الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يعقوب بلبول ...الأديب الذي وقف في طليعة الأدباء العراقيين الواقعيين بداية القرن العشرين

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2013 / 4 / 15
الادب والفن




كان انتماء يهود العراق يستند إلى كون كل منهم جزءاً من العراق وشعب العراق , لغتهم الأم هي اللغة العربية , ومستقرهم بلاد الرافدين, لم يكن للاختلاف في الدين أهمية , إذ أن الإيمان الديني السائد هو أمراً بين الفرد وخالقه , فقد اصطفت نخب المثقفون العلمانيون الشباب , ضمن الجهود المبذولة لجعل العراق دولة حديثة تعامل كل مواطنيها بشتى ألوانهم الدينية والأثنية على قدم المساواة , لكن بالدعوة لتأسيس دولة يهودية قومية في فلسطين , حسب وعد بلفور عام 1917 , أصبحت " أمراً غير مرغوب به تماماً في صفوف معظم يهود العراق , ولم يكن بوسعنا العثور على أية وثائق تعكس تحمساً لتطبيق هذا الوعد في صفوف يهود العراق في عشرينات القرن العشرين , يقابل تحمسهم للاندماج في المجتمع العراقي العربي " يهود العرب –اللغة والشعر والهوية –رؤوبين سينر.
ولد الأديب يعقوب ليب(بلبول) في بغداد عام 1920 ودرس في مدارسها الابتدائية والثانوية , اصدر عام 1938 في بغداد أولى مجموعته القصصية "الجمرة الأولى" وهي " إحدى الخطوات الأولى الهامة التي خطتها القصة العراقية , ونقلها من دور التجارب الرومانتيكية الساذجة إلى الواقعية , وكان مؤلفها يعقوب بلبول آنذاك في الثامنة عشر من عمره مثالاً للشاب اليهودي العراقي المثقف , الذي كان يتطلع نحو مستقبل أفضل لبلاده العراق ولطائفته اليهودية وللشعب العراقي بكافة طوائفه" مقال للبروفسور سامي موريه بعنوان ( يعقوب بلبلول قصة الجمرة الأولى ),كان الكاتب الوحيد الذي نشر في العراق عام 1938 مجموعته القصصية , كم يؤكد الباحث العراقي عبد الإله أحمد في كتابه ( نشأة القصة وتطورها في العراق) : " إن أول قصة فنية قصيرة في العراق نشرت عام 1922 هي من تأليف الشاعر والأديب مراد ميخائيل , ثم تلاه الأديب العراقي محمود أحمد السيد , أما الثالث من حيث الترتيب الزمني فهو كاتب يهودي نشر قصصه تحت اسم مستعار وهو (فتى إسرائيل) ونشرها عام 1924 في مجلة المصباح التي اصدرها سلمان شينا المحامي , ثم تلاه عميد الأدباء اليهود باللغة العربية هو الأستاذ الشاعر والأديب أنور شاؤول الذي نشر قصصه باسم مستعار هو ( ابن السمؤال ) , وقد كان الأديب أنور شاؤول من بين الأدباء العراقيين الأوائل الذين نشروا مجموعة قصصية وذلك في كتابه ( الحصاد الأول) الذي ضم احدى وثلاثين قصة عراقية في بغداد عام 1930", كما كان للأديب يعقوب بلبول الدور في تحرير مجلة (غرفة تجارة بغداد) الاقتصادية الشهرية (1945-1951) , التي كانت تصدرها غرفة تجارة بغداد حينما شغل منصب مدير الغرفة , حيث ساهم الأديب في خدمة الاقتصاد العراقي من خلال دوره في غرفة التجاري ومساهمته في تحرير المجلة .
بعد هجرته من العراق إلى إسرائيل عام 1951 التحق يعقوب بلبول بكلية الحقوق في تل أبيب ونال شهادتها , وأصبح من رجال الأعمال حيث عرف بنشاطه التجاري والاجتماعي والثقافي , فقد كان الأدباء العراقيون اليهود الطليعة الأولى لضمير الشعب وآماله في أدب جيد لثقافة شعب يتطلع إليها, فكان الكاتب يعقوب بلبول يرى إن العوامل التي تؤدي إلى الازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي هي محاربة الجهل والإقبال على التعليم والثقافة , كما اتجه بأدبه نحو المذهبين الأدبيين الواقعي والطبيعي , فقد احتوت مجموعته القصصية " الجمرة الأولى" أكثر من قصة منها : " العودة , انحطاط أو جناية العاطفة, ثورة الجهل , أرملة , صورة طبق الأصل , فرار " , نجد من خلال قراءة القصص إن الكاتب يركز في أحداث القصة على تقديم النصح والتنوير للشباب , فقد استخدم أسلوباً سلساً في العناصر الفنية للقصة , مع العلم إن الكاتب يعقوب بلبول كان شاباً في الساسة عشر من عمره عندما كتب قصته الأولى , كان في طليعة الكتاب الواقعيين العراقيين, وكان لليهود العراقيين الدور في الحياة العراقية .
لو تابعنا تاريخ بغداد أبان الحقبة الملكية لتبين لنا إنها كانت ثلث مجتمعها من أبناء الطائفة يهودية في النصف الأول من القرن العشرين , فقد جمعت أبناء المجتمع المحلي على اختلاف دياناتهم " عاش معظم السكان اليهود العراقيين ببغداد و احتلوا معظم الأعمال في الخدمات المدنية تحت حكم البريطانيين والحقبة الملكية المبكرة ".
رحل الأديب يعقوب بلبول عام 2004 عن عمر ناهز (84) عاماً , وقد ساهمت عائلته بعد رحيله في نشر مجموعته القصصية الرائدة مرة أخرى ( الجمرة الأولى) وترجمتها للغة العبرية , وقد ساهمت في النشر " رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق" , وبارك البروفسور سامي موريه على النشر , كما أن للأديب يعقوب بلبول مختارات شعرية بعنوان ( محنة العقل) نأمل أن تصل إلى بلده العراق والبلاد العربية لتقييم نتاجات هذا الأديب ونتاجات كتاب آخرين كتبوا خارج بلدهم العراق, نأمل أن يتحمس الأدباء العراقيين لدراسة نتاجات الأدباء والمثقفين اليهود العراقيين , وأن لا يغفلوا عمداً عن قضايا أبناء الطائفة اليهودية , لأنهم كتبوا لهذا المجتمع لأجل إعلان التضامن الوطني , فقد ساهموا بخلق أدب عراقي مستقل زاهر شاعرين بالفخر والاعتزاز بانتمائهم لبلاد الرافدين.
إن اليهود العراقيين وتأريخهم السياسي والثقافي والأدبي عبارة عن ظاهرة فريدة من نوعها , فقد شهدت الأماكن والحارات اندماجهم مع المجتمع العراقي قبل الرحيل , فهم ساهموا بثروتهم وموهبتهم الأدبية الإبداعية العلمية والفكرية المهمة في تاريخ العراق لحبة من الزمن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراً لكاتبنا المبدع دوماً
زرقاء العراق ( 2013 / 4 / 15 - 18:57 )
الأستاذ نبيل حريص دوماً على اطلاعنا على تراث الأدب العراقي والحفاظ على الأمانة التاريخية في زمن تتحاشى الأغلبية ذكر أدباء عراقيين فقط لكونهم يهود
ألف شكر للكاتب

اخر الافلام

.. الفنان الفلسطيني الكبير كامل الباشا يكشف لحظة حصوله على جائز


.. جدول ليالي مهرجان الموسيقى العربية?? #معكم_منى_الشاذلي




.. استقبال خاص من منى الشاذلي للفنان كامل الباشا الممثل العربي


.. محمود حميدة بصحبة ابنته في حفل افتتاح مهرجان وهران للفيلم ال




.. في ليلة لا تُنسى.. أوركسترا الموسيقى الغنائية تُشعل أجواء مس