الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات في زمن الغرائب والعجائب

محمود جديد

2013 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


 
   - كثر اللغط والتساؤل داخل  " الإئتلاف الوطني السوري " وخارجه حول ظروف وملابسات تعيين السيد : غسّان هيتو رئيساً لحكومة مؤقّتة ، هذا الشخص الذي كان مجهولاً في الساحة السياسية السورية بكافّة تصنيفاتها ، والذي بقي عصيّاً على حضور القاعة قبل الانتخاب ليتعرّف البعض عليه ( كما صرّح السيّد وليد البنّي )  ، وقد يكون أو لايكون الشخص المناسب لهذا المهمة ، حيث لا تتوفّر لدينا  معلومات كافية عنه  ، وفجأة ، وبقدرة قادر خفيّ أزاح حوالي عشرة مرشّحين لهذا المنصب العتيد من أمامه  ، وفرض وجوده على الجميع ليلاً وعلى عجل في استانبول بالطريقة نفسها التي  فُرِض بها الإئتلاف ونظامه الداخلي في الدوحة عند تأسيسه ، وقد اُستخدِمت كتلة الأخوان المسلمين في المجلس الوطني المنتهية خدمته والتي تشكّل حجر الزاوية في تشكيلة الإئتلاف  ، ونواته الجاذبة لإخراج وحسم عملية الاختيار ، هذه الكتلة التي استقطبها الأخوان المسلمون ، وتمحوَر الآخرون  حولها عن قناعة أو انتهاز    .. وكان أوّل المحتجين أو غير الراضين على طريقة تعيينه  شخصيّات بارزة في الإئتلاف ( حوالي 12 عضواً ) ونال 35 صوتاً من مجموع الحاضرين الخمسين وهؤلاء بأغلبيتهم الساحقة من المجلس الوطني   .. وعلى الرغم من الشرعية المطعون في أحقيّتها وصدقيّتها في الإقدام على هذه الخطوة المدعومة قطريّاً وتركيّاً وقبول أمريكي بسبب اختيار هيتو لكونه مواطناً أمريكياً ولاعتبارات أخرى مجهولة لدينا أو غير متأكّدين من صحّتها ولذلك لا نرغب بعرضها    ،   إلّا أنّ الإدارة الأمريكية كانت ترغب في تأجيل مثل هذه الخطوة إلى مرحلة لاحقة لقيادة المرحلة الانتقالية  تحت مظلّة تفاهم إعلان جنيڤ معزّز بقرار من مجلس الأمن  .. وكان السيّد معاذ الخطيب ممتعضاً من هذه الخطوة ، وموقفه الرافض لها كان واضحاً منذ البداية   ، ولكنّها سُوّقَت داخل الإئتلاف رغماً عنه تحت تأثير كتلة الأخوان وحواشيها من الانتهازيين والديكور الطائفي والسياسي ، بينما كان معاذ الخطيب يفضّل خياراً آخر متمثّلّاً بانتخاب هيئة تنفيذية تكون بديلاً عن الحكومة ، وقد عجز في السابق عن تحقيق مثل هذه الخطوة بسبب عناد وعرقلة كتلة الأخوان المسلمين ممّا اضطره لأن يختار بقرار منه هيئة سياسية مؤقّته لهذا الغرض ، وعلى كلّ حال ، فقد قدّم استقالته الى الهيئة العامّة للإئتلاف ، ولكن الضغوط القطرية والحاجة له  لاحتلال مقعد سورية في قمة الدوحة ، وعدم قبول الاستقالة من الإئتلاف طمس هذا كلّه موضوع الاستقالة حتى إشعار آخر   .. وثمّ برز أيضاً موقف ( قيادة الجيش السوري الحرّ ) الرافض لتعيين هيتو وحكومته المنتظرة ، ويبدو أن السعودية تدعم هذا الاتجاه والتي كانت تسعى لاختيار أسعد مصطفى لرئاسة الحكومة بدلاً عنه   .. ولكن الغرابة في الأمر هو السرعة في تسويق هذا التعيين والاعتراف بحكومة لم ترَ النور بعد ، وهذه الظاهرة - حسب علمي - ليس لها نظير في العالم سابقاً ، فلم أسمع عن اعتراف دولي بشيء غير موجود  .. 
   -  والتساؤل الثاني لماذاامتنع معاذ الخطيب رئيس الإئتلاف ، واللواء سليم إدريس عن الحضور  إلى لندن لتمثيل الإئتلاف على هامش لقاء وزراء خارجية الدول الثماني الكبار ، على الرغم من الإلحاح البريطاني على ذلك ؟ 
يبدو أنّ الخلاف الذي أشرنا إليه في التساؤل السابق ليس عرضياً ، وإنّما استمرّت آثاره وانعكاساته  وتفاعلت لاحقاً داخل الإئتلاف وخارجه ، وتجسّدت  بشكل ملموس من خلال هذه المقاطعة ، وقد تكون الاستقالة السابقة لمعاذ الخطيب لها علاقة بالموضوع دون الإفصاح العلني عن قراره وكنوع من الضغط على الإئتلاف وتأكيد جديّته في موضوع الاستقالة ..وهناك التجاهل السعودي لما تمّ في لندن ، وموجة الاستقطابات  التي برزت بين  أوساط السوريين في الداخل والخارج حول الخطيب و( الجيش السوري الحرّ ) : بيانات ومواقف من التنسيقيّات ، عرائض وتواقيع من شخصيات سورية تدعم بمعظمها الموقف الرافض لتعيين هيتو وتؤيّد الجيش الحرّ ، وعلى الرغم من ذلك لا أحداً اكترث بهذا ..  وهكذا تطفو على السطح خلافات عميقة بين الاتجاهين قد تعبّر عن نفسها بأشكال جديدة أكثر وضوحاً في المستقبل ، وقد تؤثّر على صلاحية الإئتلاف للاستعمال كما جرى لسلفه المجلس الوطني  .. 
   -   إنّ إعلان جبهة النصرة  على لسان زعيمها أبو محمد الجولاني بتبعيته إلى القاعدة بشكل واضح جليّ وقَسَمه يمين الطاعة لأيمن الظواهري أربك مكوّنات الإئتلاف والجيش الحرّ ، وجوقة المطبّلين والمزمّرين لهما عن بعد .. وكذلك داعميهم من حكّام الخليج .. وفي الوقت نفسه ، أعطى النظام المستبد ورقة سياسية وأمنية ذهبيّة قابلة للتوظيف والاستغلال على الصعيدين الداخلي والخارجي ، والتمترس خلفها من قبل التيّار الأكثر تشدّداً فيه ( على الخصوص )  للاستمرار في تصعيد الحلّ الأمني العسكري ، والاحجام عن الدخول الجدّي في عمليّة حلّ سياسي بقرار دولي ، وبضمانات أصدقائه وأعدائه .. ولكنّ المستفيد الآخر من هذا الإعلان هو أمريكا وحلفاؤها وفي أكثر من اتجاه تختاره الإدارة الأمريكية وفقاً لحساباتها الاستراتيجية ، فقد تستفيد منه لتعديل موقفها والضغط على حلفائها وأتباعها والتنصّل من أيّ وعود بالتسليح لفصائل الجيش السوري الحرّ ، والدخول بشكل جدّي دون تلكؤ ومماطلة في تنفيذ تفاهم إعلان جنيف والسير به إلى نهايته التي تفرض حلّاً سياسيّاً بالتفاهم مع الروس  ، أو يمكن أن يشكّل ذريعة لتصعيد موقفها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وصولاً إلى تدخّل عسكري مباشر بشكل من الأشكال وبما يخدم مخطّطها في المنطقة وأمن ومصالح  الكيان الصهيوني ...كما سيربك المجموعات المسلّحة المتعاونة مع جبهة النصرة  على الأرض ، والقيادات السياسية المعارضة التي دافعت عنها ،  ولكنّ التساؤل هنا : هل أنّ مَنْ يموّل ويدعم ويحرّك جبهة النصرة جاهل سياسيّاً إلى هذه الدرجة حتى يقدّم خدمات سياسية وأمنيّة لأطراف متعدّدة الاتجاهات ومبرّرات لتحالف الجميع ضدّ جبهة النصرة وخلق المزيد من المبرّرات لاستهدافها ؟ أمْ أنّه يتلقّى توجيهاته وتعليماته  من الأجهزة الأمريكية وعملائها ، أو من وغيرها ؟  وعلى حساب ضحاياه المغسولي الأدمغة من أولئك الذيم ينفّذون أوامره في الميدان طمعاً في جنان الخلد وحورياتها وعسلها ولبنها .. الخ ؟ 
  وأخيراً ، نستطيع القول : إنّ حالة الاستعصاء الدامي الذي عاشته سوريّة في الأشهر السابقة وتدميرها بعمليات الكرّ والفرّ ، وتشريد مواطنيها ، وتمزيق لحمتها الوطنية ابتدأت في الانتقال إلى حالة جديدة من التصعيد الخطير بهدف تغيير موازين القوى وتحقيق مكاسب ملموسة على الأرض قبل لقاء بوتين - أوباما ، في أواخر حزيران القادم ، وثمّ إرغام الأطراف المتصارعة على الجلوس حول طاولة المفاوضات في هذا الصيف كما هو محتمل ، لأنّ الخيارات الأخرى ستكون صعبة ومريرة على الكبار والصغار .. ولهذا كلّه ، يترتّب على كلّ المؤمنين بالحل السياسي على أسس تفاهم جنيڤ في داخل سورية وخارجها وأينما كان اصطفافهم الراهن أن يوحّدوا جهودهم وصفوفهم لتشكيل القطب الديمقراطي القادر على جذب الصامتين والمتردّدين والخائفين وزجّهم في العملية السياسية لضمان السير والمساهمة بفعاليّة في عمليّة التغيير الديمقراطي الجذري الشامل الذي لابدّ منه   .. والتاريخ لن يرحم أحداً ولو بعد فوات الأوان .. 
في : 14 / 4 / 2013 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارات جوية عنيفة من الاحتلال على رفح في قطاع غزة


.. 6 شهداء وجرحى وصلوا مستشفى الكويت التخصصي برفح جراء قصف إسرا




.. الخارجية الأمريكية: لا ينبغي أن تكون هناك مساواة بين إسرائيل


.. وجوه جديدة تظهر في سدة الحكم أبرزها محمد مخبر النائبِ الأولِ




.. العلماء يكتشفون فيروسات نادرة عملاقة عمرها 1.5 مليار عام