الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب الطائفية القادمة

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ستكون الحروب الطائفية في حال حدوثها في أي مكان من العالم مذهلة من حيث المساحة التدميرية للبنى التحتية، وعدد القتلى لطرفي الاقتتال، وذلك بحكم تمكّن الأطراف جميعها من استغلال التطور العلمي والتقني وسرعة الاتصال والمواصلات، ولم يعد أحد بمنأى عن كل هذه التقنيات، فيبقى العقل سيد الأحكام عندما يأخذ مكانه الطبيعي باحترام الآخر بكل مُكوّنه، وإلاّ فالكل خاسر، وماذا يفيد الندم بعد أن تدخل الشعوب في هذا النفق!!؟، وتُصبح لغة الثأر هي المحرك، أقول لكل من يساهم بها ويغذيها بكل المعاني الاقتصادية والوجاهية والدينية والمذهبية وربما أكثر، أقول لهم لا تظنوا أنكم ستحققون الربح المالي أوغيره من المكاسب من جرّاء حدوثها، فما أن تبدأ حتى تكونون أنتم أول المحترقين بها أشخاصا وأُسراً وثروات ومؤسسات، وسيلاحقكم أتباعكم بحقد لم تتوقعوه ولم يخطر لبالكم صورته، لأنكم تكونون قد ألقيتم بهم وبأسرهم وأطفالهم وقودا لنزعاتكم بتحقيق الثروات الطائلة التي تتصوروها والوجاهات الكاذبة التي تبغون تحقيقها على حساب حياتهم وأطفالهم واستقرارهم ، وستكونون أُمراء الحرب لكن لن تكونوا أمراء السلام، وسيعرف هؤلاء الذين تخدعونهم ولو متأخرا أنكم أنتم أعداءهم وليس أبناء الطوائف الأخرى، لأنهم كانوا يعيشون معهم حياة عادية لا يريدون أكثر ولاأقل منها، وأنتم من أشعلتم النعرات بينهم بالدعايات المثيرة لزجهم في معارك لم يختاروها بل صنعتموها لهم عبر كذبكم عليهم.
على الجميع أن يُدرك أن التطور العلمي التقني والمواصلات والاتصالات قدّم الكثير من الخدمات بهذا الاتجاه، ولم يبقى أحد عاجزا عن استخدامه ضد الآخر، عندئذ يتحقق الفناء للجميع ولن يكون هناك منتصر أو مهزوم بل ستتحقق السكينة والجثث المتناثرة للأطفال والرجال والنساء هنا وهناك، والأنقاض الناتجة عن الدمار فوق الديار التي ناضل الفقراء لحمايتها عبر تحسينها بغاية الإفادة منها لتبقى للإنسان صاحب الحق فيها، وعلى الجميع أن يُدرك أن مروجي الطائفية ومحرضي الفقراء بعضهم على البعض الآخر سيكونون أول الأهداف، لأن اللعب والمقامرة بلقمة العيش وحياة الناس والفقراء بوجه الخصوص لن تكون نزهة تُريح هذا المُستغِل أو ذاك،ومن يحلم أن يؤمّن مستقبل سعيد لأطفاله عليه قبل أي شيء آخر أن يفكر بإعادة مد جسور العلاقات الاجتماعية الحقيقية مع الآخر الذي نسج معه علاقات تاريخية اعتاد الطرفان عليها، والتي لايُمكن كسرها وذلك لضمان الحياة والاستقرار للطرفين وللأطراف إن كانوا أكثر، ولن تسمح الحياة أن يعيش طرف على حساب الطرف الآخر، وما من قوة ثبتت على الأرض إلاّ وأفنتها قوّة أُخرى أقوى منها إنها سنة الحياة.
من الطبيعي أن يلتحم أبناء الوطن الواحد في الملمات، ما بالك عندما يتعرّض الوطن لاهتزاز وتهديدات خارجية، فبهذه الظروف تكثر الدعوة للوحدة الوطنية والاستعدادات لحماية الأوطان، لكن عندما تجد دعوة للتفرقة على الأسس الطائفية في مثل هذا الظرف، فإن من يدعوا لها لن يكون إلاّ متآمرا على الوطن ولن تكون غلطة يمكن الصفح عنها بل خيانة وطنية وخدمة لأعداء الوطن المتربصون على الحدود لأنها دعوة لإضعاف أبناء الأمة في مواجهة أعداءها.
الموروث الثقافي أو الديني من ثوابت الشعوب المتقدمة والمتخلفة وهذه تشكل مقامات مقدسة لدى أصحابها ومن حقهم على الآخرين أن يحترموها حتى لولم يؤمنوا بها لا أن يُكفّروها لأن معيار الكفر والإيمان لا يحُدّده طرف بعينه، فكلٌّ حُرٌّ بما يعتقد(من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)،وهذا النوع من الصراع بين البشر أصبح الحل له بالاحترام المتبادل بين أهل الثقافات المتباينة، لا الاقتتال من أجله، لأن التاريخ أثبت أنه لم يتمكن طرف من إقناع الطرف الآخر بما يحمل من قناعات أو مُعتقد، وعلى هذا يبقى الحل بقبول الآخر بما يحمل وهذا أبسط الحقوق، لأن ضرورة التعايش تُحتّم هذا الاحترام كون المجتمعات المتباينة ثقافيا أو دينيا متداخلة جغرافيا تداخلا كبيرا ما يفرض التعايش السلمي الذي يصنع الاستقرار للجميع بكل تنويعاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | أول ظهور لهما بعد المناظرة بايدن يعترف بترا


.. مشاهد تظهر توغلاً مفاجئاً لآليات الجيش الإسرائيلي




.. عائلة توثق لحظات رعبها في غزة بعدما حاصرتها الدبابات الإسرائ


.. العربية ويكند |بايدن -يغادر- غلاف التايم..والمجلة تعلق على أ




.. قتلى في قصف إسرائيلي بينهم أطفال في حي الصبرة جنوب غزة