الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الثورة الكروية في بنزرت:شعب التكوير لا شعب التثوير

رضا كارم
باحث

2013 / 4 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قابس و بنزرت و مدن ملح أخرى سبقت أو بصدد لحاق الركاب...
تهتز مدن القيم المصفحة بزنك الرداءة و الخيبات ، لهزيمة في مباراة كرة قدم.
مخبر "بصاص" مثل المهدي بن غربية أو تافه "قواد" مثل رئيس الملعب القابسي، يمكن أن يقنعا مائة ألف أو يزيدون بأن الجامعة التونسية لكرة القدم (التي يرأسها تجمعي ذليل رخيص أذل من قلس)، تدبر مكيدة مع "البلدية" أو "الصفاقسية" لإسقاط فريقهم من الرهان على التتويج أو فشله في ضمان بقائه ضمن "الوطني أ".
تخرج آلاف مؤلفة تزدحم بأيديها عجلات و حجارة و عصي و عيدان كبريت ، و بالبال نار مشتعلة .
يشعل الأغبياء مساكنهم، يحرقون شوارعهم ، ينبتون السواد حيث يرقدون ، و تظل الجامعة سيدة عليهم، و ينتهي أمرهم الى الهزيمة، و نباح طيلة أسبوع في مقاهيهم المكفهرة...
أتحدث كثيرا عن العمل اميداني بين الناس، أؤمن بالشعب و أراهن على الجماهير.
و هذه مناسبة ممتازة لمزيد من التوضيح اللازم.
الشعب الذي أعنيه تلك الآلاف القليلة التي اهتمت لأمر إسقاط بن علي. و خرجت ليس لسرقة محلات تجارية، و لا للعمل، و لا لاي شأن غير رمي الحجارة على البوليس و تحريض القاعدين على الثورة.
الشعب المعني بالثورة، لا يحرق دارا لتفصيل رياضي ، يفترض أنه مناسبة للحب و مزيد من تمتين علاقات الجماهير.
قابس ، و قبس النار بين شبابها و أطفالها، و بنزرت الجلاء، لا تجلي من أرضها شيئا غير قيم الانتصار الى خطاب تجمعي سافر مثل رئيس ناديهم الرياضي.
كرة القدم، مرة جديدة، ميدان لإعلاء مصفوفة إيتيقية رديئة. تمثل فاضح للمشترك ، تقبل منعدم للآخر، و حمية جهوية تثبت في العمق ، غياب ما يسمى "المشترك الوطني" و تفضح العصبية الحقيقية القائمة في "دولة بورقيبة الحديثة"...
لا أقول بأن الانضباط للدولة و الاستسلام لتقسيماتها الطبقية و تبريرها المكرور لتلك الصنافات اللإنسانية، هو الخيار الأمثل. لا يهمني أمر تلك الدولة أصلا، و لعلني "أنتقم " لي منها، و أنا أشاهدها منهارة عند أولئك الشبان الذين يفترض أنها "ربتهم على قيم المواطنة و الدولة و الحداثة و القانون و الحق و الواجب..."
إن الأزمة التي أسردها تتشظى الى محورين:
1-أزمة رموز و سيمياء، عندما يفقد ما يسمى "الوطن" أسس شيوعه بين الناس، فيكون الانتماء سطحيا ، دون رغبة . مجرد حمية لاسم تربوا على ضرورة احترامه ، ينتصرون له عندما يهاجمه أجنبي بجنسية "وطن آخر". يعود الوطن عدما، و يتأسس وجود للمدينة-الجهة.
2-أزمة أخلاقية سلوكية، تتجلى في الانفصام الرهيب و التنازع بين شخصية المواطن الحاضرة بقوة و صلابة ظاهريا، و شخصية القابسي أو الساحلي أو الجندوبي، المكرسة للانتماء العميق الحقيقي. فلا تكون المواطنة مواطنة، إلا عبر المرور بالجهة و الانطلاق منها.
هل ننتظر من هؤلاء ثورة على الرأسمالية بما هي نظام هيمنة و سيطرة و شمولية ؟
لا شيء مأمول أكثر من رمي الحجارة مطولا، و مناكفة البوليس المهترئ، و الخروج في قصبة أو قصبتين، و قبول مومياء حاكمة لبلد بعد ثورة مفترضة.
هذا يفسر عميقا سبب وجود سياسيين مثل نجيب الشابي، ومصطفى بن جعفر و زياد الدولاتلي، و حقوقيين مثل مختار الطريفي و صحافي كناجي البغوري ، و ناشطة "نسوية" مثل بشرى بلحاج حميدة. منشطوا 12جانفي 2011،عندما كان الشارع يصنع ثورته، استضافتهم الجزيرة و تونس 7، ليقنعوا كثيرين ، الغالبية العظمى بأن بن علي سيتغير.
لقد كان شباب هؤلاء كشباب بنزرت بالأمس. فوضى عارمة لقضايا تفصيلية تافهة، و صمت مطبق أمام قضية مصيرية مثل "سحق المسار الثوري" رهانات و مقاومين.
تونس تسير فعلا وفق متطلبات ما يدعى "ثورة الياسمين" ، تلك الثورة التي تحدث أعلى الشجرة فحسب، عندما ينتقل النحل من زهرة إلى زهرة لضمان بقاء متّصل.
بنزرت الكروية و قابس الحاقدة على صفاقس و الكاف المتعطش لدماء سوسة...
و يعتقدون أنهم تونسيون، رغم أنهم يتقاسمون كل الأكاذيب و الخرافات ، و لا يتقاسمون الثروة.
رضا كارم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ


.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية




.. Socialism the podcast 131: Prepare a workers- general electi