الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل لتجاوز الوضع الراهن في العراق .. 2

صباح كنجي

2013 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مدخل لتجاوز الوضع الراهن في العراق .. 2

تواجه المجتمع العراقي تحديات خطيرة مترافقة بمهمات جسيمة تتطلب المعالجة لا تتحمل التأجيل والتأخير ولا تقبل التأويل، تتمحور حول حقوق المواطنة الانسانية ومتطلبات الخدمات وفرص العمل وحفظ كرامة الانسان..
وبعضها الآخر يتعلق بالمستقبل تحتاج للجدل المعمق والنقاش الطويل والدراسات المتكاملة، متروكة للأجيال القادمة يمكن وصفها وإدراجها بالمهمات الاستراتيجية بعيدة المدى..
بين هذه وتلك ثمة ملامح تنبأ بالأفق المرئي يمكن منها الاستدلال على ما يمكن ان نعتبره البوابة لتجاوز الوضع الراهن المعقد والملتبس في العراق اليوم. الذي اقل ما يمكن ان يقال عنه وفيه.. انه يبعثُ على التشاؤم ولا يدفع بالمرء للتفاؤل .
سأتجاوز هذا المأزق لأطرح تساؤلاً "بريئاً " يهمُ الجميع ..
هل نحن.. اقصد بـ .. نحن العراقيون.. جميع العراقيين دون استثناء بمن فيهم الذين يسكنون فيه لشتى الأسباب.. سأعتبرهم عراقيون يتساوون في المشاعر والحرص والأمنيات بحكم قناعتي بحقوق الانسان بغض النظر عن ألوانهم وقناعاتهم وميولهم واصولهم وانتماءلتهم..
أجل..
هل نحن جادون في تجاوز المرحلة المتأزمة ونتطلع لمستقبل انساني يليق بالعراقيين؟ ..
اكرر تساؤلي.. هل نحن جادون في مسعانا للخلاص من الوضع المبتذل والانتقال الى وضع افضل .. أرقى !..
هل نمتلك مقومات وأسس هذا الخلاص والانتقال ؟...
هل بمقدورنا ان نؤسس للحالة الأفضل التي نطمح اليها ؟
الأهم من هذا كله هل نمتلك الآلية التي تساعدنا على تحقيق هذا التحول والانعطاف؟ ..
والأهم .. الأهم في هذا.. كيف نحقق هذا التحول ..متى؟... ماهي مستلزمات البدء؟.. من أين نبدأ ؟.. بماذا نبدأ ؟ ..
البحث عن "معجزة" هو المعضلة المؤدية لأكتشاف من يحقق التغيير ؟..
لن ادخل في نقاش نظري حول الموضوع.. سأكتفي بالقول إن كنا نريد خلاصاً وحلاً كما نصرح ونردد كل يوم في مئات المواقع عبر الصحافة والاعلام وفي الفضائيات والمنابر ناهيك عن أروقة السياسة ودهاليزها ..
اننا لسنا بحاجة في الخطوة الأولى من طريق الخلاص الا لكلمة واحدة ومفصل واحد .. كلمة واحدة تنقلنا من دهاليز الضلام ودياجير الموت الى النور ومباهج الحياة.. كلمة واحدة لاغير تتطلب منا أن نفك ارتباطنا بالماضي .. الماضي المتوحش .. الماضي العنيف بانهار دمائه وضحاياه .. ابتداء من فك ارتباطنا بالقبيلة وما تحمله من إرث يعيق الحضارة والتمدن .. وإنتهاء بفك ارتباطنا بالدين .. الدين المؤدلج الذي يحول البشر الى عبيد .. دين القبيلة الصحراوي الذي يمجد القتل ويبيح التفرقة بين الناس ويشرذمهم الى مؤمنين وكفار وطوائف تستعدي بعضها البعض .. الدين الهمجي..
ما بين القبيلة والدين ثمة قومجيون.. عروبيون.. كردويون.. يؤمنون بالتفوق والحقوق الخاصة على حساب انسايتهم في هذا العالم العابر للإثنيات والأعراق لكنهم ، ما زالوا يتشبثون بالحقوق الخاصة ، كأننا في عصر المماليك والمانيفاكتورة وبدايات العصور الوسطى..
"ثوريون" مزيفون و"زعماء" اثنيون يتنازعون في المناطق المتنازع عليها على حصص التنازع.. في خطوط التنازع.. من أجل ديمومة التنازع وتواصله كأننا في بين داحس والغبراء في زمن البسوس..
ان فك الاتباط بالماضي .. بالتاريخ الدموي الواهن الذي نعظمه ونجعل من مجرميه ايقونة للتفاخر .. كما نعظم جموع الفئات الانتهازية المتقلبة ونوصفها بالشعب العظيم وننسب اليه تاريخ الحضارات لآلاف السنين غير مدركين ان الهمجية تتناسل وتتوارث وتنتج ديناً ارهابياً يُقرُ بذبح البشر على امتداد قرون تواصلت فيها امبراطوريات لسلاطين الدين ، قبل ان يتسلم الراية منهم المستبدون العروبيون الشوفينيون الذي جعلوا من البلدان والأوطان مضارب للقبائل والعشائر البدوية التي تمجد العداوة وتتفاخر بالغزو ومسخوا فكرة المواطنة ومفهوم الدولة وجعلوا من مكونات البشر الجوعى والمحرومين رعاعاً واتباعاً يساقون للمسالخ والحروب، كأن الكون قد خلق لهم وحدهم ما زالوا يتباكون على الاندلس، ويسكبون انهار الدماء على اهداف وهمية خيالية يعتقدون انهم ورثة للدين واصحاب رسالة لاحياء الامة وبعثها بالانقلابات والتآمر، لا فرق هنا بين ناصري يعبث بأرض الكنانة ، وعفلقي صدامي يدمر العراق، واسداً يحول سوريا الى انقاض او فهدٍ جعل من السعودية مزبلة أو نمر افرط بالعدوان والاجرام في ارجاء السودان..
الامتداد العروبي لما وراءَ الحدود، المناهض للمواطنة في تربة الرافدين، الناقل لجرثومة التشضي في المحنة الراهنة المستفحلة هو اساس الأزمة المستحكمة المستعصية على الحل.. المشهد اليومي المعبأ بالفحيح عبر حناجر تسعى للعنف من زعماء قبائل مازالوا في مرحلة البداوة ومعممين يستمدون فكرهم وقناعاتهم من جذور ابن تيمية يفصح عن نفسه بشعارات تدعو للموت وتمجد العنف ..لا تقبل الآخر، وترفض العيش معه بسلام ، الا اذا اصبح تابعاً لنقاوة العنصر والدين الذي تتداخل مفاهيمة مع محتوى ثقافة بدو الصحراء المتحجرة، المستندة للقوة ومنطق الغلبة، المنتجة للعنف..
من دون القطيعة مع هذا الماضي .. مع الارث الدامي .. من دون قطع حبل التواصل مع كل هذا العنف الديني .. والفكر القومجي لا يمكن ان نخطو خطوة للامام.. سيظهر لنا شئنا أم أبينا العشرات من الأسماء التي توظف المفاهيم الدينية والإثنية لعرقلة واعاقة التقدم ..
ان الخلاص من هذا الماضي .. قطع حبل السرة مع العنف.. هو الخطوة المطلوبة للدخول في طريق الخلاص ..
الخطوة التي تجعلنا نواجه مشاكلنا الحقيقية ونعالجها بدلا من الهروب منها والاحتماء بمخلفات ما قبل الدولة وثقافة الصحراء .. المواطنة .. تأصيل فكرة المواطنة .. حقوق المواطنة هي الخطوة التالية التي تستحق ان نتوقف عندها لنستكشف المزيد من الضوء في النفق المظلم ..
دعونا نشعل شمعة تنير طريق احلامنا المشروعة بدلاً من هذا الموت المجاني الرخيص .. الحياة هي اجمل من الموت ..
دعونا نقف بوجه رجل الدين الكاذب الذي يجرنا لطريق الموت..
لا لدين يقلل من شأن الأنسان ..
دعونا نقف بوجه القومجيين من شتى الالوان والاصناف.. نقول لهم كفى عبثاً بمصيرنا.. بمستقبلنا .. كفى خداعاً لنا .. انتهى زمن المفاهيم العنصرية.. لندحر العنصريين ونمنع فحيحهم ..
حان موعد انسايتنا ..
لترتفع اصواتنا وتتضافر جهودنا من أجل البديل الأفضل.. إن خلق الأفضل ممكن ومطلوب ان كنا فعلا نرغب في الخلاص ..
دعونا نتفاءل بخطوتكم القادمة .. لا تنسوا ان تقطعوا الصلة بمن تسبب بالمصائب التي نسعى لتجاوزها .. من خلال احزاب ومنظمات ومؤسسات تجعل من المواطنة الحقيقية هدفها وغايتها ووسيلة لضمان المستقبل الديمقراطي المنشود ..
لسنا بحاجة للدين
لسنا بحاجة للقومجيين
لسنا بحاجة لأيديولوجيات تؤجج الصراع وتعمق مشاعر الحقد بين فئات المجتمع ..
لسنا بحاجة لهذا الكم الهائل من اللصوص و الحرامية السارقين للمال العام المغتصبين للسلطة باسم السياسة والأحزاب ..
لسنا بحاجة الى هذه الأعداد الهائلة من رجال الدين الذين لا يجلبون إلا الخراب و الدمار للناس كل الناس ..
لسنا بحاجة لكل هذه العساكر والجنود والشرطة ..
لسنا بحاجة الى كل هذه المهاترات والمنازعات في الليل والنهار
لسنا بحاجة لهدر المزيد من الوقت والجهد وإضاعة المزيد من الفرص ..
نحن بحاجة لكلمة واحدة .. كلمة واحد فقط .. كلمة واحدة لا غيرها تغير المعادلة وتضعنا على الطريق الصحيح ..
هي كلمة لا .. نقولها مرة واحدة .. نمسح بها هؤلاء جميعهم في الانتخابات القادمة ..
المواطنة التي نتشبث بها .. المستقبل الذي ننشده .. يتطلب منا ان ننتج ونختار البديل الأفضل ..
كيف نفعل هذا؟ .. كيف نحقق الحلم ؟ .. نحن مطالبون بإيجاد الحل ..
لنشترك معاً بفاعلية في صناعة واختيار مستقبلنا ..
لنجرد خصومنا من سلطتهم ..
لننتزع منهم سلطتنا المفقودة ..
القرار بيدنا ..
لا تيأسوا ..
اليأس حليف الضعفاء ..
هبوا يا فقراء ..
لإزاحة السفهاء ..
كلمة تؤسس للمواطنة
كلمة تؤكد تصرخ ..
ان لا قدسية في هذا البلد إلا للإنسان والمواطنة والحرية
كلمة تجعل التاريخ خلفنا والمستقبل امامنا
كلمة تهز وتزلزل .. الركود.. الوجود.. الكون
كلمة تفصل الدين عن الدولة
كلمة تضع حدا لكل هذا الزيف والرياء والفساد والخرافة
كلمة واحدة هي .. لا عاقلة .. و .. نعم ضرورية .. تتطلب معرفتها واكتشافها علينا ادراكها

ـــــــــــ
صباح كنجي
منتصف نيسان 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما أسباب وفاة محتجزين إثر أعمال شغب؟ • فر


.. تونس: ردود الفعل بعد تحديد الرئيس 6 أكتوبر موعدا للانتخابات




.. طارق بن سالم يتسلم مهام منصبه كأمين عام لاتحاد المغرب العربي


.. رئاسيات موريتانيا:المرشح بيرام الداه اعبيد يدعو إلى حوار سيا




.. سقطوا في مجارٍ فوق بعضهم.. حادث تدافع مميت بمراسم دينية في ا