الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهضة الجنوب.. دون مصر

فريدة النقاش

2013 / 4 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


هي مصادفة بحتة تلك التي جعلت البشارة التي قدمها الرئيس محمد مرسي لشعب السودان قائلا: إن هناك نهضة في مصر جعلتها تتواكب مع صدور تقرير التنمية البشرية لعام 2013 عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والذي وصل ترتيب «مصر» فيه إلي الموقع 112 من 186 دولة أجري فيها البحث حول نهضة الجنوب.. تقدم بشري في عالم متنوع. وتحتل مصر الموقع الثامن عشر ضمن ثماني وأربعين دولة متوسطة التنمية وقد سبقتها في هذا المضمار عشرات الدول سواء ذات التنمية البشرية المرتفعة جدا أو التنمية البشرية المرتفعة، وتقع «كوبا» الفقيرة المحاصرة ضمن دول التنمية البشرية المرتفعة طبقا لمستوي التعليم والصحة والدخل ومستوي المعيشة.

وبعد صدور التقرير – الذي أنا علي ثقة أن أحدا لم يطلع الرئيس عليه قال «مرسي» لأمناء مكتبة الإسكندرية «إن النهضة شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء». هذا بينما ينظر المصريون حولهم تماما مثلما فعل «باسم يوسف» بحثا عن أي أثر لمثل هذه النهضة فلا يجدون إلا المزيد من الفقر والبطالة وانعدام الأمن واشتعال الأسعار وغياب أي رقابة علي الأسواق وانشغال الحكم بتحطيم مؤسسات الدولة الحديثة بهدف إلحاقها بالإخوان أو أخونتها علي حد التعبير السائد، من القضاء للإعلام ومن الشرطة للجيش، ومن المحليات إلي الوزارات والبقية تأتي.

يقول تقرير الأمم المتحدة اعتمدت معظم بلدان الجنوب التي حققت نموا كبيرا علي محركات ثلاثة هي الدولة الإنمائية الفاعلة، واختراق الأسواق العالمية، والابتكار في السياسة الاجتماعية.

ويضيف التقرير أن هذه المحركات ليست مستمدة من تصورات نظرية حول كيفية تفعيل عملية التنمية. لكنها كانت ثمرة التحول الملموس في التجارب الإنمائية في بلدان كثيرة، والواقع أن هذه البلدان كثيرا ما تخلت عن المناهج المحددة مسبقا، وإملاءات النهج المتبعة، ونأت بنفسها عن الوصفات العمومية المفروضة من مصدر واحد، وابتعدت عن نهج رفع الضوابط (أي تدخل الدولة) المطلق الذي نادي به توافق واشنطن. و«توافق واشنطن» يتضمن حزمة من السياسات والإجراءات التي وضعها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ودعمتها وزارة المالية الأمريكية بهدف إصلاح الأوضاع الاقتصادية والمالية في دول أمريكا اللاتينية في أعقاب أزمة المديونية الخارجية التي فجرتها المكسيك عام 1982. وهي حزمة ترتبط ارتباطا وثيقا بسياسات الليبرالية الجديدة القائمة علي تحرير الأسواق دون ضوابط، وانسحاب الدولة وتقليص انفاقها علي الخدمات العامة وخصخصة المشروعات المملوكة للشعب، وهي حزمة من السياسات ثبت فشلها في كل البلدان التي طبقتها كما أنها اطلقت ثقافة الربح السريع والمضاربة الرعناء، وأفسدت العلاقات الاجتماعية.

وكانت النتائج المأساوية التي وصلت إليها سياسات الليبرالية الجديدة المسماه بالتكيف الهيكلي والتثبيت الاقتصادي أحد دوافع البحث عن سياسات جديدة في الدول التي نهضت.. ولم تنهض مصر لأنها تشبثت بالليبرالية الجديدة في ظل «مبارك» و«مرسي» من بعده ورغم الروح التجريبية العملية التي يتسم بها التقرير الذي ينتقد النظرية ويركز علي التجربة فإنه يشير إلي منطلقين نظريين أساسيين ومسبقين تشترك فيهما كل تجارب النهوض في الجنوب التي تعامل معها. الأول هو وضع المساواة الاجتماعية نصب أعين المخططين، والثاني هو التركيز علي الإنسان في تحديد الأولويات بعد أن كان التركيز وفقا لتوافق واشنطن علي النمو في حد ذاته، أي علي المشروعات دون البشر فضلا عن التأكيد المستمر في كل فصول التقرير علي ضرورة استعادة دور الدولة التي عليها أن تهتم بتقليص رقعة التفاوض الاجتماعي أي تعمل وفقا لمبدأ المساواة ذلك «أن مجتمعنا الذي ينطوي علي نوافذ يستطيع البعض المروق من خلالها نحو الأعلي، لاتزال فيه نوافذ يسقط فيها كثيرون نحو الهاوية» علي حد تعبير عالم الاقتصاد الألماني «اولريش فيشر».

والاستثمار في البشر من خلال الصحة والتعليم وزيادة الانفاق الحكومي علي الخدمات العامة هو الطريق المضمون للنهوض. ويري التقرير أنه بحلول عام 2020 سيتجاوز مجموع الإنتاج لثلاثة بلدان نامية كبيرة أي البرازيل والصين والهند مجموع إنتاج ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك يشير التقرير إلي نمو الطبقة الوسطي في بلدان الجنوب ويتزايد في البلدان الثلاثة التي تتقدم بسرعة الضوء أي الهند والبرازيل والصين.

تنمو الطبقة الوسطي في الجنوب بسرعة من حيث الحجم والدخل والتوقعات فبين عامي 1990 و2010 ازداد حجم الطبقة الوسطي في الجنوب من 26 في المائة إلي 58 في المائة من مجموع السكان الذين يشكلون الطبقة الوسطي في العالم، وبحلول عام 2030 يتوقع أن يبلغ مجموع افراد الطبقة الوسطي في الجنوب80 في المائة من مجموع السكان الذين يشكلون الطبقة الوسطي في العالم، وأن تبلغ حصة هذه الفئة 70 في المائة من مجموعة الانفاق علي الاستهلاك، وسيكون حوالي ثلثي أفراد الطبقة الوسطي مقيمين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

ويري التقرير أن المساواة بين الرجل والمرأة وكذلك بين سائر المجموعات هي بحد ذاتها هدف مهم، لكنها أيضا ضرورة لتحقيق مختلف أبعاد التنمية البشرية. وتظهر الأبحاث التي أجريت لأغراض هذا التقرير أن تحسين تعليم المرأة أكثر أهمية لحياة الطفل من رفع دخل الأسرة، وفي مصر تجري علي قدم وساق محاولات استبعاد النساء من المجال العام ومحاصرتهن وفرض الوصاية عليهن.

ولكل هذه الأسباب تتحقق النهضة في الجنوب، ولا تتحقق في مصر رغم الوعود والخطابة … ذلك أن الفقر يتنافي مع مبدأ العدالة كما يقول التقرير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وا أسفاه
بشارة ( 2013 / 4 / 17 - 08:44 )
لكن الأخوان لا يقرأون و إذا قرأوا لا يفهمون و إذا فهموا فهم يسرقون ... وا أسفاه على شعوب لا تتعلم من تجاربها و ثعالب يهمهم أخونة الدولة فقط


2 - نهضة في مصر
هانى شاكر ( 2013 / 4 / 18 - 01:21 )


مصر ألأن دولة ( أو شيئ ) خارج ألتاريخ وألجغرافيا معاً ... يحكمها عامل واحد
فقط .. هو ألفقر .. وأخواته : ألجوع ، وألعُنف ، وأليأس


مصر بها 90 مليون نسمه

كل نسمة تحتاج 5 أرغفة يومياً

مافيش فلوس ولا قمح ولا هباب

نحتاج لفرعون يخبز لنا نص مليار رغيف يومياً

نبيع حريتنا وكرامتنا للفرعون ألقادر على ألخبيز

أول فرعون كان أسمه مينا

آخر فرعون أسمه خيرت

مطلوب قتل ألفرعون وألصوم عن ألخبز أسبوع واحد فقط

نحتاج 100 سنة قادمة لأستيعاب هذه ألحسبة

ناولينى رغيف .. ألله يخليكى

...

اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي