الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة اخرى الى الاحياء

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2013 / 4 / 17
الارهاب, الحرب والسلام


لا اذكر العام بالضبط ولكنه كان في العقد الاول من القرن الحالي، وكنت أعيش وقتها في بلدة قريبة من موسكو عاصمة روسيا الاتحادية. كنت متجهاً الى مكان عملي بسيارتي الخاصة في صباح اذكر انه لم يكن شتوياً. رغبت في سماع بعض الموسيقى الصباحية الجميلة التي يبثها عادة الاثير المحلي، ولكني بدل عنها سمعت نداءات الاستغاثة بالتوجه الى المراكز الصحية للتبرع بالدم لضحايا انفجار حصل في مترو الانفاق في موسكو فجر ذلك اليوم المشؤوم. اصابني الرعب والذهول من سماعي لهذا الخبر، فابني الذي يعيش في موسكو يستخدم مترو الانفاق يومياً لإنجاز اعماله. توقفت عن قيادة سيارتي وغادرتها لأقف بعض الوقت متأملا في الطبيعة الروسية الخلابة واترك لنظري ان يتجول في ثناياها على كل امتدادها الذي يصله نظري وكأني أبحث عن شيء علوي غير انساني يسكن هذا الجمال لأتوسل اليه ان يشد من عضدي. بحثت في جيبي عن الهاتف النقال لأتصل بابني وانا خائف ان لا يرد علي....كانت دقائق صعبة افكر بعدها كم اب قلق مثلي على ابنه وكم قريب او صديق او حبيب هزته الفاجعة واتسأل، هل لصانعي الموت أبناء او احبة؟ ومن اية طينة قذرة وشريرة صنع هؤلاء؟
تمر بعد هذا الحادث ثلاثة ايام طوال يتوجه فيها ركب هائل من ساكني العاصمة الروسية كل يوم الى مكان التفجير الاجرامي ليضعوا الزهور عنده معبرين بهذه الصورة عن تضامنهم مع ضحايا الارهاب في موكب جليل حزين وصامت، وكأنه يخاطب في دواخله نفس الذات العلوية الغير انسانية التي بحثت عنها في ثنايا الطبيعة صباح ذلك اليوم.
تذكرت كل هذا نهار الثلاثاء في السادس عشر من ابريل هذا العام وانا عائد من مكان عملي في جامعة واسط الى محل سكني في بغداد بعد يوم دام اخر استباح فيه الارهاب العاصمة العراقية. وفي طريق عودتي وانا بين الغفو والصحو في سيارة صغيرة لنقل الركاب أيقظتني صرخات الذهول والاستفسار التي اطلقها الركاب عند رؤيتهم لمنظر رهيب في مدينة العزيزية التي تتوسط المسافة بين بغداد ومدينة الكوت، تنتشر فيه فوضى الاشياء والسيارات المحترقة اثر انفجار مفخخة في تجمع صناعي على الطريق الرئيسي. الناس تهرول بين الاشياء المتناثرة والمحترقة ورجال الشرطة تجر خطاها ببطيء في محيط انتشار سياراتهم.
روسيا قاومت الارهاب بلا رحمة بصانعي الموت فاجتثته من جذوره، وامريكا بعد الحادي عشر من سبتمبر تقارع الارهاب بعنف يتجاوز حدودها، لا تتورع فيه عن اي وسيلة للتعذيب الجسدي والنفسي والقتل عن بعد والخطف والقاء جثث الارهابيين الى اسماك البحار. فلا حوار مع الارهاب ولا مقايضات او مساومات. هكذا اعلن العالم المتحضر مبادئ سياسته مع الارهاب.
اتساءل اين نحن في العراق من هذا؟ ورأس السلطة يطلع علينا في كل مناسبة او دونها ليبشرنا باحتفاظه بملفات عن تورط شركائه في مؤسسات الدولة العليا بالإرهاب. أين نحن من امن وامان المواطن ورموز السلطة والساعين اليها مشغولين بكراسي الحكم والاثراء سواء من خزائن الدولة العراقية او من خزائن دول الجوار.
الطامة الكبرى ليست في اننا نقتل كل يوم، بل في اننا في كل يوم نفقد جزء من انسانيتنا ويضمحل تعاطفنا مع ضحايانا وحماسنا للتضامن معهم او مع ذويهم. الارهاب اصبح جزء من يومياتنا والقتل والاعاقة وفقد القريب والحبيب جزء من عاداتنا. ليس هنالك من يثق اليوم بالرد المنهجي الصارم على الارهاب ما دمنا لا نميز غير وجوه الضحايا اما الجناة فهم هناك خلف الستار حيث لا يراهم الا الظالعين في شؤون السياسة العراقية والخازنين لملفاتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ