الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق الجديد إلى أين يسير

نوري بريمو

2005 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بعيد فوز السيد جلال الطالباني برئاسة الجمهورية العراقية بأيام قليلة تعرّضتُ لسؤال وجيه من شخص مصيب ،إذ سألني متعجباً: ما رأيك بنبأ اختيار المام جلال رئيساً منتخَباً لجمهورية العراق...؟!، وهل برأيك سينجح في مهمته رغم معرفتنا بمدى حنكته السياسية ومدى قدراته الخلاقة في علوم القيادة...؟!، قلت لصاحبي :معك كامل الحق في أن تسأل ما تشاء يا أخي فحال العراق ليس بخافٍ على أحد ،وما قامت به الكتل الفائزة هناك من أداء رائع وفريد من نوعه حينما عيّنت مواطناً كوردياً رئيساً للدولة هو سابقة سياسية جديدة لم يحصل مثلها لا في تاريخ العراق ولا في أي بلد آخر من بلدان مشرقنا الذي لم تتنعم شعوبه بنور الديموقراطية منذ الأزل ،بل كانت على الدوام مبتلية بنيران الطغيان والاستبداد والشمولية التي أحرقت دون أي حساب أو رحمة كل الأخضر واليابس في بلداننا...!؟.
لكن بسقوط نظام حكم حزب البعث البائد الذي كان قد حوّل بلاد الرافدين إلى فرنٍ بشري أو جهنم دنيوية و بئس المصير...،تبدّل كل شيء ـ شكلاً ومضموناً ـ في ذلك البلد العريق الذي هو بحد ذاته جنة من جنان الدنيا وذلك لما يحتويه من أرض خصبة وتاريخ عريق وشعوب معطاءة ،حتى أنّ اسم البلد أيضاً قد تحوّل منذ ذلك السقوط إلى جمهورية العراق الديموقراطي الفدرالي الموحّد .
وفي الحين الذي يريد فيه أهل العراق الحقيقيون أن يحوّلوه إلى واحة حقيقية للديمقراطية والحرية والعيش الفدرالي لشعوبه ،بعد أن كان سجناً كبيراً اكتوت بناره كل مكونات ذلك الطيف المتعدد الأعراق والطوائف والمذاهب...،تريد بعض الجهات المعادية لعراق اليوم أن يغوص حتى أذنيه في مستنقع من الدماء البشرية التي باتت تذهب هدراً وبالجملة تحت وطأة إجرامية حفنة من أمراء الإرهاب الذين هم إما من فلول بقايا النظام البائد أو من المتسللين الأغراب عبر الحدود من الخارج والذين ينتمون إلى جهات مجهولة متربصة بالعملية السياسية الجارية بنجاح هناك أو من قوى ظلامية ليس لها هم سوى بث الرعب في النفوس وإثارة النعرات والفتن من خلال قتل المدنيين وتفجير البنى التحتية والمؤسسات المجتمعية والحكومية ومصادر الوقود و...الخ.
وما بين هذا الإنجاز السياسي الكبير الذي تحقق وتلك العراقيل والأسافين التي يتم زرعها في الطريق ،لم يقف المواطن العراقي متفرّجاً حائراً ،بل رفع سبابته البنفسجية عالياً في وجه أعدائه محذّراً إياهم بعدم الوقوف حائلين أمام عجلة دمقرطة العراق السائر بخطى واثقة صوب استكمال نيل حريته على أكمل وجه .
لكن تبقى هنالك تساؤلات مشروعة متعددة تطرح نفسها مادامت معالم هذا الكيان الجديد لم تتضح بالشكل المراد وما دامت لا تجد الجواب الشافي...،فهل حقاً وكيف ومتى سيتحول هذا العراق بفضل ما تحقق وسيتحقق من مجرّد كونه مزرعة لدكتاتور ظالم إلى فضاء ديموقراطي ينعم في ظلاله الرحبة كل الذين كانوا معذّبون في الجنوب والوسط والشمال...؟!، وهل أنّ ما يجري الآن في العراق يوحي إلى أنه سيغدو بلداً قادراً على أن يتحدى العوائق ليتخطى واقع حاله هذا ولتتحقق في ظلاله مختلف الآمال والطموحات...؟!،وهل سيكون بمقدور روّاد هذه السفينة العائمة أن يُحسِنوا قيادتها ويوصلوها بشكل آمن وسط هذا الركام إلى برّ الأمان دون ارتطامها بتلك الأمواج العاتية القادمة تارة من الشرق وتارات أخرى من الغرب لا بل من كل الجهات...؟!، ومَن المستفيد من وضع العصي في الدواليب من خلال إثارة مختلف النزاعات...؟!، ومَن يسعى نحو دَمَقْرَطة العراق الحالي ومن يترصّد في الضد من هذا المسعى النبيل...؟!، وهل هنالك ثمة من يدبر اللعبة أو يبرمج ما باستطاعته من سيناريوهات من شأنها أن لا تنقلب سوى على رؤوس أصحابها المختبئون هنا أو هناك...؟!، ومن يقف في الموقع الوطني السليم...؟!،هل هو الأول الساعي نحو إعادة الإعمار والبناء أم هو الثاني المصرّ على تخريب ما يمكن تخريبه...؟!، ولمصلحة من إبقاء العراق يغرق في بحور الدم البشرية هذه ...؟!، وماذا تنوي فعله دول الجوار العراقي حينما تدعم ما يسمى بـ ((المقاومة المشروعة )) ضد أبناء وبنات ومؤسسات وقيادات العراق الجديد ...؟! .
مختصر القول...،يبدو أنّ المشهد السياسي الذي يشهده عراق اليوم هو ليس سوى حلقة من حلقات مسلسل التحولاّت الديموقراطية التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط التي باتت تعج بمختلف أشكال النزاع بين مختلف الأقطاب والمحاور ،فلا عجب إذاً من أن يصبح زعيم كوردي مثل المام جلال رئيساً لدولة مثل العراق أو لغيره في غيرها من الدول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ـ عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات