الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحشة و اغتراب

يوسف الأخضر

2013 / 4 / 19
الادب والفن


سارعت الصورة نحو الزوال، واستغرقت دهرا قبل الممات، لم تحن يوما على الأحياء، الكل تذمر من فرط القبح و سنة السماء، أحب الحياة فمالها لا تشتاق، قد مسها هوس التسارع و استهزأ بها الزمان، إني عليكم شاهد و لي عندكم حق احتقار، ظن آحاد من الناس أن الحياة استهزاء، و اصطف وراء الآحاد بضع عشرات، فأتى الحق المريض ممتطيا عرش مئات فآلاف، حتى استوى العارفون بالجهّال، و تقمص بعضهم دور الكادحين العمال، و تغلب من تغلب فيهم فلعب دور الحكام، استغرقوا في حب الذات رغم أنوف النقاد، تكلم الصمت في لحظة انكسار، فتكسر الانكسار على وطئة الأحزان، وتغمد بالصوت الصامت كل المرات، أعلن انكساره كلما اقتيد إلى غرفة الإنعاش، لما حدثوا الحى بلغة الأموات؟ و تركوه يفكر في قبر العذاب، بل جعلوه يخطط لكل الذنوب قبل الإتيان، أوهموه أن الكذب و الشر من أفعال الشيطان، و الخير و المحبة هي وحدها من شيم الإنسان.

انحدرنا بالوجود نحو الحضيض، فتقمصنا باعتلاء دور الغريق، كتبنا النهاية على آخر كل سطر من كتب التاريخ، مل منا الزمان و ضيّعنا الفكر الخصيب، قد دنى منا الأمل كلما اشتد الهدير، فما وجد فينا عفيفا و لا حكيم، فقد سلب العقول منا مارد مكين، و تربع عرشا على نعشنا المرير، أحيائنا موتى و موتانا أحياء لزمن ليس بقريب، نسينا حاضرنا فرمانا إلى الماضي اللعين، أليس علينا أولا النظر إلى الأفق البعيد؟ و ترك بئرنا العكر قبل الرحيل؟ أليس الجبن أن نتباكي على الرصيف! متى نعبر الطريق بكبرياء الجريح! حتى نعلن للعالم أننا أصحاب فكر جديد، فيكف عن مهاجمة أسوارنا ويتمشى على رصيفنا الأمين، أنصتوا إلى محبة الصديق خير لكم من الإذعان إلى أوامر العدو المكير.

لم يعد في وطني معنى للهدوء، لأن الهدوء بغير العواصف شىء مذلول. أنت أيها العربي الذي بالجنات موعود، كم مرة تحسرت على فضاعة فكرك المشلول؟ وانزواء تاريخك بين طيّات الماضي المسلوب؟ فلتعلن ثورتك البائسة على الإنسان المقهور، و كفاك تراضٍ مع عدو فكرك اللدود. إن الإنسان مكر الطبيعة و مرجاها، و هو منها و شاهد عليها، يفسرها و يقلب فحواها، ينظم أفكارها و يكتشف أسرارها، إنه لسر عظيم أن نعرف أقدارنا، يختلف إثنان و لا حق بينهما يعلل جمالها. فقل أيها العربي من أعطاك حق امتلاكها، و فسر كيف للأمور السير على غير مشيئتها، هل استعصى عليك الفهم فوكلت للسماء تسييرها؟ أم أن للطبيعة سننها تسبق علمنا و أحكامنا؟ لقد ارتوى المكان من ماء ملوّث، و احتدم الصراع حول سنة الماء المقدّس، تهافت الكل لإرضاء الرب المبجل، حتى يأخذ بهم رأفة في اليوم المنتظر، آمنوا حتى الجنون فجعلوا العقل يُحتضَر، تغمّد التراب بالماء الغزير وانجرف، أين المفر من نظرة المستلب! و أين المفر في نظرة المغترب! بل أي شرف في الانتساب للشرف! لا لم يعد وطني جميلا بعد اغتراب الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب