الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إختفاء رباب ماردين 9

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2013 / 4 / 19
الادب والفن


التحذير


فتحت الرسالة الأولى وبدأت بقراءتها.


2 سبتمبر

عزيزتي لينة...

قبلاتي وأشواقي لك. أرجو أن تصلك رسالتي هذه وأنت في أتمّ الصحة والعافية.
اشتقت اليك كثيرا وأرجو أن لا تغضبي مني بسبب رحيلي المفاجئ دون أن أحيطك بعلم عن مكاني الجديد، ولكن أتمنى أن تعذريني حيث أن الأمور لم تكن قد اتّضحت لي بعد، كما أرجو أن أخباري الأخيرة (التي سأخبرك بها) ستعوضك عما فعلت.
وبعد، يا عزيزتي...
لقد تزوّجت!
نعم... نعم. لقد فعلتها وتزوّجت من الرجل الوحيد الذي أحببت في حياتي وبقيت أحلم بزواجنا طوال حياتي.
تزوّجنا زواجا سريعا دون عرس واحتفال، ومنذ أيام قليلة فقط عدنا من شهر العسل الذي كان رائعا. والآن، أعيش مع زوجي في بيت كبير، كبير جدا، هو بيت عائلة ماردين، وكل أفراد العائلة حقا طيبون ولطيفون معي جدا.
أرجو أن لا أكون قد خيّبت أملك. أعرف انك كنت تتمنين أن تكوني معي في عرسي، ترقصين وتفرحين لفرحتي. ولكن... ماذا نفعل؟! هكذا شاء القدر. هذا ما اتّفقنا عليه أنا وزوجي. ولكن، تأكّدي أنك دائما في بالي وفي داخل قلبي حتى وأنت بعيدة.

مع حبي وأشواقي
رباب


بعد أن وصلتني هذه الرسالة، كتبت لها رسالة باركت لها فيها على زواجها وتمنّيت لها السعادة مع زوجها. فكتبت لي بعد مدة رسالتها الثانية.



20 تشرين الثاني
عزيزتي لينة...

أشكرك جزيل الشكر على رسالتك التي أسعدتني حقا. أنت صديقة رائعة، يا لينة، وتأكّدي أنك لا تفارقين تفكيري مهما كنت بعيدة. أنا مشتاقة إليك حقا والى أيام طفولتنا وصبانا الجميلة.
وبعد...
لقد بدأت العمل في شركة ماردين التابعة للعائلة. أقوم بالمساعدة في بعض أعمال المكتب. وهكذا يمضي الوقت سريعا، فأنا أشعر بالضجر في البيت، دون عمل شيء، بوجود الخادمات اللاتي يتراكضن من حولي دون انقطاع.
على كل حال، فأنا أعود الى البيت ظهرا ويبقى لدي متّسع كبير من الوقت.
وأخيرا...
أدعو لك بالتوفيق في كل ما تحلمين بفعله، وأرجو أن تلتقي قريبا بفارس أحلامك لتكتمل فرحتي بك. وأدعو لك أن يكون حنونا ومحبّا ورقيقا... مثل وسام... حبيبي.

مع حبي وأشواقي
رباب

أعدت قراءة السطر الأخير باندفاع... أكاد لا أصدق ما تراه عيناي!
رباب كتبت: ‘مثل وسام... حبيبي‘!
وسام حبيبها؟؟!
كيف يكون ذلك؟؟؟
كيف لم أنتبه الى ذلك من قبل؟
ربما يكون التشابه بين الاسمين، حسام ووسام، هو الذي جعلني أغفل عما كتبته رباب في رسالتها الثانية، ولم أذكر إن كان اسم حبيبها الذي كانت تحدّثني عنه في صبانا هو وسام أم حسام!
أعدت قراءة الرسالتين مرة أخرى.
هناك تناقض بين الرسالتين. ففي الأولى كتبت رباب: ‘تزوّجت من الرجل الوحيد الذي أحببت في حياتي‘. إنها تزوّجت من حسام. ولكنها تقول في رسالتها الثانية: ‘مثل وسام حبيبي‘. وهذا يعني أنها كانت تحبّ وسام! والمنطق يقول نفس الشيء، ببساطة، لأن وسام هو الرجل الذي تقع الأنثى في حبه بسهولة، ولأن حسام، في ذلك الحين،, كان ما يزال صبيا يافعا لم يتجاوز السادسة عشرة، بغض النظر عن أطباعه المعروفة.
أدركت الآن الجواب على السؤال الذي أرهق تفكيري طويلا: كيف أحبّت رباب رجلا مثل حسام؟! والجواب كان أنها أصلا لم تحبه على الإطلاق! بل كانت تحبّ وسام، الأخ الأكبر، الرجل الوسيم الخلاّب، الرقيق....
ولكن...
لماذا إذن تزوّجت من حسام؟؟

................................................

بعد يومين، حين ذهبت الى طعام العشاء، وجدت وسام قد عاد من سفره.
رأيته يستقبلني بوجهه البشوش، وقال مصافحا: "أهلا، لينة. كيف حالك؟"
"تمام. وكيف أنت؟" قلت.
"بصراحة... مشتاق لك." سمعته يقول بصوت خفيض، وأنا أحسست بالحمرة الطافرة الى وجنتَي.
"حمدا لله على سلامتك. كيف كان سفرك؟"
"لا بأس. إنه عمل مملّ جدا، ولكن... لا بد منه. المهم أنه انتهى وها قد عدت." قال وهو يرسل بابتسامة أرق من النسيم. بادلته بنفس الشيء.
وصل باقي أفراد العائلة فجلسنا جميعا لتناول العشاء.
سمعت السيدة ماردين تسأل وسام عن سفره، فأخذ يشرح لها عن العمل وعن أخبار الشركة، وكان يمزج حديثه بمزاحه الظريف، فنطلق ضحكات مرحة، ونهنأ كلّنا بالجو المرح والفرح الذي يبثّه وسام بحديثه، كلنا... ما عدا شادية وحسام ماردين، فقد جلسا دون أن يشاركا في الحديث، كعادتهما، إلا إذا وجّهت إليهما السيدة ماردين سؤالا ما، وانشغلا في تناول الأكل بلا اكتراث ودون متابعة حديثنا.
وبعد انقضاء العشاء، نادت السيدة ماردين للخادمة لتأخذها الى غرفتها للراحة. ثم لحقت بها شادية، وقام حسام ماردين خارجا الى الشرفة. وترك عصام أخشيد المكان مع عائلته استعدادا للذهاب الى المدينة لقضاء حاجة.
قمت من مكاني للعودة الى غرفتي حين فوجئت بوسام وهو يمسك بذراعي ويهمس في أذني: "لينة... أريد أن أراك الليلة. تعالي الى غرفتي بعد إنهاء أعمالك."
"هه؟! لماذا؟"
"فقط تعالي. سأكون بانتظارك." قال وترك المكان.
جمدت في مكاني من فرط دهشتي. لماذا يريدني في غرفته؟!
استدرت للذهاب وكنت قد خطوت خطوة واحدة فقط حين لمحت حسام ماردين واقفا لدى باب الشرفة يراقبني وفي يده فنجان القهوة وعلى وجهه ملامح خبيثة. عدت لأجمد في مكاني من جديد.
وفجأة... رأيته يتحرّك نحوي بخطى متينة... واثقة... مهيبة، حتى وصل إلي وانتصب أمامي بقامته المديدة، وصدره المندفع، ووجهه الأسمر، المعقّد، المكتنز بالغضب والازدراء، وكان ذلك كفيلا بأن يثير فزعي ويهزّ توازن نفسي.
وفجأة... سمعته يقول: "إنه يدعوك الى غرفته. وأنت ستذهبين بالطبع." وكانت نبرته تفيض بالحقد والاستياء.
"عفوا؟"
"ولِمَ لا تذهبين؟" مضى في كلامه. "لا عيب في ذلك. إلا أنه... لو كنت تعرفينه حقا... لما كنت ستذهبين."
"ماذا قلت؟"
"قلت لا تثقي برجل لا تعرفينه."
"أتقصد أن لا أثق بأخيك؟"
"وبأي رجل لا تعرفينه."
"أتقصد بأنني لا أعرف وسام؟"
لم يجِب في الحال. ظلّ يرشقني بعينيه الرماديتين، الوخّازتين بصمت، ثم حرّك رأسه كأنه يقول: من يدري!
"وما يدريك أنني لا أعرفه؟" سألته بشيء من الغيظ.
"قصدك أنكما صديقان الى هذا الحد؟"
"وما دخلك أنت؟"
"حتى لو كنتما كذلك وقد أخبرك بأمور تتعلّق بالماضي، فلا تظني أنك تعرفين كل شيء."
"وهل تعتقد أنه يخبرني بأشياء ويخفي عني أشياء أخرى؟"
"أنا أعتقد فقط أن عليك الحذر."
"أتحذرني من وسام؟"
"فقط كوني حذرة، فذلك أفضل لك. هناك أشياء لا تعرفينها."
"وأنت تقول لي ذلك من أجل مصلحتي؟!"
ابتسم ابتسامة شامتة. "لنقل... إنني أفعلها من أجل مصلحة الجميع." قال ذلك وترك المكان.

يتبع...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي