سيقرعون بقوة و تواصل أجراس موت الطبقة العاملة المنتجة عبر وسمهم إنتاج قطاع الخدمات لحساب الرأسماليين في زماننا هذا بكونه عملاً غير منتج ! ... و كفى الله الشيوعيين شر النضال ! )))

سأنقل مقتبسات طويلة نوعا من مقولات كارل ماركس أقتطفها من مقاله :
((( 1. العمل المنتج
بالنسبة لماركس فإن كل عمل مأجور (سواء في حقل الإنتاج المادي ، أم في الخدمات أو الإنتاج غير المادي) يخلق فائض قيمة للرأسمالي هو عمل منتج .

بموجب هذا التعريف – الواضح كالشمس – فإن الشروط المطلوبة للعمل المنتج في النظام الرأسمالي هي :
أ. و جود عمل مأجور لحساب رب عمل .
ب. أن هذا العمل المأجور (سواءً كان في القطاع الإنتاجي المادي على شكل بضائع ملموسة أم في قطاع الخدمات ذي الإنتاج غير الملموس ) يخلق فائض قيمة لرب العمل ، أي يحول المال إلى رأس المال .
يقول ماركس :
A writer is a productive labourer not in so far as he produces ideas, but in so far as he enriches the publisher who publishes his works, or if he is a wage-labourer for a capitalist.
الترجمة :
الكاتب (المؤلف) هو عامل منتج ليس لأنه ينتج الأفكار ، و إنما لأنه يثري الناشر الذي ينشر أعماله ، أو عندما يكون عاملاً أجيراً لحساب الرأسمالي . (ن . م)
و غني عن القول أن العلاقة الجدلية القائمة بين العمل المنتج و العمل غير المنتج تسلتزم إدراك تلازمهما الوجودي ، أي عدم إمكانية وجود العمل غير المنتج إلا إذا و جد العمل المنتج ، و بالعكس . كما تستلزم نفس هذه العلاقة إدراك ضرورة إعتبار وجهة نظر الرأسمالي - أو بالأحرى طبيعة علاقته بالعمل المنجز - هي الأساس في التمييز بين العمل المنتج و غير المنتج . )))

ألأستاذ حسين علوان ، أنا لن أناقشك في كون البغي العاهرة تنتج فائض قيمة أو لا ، كما فعل السادة حميد خنجي ت 7 ، ومالوم ابو رغيف ت 17 ..لسبب بسيط هو أنني أعتبر مهنة البغاء بالفعل تلبي حاجة إجتماعية !! وأن أقدم المهن لن تختفي لا في مجتمع إشتراكي ولا شيوعي ولهذا أسبابه . .. ولكن ألا تعتقد أن التعريف الماركسي يجعل النشال والمتسول عاملا منتجا إذا كان يعمل تحت رعاية رب عمل يقتص من أرباحه ومدخولاته السحت مقابل مثلا أن يحميه من مداهمات الشرطة أو غضب الناس ،ويفرق هؤلاء النشالين والمتسولين في مختلف محال وشوارع المدينة لتقليل التنافس بينهم وزيادة مكاسبهم .. ( هنالك قصة جميلة ، لا أذكر ليوسف السباعي أو نجيب محفوظ عن عصابات وأرباب عمل النشالين والمتسولين وحتى تشوه أجسادهم بطلب منهم لزيادة الرأفة وصدقات الناس لهم ، كما أيضا كان مثل ذلك في أوربا القرن التاسع عشر بدلالة مؤلفات تشارلز ديكنز وغيره . ) .. ألمشكلة أن تعريف كارل ماركس معيب لأنه يجعل النهابين والمتسولين ، ويمكن إضافة كل منظومة الفساد المالي والإداري في دولنا المتهرئة ، يجعلهم منتجين لأنهم يعملون ضمن منظومة واحدة يرأسها رب عمل كراسمالي أكبر يضمن حرية وإستقرار عمل هؤلاء ..

يستطرد د. حسين علوان :
((( 2. العمل غير المنتج
تعريف ماركس الآنف الذكر نفسه يحدد على نحو قاطع مفهوم ماهية العمل غير المنتج بكونه : ذلك العمل الذي لا ينتج فائض قيمة للرأسمالي ؛ أي الذي لا ينتج رأس المال . يقول ماركس :
"العمل غير المنتج هو ذلك العمل الإستهلاكي المحض الذي لا يُبادل برأس المال ، بل يُبادَل مباشرة بالمدخولات ، أي بالأجور بالنسبة للعمال أو الأرباح بالنسبة للرأسماليين ( و بضمنها طبعاً الأصناف المتنوعة لأولئك الذين يشاركون كشركاء في أرباح الرأسمالي ، مثل أصحاب سعر الفائدة و بدلات الإيجار) . و حيثما كان كل العمل يسدد فقط جزءً من قيمته الذاتية (مثلاً : العمل الزراعي للأقنان) و جزءً يُبادل مباشرة بالدخل (مثل العمل الإنتاجي في مدن آسيا) ، فإن ذلك يعني عدم وجود أي رأس مال و لا أي عمل مأجور بمعناه في الإقتصاد السياسي البرجوازي . هذه التعاريف ، إذن ، ليست مشتقة من الطبيعة المادية للعمل (لا من طبيعة إنتاجه ، و لا من شكله الخاص كعمل ملموس) ، و إنما من الشكل الإجتماعي المحدد ، من العلاقات الإجتماعية التي يتحقق فيها العمل ." (ن . م) )))

هنا نقع في نفس المطب في تعريف العمل غير المنتج .. ماذا عن العمل الذي لا يبادل برأس المال ( المتغير ) وايضا لا يبادل مباشرة بالمدخولات .. هل لوحة غيرنيكا لبيكاسو كانت عملا منتجا أم لا ؟ .. أم هل عمل علماء الآثار والأنثروبولوجيا ومساعديهم هو عمل منتج أم لا ؟

لكي نحصر الإشكالات التي تؤدي لحرف المفاهيم وتكوين الدوغما ، لنبتعد قليلا عن الإقتصاد السياسي للرأسمالية وننظر بشكل أوسع .. ونبدأ باللغة : كلمة منتج هي إسم فاعل متعدي ولكن في أحيان كثيرة يُحذف المفعول به أما على التقدير أي المفهوم مسبقا لدى السامع أو القارئ ، أو يحذف على الإطلاق بمعنى أن يٌنتج أي شيء . المشكلة في النصوص الماركسية أن ألمعنى دوما يقصد به العمل المُنتج لفائض القيمة التي تتشكل منها أرباح الرأسمالي ، وليس أي شيء آخر ، أي على التقدير .. ( وهذا ما يجب أن يتم التوكيد عليه بالقول دوما العمل المنتج لفائض القيمة والربح الرأسمالي ، وليس فقط التوقف بعد كلمة المنتج . ولا تقربوا الصلاة ) .
بينما في المفهوم العادي العمل المنتج على إطلاقيته والذي بفهم الإنسان الطبيعي يعني أن ينتج أي شيء ، ( وضمنا الأسلحة أو لوحة سوريالية لا يفهمها أحد أو مقطوعة صوتية تسمى موسيقى ألكترونية ولكنها أشبه بالجعير ) ، ولكن خاصة بمعنى إنتاج الخيرات التي تتمثل بإرضاء الحاجات المادية والروحية للبشر وزيادة الثروات المجتمعية . هنا ينشأ نوع من المغالطة اللغوية والنفسية التي يستغلها ليس فقط الإقتصاديين الدوغمائيين بل كل المؤدلجين الذين يودون فرض مفاهيمهم على الناس وإخفاء مقاصدهم السياسية ، بالضبط كما كان يفعل المركنتليون ما قبل ماركس كما ورد في المقال .



في حديث سابق مع السيد فؤاد النمري الذي يصر على أن :: ((منتجو الخدمات لا ينتجون أي ثروة أو قيمة يمكن تداولها )) ، قلت له :: ((هل نستطيع أن نتفق على مثل هذا التعريف : كل ما يلبي حاجات إنسانية ، أي له قيمة إستعمالية فهو ثروة .. وهنا بالطبع تدخل قرط الذهب والسوار ألذي تتزين به النساء كما يدخل الكتاب العلمي أو ألإدبي أو اللوحة الفنية .. إضافة لمبنى السكن وبضائع مثل الغسالة والثلاجة ..
بالطبع القيمة الإستعمالية ليست متفردة لشخص معين بل تعبر بالعادة عن حاجات إجتماعية وبالتالية تكون متلازمة مع قيمة تبادلية . ))
وأجبته أيضا في مكان آخر :: (((.. فما معنى كلمة الثروة إذا كانت ألخدمات ليست منها .. يعني نتصور شخصا يملك 100 مليارد من ألأوراق ألخضراء ( وتسمى عندنا باكس ) و هو لا يستطيع إنفاقها على تعليم نفسه وأولاده ولا على رعايتهم الصحية ، ولا بالطبع أن يشاهد أفلام السينما وحضور المسرح وأنواع الترفيه ألإنترتينمنت ، ولا يأكل الفاست فود ( على حد تعبير زميلك المشير ) ناهيك عن دخول المطاعم الراقية ، ولا يلبس سوى البزة الخاكي والزيتوني لأن كل مايقدمه عارضات وعارضي ألأزياء على الموضة هو قطاع خدمي .. و لن يشارك في الفيسبوك . ما هي ثروته .. ؟))) .. المشكلة أن البعض لا زال يعتقد أن الثروة هي أن يجلس الشخص على قمة مدببة لهرم من ذهب ويشتري لعشيقته تواليت ( مرحاض ) من الذهب كما في إحدى روايات غوركي ..
بينما أنا أنظر لكلمة الثروة بكل معانيها .. الشعب الياباني كما وردني يقول عن عظماء بلده أنهم ثروة وطنية ، وهم يقصدون هنا عادة ليس العلماء فحسب بل الفنانين والإدباء وغيرهم ممن يقدمون الخدمات والخيرات الروحية .. هذا التعبير ثروة وطنية عندهم أشبه بوسام فنان الشعب وغيرها من التعبيرات التي تفيد تقليد هؤلاء العظماء بالميداليات والنياشين التي تعبر عن إحترام الأمة لهم .. هل يوسف العاني ليس ثروة وطنية لشعب العراق ، بكل ما قدمه من عمل في الفن المسرحي والسينمائي وهو من قطاع الخدمات .

وكما قلت سابقا :
((أنا أنظر لفائض القيمة ليس من وجهة الحسابات الضيقة لما ربما سرقه رأسمالي ما من عامل ما فالكل ماتوا ورحلوا غدا كما تقول أم كلثوم ، بل من باب أوسع يشمل كل التاريخ البشري كل المنجزات التي تمثل ثروتنا البشرية هي من فائض القيمة المتراكم ..)) ، ولربما من الأصح للبعض القول هي من القيمة المضافة المتراكمة ، فالماركسيون بالعادة يفرقون ما بين المفهومين فائض القيمة والقيمة المضافة ، بينما أنا لا أفرق بينهما وأعتبر جوهرهما واحد ..

المهم أن القطاع الخدماتي يقدم قيمة مضافة لكل الثقافة ( بالمفهوم العلمي الأوربي ) البشرية ، المادية منها والمعنوية أي من صقل الحجر إلى صقل النفوس ومن أجل رفاهية وسعادة ألإنسان .. ومن هنا فقط فهو عمل منتج للخيرات وليس هو عمل منتج لأنه يضيف أو لا يضيف لأموال الرأسماليين .
والمهم أيضا أن قطاع الخدمات ليس فقط مشارك مباشر وغير مباشر في عملية الإنتاج وإعادة الإنتاج كما ذكرت سابقا ، بل هو هدف هذه العملية أصلا ، .. لأن الخدمات لا نقدمها عادة لسكان المريخ ..


وأخيرا يتسائل السيد عقيل صالح ، ت ـ 11 في مقالي الأخير : (( ..
3. استبدل الانتاج الخدماتي بالانتاج البضائعي أيّ اصبحت الدول التي تبنت هذا النوع من الانتاج تواجه شح في الانتاج . ))
حول النقطتين ألأوليتين من تعليقه أرجو أن يراجع مقال السيد علي الأسدي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=354291

الذي كما أرى يوافقني في الكثير مما طرحته في مقالي ، ولو باسلوبه وأمثلته الخاصة ..
أما عن هذه النقطة فأقول أنها متناقضة ، لا يمكن أن يكون شح في الإنتاج في الدول التي بقواها الذاتية تشجع تطور النظام الخدماتي .. ( أي ليس الإستثمارات الخارجية في الفنادق ) ، لأن قطاع الخدمات بالتأكيد يحتاج إلى السلع البضائعية الصناعية والزراعية بمختلف أشكالها بأكثر بكثير مما تحتاجه عادة باقي قطاعات الإقتصاد .. ، أما أن تكون هذه السلع مستوردة من دول أخرى بأسعار زهيدة أو أن تنتجها أنظمة مؤتمتة تماما لا يوجد فيها عمال بروليتاريون ، فهذا لا يقدم ولا يؤخر شيئا من أن لا يمكن أن توجد شحة إنتاج في مجتمع متطور خدماتيا وقبل ذلك إقتصاديا بالطبع وإلا لما تمكن من أن يكون إقتصاده خدماتي بالأغلب . ( المسألة مختلفة بالطبع في الدول ذات الإقتصاد الريعي ، والدول الأخرى التي تعيش شعوبها بالدين على حساب ألأجيال القادمة والتي تحتاج لهزة تاتشرية .. ! ) .

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد جمال الدين
فؤاد النمري ( 2013 / 4 / 15 - 16:21 )
حسناً أنك جهدت في الكتابة مستخدما شيئاً من المنطق بدون الكثير من التجريح والشتائم
أعيد التأكيد أن عمال الخدمات لا يضيفون شيئاً إلى السوق حيث تستهلك الخدمات تماما قبل أن يستكمل إنتاجها
كانت أميركا من الدول الغنية عندما لم يكن فيها تعليم عام وصحة عامة
أما اليوم فهي من أفقر البلدان يتهددها الإفلاس بين شهر وآخر وكأنك لم تسمع بمناقشات الكونجرس الذي لا يوافق على رفع سقف الدين إلا بعد أن يهدد الرئيس بإعلان الولايات المتحدة دولة مفلسة
وزير الخزانة الأميركي إدوارد سيمون أكد لوزراء الماليه في الدول الغنية الأربعة الأخرى في محادثات المكتبة في وزارة الخارجية بواشنطن 74 أن النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة يتهاوى وأنظمتهم الرأسمالية ستتهاوى بالتبعية
هرعت الدول الخمسة وأعلنت في رامبوييه كفالتها للدولار وتلك كفالة لفظية لا قيمة لها . ما يكفل الدولار اليوم هو الانتاج الصيني والنفوط العربية
ميزانية الولايات التحدة السنوية تقدم معظمها الصين التي لها 1200 مليار سندات على الخزينة الأميركية فائدتها السنوية ليس أقل من 50 مليار دولار
نحن نناقشك بوقائع اقتصادية وأنت تناقشنا بمعتقدات يزكيها التجريح


2 - ألسيد فؤاد النمري المحترم ! ت ـ 1
ماجد جمال الدين ( 2013 / 4 / 16 - 07:13 )
عزيزي النمري ، انا لم أجهد نفسي في الكتابة ، كل ما في الأمر أنني كنت مشغولا لعدة أيام بأمور خاصة ومن ثم أعدت فرمتة الكومبيوتر لأتخلص من بعض الفيروسات الإسلامية وقعدت أكتب مساءا ، ثم أكملت المقال وبعثته صباحا بعد أن جاوز عندي العشر صفحات وأنا لم أتطرق فيه بعد إلى مشاكل إقتصاد الخدمات كما جاء بالعنوان .
والآن عن الـ 50 مليارد دولار التي تدفعها أميريكا للصين سنويا ( أي فائدة نسبتها 1ـ2 % تقريبا ) .. السيد أياد جمال الدين وهو رجل دين معمم شيعي ليبرالي قال في إحدى مناظراته التلفزيونية قبل بضعة أعوام : أن الولايات المتحدة تنفق على ورق التواليت ، الذي بعد الإستعمال يلقى في المزبلة أو المرحاض مباشرة ، ما يعادل بقيمته ميزانية العراق ، آنذاك حوالي 100 مليارد دولار .. من لا يثق بكلمات رجل الدين هذا فعليه إعادة الحساب بالإستناد إلى المصادر الإقتصادية الأميريكية ، وأنا سبق وفعلت حينها .
ألأخطر في ردك هذه العبارة :: (((كانت أميركا من الدول الغنية عندما لم يكن فيها تعليم عام وصحة عامة )))
وهنا ينتابني السؤال : هل كان الإتحاد السوفييتي فقيرا لأن النظام الصحي والتعليمي كان مجانيا ؟ ... يتبع


3 - ألسيد فؤاد النمري المحترم ! .. تتمة1
ماجد جمال الدين ( 2013 / 4 / 16 - 07:15 )
قطاع الخدمات وخاصة التعليم والصحة ، يحفز بشكل كبير إنتاج السلع (البضائعية ) من اقلام الرصاص وأبر الزرق الطبي إلى كافة المعدات والتجهيزات الأخرى اللازمة عدا عن عملية بناء المدارس والمستشفيات . القطاع الرأسمالي الخاص لا يعنى كثيرا بالصحة والتعليم ليس لأنها لا تهمه ولا تجلب له الثروات كرأسمال إضافي جديد بل فقط لطول الدورة الإقتصادية فيها وضعف قيمة الأرباح المباشرة .

(((وكأنك لم تسمع بمناقشات الكونجرس الذي لا يوافق على رفع سقف الدين إلا بعد أن يهدد الرئيس بإعلان الولايات المتحدة دولة مفلسة )))
- وحدة - وصراع ألأضداد أهم قوانين الديالكتيك .. ما يجري في الكونغرس هو صراع ( يمكن أن نسميه صراعا وهياجا لفظيا ) بين إتجاهين متشابكين .. ما يمكن أن نطلق عليه الرأسمالية المتوحشة وآخر يقارب الإشتراكية الإجتماعية . وهذا يعيدني إلى قضية مشاكل الإقتصاد الخدماتي التي سأتناولها أسفلا . ولكن قبل ذلك فلنفترض أن أوباما كرئيس للسلطة التنفيذية بالفعل نفذ تهديداته وأعلن إفلاس حكومته .. أولا هل هذا يعني إفلاس الدولة بمعنى إنهيار وإختفاء القاعدة الإنتاجية المتطورة المادية والبشرية ؟ .. ( ولو أنه .. يتبع


4 - ألسيد فؤاد النمري المحترم ! .. تتمة2
ماجد جمال الدين ( 2013 / 4 / 16 - 07:18 )
(ولو أنه قد يعني لاحقا ،بعد بضع سنوات إضعاف هذه القاعدة ) . وثانيا فلنتتبع ما سيحدث .. ( على ألأكثر بعد إستقالة أوباما وإنتقال السلطة إلى الجمهوريين ) .. تقليص فوري للمصروفات على قطاعي الصحة والتعليم والضمان الإجتماعي ، إعادة هيكلة الديون .. هنا أود التنويه أن الديون الخارجية ستكون عامل إبتزاز لصالح الولايات المتحدة وليس لصالح الدائنين .. أما عن الديون الداخلية فلنستقرأ ما جرى بعد أزمة الرهن العقاري عام 2010 .. حين أصر الجمهوريون على عدم الدعم الحكومي للصناعات الأساسية تحت شعار فلتعلن شركات السيارات إفلاسها وليكن ما يكون . ألمسألة أن كل دولارات الديون الداخلية هي فارغة .. بمعنى أنني أدين لك بخمسين دولاران وأنت تدين ليعقوب أبراهامي بنفس المبلغ وهو مدين لي أيضا لأسباب لا أريد ذكرها كي لا يحتج الآن، بخمسين دولارا بالشيكلات .. بالطبع كل هذه الخبصة ستؤدي إلى إختلالات مرحلية في الأداء الإقتصادي قد تودي ليس فقط للمظاهرات وألإضرابات العمالية نتيجة الإفقار السريع وأيضا إنتحار بعض الرأسماليين ورجال الأعمال ليس في أميريكا فحسب .. ولكن هذا لا يعني إفلاس الولايات المتحدة كما مثلا إفلاس ..يتبع


5 - ألسيد فؤاد النمري المحترم ! .. تتمة3
ماجد جمال الدين ( 2013 / 4 / 16 - 07:20 )
كما مثلا إفلاس اليونان ألتي كادت أن تبيع أراضيها وتكف عن أن تكون دولة . بل فقط فترة من الإضطرابات والفوضى التي تنشأ نظاما جديدا أكثر فعالية كما من ناحية إمكانية التطور ألإقتصادي كذا من ناحية التأثير السياسي الدولي .. كما قلت هزة تاتشرية . ( بالحقيقة مارغريت تاتشر أنقذت حينها بريطانيا من أن تخرج تماما من دائرة الدول العظمى وتصبح من العالم الثالث ) . وبالتأكيد إعلان مثل هذا الإفلاس سيزيد أثرياء الرأسماليين ثراءا .. فالمستفيد الوحيد من أزمة الثلاثينات هم الرأسماليين الكبار ألذين تضاعفت أموالهم بالقيمة الحقيقية رغم التضخم بمئات المرات .
والسؤال ... لماذا أنا قلت أن الصراع داخل الكونغرس هو مجرد هيجان لفظي .. أي أن تهديدات كما الجمهوين وكذا أوباما والديموقراطيين هو مجرد شتائم مراهقين ولا يعدو حتى أن يكون عراكا ؟ ألسبب أن كلا الطرفين يعرف أن أي خلل مفاجئ في النظام القائم بالطبع لن يؤدي إلا إفلاس الولايات المتحدة ولكنه بإستمرار آثاره لبضع سنوات سيؤدي إلى إضعاف قدراتها التنافسية مع إقتصادات الدول ألأخرى . فالعولمة الإقتصادية أضحت حقيقة ثابتة .
بإختصار عن بعض مشاكل الإقتصاد الخدماتي .. يتبع

اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا