الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(12-2 )

مسَلم الكساسبة

2013 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


فإذا أضفنا لكل تلك التشابكات الواردة في الجزء السابق من هذه الحلقة من هذا الحديث قلقا يضيفه توجه وطبيعة اكبر حزب سياسي في الأردن وميوله غير الخفية فكريا وربما عاطفيا ونفسيا تجاه مكون بعينه وميول ذلك المكون بدوره له.. تلك الميول التي تتأثر بفكره ومنطلقاته كحزب إيديولوجي أممي عابر للقطرية (أسس حسن البنا حزب الإخوان في مصر في مطلع القرن الماضي على أسس ومبادئ مستمدة من العقيدة الإسلامية والتي ترى أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين ، ولا مشكلة في ذلك سوى أن من يقوم بتفسير هذا القول وتطبيق التكييف العملياتي له هم بشر يكيفونه وفقا لرؤاهم وأحيانا حتى لميولهم وأمزجتهم وتحيزاتهم ووفقا للظروف الزمكانية المختلفة..) وفي حكومة عدنان بدران التي سبقت الإشارة لها هنا كمثال في الجزء العاشر من هذا الحديث ، وكان الإخوان مشاركين في البرلمان بقوة وقتذاك ، فقد ظهرت تلك الانتهازية السياسية حيث تأرجح موقفهم وتقلب بغموض واضح فانتظروا ردود الفعل حتى النهاية بل هم ربما كانوا مؤيدين لتلك الحكومة بتركيبتها التي وصفتها سابقا في بداية الأمر ، ثم بدأ موقفهم يأخذ شكل التأرجح والتذبذب حينما لمسوا بعض المعارضة البرلمانية .. حتى إذا تبين لهم أن غالبية نيابية رافضة لتلك الحكومة بتركيبتها تلك وأن تعديلها واقع لا محالة بدأ موقفهم يتبلور تجاه موقف محدد مع تيار الرفض ..واخذوا يغازلون الشارع بشكل بدا واضحا هذه المرة ، وهو ما عبر عنه الملك بأنهم في أحداث سابقة انتظروا حتى رأوا أن الكفة رجحت لصالح والده فمالوا مع الكفة الراجحة .

هذا السلوك وتلك السمات للجماعة- الحزب - ربما جعلتها رغم ما يبدوا من معارضة شرسة للنظام في الظاهر هي من اكبر دعائم النظام .

يخصص الملك جزء من حديثه للاخوان المسلمين ..قالوا له بحسب الحديث ذاته : "ولاؤنا كان وما زال للهاشميين " ، أي انسان كان مكان الملك يستمع لجماعة هو يعرف أن أهم منطلقات دعوتها وفكرها هي أن الولاء لله ورسوله ثم تعلن أن ولاءها له كصاحب سلطة سياسية زمنية سيضع علامة استفهام حول نواياها وما قالت ؟

وفي الحراك الأخير الذي ما زال مستمرا قدم الإخوان خدمة العمر للنظام حينما طغت هتافاتهم وجعجعتهم التي لا علاقة لها بمطالب الشارع وما حرّكه من مثل التكبيرات العالية وهتافات "تسقط وادي عربة - مين اللي زعلان من سقوطها لكن ليس وقته ولا هو ما تحرك الشارع لأجله كمُلح - أو الاعتصام أمام السفارات الأمريكية والإسرائيلية...الخ فبدا الحراك الأردني كما لو كانت مشكلته ليست مع الفساد والاستبداد الذي يديره النظام كأولوية لذلك الحراك ، بل مع السفارات والاتفاقيات . وكمن يريد أن يُخسّر غيره قضية ما فيشتت مطالبه ويعدد خصومه ..وهو معروف عند رجال القالنون اذا اردت ان تخسر قضية ما فشتت مطالبك وكثر خصومك .

وهنا بإمكاننا أن نلمح الخيط الدقيق وشعرة معاوية التي لا تنقطع في العلاقة بين الهاشميين كجماعة سياسية ذات دلالات ورمزية تاريخية دينية والإخوان المسلمين أيضا كجماعة سياسية لها ذات الدلالات .

فالهاشميون قلنا كانوا أصحاب مشروع سلطة بنكهة الخلافة (الدولة الأممية) بقيت لهم منه السلطة أما الخلافة فإنها وان تبخرت إلى غير رجعة ، لكن رغم ذلك فقد بقي منها مفهوم العبور والامتداد عبر الهويات والأوطان والقطريات ، عدا عن أن الأردن تاريخيا بالنسبة للهاشميين ليس وطن الآباء والأجداد بل كان ولا ادري إذا ما زال هو احد نقاط الارتكاز لذلك المشروع . فهو بالنسبة لذلك المشروع كان مرحليا انتقاليا الأمر الذي انعكس في كل شيء حتى على مستوى المشاريع التنموية ذاتها فيه. فهي تشبه مشاريع من يمهد الارض بالقدر الذي يبني خيمة تظله لأيام فقط من رحلة ستطول .

الإخوان بدورهم هم أصحاب مشروع سلطة بنكهة دينية (الدين وطنا والدولة الأممية العابرة للجغرافيا والثقافات هدفا) أيضا ، والوطن بمفهومه القطري أو القومي ربما لا يعنيهم فالأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين بمفهومهم ..وهم وان عبروا عن فخرهم بانتمائهم الوطني والقطري في كل بلد تواجدوا فيه لكن حقيقة فكرهم ومعتقدهم مختلف ، ويدل على أنهم قد يعبروا عن غير ما يعتقدوا هو قولهم للملك كما ورد في حديثه "ولاؤنا للهاشميين " في حين في أصل مذهبهم وفكرهم أن الولاء لله والرسول .. ما يعني أن ليس كل ما يقولونه يعنونه. إذ أنه حتى الولاء للرسول هو ولاء لرسالته وليس لعشيرته فيما لو كان هذا هو مقصدهم .

وكل من الهاشميين والإخوان المسلمين يعتبرون أنفسهم تاريخيا بأنهم اضطهدوا وصودر حلمهم وحقهم المشروع بافتراضهم في الزعامة والوصول للسلطة .

أيضا يدرك الإخوان المسلمون أن السعي للحكم والسلطة هو ما تبقى من مشروعهم لان الكلام عن الحكم بما انزل الله (جوهر ومنطلق دعوتهم ) لم يعد ممكنا وأن هناك سيلا من الفتاوى ومن الظروف الموضوعية العصرية قد حسمت وتجاوزت إلى غير رجعة أمورا تعد من ثوابتهم وأصول دعوتهم ، والكثير من ملامح ولب مشروعهم الأساسي ، وان وصولهم إلى السلطة بالتالي لن يغير شيئا لأنهم حتى لو وصلوا لن يستطيعوا أن يحكموا إلا بجوهر علماني في جلباب إسلامي ، فالفن والخمور والبنوك الربوية ودولة المواطنة المتساوية وحرية المعتقد والتعددية الفكرية السياسية والالتزام بالمواثيق الدولية والاختلاط والحقوق المدنية المتساوية كل هذه أمور باتت محسومة وتجاوزها أي نقاش ..فما الذي يريدونه من الوصول للسلطة سوى السلطة ذاتها ؟

الهاشميون بدورهم يدركون أن البقاء في السلطة والاحتفاظ بها هو ما تبقى من مشروعهم أيضا بدوره بعد أن فقد كل دواعيه ومبرراته الأصلية - وهو (أي هدف الاحتفاظ بالسلطة ) ما يمكننا في ضوئه أن نفهم ونفسر أن يعتبر الملك علاقته بنتنياهو (يهودي صهيوني ورئيس وزراء دولة تحتل أرضا عربية إسلامية) علاقة حميمة بينما يعرو الفتور والملل حديثه عن اردوغان ومرسي مثلا (رؤساء منتخبون لدول اسلامية كبرى وعريقة) ..لكن حتى يبقى هذا البقاء في السلطة مشروعا لا بد من البحث عن رسالة ما تكون بديلا للمشروع الأصلي وفيها بعض ملامحه .

اذا فالطرفان يلتقيان في مشتركات كثيرة ما يجعل كل منهما يتفهم ويلتمس العذر للآخر ..وربما يحفزه للبحث عن مشروع بديل يستمد منه مبرر الاستمرار في السلطة و/ أو السعي لها ، مشروع يضفي عليه ذلك البعد العابر الممتد بمسحة" قدسية " والذي يتوافق مع أصل تكوينه ومنطلقاته الأولى.. كالبحث عن دور يتضمن الرمزية الدينية ربما عوضا عن الحكم بما انزل الله (الإخوان) او عوضا عن دولة الخلافة (الهاشميون)

وهذا المشروع قريب ..انه فلسطين المقدسة ..ولا باس لو كان ذلك على حساب هؤلاء البدو الذي لا تشغلهم لا السياسة ولا دواوينها ولا هم لهم سوى مواشيهم يتنقلون معها .. هي مالهم وحلالهم وحيثما وُجد مرعي فهو موطنهم وموطنها (الصورة النمطية للشرق أردني في مخيال الآخر) .

خادم الحرم القدسي ورعاية الأماكن المقدسة مثالا ...، رعاية شعب شرد من وطنه - لم يشرده الأردنيون- والسعي لتمثيل اكبر له وبنفس الوقت التعبير عن علاقات حميمة مع من شرده مثال آخر ! ..كلها أفكار لمشاريع يرسم التنفيذ لكن ليس من جيوب لا الإخوان ولا الهاشميين بل هي على حساب شعب كُشف حسابه آلاف المرات ويا كثر ما تكبد بسبب الطموحات والمشاريع الفاشلة التي لم يستشر بها بل كان وقودها ودافع فواتيرها ليس إلا .

وانني هنا لا اتحدث أو أعبر عن موقفي او وجهة نظري .. بل اصف ما هو كائن لا ما أرجو أن يكون مثلا ..


يتبع نفس الحلقة في جزء آخر لعدم الإطالة...













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات