الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو الخروج من نفق الاشتراطات الأمنية

محمد أبو مهادي

2005 / 4 / 15
القضية الفلسطينية


استطاعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومنذ مدة طويلة أن تجعل من قضية أمنها موضوعاً رئيساً وحاضراً في كل شيء، وحولت قضيتها الأمنية من مجرد محطة أخيرة تأتي كمحصلة لانتهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلي قضية ذات أولوية قصوى لا يمكن أن تتقدم إسرائيل بدونها في أي مسار من مسارات العملية السياسية والتفاوضية ، وهي تستمر في رفع وتيرة مطالبها الأمنية ارتباطاً بمدي استجابة الجانب الفلسطيني في تحقيق ذلك، فمن الوقف المتبادل لإطلاق النار إلي تسليم المطلوبين والمطاردات الساخنة إلي تفكيك البني التحتية لما تسميه "بالمنظمات الإرهابية"، ولديها قائمة اشتراطات أمنية طويلة لا تنتهي عند قرار أو اتفاق وطني فلسطيني علي التهدئة حسب التجربة الطويلة في هذا المجال ، ولن يستطيع أي قائد سياسي فلسطيني تحقيقها لأسباب طبيعية تتعلق بمسالة وجود الاحتلال أولاً، وبسبب ممارسات الاحتلال المستمرة في مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات وبناء جدار الفصل العنصري وعزل قطاع غزة عن محيطه العالمي والتحكم بكميات الهواء الواردة إليه، ومواصلتها لعمليات القتل والاعتقال والتنكيل اليومي بحق المواطنين الفلسطينيين علي معابرها وحواجزها التي تمزق خارطة الضفة الغربية وقطاع غزة ثانياً، بالإضافة إلي التهديد المستمر للمقدسات الفلسطينية ولحرمة المسجد الاقصي وسرقة أرضي الكنيسة الأرثوذوكسية في القدس من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة لم تستطع حكومتها لجمها أو محاربتها ولم تصنف عالمياً من جماعات الإرهاب!
إن مجرد قبول الجانب الفلسطيني بفكرة الوقف المتبادل لإطلاق النار في البدايات الأولي للانتفاضة الحالية ومن ثم فكرة الهدنة أو التهدئة وغيرها من التفاصيل الأمنية كان خطأ كبيراً وقع فيه، وما كان دخوله في هذه اللعبة الإسرائيلية التي لا تنتهي إلا مضيعة للوقت وهدر لانجازات كبيرة تحققت بفعل الانتفاضتين، وخصوصاً أن هذه اللعبة الأمنية قد جرّبت بعد اتفاق "أوسلو" ولم تجدِ نفعاً وكانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية وما بين الانتفاضتين الأولي والثانية من هبّات شعبية واسعة "كهبة النفق" بعد عملية الحفر تحت المسجد الاقصي لخير دليل علي ذلك.
لقد بات بديهياً أن يدرك الجميع أن محاولات إسرائيل إغراق الفلسطينيين من جديد في التزامات أمنية يصعب تحقيقها هو ملهاة للابتعاد عن الخوض في القضايا الجوهرية كحقوق اللاجئين وتفكيك المستوطنات والقدس والحدود والمياه وغيرها من قضايا، وتسهم هذه الملهاة في تحقيق ما تهدف إليه إسرائيل في تشكيل رأي عام دولي حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليصبح مفهوماً علي انه صراع بين دولتين بقوتين عسكريتين متكافئتين وليس صراعاً بين قوة احتلال تمثله هي وشعب فلسطيني أعزل يقاوم احتلالها، وفي الوقت نفسه تُحدث وقائع استيطانية جديدة علي الأراضي الفلسطينية ويُطالب الفلسطينيون بالتعامل مع هذه الوقائع عندما تطرح أفكار من قبيل "الاستيطان الشرعي وغير الشرعي" و "تبادلية الأراضي" أو ما يسمي "بالتمدد الطبيعي للمستوطنات" وتحقق اختراقات سياسية كبيرة وخطيرة في هذا الإطار تتعارض مع القانون الدولي، وتلقي دعماً ووعوداً أمريكية معلنة كالتي عبّر عنها الرئيس بوش في خطابه الأخير بعد لقائه مع شارون، حين اعتبر أن انسحاب إسرائيل من كامل الأرضي المحتلة عام 1967 هو أمر غير واقعي .
لقد بات ضرورياً إلي أن تباشر القيادة الفلسطينية بطرح مبادرة سياسية واضحة ترتكز فيها إلي قرارات الشرعية الدولية والي القانون الدولي الإنساني، وتجند لهذه المبادرة الدعم والتأييد الدولي المطلوب عبر تحركات دبلوماسية رسمية وشعبية واسعة، وان تلجأ من جديد إلي ساحات الأمم المتحدة بعد فشل الرهان علي الإدارة الأمريكية في أن تكون وسيطاً نزيهاً في رؤيتها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكي تعاد الأمور إلي نصابها الطبيعي فعلي القيادة الفلسطينية أن توضح للعالم عدم قدرتها علي توفير الأمن للاحتلال طالما بقي احتلال، وأنها وشعبها الأعزل بحاجة أكثر إلي توفير الأمن والحماية حتى زوال آخر جندي إسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة وأنها لن تستطيع الاستمرار في نفق الاشتراطات الأمنية الإسرائيلية، فلن يستطيع احد ضمان امن الاحتلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساع للتوصل إلى توافق في قمة سويسرا بشأن أوكرانيا للضغط على


.. قائد قوات الدعم السريع: بذلنا كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل س




.. الناخب الأميركي على موعد مع مناظرتين جديدتين بين بايدن وترام


.. خلافات في إسرائيل إثر إعلان الجيش -هدنة تكتيكية- في بعض مناط




.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: غالانت لم يعرف مسبقا بالهدنة التكتيك