الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطالة في المجتمع العربي آفاقها وأزماتها

فدى المصري

2013 / 4 / 18
ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي


يشهد المجتمع العربي حراكا ً اجتماعيا ً وأمنياً نتيجة ما يتعرض إليه من إنهيار للأمن الإجتماعي والأمان بحيث يفتقد إلى الكثير من الإستقرار الداخلي الذي يشكل المصدرالرئيسي لأي تنمية اقتصادية أو استثمار ما يسهل في رفع معدل فرص العمل أمام الكفاءات العلمية والتخصصات المهنية المختلفة. بحيث أن التخبط الذي يعيشه المجتمع العربي ككل عبر الرؤوى السياسية والتوجهات الحكومية في سياساتها؛ يُعد أحد مكونات الإنهيار الاجتماعي للشعوب العربية، ولعّل الإنهيار الإقتصادي وما تسبب للشعوب العربية من إرتفاع صارخ لمعدل بطالة؛ والذي شكل نتيجة الحتمية لآداء حكومات التي عملت من خلال سياساتها في الحكم والسلطة على ازدياد معاناة شعوبها، وإزدياد الأزمة المعيشية والحياتية جراء انعدام فرص عمل لائقة تحسن من ظروف المواطن العربي وتخفف عن كاهله الأعباء الحياتية المختلفة. فما هي العوامل التي دفعت بإرتفاع معدلات البطالة التي طالت معظم المجتمعات العربية دون إستثناء؟ وما أبرز إنعكاساتها الاجتماعية على المواطن والمجتمع العربي ككل؟ خاصة أن البطالة تشكل عامل مباشر للتدهور الاجتماعي وما يطاله من تدهور حياتي مختلف لدى المواطن، الذي ينعكس على مستوى تأمينه الإحتياجات الأساسية والخدماتية المختلفة.

أولا ً، واقع الراهن للبطالة:
تتفاوت حدة انتشار البطالة بين الدول العربية، وذلك تبعا ً لطبيعة سياسة كل دولة ومقوماتها البيئية والانتاجية ونظامها الإقتصادي المعتمد، وهي محدّدة ببعدها الاقتصادي البنيوي أو الهيكلي. بحيث تتوزع حجم البطالة في البلدان العربية حسب التقارير الصادرة عن البنك الدولي وفقا ً لما يلي:
16% نسبة البطالة في المجتمع العربي للعام 2012
8،4 % نسبة البطالة في سوريا للعام2012 ( قبل انهيار الأمن الداخلي)
9،4% نسبة البطالة في المغرب للعام 2012
9،7% نسبة البطالة في الجزائر للعام 2012
12،7 % نسبة البطالة في مصر للعام 2012
13% معدل البطالة الوسطية في منطقة الخليج العربي للعام 2012
34 % نسبة البطالة في لبنان للعام 2012
60% نسبة البطالة في اليمن للعام 2012
نلحظ من خلال توزع حجم البطالة بأن هناك تفاوت في حجم إنتشارها بين الدول العربية، بحيث تنخفض إلى ما دون الـ 10% لدى بعض الدول التي تشهد استقرار أمني وسياسي، وآداء ممنهج للسلطة في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية، وما تحققه من توفير الحماية والأمن الاجتماعي لشعبها ضد المخاطر الاجتماعية ولا سيما البطالة، وتزداد حجم هذه النسبة لدى البلدان العربية التي تشهد نزاع أمني وصراع وحروب لتتجاوز نسبة البطالة ثلث الشعب كدولة لبنان، وأكثر من نصف الشعب كدولة اليمن.
وعلى الرغم من تعهد جامعة الدول العربية مجتمعة من قبل الأعضاء مواجهة أزمات شعوبها ولا سيما أزمة البطالة التي باتت تشكل مصدر إنفجار أمني لبنيتها الداخلية، إلا أنها لم تستطع أن تعالج هذه المشكلة للوقت الراهن رغم توافقها على توصيات ومقررات تعالج عبرها البطالة وتخفف من حدّة إنتشارها.

ثانيا ً، عوامل انتشار البطالة:
ساهمت عوامل عديدة في انتشار معدلات البطالة بين صفوف العاملين ، سواء بين صفوف الشباب حديثي التخرج، أو بين صفوف العامل نتيجة فقدان العمل لسبب ما. وقد تنوعت العوامل وتعددت من عوامل اجتماعية، اقتصادية ،وسياسية، تفاعلت مع بعضها البعض في حدوث البطالة ورفع معدلاتها بشكل صارخ.
-عوامل اجتماعية: تتمثل بالفقر والحرمان ولا سيما الحرمان من آلية الترقي الاجتماعي، عبر فرص التعليم، والتخصص الجامعي أو المهني.
-عوامل اقتصادية: تتمثل بضعف الاستثمار، لا سيما الاستثمار التكنولوجي والتقني الذي يزيد من فرص العمل أمام القوى العاملة أو يتناسب مع التخصصات الجامعية وفق البناء الاقتصادي المتحول الراهن، وهذا ما يحقق لهم الاستقرار المعيشي والحماية الاجتماعية.
- عوامل سياسية: تتمثل بغياب الرؤية الاقتصادية والسياسية في توجيه الحكومات العربية سياساتها الاقتصادية تجاه نظام اقتصادي يزيد من فرص العمل أمام الكفاءات العلمية والتقنية، وتدمج النخب المثقفة في نظامها الاقتصادي، وتستفيد من البحوث العلمية والمستجدات الناتجة عنها في صلب قراراتها وتشريعاتها القانونية.

ثالثا ً، أبرز إنعكاساتها الاجتماعية على المواطن والمجتمع العربي ككل:
تشكل ظاهرة البطالة من الظواهر السلبية التي تساهم في تفكيك بنيان المجتمع وانهيار استقراره. بحيث نجد أن البطالة تسبب بإنتشار مظاهر إجتماعية مختلفة تؤثر سلبا ً على بنية الداخلية للمجتمع من اختلال كبير في توزيع القوى العاملة قطاعياًّ وتعليميّاً ومهنيّاً وخدماتيا ً، فضلا ً عن ضخامة مخرجات النظام التعليمي والتدريبي وضعف مواءمته لحاجات سوق العمل، ووجود فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل. بحيث تتفاقم أزمة البطالة من خلال ما تحدثه من نتائج وآثار عديدة نوجزها حسب النواحي المتعددة التي تطالها آثار البطالة في حياة الشعوب وأمنها ومستقبلها:
- على مستوى الفردي: تساهم البطالة في التدهور الاجتماعي للفرد عبر حرمانه من مورد العيش والأجر، وهذا ما ينعكس سلبا ً على استقراره، وتدفع به إلى مزيد من التهميش وتدفع به إلى أحضان الإنحرافات المختلفة وما تعززه من انتشار لمظاهر الفاقة والعوز وأحزمة البؤس التي ازدادة بشكل صارخ في جيمع البلدان العربية.
- على مستوى الأسري: تهدد الأسرة بنيان الأسرة التي تشكل نواة المجتمع والركن الأساسي لتماسك المجتمع الداخلي، عبر العجز المادي والحرمان من الخدمات المختلفة التعليمية والصحية، وإنهيار أمن الأسرة وفقدان أمانها الإجتماعي، عدا عن دفع أطفالها إلى العمل المبكر الذي يشكل عائق كبير أمام أي ترقي مهني واجتماعي.
- على مستوى المجتمع: تعتبر البطالة من المؤثرات المدمرة للمجتمع وذلك من خلال استغلال العاطلين عن العمل في أعمال غير مشروعة، كإستغلالهم في أعمال إجرامية إرهابية تهدد كيان المجتمع وتفكك بنيانه عبر فقدان دور فاعل لفئة تشكل الركن الأساسي في بناء المورد الاقتصادي.

رابعا ً، مواجهة البطالة وطرق تساهم في التخفيف من حدتها:
تكمن مواجهة البطالة عبر تعاون بين البلدان العربية في التنسيق بين تشريعاتها وقوانينها تجاه سوق اقتصادي موحد يدعم أسس الإستثمار الفاعل تجاه زيادة فرص العمل بشكر مطرد، ويدعم قدرات الأفراد في تنمية سلوكهم المهني، ودعم مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة ؛وحمايتها أمام سيطرة المشاريع الضخمة التي تتحكم في سوق العمل. ومن بين السياسات التي تساهم في تقليص حجمها تتوزع فيما يلي:
- تطوير الاختصاصات الجامعية بما يتناسب مع سوق العمل.
- ربط مكاتب سوق العمل بالنظم الاقتصادية و التعليمية.
- تفعيل التكنولوجيا التي تساهم في زيادة فرص العمل لدى النظم الإقتصادية.
- دعم مشاريع المستقلة للشباب عبر التسهيلات المصرفية لانشاء الشباب مشاريعهم المستقلة، مما يخفف الضغط على طلب التوظيف.
- شراطة بين القطاع العام والخاص في فرص الاستثمار الذي يعمل على زيادة مطردة بفرص العمل.
- تنسيق مخرجات التعليم بما يتوافق مع حاجات سوق العمل.
- تنفيذ البرامج التنموية والتدريبية والتنشيطية التي تمكن الفرد من مواجه أزمة عطالته عبر تأسيس مهنة او حرفة تقيه البطالة ومخاطرها.
- تفعيل نظام التعليم المهني وما يوفره من تدريات لمهن يديوة وحرفية مختلفة تدعم قدرات العامل مهنيا ً وإنتاجيا ً.

د. فداء المصري
دكتوراه علم اجتماع التنمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا