الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة تأكل أبناءها

خالد إبراهيم المحجوبي

2013 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة تأكل أبناءها

ليس غريباً عن تاريخ الثورات، أن يستبد بها فئة محدودة، ثم تبدأ في تنحية رفاقها الثوار إما بالإقصاء الهادئ، وإما بالقتل والاغتيال، وإما بالتهميش والإزاحة الممنهجة المقننة، التي تتخذ عادة صورة قانون رسمي في كل بلاد له اسم معين مثلاً قانون العزل السياسي، أو حماية الثورة، أو اجتثاث البعث. وكثيراً ما تكون هذه القوانين صائبة بل تكون ملحة ومهمة ونافعة، لكن بشرط أن تتخذ وتنفذ على نحو منصف، معتدل ، ينظر قبل كل شيء إلى المصلحة العليا للدولة، لا إلى أهداف سياسية حزبية، أو مطامع قصيرة المدى، أو لمجرد تصفية حسابات بين الفاعلين الأقوياء داخل الدولة.
في المثال الليبي وجدنا ما يؤلم من تنكر وجحود لأفضال ونضالات كثير من المناضلين السياسيين الذين كان لهم شرف تولي القيادة السياسية لثورة فبراير، ومثلهم المناضلون الذين مكثوا خارج ليبيا عشرات السنين في جبهات نضال المعارضة.
كل هؤلاء وأولئك لا يجحد فضلهم إلا لئيم، ولا يتنكر لجهودهم إلا جاحد .
أقول هذا وأنا أشهد توالي حملات التخوين، ونزع الوطنية، والإساءة لأشخاص ضحوا وغامروا براحتهم، وأمنهم، وأسرهم، وحياتهم؛ لأجل ليبيا والوصول بها إلى برِّ الحرية والتحرر.
ولئن أخطأ بعض هؤلاء، أوزلّ لسانه، أو انحرف اجتهاده، فإن ذلك لا يسوّغ لنا أن نقصيه عن ساحة الوطنية، ونجرده من شرف النضال ، ثم نمحو تاريخ نضاله، وكبير أفضاله.
يقسم بعض الباحثين الثورات ثلاثة أنواع:
إن تاريخ الثورات في العالم لم يخرج إلا بنوع من الأنواع الثلاثة التالية:
الأول: ثورة يقودها أهلها وتقدم شهداءها، وتسير في تحقيق ما قامت لأجله. النوع الثاني: ثورة تأكل أبناءها ، وتطحن رموزها فتضيع مستقبلها. فتنقلب على نفسها.
النوع الثالث: ثورة يصنعها المخلصون، بتضحيات شهدائها، ثم يحصد ثمارها الأذكياء الخبثاء.
الربيع العربي وقوة الإسلاميين:
لقد اقترنت ثورات الربيع العربي ببعض المنجزات الظاهرة والباطنة، منها كشفها عن الوجه البشع الشائه لقوى اليسار، والتيارات العلمانية التي اتخذت طويلاً صورة المناضل المقهور طوال عقود الحكم الديكتاتوري العربي في مصر وتونس خاصة. تلك القوى التي دندنت كثيراً حول تخوفها من وصول الإسلاميين للسلطة، وتخوفها من عدم احترام الإسلام السياسي للتقاليد الديمقراطية في الحكم والوصول إليه. ولما أن نجح الإسلاميون وكان اختيار جمهور الشعب إسلامياً ؛ كشفت تلك القوى عن وجهها المستتر الذي فضح افتقادهم لأسس أدب الخلاف، وأصول المنافسة النزيهة .
هذا ما رأيناه بوضوح صادمٍ في تونس بعد فوز النهضة، وفي مصر بعد استقواء حركة الإخوان، وإلى جانبها السلفيون.
أما في ليبيا فالأمر أدعى للأسف حيث إن نتائج عقود التجهيل (القذافية )آتت ثمارها، فظهر أغلب الليبيين غير فاقهين لما يدور حولهم، سارعوا بتوزيع انتماءاتهم بين مستقلين، وإسلاميين، ووطنيين في حلل علمانية غير ظاهرة، ولا صريحة، وراء بعض النخب، التي استمرأت الصراع السياسي واللعبة الحزبية، وأقامتها على غير أصول، وشيدتها بلا أسس. وصار الناس يساقون بإشاعة من هنا تذهب بهم أقصى اليسار، وإشاعة أخرى تردهم أقصى اليمين، مع دفقات من التهويل، والتفزيع، والتخوين. لا همَّ لأكثر شبابهم إلا التشاتم بلا سبب مستحَق، وإلا التخوين دون براهين، وإلا التخويف والتهويل من أخطار خارجية وداخلية لا وجود لها إلا على صفحـــات (الفيس بوك).
يغذيها إمّا مناضلون لم يحصلوا على مناصب، أومتسلقون وصلوا إلى مناصب، أونكرات صارت في الصدارة، وأعلام وضعوا في الهوامش. لم يرض أحد بطبيعة التغييير وسنن التبديل فأعملوا أنياب أقلامهم، وأفاعي ألسنتهم، في حرب قوامها الإشاعات، والمزايدات. وليبيا تنظر وتبكي. تنتظر أن يؤوب الناس إلى رشدهم ويفتحوا عقولهم، بدلاً من آذانهم. لأن من اتَّبع أذنيه، فلن يفلح أبداً .
د.خالد إبراهيم المحجوبي- ليبيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا