الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الجسد في المجتمع الرياضي

بشير ناظر حميد

2013 / 4 / 16
عالم الرياضة


أستطيع أن أجزم أن موضوع ثقافة الجسد لدى الرياضيين لم يتم تناوله في قسمي علم الاجتماع و الانثروبولوجيا في العراق قطعاً، فلم يتم تناول ثقافة الجسد في المجتمع الرياضي في بحوث ودراسات هذين العلمين ولا حتى وحسب معرفتي البسيطة في كليات التربية الرياضية، ولهذا نحن بحاجة لتناولها بدراساتنا وكتاباتنا من أجل قياسها واكتشافها ومعرفة طرقها الإحصائية وبيان أثرها ومدى تأثيرها، فملامح الغضب والتعصب والتعب والارتباك والخوف يستطيع أن يلاحظها المدرب الرياضي في جميع الألعاب الفرقية والفردية، ومن خلالها يستطيع أن يضع البديل المناسب، أو التوجيهات الملائمة لكي لا يخسر جهد للاعب معين، أو شوط من المباراة، وكذلك نستطيع أن نستكشف ثقافة الجسد لدى الرياضيين ومدى ارتباطها بثقافة المجتمع كلغة اتصال ونمط سلوكي اجتماعي من خلال تفسير وتحليل الإشارات والإيماءات والتعبيرات التي تظهر على جسد اللاعب وتدل على معاني متعددة ومختلفة وحسب الموقف الرياضي الذي يكون فيه، فقد تكون مشاعر فرح أو حزن أو ألم أو حسرة أو ندم وجميعها تتأثر بالعادات والتقاليد والقيم الأخلاقية، كما أنه لا بد من الاشاره إلى انه من الممكن أن يكون لكل رياضة ثقافة جسد خاصة بها وتميزها فجسد للاعب الرماية الثابت الشامخ الهادئ، غير جسد للاعب المبارزة المتحرك المندفع، وقد تكون ثقافة الجسد مختلفة بين الرياضيين الذكور والإناث فحركة أجسامهم ترتبط بالموروث الثقافي لمجتمعهم. وتكون ثقافة الجسد واضحة في رياضات الاحتكاك البدني مثل كرة القدم، وكرة اليد، وكرة السلة، والمصارعة، والملاكمة، وأيضاً تكون ظاهرة في رياضات تتم بدون الاحتكاك البدني مثل كرة الطائرة، والتنس، وفي الرياضات الجمالية كالجمباز الإيقاعي وكمال الأجسام، ولا بد من الإشارة إلى انه ملامح الجسد والوجه وحركة الذراعين تكون معبرة عن مدى الثبات الانفعالي لدى للاعبي الرماية، أو القوس والسهم، وحتى الشطرنج، والبولينغ. وهنا وحسب قرأتي للتراث النظري لهذا الموضوع، لا بد لأعضاء المجتمع الرياضي من أن تكون حركة أجسادهم بما يتفق مع ثقافة مجتمعهم، وكلاً حسب وظيفته وكما يأتي:
أولاً: اللاعبين: يجب أن يكون لكل للاعب مفهوم ثقافي عن جسده يتلاءم ويتفق مع ثقافة المجتمع، ويجب أن يعلم اللاعب أن جسده ناقل للثقافة ومعبر عن مجتمعه، فاستخدام الجسد كناقل للثقافة يستلزم التدريب على إظهار التعبيرات والإشارات الايجابية الدالة على السعادة والحزن وتحمل الألم وإظهار اللياقة البدنية والصحية من خلال الحركات الجمالية، لأن هذه تنتقل إلى الأجيال كلغة ثقافية اجتماعية، كما أن استخدام الجسد كمعبر عن ثقافة المجتمع يتطلب دراسة ومعرفة كاملة بثقافة المجتمع وما يتميز به وما يرفضه من تعبيرات سلبية لا تتفق مع ثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه. كما يجب على كل رياضي أن يدرس لغة الجسد من خلال دورات تثقيفية لكي يستطيع قرأه أفكار المنافس من خلال الحركات والإشارات والإيماءات مما يسهم في كيفية مواجهة هذه الأفكار. ويمكن الإشارة هنا إلى أن اغلب حركات جسد اللاعب داخل الملعب يتم تقليدها من قبل الشباب الرياضي.
ثانياً: المدربين والإداريين: ضرورة اهتمامهم بالتعبيرات والإشارات الجسدية التي تصدر من اللاعبين مما يساعدهم على زيادة فرص التفاهم وطريقة المعاملة مع الموقف الرياضي للتقليل من الضغوط، كما يجب استخدام أشارت متفق عليها بين اللاعبين والمدربين والإداريين من اجل تسهيل طريقة الاتصال الرمزي من خلال حركات الجسد فيما يتعلق بتطبيق الخطة أو تعديلها أو بعض إشارات القبول أو الرفض، وضرورة ملاحظة الأخصائي الرياضي والنفسي والاجتماعي لإشارات وتعبيرات اللاعبين وتحليلها لوضع برامج فهم واكتساب الإشارات والحركات الايجابية والبعد عن المعاني والدلالات الرمزية السلبية.
ثالثاً: الحكام: لا بد أن يتدربوا على قراءة التعبيرات والإشارات الزائفة الممثلة من قبل اللاعبين، والتعبيرات الحقيقية لأنها قد تؤثر في قرار الحكم، كما يجب أن يعرف متى يستخدم الابتسامة ومتى يستخدم الصلابة في المعاملة.
رابعاً: الاتحادات المركزية: ضرورة وضع برامج ودورات تدريبية تثقيفية عن ثقافة الجسد لكل من اللاعبين والمدربين والحكام والإداريين وتوفير المتخصصين في هذا المجال لوضع هذه البرامج أو التدريب عليها.
خامساً: الإعلاميين: يجب على الإعلاميين إبراز كل التعبيرات الجسدية الايجابية التي ترتبط بثقافة المجتمع وان ينبذوا الإشارات والإيماءات السلبية التي تصدر من اللاعبين.
سادساً: الباحثين والدارسين: يجب على الباحثين والدارسين في أقسام علم الاجتماع و الانثروبولوجيا وفي كليات التربية الرياضية التعمق في دراسة موضوع ثقافة الجسد حيث يوجد الكثير من المتغيرات التي قد تؤثر في اكتشاف هذا الموضوع، ومنها علاقة ثقافة الجسد بالبيئة أو بالعمر أو بالمستوى التعليمي، وهل تتأثر ثقافة اللاعب عن جسده بثقافة الفريق أم الجمهور أم الإعلام، وما هي الإشارات والتعبيرات التي تفتح لغة التفاهم بين اللاعبين والمدربين والجمهور والحكام، وما هو مفهوم اللاعب عن جسده، وما هي الصورة المثالية للجسد الرياضي، وكيف نميز بين الإيماءات والإشارات التعبيرية الجسدية ذات الأصل البيولوجي وبين الإيماءات المكتسبة ثقافياً واجتماعياً، لهذا يستلزم من الباحثين والدارسين والمهتمين بتناول هذه المواضيع بالدراسة والتحليل والتفسير من أجل مجتمع رياضي قادر على نهضة الرياضة العراقية في المحافل العربية والعالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول سعودية تفوز بمنافسات كأس العلا.. قصة -شغف- ريما الحربي ب


.. أب أمريكي متهم بالتسبب في وفاة ابنه بسبب سوء المعاملة وإجبار




.. ولي العهد رئيس الوزراء يلتقي الملك تشارلز الثالث في جناح الب


.. الملاكمة المحترفة صوفيا نابت: حلمي أن أمثل المغرب




.. غولف من دون ملاعب.. كيف تطورت هذه الرياضة بالسعودية منذ فترة