الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليمان خاطر....قصه قصيره

احمد العتر

2013 / 4 / 19
الادب والفن


خيمه للاعتصام بميدان التحرير
الزمان
الايام الثمانى عشر المجيده من عمر الثورة حتى سقوط الطاغيه
كنا نجلس متعبين بعد نهار ثورى شاق سهرنا طوال ليله فى تامين مداخل الميدان ومخارجه وبعد ان طلع الصباح وبدأ الناس يتوافدون الى المكان فلم يكن لدينا فرصه للنوم بل اراح كل منا راسه على كتفيه وقد احببنا واعتدنا جميعا ملمس الاسفلت على ظهورنا واجسامنا...............كانت هذه الايام مجيده بحق فقد كنا نشعر ان رقاينا تطاول عنان السماء وصار لنداء:ارفع راسك فوق انت مصرى مفعول السحر بيننا كنا قد اكتشفنا للتو انفسنا واكتشفنا كم انه من الرائع ان نكون مصريين وفى ميدان التحرير.لست من اللذين يحبون وصف الاشخاص لذلك اترك لك تخيل .المجموعه غير المتجانسه اللتى كانت معا واللتى لم يجمعها الا حب الوطن واننا فى ثوره .
الا هو كان يلفت انتباهى بشده ....كان يبدوا عليه انه فى منتصف العشرينات اسمر اللون ثيابه مهندمه ونظيفه رغم انها قديمه نوعا وكان قليل الكلام دوما ,غارقا فى تاملاته اللتى يطلقها مع دخان سيجارته الكليوباترا نحو السماءويتابعها بعينيه الصافيتين الشديدتى السواد بلمعه صدق اسره ..يتابع الدخان والاصوات وهى تصعد وتتلاشى بصمت وشغف,كان احيانا يبدوا منصتا لنا ولمناقشاتنا السياسيه المحتده الا انه لم يكن يشارك فيها.واحيان اكثر كان يخرج مصحفه الصغير ويظل يقرأ فيه بصوت خاشع وخفيض ...........كان اكثر ما يجذبنى اليه عيناه اللامعتان الحزينتان وصمته المهيب.
الا ان هذا الصمت يتحول الى زئير اثناء المظاهرات ةيعلوا حتى يلامس السماء وهو يهتف لمصر والشهداء وكان صوته يختنق بالدموع ولكنه يكمل الهتاف لمصر ونحن نبكى ونهتف كاننا دراويش او مجاذيب وقد مسنا حب مصر فاخرجنا عن صوابنا وجعلنا نهتف باستمرار.
واثناء جلوسنا بالخيمه هذا اليوم دخل هدهد جميل الى الخيمه مسرعا .نعم هدهد..اندهشت جدا فلم ارى هذا الطائر الجميل منذ زمن او ان عصر الظلم كان يكبت الجمال فى كل شىء...كنت اعرف ان الهدهد يخاف التجمعات وكنت مستغربا من دخوله .
بهذه الطريقه واختبا الهدهد مسرعا وراء كومه حقائبنا ,لم يجرؤ احدنا على الاقتراب منه الا صاحبنا اللذى توجه نحوه وحمله بهدوء ورفق على ذراعيه وقربه من راسه ليداعبه فى سكون غريب من الهدهد بين يديه وامام اعيننا المذهوله خرج امام باب الخيمه ودنى الهدهد بيديه من راسه كانه يقبله فهز الهدهد راسه وبدا لنا انهما يتكلمان ويتناجيان ثم رفع الشاب بذراعه ليحرر الهدهد اللذى انطلق للسماء ودار دورتين فى السماء مودعا وابتعد...........قطع الصمت بيننا صوت احدنا وهو يحتضن الشاب صارخا :الله اكبر ,انت فيك حاجه لله .....كنت لازلت واقفا افكر حين اقبل عليا وقال ...لى بصوت خفيض :سليمان خاطر هيقابلنى النهارده فى الجنه.وخرج يركض وهو يحمل الدرع اللذى استولى عليه يوم جمعه الغضب من عسكرى امن مركزى ويلف الجنزير على يده اليمنى ويزار كالاسد بصوت عالى :تحيا مصر ...تحيا مصر
كانت هذه اخر مره نراه بالخيمه او بالميدان واخذنا نبحث عنه بين الشهداء والجرحى,وفى صبيحه احد الايام كنت افتح الصحيفه فاول ما طالعنى كان وجهه الاسمر المبتسم من زاويه فمه اليسرى ضحكه فرح وسعاده بنصره ,ساخرا من قاتليه ...نعم قاتليه فقد كان ميتا او بالادق مقتولا بعيار فى الصدر وكان مغمض العينين وكان يبتسم وتحت الصوره تنويه انه من الشهداء المجهولين وانه محجوز باحدى المستشفيات ..ذهبت اليها من فورى اخبرهم بان لدى معلومات عن الجثه فاخذنى مع امين شرطه نحيل وعصبى خائف من شىء ما الى الدور السفلى حيث تقبع المشرحه البارده وفتح لى الدرج الخاص بالجثه وكان امين الشرطه واقفا يرتعش بلا توقف لحظه ان وقعت عينى عليه...................الله يا لهذا الجمال والطهر اللذى ساد روحى والغرفه لم اتمالك نفسى من البكاء ........انه هو وكان يبتسم وكانه سيصحوا من فوره...........قطع الصمت صوت امين الشرطه الغليظ:تعرفه يا استاذ؟رددت عليه بدون تفكير :ده سليمان خاطر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل